ملخص كتاب : اعتذار Apology لأفلاطون


 

 "اعتذار" (Apology) لأفلاطون

 طبيعة النص

  • طبيعة "الاعتذار": ليس اعتذارًا بالمعنى الحديث، بل دفاعًا (ἀπολογία) قانونيًا ألقاه سقراط عام 399 ق.م. أمام محكمة أثينا، بعد اتهامه بـ"إفساد الشباب" و"عدم الإيمان بآلهة المدينة" وإدخال آلهة جديدة .

  • المصادر التاريخية: دوّن أفلاطون خطاب سقراط كشهادة على محاكمته، ويُعتبر النص سجلاً دقيقًا لدفاعه رغم بعض اللمسات الأدبية .

  • السياق الاجتماعي: جاءت المحاكمة بعد فترة اضطراب سياسي في أثينا (حكم الأوليغاركية الدموي 404-401 ق.م.)، حيث ارتبط سقراط ببعض الشخصيات المكروهة، مما زاد من حساسية اتهامه .


بنية الخطاب الرئيسية

ينقسم النص إلى ثلاثة أجزاء :

  1. الدفاع الأساسي: تفنيد التهم الموجهة.

  2. ردّ على الحكم: اقتراح بدائل للإعدام.

  3. الكلمة الأخيرة: تأملات عن الموت وتنبؤات لمستقبل أثينا.


التهم الموجهة وسقراط المُتَّهَم

  • التهم الرسمية:

    • إفساد الشباب: بتعليمهم التشكيك في السلطات التقليدية .

    • الهرطقة: رفض آلهة أثينا الرسمية وإدخال "أرواح جديدة" (δαιμόνια) .

  • المُتَّهِمون:

    • ميلتوس: الشاعر، ممثل الثقافة التقليدية.

    • أنيتوس: السياسي، ممثل الحرفيين والطبقة الحاكمة.

    • ليكون: الخطيب، ممثل البلاغيين .

  • التهم غير المباشرة: نجمت عن صورة سقراط في الكوميديا (مثل مسرحية "السحب" لأرسطوفانيس)، التي صورتَه كمشكك خطير يعلّم الشباب التمرد على الأخلاق .


استراتيجية الدفاع: الحكمة والتحدي

  • أسطورة دلفي: يروي سقراط كيف أعلنت كاهنة أبولو في دلفي أنه "أحكم البشر". بعد تحقيقه، اكتشف أن "حكمته" تكمن في إدراكه لـجهله، بينما يدّعي الآخرون المعرفة وهم جاهلون .

    "أنا أعرف شيئًا واحدًا فقط: أنني لا أعرف شيئًا" .

  • مهمته الأخلاقية: وصف نفسه بـ"ذبابة الخيل" التي تلسع الدولة الأثينية "الحصان الكسول" لإيقاظها من غفلتها الأخلاقية .

  • رفض المساومة: أصرّ أنه لو عُرض عليه العفو مقابل التوقف عن الفلسفة، لرفض:

    "طالما أنفَسُ في جسدي، لن أتوقف عن ممارسة الفلسفة!" .

جدول: منهج سقراط في التحقيق 

الفئة التي تحقق معهاادعاءاتهمنتيجة تحقيقه
السياسيونالحكمة في إدارة الدولةاكتشف تناقضاتهم وجهلهم
الشعراءالإلهام الإلهيوجد أنهم يكتبون دون فهم
الحرفيونالخبرة التقنيةخلطوا بين مهارتهم والحكمة الشاملة

الحوار مع ميلتوس: تفكيك التهم

  • تضييع وقت المحكمة؟: سخر سقراط من اتهامه بإضاعة الوقت، قائلاً إن من يحاكمونه يقضون أيامًا في المحاكم بينما أمضى هو حياته في الساحات العامة .

  • التفنيد المنطقي:

    • اتهام إفساد الشباب: سأل ميلتوس: "هل يُفضّل أحدٌ إيذاء جيرانه؟"، وعندما أجاب بالنفي، قال سقراط: "إذن كيف أُفسد الشباب عن قصد؟ هذا غير معقول!" .

    • اتهام الإلحاد: أبرز تناقض ميلتوس بين اتهامه بالإلحاد وبين الإشارة إلى إيمانه بـ"أرواح جديدة" (التي تستلزم الإيمان بالآلهة) .


 فلسفة تتجاوز الخوف

  • اللامبالاة بالموت: اعتبر أن الخوف من الموت جهل، لأننا لا نعرف إن كان شرًا أم نعمة:

    "الموت إما نوم بلا أحلام... أو رحلة إلى عالم آخر. كلا الخيارين رائع!" .

  • المقارنة الأخلاقية: قال إن العار أقسى من الموت، ورفض أن يتوسل للمحكمة بدموع أو يقدم أبناءه لاستعطاف القضاة .


 التحدي حتى النهاية

  • الاقتراح الساخر: بعد الإدانة (بفارق 30 صوتًا)، اقترح كـ"عقوبة" أن يُكرّم كبطل في "البروتانيوم" (مأدبة الأبطال) .

  • الرفض العملي: رفض المنفى أو الصمت، وعرض دفع غرامة بمساعدة أصدقائه (مثل أفلاطون)، لكن المحكمة اختارت الإعدام .

  • النبوءة الأخيرة: حذّر القضاة أن إعدامه سيُنتج نقادًا أكثر شبابًا وحدّة، وأن أثينا سُتحاكم هي نفسها أمام التاريخ .


 لماذا بقي النص خالدًا؟

  1. تأسيس النقد العقلاني: حوّل سقراط الفلسفة من التأمل في الطبيعة إلى فحص الأخلاق والمجتمع .

  2. نموذج الاستشهاد الفكري: أصبح رفضه للمساومة رمزًا لالتزام المثقف بالحقيقة، حتى تحت التهديد .

  3. تأثيره على الرواقية: رأى الرواقيون (مثل إبيكتيتوس) في موقفه من الموت تطبيقًا لفكرة: "لا تهتم بما لا تستطيع التحكم فيه" .

  4. سؤال الحكمة: بقيت مقولته "أعرف أني لا أعرف" تحديًا دائمًا للادعاءات المطلقة .

جدول: مقارنة بين اتهامات سقراط وحججه 

التهمةحجة سقراطالمنطق المستخدم
إفساد الشباب"لو أفسدتهم، لآذوني. لكنهم يلازمني!"التناقض العملي
عدم الإيمان بالآلهة"من يؤمن بالأرواح (الدايمون) لا يمكن أن يكون ملحدًا!"التناقض المنطقي
التأثير السلبي"أفعالي كـ'ذبابة الخيل' ضرورية لإيقاظ الدولة"المصلحة الأخلاقية العليا

صرخة في الضمير الإنساني

لم يكن "الاعتذار" مجرد دفاع عن فرد، بل هجوم على الرياء المجتمعي. سقراط حوّل محاكمته إلى محاكمة لأثينا: هل تستحق المدينة اسمها "مهد الديمقراطية" إذا قتلت مُنقذ ضميرها؟ . تحذيره من أن "الشباب الأقسى" سيحل محله تحقق عبر تاريخ الفلسفة، من أفلاطون إلى نيتشه، جاعلاً النص بيانًا تأسيسيًا:

"الحياة غير المفحوصة لا تستحق العيش

إرسال تعليق

0 تعليقات