رسم الكون

 

رسم الكون

 "رسم الكون: الاستعارة والنظرة إلى العالم في صور من بويبلوس الجنوب الغربي والمكسيك"

مقدمة عن الكتاب والتحرير

يُعد كتاب "Painting the Cosmos: Metaphor and Worldview in Images from the Southwest Pueblos and Mexico" (رسم الكون: الاستعارة والنظرة إلى العالم في صور من بويبلوس الجنوب الغربي والمكسيك) عملاً أكاديمياً جماعياً مهماً، نُشر عام 2010 بواسطة متحف أريزونا الشمالية (Museum of Northern Arizona). 

حرر هذا العمل كل من كيلي هايز-جيلبين (Kelley Hays-Gilpin) وبولي شافسما (Polly Schaafsma)، وهما باحثتان مرموقتان في مجال فنون وثقافات جنوب غرب أمريكا الأصلية، وكتب مقدمته روبرت ج. بروينغ (Robert G. Breunig) .

يجمع الكتاب بين غلافيه تسعة فصول (مقالات) كتبها مجموعة متميزة من المؤلفين يشملون علماء آثار، وأنثروبولوجيين، ومؤرخي فن، بالإضافة إلى فنانين من مجتمعات الهوبي الأصلية themselves، مثل ديلبريدج هوناني (Delbridge Honanie) ومايكل كابوتي (Michael Kabotie).

 يسعى الكتاب إلى تقديم بحث حديث وشامل حول تقاليد الرسم لدى أسلاف شعب الهوبي، والتي تمتد على مدى nearly two thousand years ، مُستكشفاً القيم والعالمات (الرموز) الكونية التي تعبر عنها هذه الصور في سياقاتها المختلفة.

الكتاب غني بالرسوم التوضيحية الملونة والصور الفوتوغرافية التي تبرز جمال وتفاصيل الأعمال الفنية التي يتم تحليلها، مما يجعله مصدراً مرئياً قيماً بالإضافة إلى محتواه النظري والتحليلي العميق.

معلومات النشر الأساسية للكتاب

المعيارالمعلومات
العنوانPainting the Cosmos: Metaphor and Worldview in Images from the Southwest Pueblos and Mexico
المحررانKelley Hays-Gilpin, Polly Schaafsma
كاتب المقدمةRobert G. Breunig
الناشرMuseum of Northern Arizona
سنة النشر2010
عدد الصفحات224 صفحة
اللغةالإنجليزية
الرقم المعياري (ISBN)9780897341431

 الاستعارة، النظرة إلى العالم، الأيقونography

يرتكز الإطار النظري للكتاب على ثلاثة مفاهيم رئيسية متشابكة:

  1. الاستعارة (Metaphor): لا يُنظر إلى الصور والفنون في هذا السياق على أنها تمثيلات واقعية بحتة، بل كاستعارات بصرية معقدة. فهي تستخدم عناصر من العالم الطبيعي (كالأمطار، السحاب، الحيوانات، النباتات) لتمثيل مفاهيم مجردة، وقيم روحية، وعلاقات كونية. على سبيل المثال، قد يُرمز إلى الخصوبة والازدهار من خلال صور الذرة أو الضفادع المرتبطة بالماء.

  2. النظرة إلى العالم (Worldview): تُعتبر هذه الصور نافذة على النظرة الكونية (الكسمولوجيا) لشعوب البويبلو والهوبي، والتي ترى العالم ككل عضوي مترابط حيث يكون البشر جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة والكون، وليسوا مسيطرين عليه. الفن هو وسيلة للمشاركة في هذا الكون واستمراريته، وليس merely for aesthetic enjoyment.

  3. دراسة الصور/الأيقونography (Iconography): يستخدم الكتاب منهجية دراسة الرموز والأيقونات (iconography) لفك رموز المعاني الكامنة وراء الصور. وهذا يتطلب فهم السياق الثقافي، والطقوس، والأساطير، والمعرفة التقليدية، وليس فقط التحليل الشكلي للتصميم الفني.

يدفع الكتاب قدماً فكرة أن الاستمرارية في قيم الهوبي، مثل المعاملة بالمثل (reciprocity)، والتواضع (humility)، والعمل الجاد (hard work)، يتم التعبير عنها مجازياً ليس فقط في الفنون البصرية، ولكن أيضاً في الغناء، والأنشطة الطقسية، والمهام اليومية. هذه القيم هي لب النظرة إلى العالم والتي يجسدها الفن.

 ألفا عام من الرسم عند الهوبي الأسلاف

يغطي الكتاب نطاقاً زمنياً واسعاً يمتد لما يقرب من ألفي عام، متتبعاً تطور التقاليد الفنية من فترة باسكيت ميكر (Basketmaker, 400 ق.م - 400 م) مروراً بالفترات البويبلوية (Pueblo I-IV) وحتى فترة بويبلو الرابعة (Pueblo IV, 1325-1680 م) وما بعدها .

