"إيران من الداخل" لفهمي هويدي
التحليل التاريخي والسياسي والاجتماعي للثورة الإسلامية
١. الكتاب والكاتب
الكاتب: فهمي هويدي (1937-2020) كاتب وصحفي مصري ومفكر إسلامي، تخرج من كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1960. عمل في جريدة الأهرام ثم مديراً لتحرير مجلة "العربي" الكويتية. تأثر بفكر محمد الغزالي ويوسف القرضاوي، وكرس جهوده لمعالجة إشكاليات الفكر الإسلامي والعربي .
الخلفية: زار هويدي إيران بعد الثورة مباشرة، وكان على متن أول طائرة مدنية حطت في مطار مهرآباد بطهران بعد انتصار الثورة عام 1979 .
منهجية الكتاب: استغرق إعداد الكتاب 7 سنوات، زار خلالها إيران 4 مرات، ووثق المراحل الأولى للثورة (1979-1987). صدرت طبعته الأولى عام 1987 عن مركز الأهرام للترجمة والنشر (400 صفحة) .
الهدف: ليس الدفاع عن الثورة ولا إدانتها، بل "محاولة فهم ما جرى هناك من خلال الاتصال المباشر والجهد الميداني دون وصاية أو وساطة" .
جدول: معلومات أساسية عن الكتاب
الجانب | التفاصيل |
---|---|
تاريخ النشر الأصلي | 1987 |
عدد الطبعات | 4 طبعات (آخرها 1991) |
عدد الصفحات | 400 صفحة |
عدد الفصول | 13 فصلاً |
المنهجية | بحث ميداني - لقاءات مباشرة - تحليل تاريخي |
اللغات المتاحة | العربية (نسخ إلكترونية وورقية) |
٢. الجذور التاريخية للثورة الإيرانية
أ. المقاومة الدينية ضد السلطة
فتوى تحريم التبغ: أصدرها المرجع محمد حسن الشيرازي (1890) لمواجهة امتيازات التبغ التي منحها الشاه ناصر الدين القاجاري لبريطانيا، مما أشعل أول مواجهة جماهيرية بقيادة رجال الدين .
الصراع مع البهلويين: وثّق الكتاب تمرّد رجال الدين ضد رضا بهلوي (1925-1941) وابنه محمد رضا بهلوي (1941-1979)، خاصة بعد سياسات العلمنة ومحاولات تفكيك المؤسسة الدينية .
تنظيم "فدائيان إسلام": تأسس بقيادة نواب صفوي في الأربعينيات، كأول تنظيم ثوري شيعي مسلح ضد الحكم الملكي .
ب. الخميني: من النفي إلى القيادة
بداية النشاط: تصاعد دور الخميني منذ 1961 عندما حشد الشارع ضد "القوانين المحلية" الجديدة التي استهدفت سلطة رجال الدين .
نقطة التحول: معارضته لقانون "كابيتولاسيون" (1964) الذي منح الأميركيين حصانة قضائية، مما أدى إلى نفيه إلى أنقرة ثم النجف .
الخطاب التحرري: اعتمد على خطاب إسلامي جامعة رافض للتبعية الغربية، مستنداً إلى فكرة "الحكومة الإسلامية" .
٣. الأسس الفكرية للنظام الثوري
أ. نظرية ولاية الفقيه
الأصول الفكرية: لم يبتكر الخميني الفكرة، لكنه طوّرها و"أقحمها في الظرف التاريخي المناسب" وحوّلها إلى واقع عملي .
الخلافات الداخلية: انقسام بين المراجع حول "الولاية المطلقة للفقيه" (الخميني) مقابل "الولاية المقيدة" (مثل شريعتمداري) .
نهاية عصر الانتظار: تجاوز الخميني الإشكالية الشيعية التقليدية بانتظار المهدي، مؤكداً أن الفقهاء يجب أن يمارسوا دور الإمام الغائب في إدارة الدولة .
