Fascism or Genocide: How a Decade of Political Disorder Broke American Politics
"الفاشية أو الإبادة الجماعية: كيف كسر الاضطراب السياسي لعقد من الزمن السياسة الأمريكية" لروس باركان
عن الكتاب
يقدم كتاب "الفاشية أو الإبادة الجماعية: كيف كسر الاضطراب السياسي لعقد من الزمن السياسة الأمريكية" للكاتب روس باركان تحليلاً شاملاً للسياسة الأمريكية خلال العقد الماضي، مع تركيز خاص على الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
يستكشف الكتاب الانقسامات السياسية العميقة والأزمات المتعددة التي شكلت المشهد السياسي، بما في ذلك حرب غزة والتهديدات المتصاعدة للديمقراطية الأمريكية.
يستند باركان في تحليله إلى تقارير صحفية عميقة، ويقدم رؤية نقدية للعوامل التي أدت إلى إعادة انتخاب دونالد ترامب، مع التركيز على إخفاقات الحزب الديمقراطي والأزمات الداخلية التي عانى منها.
يأتي عنوان الكتاب من تصريح لناشط فلسطيني مجهول وصف الانتخابات بأنها "اختيار بين الفاشية أو الإبادة الجماعية"، مما يعكس الاستقطاب الحاد في الرأي العام الأمريكي بين من يرون في ترامب تهديداً للديمقراطية، ومن يعتبرون سياسة بايدن تجاه غزة داعمة لإبادة جماعية.
يستكشف الكتاب هذه المعضلة الأخلاقية والسياسية، ويحلل كيف شكلت هذه الديناميكية السباق الانتخابي ودفعت بملايين الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات أو تغيير ولائهم السياسي.
الخلفية عن الكاتب والكتاب
من هو روس باركان؟
روس باركان هو كاتب صحفي مساهم في مجلة نيويورك تايمز، ويشتهر بكتاباته السياسية التحليلية التي تتصف بالجرأة والعمق.
عمل سابقاً في صحف مرموقة مثل الجارديان وذا فيلج فويس، وحصل على جوائز مرموقة في مجال التعليق الصحفي.
بالإضافة إلى عمله الصحفي، خاض باركان تجربة السياسة المباشرة عندما ترشح لمجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك عام 2018، خلال لم ينجح في السباق الانتخابي.
يدرّس باركان أيضاً الصحابة في جامعة نيويورك، وهو مؤلف لعدة روايات وكتب غير روائية، متضمنا كتاب عن أندرو كومو .
طبيعة الكتاب وهيكله
الكتاب صدر في يوليو 2025 عن دار فيرسو بوكس، ويقع في 208 صفحات بالنسخة الإلكترونية. يتميز بأسلوب أدبي راقٍ، حيث ينسج باركان السرد السياسي بتقنيات سردية أدبية تشبه الرواية، مستفيداً من خلفيته كروائي.
ينقسم الكتاب إلى ثمانية أقسام مختصرة لكنها شاملة، تتناول مواضيع مثل "العدالة الاجتماعية" و"إسرائيل" و"الثقافة" و"ترامب"، حيث يحول الأحداث السياسية الأخيرة إلى لوحات واسعة النطاق للحياة السياسية الأمريكية المعاصرة .
المحتوى والتحليل الرئيسي للكتاب
الفصل الأول: الاستقطاب السياسي ومعضلة الاختيار
يصور باركان في الفصول الأولى من الكتاب المشهد السياسي الأمريكي على أنه معضلة وجودية بين خيارين مريرين: استمرار سياسات دعم إسرائيل في غزة التي وصفها النقاد بالإبادة الجماعية، أو خطر انزلاق أمريكا نحو الفاشية تحت قيادة ترامب.
هذا الاستقطاب تجلى في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، حيث صوت أكثر من نصف مليون أمريكي لخيار "غير ملتزم" في الانتخابات التمهيدية لإرسال رسالة إلى بايدن حول الحاجة الملحة لوقف القتل في غزة، حتى أن بعض الناخبين أطلقوا عليه "الإبادة الجماعية جو" .
في المقابل، دعم الليبراليون التقليديون بايدن باعتباره حاجزاً ضد الفاشية، لكن باركان يجادل أن هذه الرسالة لم تكن مقنعة كالسابق.
يشير إلى أن انسحاب بايدن لاحقاً من السباق الرئاسي وترشيح كامالا هاريس لم يغيرا هذا السرد بشكل جذري، حيث استمرت ملايين من الديمقراطيين في البقاء في المنزل أو تحولوا لدعم ترامب، مما يعكس خيبة أمل عميقة في الحزب .
الفصل الثاني: صراعات داخل الحزب الديمقراطي
يحلل باركان بإسهاب الأزمات الهيكلية داخل الحزب الديمقراطي التي ساهمت في خسارته الانتخابات.
