"The Let Them Theory" لـ ميل روبنز
(نظرية "دعهم يكونون")
فلسفة التحرر من التحكم
في كتابها "The Let Them Theory"، تقدم ميل روبنز أداة بسيطة لكنها ثورية لتغيير طريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا. الفكرة الأساسية تتمحور حول تحرير أنفسنا من عبء محاولة التحكم في الآخرين أو المواقف الخارجية، والتركيز بدلًا من ذلك على ما نستطيع التحكم فيه: أفكارنا، مشاعرنا، وردود أفعالنا .
الكتاب، الذي أصبح من أكثر الكتب مبيعًا وفقًا لـ نيويورك تايمز، يستند إلى مبدأين رئيسيين:
"دعهم" (Let Them): السماح للآخرين بأن يكونوا كما هم، دون محاولة تغييرهم.
"دعني" (Let Me): تحويل التركيز إلى الذات، والتحكم في ردود الأفعال والخيارات الشخصية .
الفصل الأول: جوهر النظرية
1. "دعهم": التخلي عن محاولات التحكم
توضح روبنز أن مصدر الإرهاق والضغط النفسي يكمن في محاولتنا المستمرة لإدارة حياة الآخرين أو توجيه قراراتهم. على سبيل المثال، إذا تجاهلك صديقك، بدلًا من إجهاده بالأسئلة أو الغضب، قل لنفسك: "دعه يفعل ما يريد". هذا لا يعني الموافقة على سلوكه، بل يعني قبول أنك لا تملك السيطرة على اختياراته .
2. "دعني": استعادة القوة الذاتية
الجزء الثاني من النظرية يركز على التحكم في الذات. تقول روبنز:
"عندما تقول 'دعني'، تُذكّر نفسك بأن حياتك مسؤوليتك، وقراراتك هي ما يُحدد مسارك" .
هذا يشمل تحديد الحدود الصحية، مثل رفض العمل الإضافي غير المدفوع، أو اختيار الابتعاد عن العلاقات السامة .
الفصل الثاني: التطبيقات العملية للنظرية
1. في العلاقات الشخصية
الشراكات العاطفية: تُشجع روبنز على تقبُّل شريك الحياة كما هو، بدلًا من محاولة تغييره. على سبيل المثال، إذا كان شريكك لا يرغب في الالتزام، "دعه" يقرر، وركّز على ما تريده أنت .
الصداقات: تذكر الكاتبة أن الصداقات الناضجة تُبنى على القرب، التوقيت، والطاقة المُتبادلة، وليس على الإلزام أو التوقعات غير الواقعية .
2. في بيئة العمل
التوقف عن الإدارة الدقيقة (Micromanagement): إذا كان مديرك يُراقب كل خطوة، "دعه" يفعل ذلك، ولكن ركّز على تطوير مهاراتك أو البحث عن فرص أخرى .
حماية الوقت والطاقة: لا تُجبَر على الرد على رسائل العمل بعد ساعات الدوام. قل: "دعهم يرسلون الرسائل، وأنا سأحدد وقت راحتي" .
3. في التعامل مع الضغوط المجتمعية
توقعات الآخرين: تشرح روبنز أن الخوف من أحكام الناس غالبًا ما يعكس انعدام الأمان الداخلي لدينا. الحل؟ "دعهم يُفكّرون ما يريدون"، وركّز على بناء ثقتك بنفسك .
الفصل الثالث: العلم وراء النظرية
1. أساسيات علم الأعصاب
وفقًا للأبحاث التي تستشهد بها روبنز:
72% من الناس يعيشون في ضغط مزمن بسبب محاولة التحكم في الآخرين .
اللوزة الدماغية (Amygdala): عند الشعور بالتوتر، يسيطر هذا الجزء من الدماغ، مما يُعطّل التفكير العقلاني. استخدام "دعهم" يُعيد تنشيط القشرة أمام الجبهية (Prefrontal Cortex)، المسؤولة عن اتخاذ القرارات الهادئة .
2. الروابط مع الفلسفة القديمة
تعترف روبنز بأن فكرتها ليست جديدة تمامًا، بل هي امتداد لمبادئ الرواقية (Stoicism) وفلسفات مثل بوذية التي تؤكد على التحرر من التعلق. كما تستشهد بأفكار فيكتور فرانكل، الناجي من الهولوكوست، حول "اختيار الاستجابة" في أي موقف .
الفصل الرابع: قصص وتحولات واقعية
1. قصة حفلة التخرج
اللحظة التي ولدت فيها النظرية كانت عندما كانت روبنز قلقة بشأن خطط ابنها لحفلة التخرج. ابنتها قالت لها: "دعهم يخرجون تحت المطر، دعهم يتخذون قراراتهم". هذه العبارة البسيطة غيّرت منظور روبنز جذريًا .
2. تحولات القرّاء
سيدني كوكس (كاتبة في The Everygirl): طبّقت النظرية لتتوقف عن إرضاء الناس بشكل مفرط، وبدأت تُركّز على مسارها المهني، مما عزز ثقتها بنفسها .
ثاليا (مدوّنة): استخدمت "دعهم" في عملها لتتعامل مع ضغوط الزملاء، ووجدت أن تركيزها على أهدافها الشخصية زاد إنتاجيتها .
الفصل الخامس: التحديات والانتقادات
1. الانتقادات الموجهة للنظرية
التبسيط المفرط: يرى البعض أن الفكرة ليست جديدة وأنها تُقدّم كـ "نظرية" بينما هي مجرد إعادة صياغة لحكم قديمة .
إهمال العوامل الخارجية: مثل الفقر أو التمييز، التي قد تُحدّ من قدرة الفرد على التحكم في حياته .
2. ردود روبنز
تُؤكد روبنز أن النظرية ليست حلاً سحريًا، بل أداة لتحويل التركيز إلى ما يمكن التأثير عليه. وتستشهد بقصص أشخاص تغلبوا على صعوبات كبيرة باستخدام هذا المنهج .
الخاتمة: كيف تبدأ بتطبيق "دعهم يكونون"؟
التدريب اليومي: ابدأ بمواقف بسيطة، مثل عدم الرد على رسالة مزعجة فورًا، وقل: "دعهم ينتظرون" .
الكتابة اليومية: دوّن المواقف التي شعرت فيها بالرغبة في التحكم، وكيف استجبت .
تعزيز الحدود: حدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول في علاقاتك، واتخذ قرارات بناءً على ذلك .
كما تقول روبنز:
"القوة الحقيقية ليست في التحكم بالآخرين، بل في تحرير نفسك من هذه المعركة المستحيلة" .
0 تعليقات