ب. الصراع داخل المؤسسة الدينية
انقسام التيارات:
الإخباريون: يرفضون المشاركة السياسية ويلتزمون بالتقاليد.
الأصوليون: يؤيدون تطوير الفقه ويدخلون المعترك السياسي (الخميني) .
معارضة مراجع قم: واجه الخميني معارضة مراجع تقليدية في قم (مثل شريعتمداري) الذين رأوا في "ولاية الفقيه" خروجاً عن المذهب .
٤. تحليل مراحل الثورة وتحدياتها
أ. التحديات بعد انتصار الثورة
غياب الكوادر: كما قال محمد حسنين هيكل للخميني في باريس: "أسمع دوي مدافعك، لكني لا أرى أثراً لمشاتك" .
التركيبة السياسية المعقدة: تعدد التيارات (ليبراليون - يساريون - إسلاميون) وصعود دور "أئمة المساجد" كقوى تنظيمية .
الصراع على الجيش: دمج "لجان الثورة" مع المؤسسة العسكرية التقليدية بعد تصفية العناصر الموالية للشاه .
ب. الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)
الفلسفة الكربلائية: قدّمت إيران الحرب كـ"كربلاء معاصرة" حيث الشهادة طريق للتحرير .
فضيحة "إيران-كونترا": كشف الكتاب تورط الولايات المتحدة ببيع أسلحة لإيران عبر صفقات سرية أثناء الحرب .
جدول: التيارات السياسية بعد الثورة حسب الكتاب
التيار | أبرز الشخصيات | الموقف من ولاية الفقيه |
---|---|---|
الإسلامي المؤيد | الخميني - خامنئي | التأييد الكامل |
الإسلامي المعتدل | مهدي بازرغان | القبول بتحفظات |
الليبرالي | أبو الحسن بني صدر | المعارضة |
اليساري | حزب توده | المعارضة مع التحالف المؤقت |
٥. التحولات المجتمعية والثقافية
أ. الثورة الثقافية
إعادة هندسة المنظومة التعليمية: تطهير المناهج من "القيم الغربية" وتدريس الفكر الثوري .
وسائل الإعلام: تحول التلفزيون إلى "منبر دعوي" تحت سيطرة رجال الدين (سُمي بالسخرية "التلفزيون الأبيض والأسود" نسبة للعمائم) .
فرض الحجاب: لم يكن قراراً فورياً، بل تدرج من "نصيحة" إلى إلزام مع تصاعد المد الثوري .
ب. قضية السنة والشيعة
الإرث الثقيل: أشار هويدي إلى تراكم تاريخي من الشكوك بين المذهبين .
محاولات التقريب: سجل الكتاب مبادرات من مراجع شيعية (كالخميني نفسه) لإصدار فتاوى بالتقريب، لكنها اصطدمت بعقبات سياسية .
واقع السنة: أشار إلى محدودية تمثيلهم في مؤسسات الدولة رغم خطابات المساواة .
٦. الموقف من القضية الفلسطينية
التأييد المبكر: بعد الثورة مباشرة، أعلنت إيران "يوم القدس العالمي" وأوقفت إمداد النفط لإسرائيل .
المقترح المثير: قدم علي خامنئي (آنذاك رئيساً) لمجلس الثورة منح الفلسطينيين إحدى جزر الخليج الثلاث لإدارة حقولها النفطية لدعم الثورة الفلسطينية، لكن الرئيس بازرغان عارضه .
تدهور العلاقات: رصد الكتاب تحول منظمة التحرير من حليف إلى منتقد بعد دعم إيران للجماعات الإسلامية الفلسطينية المنافسة .
٧. المجتمع الإيراني في عهد الشاه: الأرضية التي مهدت للثورة
الانحلال الأخلاقي:
86 نادياً للاجتماعات "الرخيصة"
8 صالونات لبرامج الدعارة
7 مدارس لتعليم الرقص
2075 حانة لبيع الخمور .