 يركز على وسيطين فنيين رئيسيين:

  1. جدران الكيفا (Kiva Walls): الكيفا هي غطوات (غرف) ceremonially underground ذات أهمية طقسية بالغة. جداريات الكيفا، التي تم اكتشافها في مواقع أثرية، كانت تُرسم لتخلق فضاءً مقدساً للطقوس، غالباً depicting كائنات روحية، ومشاهد من الأساطير، ورموز كونية. كانت هذه الجداريات جزءاً لا يتجزأ من الأداء الطقسي وليس مجرد زخرفة.

  2. أوعية الفخار (Pottery Vessels): يُعد الفخار المطلي وسيلة فنية أخرى مهمة. الزخارف المرسومة على الأوعية – المستخدمة في الحياة اليومية والطقوس على حد سواء – يتم نقل القيم والرموز الكونية وتجسيدها. تحلل فصول الكتاب أنماطاً مختلفة من فخار الهوبي والبويبلو، مُظهرة كيف تعكس الاستمرارية والتغير في التصاميم الاستمرارية والتكيف في المعتقدات والمجتمع.

يؤكد الكتاب على أن هذه التقاليد الفنية لم تكن منفصلة عن الحياة اليومية أو الدينية، بل كانت مُدمجة بشكل عميق في نسيج المجتمع، وتسهم في الحفاظ على التوازن الكوني ورفاهية المجتمع.

تحليل الاستعارات البصرية وقيم الهوبي الأساسية

يحلل فصول الكتاب المختلفة كيف تُترجم القيم والمفاهيم المجردة إلى استعارات بصرية. تتضمن بعض الأمثلة الرئيسية التي يتم استكشافها على الأرجح (بناءً على عناوين المساهمين والمحتوى الموصوف):

  • المعاملة بالمثل (Reciprocity): فكرة أن البشر يجب أن يعطوا back to the world الذي يمدهم بالحياة. يمكن تمثيل هذا من خلال صور القرابين، أو طقوس التضرع من أجل المطر، أو depictions of offering.

  • التواضع (Humility): يتم التعبير عن التواضع ليس through style قد يكون بسيطاً، ولكن من خلال وضع الإنسان في relation إلى القوى الطبيعية والكونية الأعظم. الصور التي تظهر البشر كجزء صغير من نظام كوني larger تعكس هذه القيمة.

  • العمل الجاد (Hard Work): ارتباط زراعة الذرة والحصاد بالعمل الجاد والمثابرة. صور الذرة، وحقول الذرة، وعملية الزراعة يمكن أن تكون استعارات لهذه القيمة وأهميتها للبقاء والهوية الثقافية.

  • الدورة الكونية والاستمرارية (Cosmic Cycle and Continuity): تُصور العديد من الأعمال الفنية دورات الطبيعة (مثل حركة الشمس، phases القمر، تعاقب الفصول، دورة المطر والجفاف) كتذكير بالطبيعة الدورية للزمن والكون والحاجة إلى الحفاظ على هذه الدورات through الطقوس والسلوك المسؤول.

  • الروابط بين العالمين (Connections between Worlds): غالباً ما تصور الفنون عوالم متعددة (مثل العالم السفلي، العالم الأوسط، العالم العلوي) والكائنات التي تتنقل بينها (مثل الـ kachinas في تقليد البويبلو)، مؤكدة على الترابط بين جميع جوانب الوجود.

يُظهر الكتاب كيف أن هذه الاستعارات ليست ثابتة، ولكنها تتكيف وتتطور عبر الزمن مع استمرار جوهرها في التعبير عن نظرة عالمية coherent.

المنهجية المتعددة التخصصات وأصوات متعددة

قوة رئيسية لهذا الكتاب تكمن في نهجه متعدد التخصصات (interdisciplinary) وتعدد الأصوات (multivocal). فهو لا يعتمد على منظور أكاديمي واحد. يشمل المساهمون:

  • علماء الآثار (مثل لورانس لويندورف - Lawrence Loendorf، إليزابيث نيوسوم - Elizabeth Newsome) الذين يقدمون البيانات السياقية من السجلات الأثرية.

  • مؤرخي الفن والأنثروبولوجيين (مثل كيلي هايز-جيلبين، بولي شافسما، دوروثي واشبورن - Dorothy Washburn) الذين يحللون الرموز والأشكال الفنية وتوزيعها.

  • خبراء في ثقافات أمريكا الوسطى (مثل كارل تاوب - Karl Taube) الذين يقدمون المقارنات ويبحثون في الجذور التاريخية العميقة للرموز المشتركة.

  • باحثون وفنانون من مجتمع الهوبي (مثل إيموري سيكوابتيوا - Emory Sekaquaptewa، مايكل كابوتي، ديلبريدج هوناني) الذين يقدمون رؤى داخلية لا تقدر بثمن من المعرفة الثقافية الحية، والتقاليد الشفوية، والفهم الجمالي والفلسفي للفن. هذا الجانب بالغ الأهمية، حيث يتحدى النهج الاستعماري السابق في دراسة الثقافات الأصلية ويعطي الأولوية للأصوات الأصلية في تفسير تراثهم الثقافي.

