في الشعر الجاهلي



  "في الشعر الجاهلي" لطه حسين

أحدث كتاب "في الشعر الجاهلي" (1926) لعميد الأدب العربي طه حسين ضجةً فكريةً واسعةً في العالم العربي، حيث طبق فيه منهج الشك الديكارتي لتقييم الشعر المنسوب للعصر الجاهلي، وخلص إلى أن معظمه مُنحولٌ وُضِع بعد الإسلام لأسباب سياسية أو دينية .

أبرز أفكار الكتاب:

  1. تشكيك في أصالة الشعر الجاهلي:

    • رأى طه حسين أن الشعر الجاهلي لا يعكس الحياة الدينية أو الاجتماعية للعرب قبل الإسلام، بل يعبر عن واقع المسلمين بعد ظهور الإسلام. فالشعر المتبقي قليلٌ ولا يمكن الاعتماد عليه لفهم العصر الجاهلي .

    • تساءل عن كيفية توحيد اللهجات العربية المتباينة في شعرٍ واحدٍ ذي أوزان وقوافي متجانسة، خاصةً أن القرآن نفسه واجه تعدد القراءات بسبب اختلاف اللهجات .

  2. شكوك حول وجود الشعراء الجاهليين:

    • شكك في الوجود التاريخي لشعراء مثل امرئ القيس وطرفة بن العبد، معتبرًا أن أشعارهم اختُلقت لاحقًا ونُسبت إليهم. واعتمد على تحليل لغوي وفني يظهر تناقضات بين شعرهم وواقع الجاهلية .

  3. أسباب انتحال الشعر:

    • أرجع ظاهرة الانتحال إلى أسباب سياسية (كتعصّب القبائل في العصر الأموي) ودينية (كاستخدام الشعر لتأكيد صحة النبوة أو تفسير القرآن). كما أشار إلى دور النحاة والمفسرين في نحل الشعر لدعم آرائهم .

  4. التشكيك في الروايات الدينية:

    • تعرض لانتقادات حادة بسبب شكوكه في القصص الدينية، مثل قصة إبراهيم وإسماعيل وهجرتهما إلى مكة، معتبرًا أنها قد تكون حيلةً لربط العرب باليهودية والإسلام .

ردود الفعل والجدل:

  • واجه الكتاب هجومًا عنيفًا من الأزهر وبعض الأدباء، حيث اتُهم طه حسين بالإلحاد وتهديد الثوابت الدينية. رُفعت ضده قضايا قضائية، لكن المحكمة برأته لعدم وجود قصد إساءة متعمدة .

  • سُحب الكتاب من الأسواق، وحُذفت منه فصولٌ مثيرة للجدل، ثم أُعيد نشره تحت عنوان "في الأدب الجاهلي" .

  • ألّف مفكرون مثل مصطفى صادق الرافعي ومحمد لطفي جمعة كتبًا للرد على أفكاره، مثل "تحت راية القرآن" .

أهمية الكتاب:

يُعد الكتاب محاولةً رائدةً لتطبيق المنهج النقدي العلمي على التراث العربي، مما فتح بابًا للنقاش حول ضرورة مراجعة الموروث الثقافي والديني. ورغم الجدل، بقي الشعر الجاهلي يُدرّس في المناهج العربية كجزءٍ أصيلٍ من الأدب .


إرسال تعليق

0 تعليقات