مزرعة الحيوان لجورج أورويل


 

 مزرعة الحيوان لجورج أورويل (1945)

 العمل وأهميته الأدبية

رواية "مزرعة الحيوان" (Animal Farm) للكاتب البريطاني جورج أورويل (1903–1950)، الصادرة عام 1945، تُعد إحدى أشهر الروايات السياسية الساخرة في الأدب العالمي.

 تُقدم الرواية نقدًا لاذعًا للأنظمة الشمولية عبر قصة رمزية لثورة حيوانات ضد مالكها البشري، تتحول تدريجيًا إلى ديكتاتورية أقسى. باعت الرواية أكثر من مليوني نسخة، وصُنّفت ضمن "أفضل 100 رواية عالمية" .

الكاتب والسياق التاريخي

وُلد أورويل (اسمه الحقيقي: إريك آرثر بلير) في الهند، وعايش صعود الأنظمة الشمولية في أوروبا. كَتب الرواية خلال الحرب العالمية الثانية (1943–1944)، لكن نشرها تأخر بسبب رفض 4 دور نشر، اعتبرتها هجومًا على الاتحاد السوفيتي، حليف بريطانيا آنذاك .


الفصل الأول: الثورة والحلم المسروق

1. الاستبداد البشري وإلهام الثورة

تعيش حيوانات "مزرعة القصر" تحت قسوة السيد جونز، الذي يستغلّها ويجوعها. يلقي الخنزير العجوز "ميجر" (المستوحى من كارل ماركس ولينين) خطابًا حماسيًا:

  • يكشف عن حلمه بمجتمع خالٍ من البشر، حيث المساواة المطلقة.

  • يعلّم الحيوانات نشيد "حيوانات إنجلترا" لتحفيزهم على الثورة .

2. نجاح الثورة وتأسيس النظام الجديد

بعد وفاة ميجر، تقود الخنازير (نابليون، سنوبول، سكويلر) الحيوانات في تمرد ناجح يطرد جونز. تُعاد تسمية المزرعة إلى "مزرعة الحيوان"، وتوضع "الوصايا السبع" على حائط الحظيرة، أهمها:

"جميع الحيوانات متساوية"
"كل من يمشي على قدمين عدو"
"لا يقتل حيوان حيوانًا آخر" .


الفصل الثاني: صعود الديكتاتورية

1. الانقسام والقمع

تظهر الخلافات بين الخنازير:

  • سنوبول (يمثل تروتسكي): يطرح مشاريع تنموية كبناء طاحونة هواء.

  • نابليون (يمثل ستالين): يعارض المشاريع، ويركّز على بناء قوته.
    في مشهد درامي، يطلق نابليون كلابًا متوحشة (جيشه السري) لطرد سنوبول، ويلغي الاجتماعات العامة، معلنًا:

"من الآن، تُتخذ القرارات من قبل الخنازير فقط!" .

2. آلة الدعاية وتزوير التاريخ

يبرر الخنزير سكويلر (يمثل الدعاية السوفيتية) أفعال نابليون عبر:

  • تشويه صورة سنوبول وإلصاق جميع الكوارث به.

  • تعديل الوصايا تدريجيًا (مثال: تحويل "لا تشرب الكحول" إلى "لا تشرب الكحول بإفراط") .

3. استغلال الطبقة العاملة

  • الحصان بوكسر (رمز البروليتاريا): يعمل بجد، شعاره: "سأعمل بجد أكثر!" و"نابليون دائمًا على حق".

  • عندما يُصاب، يبيعه نابليون لـ"جزار الخيول" ليشتري ويسكي، بينما يُخبر سكويلر الحيوانات أن بوكسر "مات في مستشفى!" .


الفصل الثالث: الانهيار الكامل للمبادئ

1. تحول الخنازير إلى بشر

  • تتعامل الخنازير مع المزارعين البشر (مثل السيد فريدريك)، وتشرب الكحول، وترتدي الملابس.

  • تُختزل الوصايا السبع إلى قاعدة واحدة:

"جميع الحيوانات متساوية، لكن بعضها متساوٍ أكثر من غيرها" .

2. المشهد النهائي: الوجه والقميص

في نهاية الرواية، تراقب الحيوانات اجتماعًا بين الخنازير والبشر:

"نظرت الحيوانات من النافذة... ولم تعد تستطيع التمييز بين الخنازير والبشر" .