هذا المزيج من التخصصات والمنظورات يخلق فهماً أكثر ثراءً وتكاملاً للفن، يحترم كل من الأدلة الأثرية والمعرفة الثقافية الحية.

 بويبلوس نيو مكسيكو، شمال غرب المكسيك، ووسطها

أحد الموضوعات المركزية والمهمة في الكتاب هو التأكيد على أن أساسيات الرمزية (iconography) لشعوب الهوبي والبويبلو ليست معزولة. يشير الكتاب إلى أن العديد من الأساسيات تتشارك فيها مع:

  • ثقافات البويبلو الأخرى في نيو مكسيكو (مثل شعوب الزuni، الآكوما، etc.).

  • الثقافات الأصلية في شمال غرب المكسيك.

  • حضارات أمريكا الوسطى القديمة (مثل Teotihuacan, Maya, Aztec).

يدرس فصول الكتاب أوجه التشابه في الرموز (مثل أفاعي الريش، والأرواح المصاحبة، والكائنات المرتبطة بالماء والخصوبة)، والتخطيطات التركيبية، والمفاهيم الكونية عبر 

هذه المنطقة الجغرافية والثقافية الواسعة. يقترحون أن التواريخ، والجماليات، والقيم لها جذور مشتركة في هذا الإقليم، تم استكشافها عبر القرون من خلال الاستعارات اللفظية والبصرية، في الماضي والحاضر

هذا لا يعني النسخ المباشر، ولكن rather وجود تبادل ثقافي طويل الأمد، وتأثيرات، و perhaps shared underlying ideological foundations تطورت بطرق متنوعة ولكن متصلة. هذا المنظور الإقليمي الواسع يوسع بشكل كبير فهم التطور الفني والثقافي في جنوب غرب أمريكا الشمالية.

الأهمية المعاصرة والحفاظ على التراث

الكتاب لا يتعلق فقط بالماضي. من خلال مشاركة فنانين معاصرين من الهوبي (كابوتي، هوناني)، فإنه يؤكد على الاستمرارية (continuity) الحيوية للتقاليد الفنية والثقافية.

 الفنانون المعاصرون يستمدون إلهامهم من التصاميم والرموز القديمة، ويعيدون تفسيرها وينقلونها إلى الأجيال الجديدة في أشكال جديدة (مثل الرسم على القماش، والنحت) مع الحفاظ على جوهرها الاستعاري وقيمها.

بهذا المعنى، يسهم الكتاب في جهود الحفاظ على التراث الثقافي non-tangible. من خلال توثيق وتحليل هذه الرموز وتفسيراتها

فإنه يساعد في الحفاظ على المعرفة وفهمها للأجيال الحالية والمستقبلية، داخل المجتمعات الأصلية وخارجها. إنه يعترف بأن الفن هو وسيلة dynamic للحفاظ على الهوية الثقافية ونقل النظرة إلى العالم في عالم متغير.

إسهام الكتاب في فهم الفن والثقافة الأصلية

يقدم كتاب "رسم الكون" مساهمة عميقة وأصيلة في دراسة فنون وثقافات جنوب غرب أمريكا الشمالية وأمريكا الوسطى. قوته تكمن في:

  1. العمق الزمني: تغطية ألفي عام من الإنتاج الفني.

  2. النهج متعدد التخصصات والأصوات: الجمع بين علم الآثار، الأنثروبولوجيا، تاريخ الفن، والأهم من ذلك، الأصوات والرؤى الأصلية.

  3. الإطار النظري الغني: التركيز على الاستعارة البصرية والنظرة إلى العالم كعدسات لفك رموز معنى الفن.

  4. المنظور الإقليمي الواسع: ربط تقاليد الهوبي والبويبلو بجذورها الأوسع في شمال غرب المكسيك وأمريكا الوسطى.

  5. التركيز على الاستمرارية الثقافية: الربط بين الماضي والحاضر من خلال فناني الهوبي المعاصرين.

ليس هذا الكتاب مجرد كتالوج للفن القديم؛ إنه غوص عميق في عقلية وروحانية الشعوب التي أنشأته.

 إنه يحول الصور من كائنات أثرية جميلة إلى نصوص ثقافية غنية تعبر عن فلسفة عميقة، وقيم أخلاقية، ونظرة كونية متطورة للوجود. 

من خلال القيام بذلك، فإنه لا يثري فهمنا لتاريخ الفن فحسب، بل يقدم أيضاً درساً مهماً في كيفية رؤية الثقافات الأخرى للعالم وتقديمها، مما يشكل مورداً لا يقدر بثمن للباحثين، والطلاب، وأي شخص مهتم بالفن الأصلية، والرمزية، والثقافة

إرسال تعليق

0 تعليقات