اختبار المرض النفسي لجون رونسون

 
اختبار المرض النفسي

اختبار السيكوباتية
 رحلة عبر صناعة الجنون


ملخص شامل لكتاب The Psychopath Test: A Journey Through the Madness Industry لجون رونسون

رحلة إلى عقل الجنون

يبدأ جون كتابه بلغز غامض: كتاب بعنوان Being or Nothingness يُرسل إلى علماء أعصاب حول العالم دون تفسير. 

صفحاته فارغة إلا من رموز غير مفهومة. الصحفي البريطاني جون رونسون، المعروف بفضوله تجاه الظواهر الغريبة، يتحول إلى محقق ليكتشف أن مؤلف الكتاب هو بيتر نوردلوند، طبيب نفسي سويدي يعاني من اضطرابات عقلية.

 هذه الحادثة تدفع رونسون إلى دخول عالم "صناعة الجنون" — شبكة معقدة من الأطباء النفسيين، السجون، الشركات الدوائية، والنزلاء الذين قد يكونون أبطالًا أو ضحايا أو مجرمين .

الجنون يبدأ بصدفة... وينتهي بإعادة تعريف العقلانية نفسها.


 الرحلة الاستقصائية

يتتبع رونسون مفهوم الاعتلال النفسي (Psychopathy) عبر ثلاث محطات رئيسية:

  1. لقاء روبرت هير: عالم النفس الكندي الشهير، مبتكر قائمة هير للاعتلال النفسي (PCL-R)، وهي أداة تشخيصية تضم 20 معيارًا لتحديد الشخصيات المعتلة. يروي هير لرونسون كيف أن الاعتلال النفسي ليس مجرد اضطراب سلوكي بل خلل عصبي في الدماغ، خاصة في اللوزة الدماغية المسؤولة عن التعاطف والخوف .

  2. زيارة برودمور: مستشفى بريطاني للأمراض النفسية الخطيرة، حيث يقابل "توني" (اسم مستعار)، شاب زُجَّ به في المستشفى بعد تظاهره بالجنون لتفادي السجن. المفارقة أن محاولاته لإثبات سلامته العقلية جعلت الأطباء يصرون على أنه معتل خطير، مما يطرح سؤالًا: كيف تثبت أنك عاقل في مكان مصمم لعلاج المجانين؟ .

  3. مقابلة القادة "المعتلين": مثل توتو كونستانت، زعيم ميليشيا هايتية أدين بتورطه في مذابح، ورجل الأعمال ألبرت دنلاب، المدير التنفيذي السابق لشركة "صن بين"، الذي أشاد بطرده لآلاف الموظفين قائلًا: "التخلص من الضعفاء يجعل الشركة أقوى!". دنلاب يحقق 38/40 على قائمة هير — أي نموذج مثالي للاعتلال النفسي .


قائمة هير: البوصلة السحرية أم لعنة التشخيص؟

تتحول القائمة إلى شخصية رئيسية في الكتاب. رونسون يتدرب على استخدامها ويصبح مهووسًا بتطبيقها على كل من يقابله، حتى أصدقائه! لكنه يكتشف أن المعايير قد تكون مرنة وقابلة للتأويل:

معايير قائمة هير (اختصارًا) مثال من الكتاب
• السحر السطحي
• الغرور
• الكذب المرضي
• نقص التعاطف
• التلاعب بالآخرين
توتو كونستانت يصف المذابح بلغة رومانسية: "كنا ننقذ الوطن!"
• الاندفاع
• عدم تحمل المسؤولية
• السلوك الإجرامي متعدد الأشكال
دنلاب يدمّر شركته بسبب قرارات متهورة، ثم يلوم "الاقتصاد"

نقاد القائمة، مثل الطبيب النفسي أنطوني مادين، يحذرون رونسون: "هير يتحدث عن المعتلين كما لو أنهم نوع مختلف من البشر!" .


 حالات دراسية: خط رفيع بين العبقرية والجنون

  • الجنون في السلطة:
    رونسون يستشهد بدراسات تُظهر أن 4% من المديرين التنفيذيين يطابقون معايير الاعتلال النفسي (مقابل 1% بين عامة الناس). هير نفسه يقول: "المعتلون في الشركات يدمرون الاقتصادات والمجتمعات" .