الفساد المالي:
شبكة تهريب المخدرات بإدارة أخت الشاه
وصول عدد مدمني الأفيون إلى مليوني شخص .
التبعية للغرب:
اعتراف الشاه بإسرائيل (1962)
منح الأميركيين حصانة قضائية (1964) .
٨. التقييم النقدي للكتاب
أ. نقاط القوة
العمق التحليلي: تناول الجذور التاريخية منذ العهد الصفوي (1501-1736) وعلاقة الفقهاء بالسلاطين .
الحياد النسبي: التزم منهج "الفهم لا الإدانة أو الدفاع" كما أكد القراء .
اللغة الأدبية: جمع بين السرد الصحفي المشوق والتحليل الأكاديمي الدقيق .
ب. نقاط الضعف
إغفال الحرب العراقية: أهمل تحليل عمق تأثير الحرب (1980-1988) في تشكيل النظام .
انحياز ضمني: رأى بعض القراء أنه أظهر تعاطفاً مع "المشروع الإسلامي" أكثر من نقده .
قدم المعلومات: رغم قيمته التاريخية، إلا أن الأحداث اللاحقة (مثل صعود الإصلاحيين) تجاوزت بعض تحليلاته .
آراء القراء في الكتاب (منصات التقييم)
الرأي | التفاصيل | |
---|---|---|
إيجابي | "أشمل ما قرأت عن الثورة الإيرانية" (نزار الدويك) | |
ناقد | "قصر في تغطية الحرب العراقية" (نزار الدويك) | |
متحفظ | "ظهر تحيز للجانب الإيراني" (يوسرة مختار) | |
رافض | "سرد ممل لخطاب السلطة" (عمار الأحوازي) |
٩. الدروس المستفادة وأهمية الكتاب الحالية
كتاب تأسيسي: يظل العمل مرجعاً لا غنى عنه لفهم المرحلة التأسيسية للجمهورية الإسلامية، خاصة أنه كتب في قلب الأحداث .
الدرس الأكبر: "الحدث الذي هز العالم في 1979 لم يكن مجرد تغيير نظام، بل كان زلزالاً أعاد تشكيل الجسم الإسلامي" .
أهمية راهنة: رغم مرور أكثر من 35 عاماً على صدوره، يظل الكتاب مفتاحاً لفهم:
جذور الصراع بين التيارات الدينية في إيران.
أصول نظرية ولاية الفقيه وتجلياتها العملية.
علاقة إيران الإشكالية بالعالم العربي .
تحذير هويدي: "عزلنا أنفسنا عن إدراك حقيقة ما يجري في إيران، رغم أن هذا الشأن يتصل بصميم الجسم الإسلامي الذي نحن جزء منه" .
١٠. ملحق: اقتباسات رئيسية من الكتاب
١. عن الثورة:
"كانت المحاولة الأولى لإقامة دولة إسلامية بعد إلغاء الخلافة العثمانية، وثورة زلزلت أحد عروش الطغيان في العالم الثالث" .
٢. عن الخميني:
"لم يكن أول الساعين لمنح الفقهاء صلاحيات الإمام، لكنه صاحب الفضل في إقحام الفكرة في الظرف التاريخي المناسب" .
٣. عن فلسطين:
"عرض خامنئي منح الفلسطينيين جزيرة لإدارة نفطها، لكن بازرغان رفض بحجة أن الثورة لا تملك التصرف في أراضي الدولة" .
٤. عن الخلاف السني الشيعي:
"هناك إرث ثقيل تراكم على مدار التاريخ، جعل الجرح غائراً بين الطائفتين" .
يظل "إيران من الداخل" وثيقة تاريخية لا غنى عنها لكل باحث في الشأن الإيراني، ورغم تقادم بعض معلوماته، فإن منهجه في التحليل وفلسفته في الفهم تظلان راهنين في زمن تزداد فيه الحاجة إلى فهم إيران من داخلها بعيداً عن الأحكام المسبقة
0 تعليقات