الرمزية السياسية والتاريخية

ترمز الرواية إلى الثورة الروسية وتحولها إلى ستالينية:

الشخصية في الروايةالرمز التاريخيدورها
السيد جونزالقيصر نيقولا الثانيالنظام القيصري المستبد
العجوز ميجركارل ماركس/لينينمُلهِم الثورة
نابليونجوزيف ستالينالديكتاتور الذي يحول الثورة إلى قمع
سنوبولليون تروتسكيالمنافس الذي يُطرد
سكويلردعاية ستالينتبرير القمع وتزوير الحقائق
بوكسرالطبقة العاملة الروسيةتُستغل ثم تُهمش

 تحليل الرمزية السياسية في الرواية 


التحول في الوصايا السبع: آلية تزييف المبادئ

توضح التعديلات المتتالية على الوصايا كيف تبرر السلطة فسادها:

الوصيـة الأصليةالتعديل النهائيالغرض
لا تنم في سريرلا تنم في سرير بملاءاتتمكين الخنازير من النوم في البيت
لا تشرب الكحوللا تشرب الكحول بإفراطتبرير شرب الخنازير للويسكي
جميع الحيوانات متساويةجميع الحيوانات متساوية، لكن بعضها متساوٍ أكثرشرعنة امتيازات النخبة

 تطور الوصايا كأداة للتلاعب الأيديولوجي 


الشخصيات الرئيسية وتحليلها

  1. نابليون:

    • يتحول من "قائد ثوري" إلى ديكتاتور، يستخدم العنف (الكلاب) والدعاية (سكويلر).

    • يُجسد تحذير أورويل: "السلطة المطلقة تُفسد مُطلَقًا".

  2. سكويلر:

    • يُبرر تقليص حصص الطعام بـ"الإنجازات الإحصائية الوهمية".

    • يمثل إعلام الأنظمة الذي يحوّل الأكاذيب إلى "حقائق بديلة" .

  3. بنيامين (الحمار):

    • الشخص الوحيد القادر على قراءة الوصايا الأصلية، لكنه صامت، رمزًا للسلبية المجتمعية.

  4. موسى (الغراب):

    • يروي حكايات عن "جبل السكر" (يرمز للدين الأفيون)، ليصرف الحيوانات عن واقعهم .


الموضوعات المركزية في الرواية

  1. فساد الثورات:

    • تتحول المساواة إلى هرمية جديدة، حيث تستبدل الخنازير السيد جونز دون تغيير جوهري.

  2. دور الدعاية:

    • يُظهر سكويلر كيف تُستخدم اللغة الطلقة (مثل: "التعديل التكتيكي") لتبرير الانتهاكات.

  3. الجهاز القمعي:

    • الكلاب تمثل البوليس السري الذي يقمع المعارضة باسم "حماية الثورة".

  4. الذاكرة الجماعية:

    • تُنسى الوصايا الأصلية بفعل التلاعب النفسي، حتى تصبح الأكاذيب ذاكرة جماعية .


لماذا مُنعت الرواية؟

  • في الإمارات (2002): بحجة "وجود حيوان خنزير يتحدث" (مخالفة للقيم الإسلامية).

  • خلال الحرب الباردة: اعتُبرت "نصًا معاديًا للشيوعية"، رغم أن أورويل كان اشتراكيًا ينتقد انحراف ستالين عن الاشتراكية الحقيقية .


علاقة الرواية بالعالم العربي

يشير مقال في "الجزيرة نت" إلى أن:

"شعوبنا العربية تعيش في رحاب المزرعة... نثور على المستبدين، لكننا لا نثور على فكرة الاستبداد ذاتها" .

  • الثورات العربية بدأت بشعارات مثل "عيش، حرية، كرامة إنسانية"، لكن بعضها تحول إلى صراعات على السلطة، مُكررة سيناريو "نابليون وسكويلر".


الروايه

  1. السلطة والفساد توأمان:

    • حتى النوايا النبيلة تُهزم حين تُرفع الشعارات فوق المساءلة.

  2. الدور الجوهري للوعي الشعبي:

    • يختم أورويل برسالة: "لن يثوروا حتى يعوا، ولن يعوا حتى يثوروا"، مؤكدًا أن وعي الجماهير هو حصن الثورات.

  3. الرواية كمرآة:

    • بعد 80 عامًا على نشرها، تظل "مزرعة الحيوان" مرجعًا لفهم ديناميكيات الربيع العربي، الأنظمة الشمولية، وحتى الأحزاب الحديثة.

"تلك اللحظة التي نظرت فيها الحيوانات من النافذة، ولم تعد تميّز بين الخنزير والإنسان، هي اللحظة ذاتها التي يكتشف فيها الشعب أن الثورة أكلت أبناءها

إرسال تعليق

0 تعليقات