  • الجنون في الإعلام:
    الصحفيون (بمن فيهم رونسون) يتعمدون تسليط الضوء على "أجنّ" جوانب الشخصيات لجذب الجمهور. أحد المنتجين يقول له: "الجنون هو الجوهرة الوحيدة التي نبحث عنها!" .

  • الجنون في التشخيص:
    فصل مقلق يكشف كيف أن الدليل التشخيصي للإضرابات العقلية (DSM)، الذي يعتمده الأطباء عالميًا، كُتب بطريقة فوضوية. روبرت سبيتزر، رئيس فريق تحديث الدليل، يعترف لرونسون: "لم نكن ندوّن محاضر الجلسات... بالكاد كان لدينا آلة كاتبة!" .


 الجدل العلمي: هل صنع رونسون كاريكاتيرًا من الاعتلال النفسي؟

الكتاب واجه هجومًا شرسًا من جمعية الدراسة العلمية للاعتلال النفسي (SSSP)، وقعت بيانًا نيابة عن علماء بارزين مثل هير وفيدينغ، جاء فيه:

"كتاب رونسون يبسّط اضطرابًا خطيرًا ويشوه أدوات قياسه، مما يضر المرضى وضحاياهم" .

لكن رونسون يرد بأن نقده ليس للعلم نفسه، بل لـ "صناعة الجنون" — شبكة من الخبراء الذين يسافرون حول العالم بشهادات غير معتمدة، ويؤثرون في قرارات المحاكم والسجون .


صناعة الجنون: من المستفيد؟

  • الصناعة الدوائية:
    رونسون يحقق في ظاهرة تشخيص الأطفال باضطراب ثنائي القطب لبيع أدوية مثل الليثيوم. أم تخبره: "طفلي كان عاديًا حتى زعم الطبيب أنه مريض!" .

  • السجون الخاصة:
    في الولايات المتحدة، يتم إطالة أحكام السجناء ذوي التصنيف "المعتل" لأن سجنهم يُدرّ أرباحًا على الشركات الخاصة .

  • علماء "الشهرة":
    مثل بول بريتون، الخبير النفسي الذي ساعد الشرطة البريطانية في قضية قتل، وأدت تحليلاته الخاطئة إلى توقيع بريء .


تأملات نهائية: أين يرسم الخط؟

رونسون يختتم برسالة إنسانية عميقة:

  1. الجنون ليس ثنائيًا (سوي/معتل)، بل طيف تتحرك فيه كل المجتمعات.

  2. خطر "التشخيص بالوكالة": عندما نلصق بطاقة "معتل" بمن لا نفهمهم، نسلب إنسانيتهم.

  3. هل الصحفيون معتلون؟: يسأل نفسه: "هل استغلتُ آلام الآخرين لصنع قصة مشوّقة؟" .

"المجتمع العاقل قد يكون الأكثر جنونًا" — هذه الجملة تلخص روح الكتاب.


تأثير الكتاب والنقد الثقافي

  • الرواج العالمي:
    صعد لقائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعًا وبقي 10 أسابيع، وتم شراء حقوق تحويله لفيلم بطولة سكارليت جوهانسون (لكن المشروع توقف لاحقًا) .

  • الإرث الفكري:
    الكتاب يُدرّس في جامعات مثل أوكسفورد كنموذج لـ صحافة الغونغو (التقصّي عبر الاندماج مع الموضوع)، وكمراجعة نقدية لمنظومة الصحة النفسية .

  • المفارقة الأكبر:
    رونسون يكتشف في النهاية أنه ربما يكون مصابًا بالتوهم — إذ أصيب بنوبة هلع عندما ظن أن هير سيصنّفه "معتلًا" بعد مقابلته! .


 هل نرى أنفسنا في المرآة؟

"The Psychopath Test" ليس مجرد كتاب عن اضطراب نادر، بل مرآة لمجتمع يكافئ القسوة ويسميها "قيادة"، ويُعاقب الضعف ويسميه "جنونًا". رونسون لا يدعو للتخلص من الطب النفسي، بل لتواضعه: "العقل البشري أعقد من أي قائمة" .

"عندما تبحث عن المعتلين، احترس من أن تتحول إلى واحد منهم."

الكتاب متاح بالعربية تحت عنوان "اختبار الاعتلال النفسي: رحلة في صناعة الجنون"، ويمكنك اقتناؤه عبر متاجر مثل أمازون أو "كتب أبستيرز" في دبلن

إرسال تعليق

0 تعليقات