يركز على إهمال الحزب للجنة الوطنية الديمقراطية، ودعمه الأعمى لترشيح بايدن حتى فات الأوان لتنظيم حملة فعالة لـ كامالا هاريس. كما يناقش تأثير تيار "الفرقة" التقدمي (The Squad) والحروب الثقافية داخل الحزب التي أضعفت قدرته على توحيد الصفوف .
دراسة حالة: معركة جامع بولمان الانتخابية
يبدأ باركان كتابه بتحليل الانتخابات التمهيدية في يونيو 2024 بين عضو الكونغرس الاشتراكي الديمقراطي جامع بولمان ومنافسه المعتدل جورج لاتيمر.
يرى أن هذا السباق يمثل لحظة محورية في السياسة الأمريكية، حيث أنفقت لجبة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC)، وهي منظمة "تمولها متبرعون جمهوريون يمينيون"، ما يقرب من 15 مليون دولار لـ "سحق" بولمان بسبب توصيفه للأحداث في غزة بأنها إبادة جماعية.
يرى باركان أن مصير بولمان يمثل ردة فعل انتقامية ضد الموجة التقدمية التي كانت نفسها رد فعل على رئاسة ترامب الأولى .
الفصل الثالث: دور وسائل الإعلام والنخب الثقافية
يوجه باركان انتقادات حادة لوسائل الإعلام، ملقياً باللوم عليها في عدم الإبلاغ عن الحقيقة بشأن تدهور الحالة الإدراكية لجو بايدن. ينتقد ما يسميه "سياسة دوارة الطقس" التي تغذي رد الفعل المعارض للتقدمية، ويسخر من "العديد من كتاب نيويوركر المتعجرفين" وآخرين يراهم كمشروعين لأسلوب البريق المصقول الذي تجسده كامالا هاريس.
يجادل أن اشمئزاز الأمريكيين من مثل هذا التظاهر الزائف هو ما قاد في النهاية إلى إعادة انتخاب دونالد ترامب "الخام، الوقح، المضحك" .
الفصل الرابع: إسرائيل وغزة والهوية اليهودية الأمريكية
يخصص باركان فصلاً كاملاً بعنوان "إسرائيل" لمناقشة القضية الفلسطينية وتأثيرها على السياسة الأمريكية، خلال تتعرض معالجته لهذا الموضوع لانتقادات كما سأبين لاحقاً.
يدين باركان بوحشية هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، لكنه يرفض أيضاً العنف الذي مارسته إسرائيل على الفلسطينيين منذ ذلك الحين، مؤكداً أن الرد كان غير متوازن. ومع ذلك، فإنه يقدم أعمال حماس كما لو أنها نشأت من العدم وليس بعد عقود من الإخضاع الإسرائيلي والتطهير العرقي .
يذكر باركان في هذا الفصل تقديرات محافظة لضحايا غزة (30,000 بحلول منتصف مارس 2024)، رغم أن هذا الرقم كان يعتبر في ذلك الوقت أقل من العدد الفعلي بكثير.
الأهم من ذلك، أن باركان يربط النقاش حول إسرائيل وفلسطين بهويته اليهودية الشخصية، معرباً عن امتعاضه من مطالبة اليهود الأمريكيين بالرد على أفعال إسرائيل، قائلاً: "مراراً وتكراراً، أُجبر أشخاص مثلي على الإجابة عن أمة لسنا ملتزمين بها بأي طريقة ذات معنى" .
الانتقادات الموجهة للكتاب
عدم معالجة عميقة للموضوعات الرئيسية
على الرغم من العنوان الاستفزازي، تذكر مجلة نيو ريببلك في مراجعة نقدية أن الكتاب "يتردد في مناقشة أي من الموضوعين" (الفاشية أو الإبادة الجماعية).
تشير المراجعة إلى أن باركان يضع مصطلح "الإبادة الجماعية" غالباً بين علامتي اقتباس، مما يخفف من أي استنكار قد يوجهه للوحشية الإسرائيلية ويوحي بأن الاتهامات بجرائم الحرب توجد أولا ككلمة طنانة في الخطاب الانتخابي الأمريكي .
معالجة قاصرة لقضية فلسطين
يعتبر تعامل باركان مع غزة أكبر عيب في الكتاب وفقاً لمراجعة نيو ريببلك. ينتقد المراجع عدم ذكر باركان لـ النكبة، أو تمويل الحكومة الإسرائيلية التاريخي لحماس، أو حصار غزة الذي فرض عام 2006 وأدى إلى وفيات لا حصر لها منها الجوع ونقص المياه والأدوية.
كما ينتقد المراجع تصريح باركان: "أحزن للمدنيين الذين ذبحتهم حماس. لكنني أحزن أيضاً للمدنيين الذين ذبحوا في كل مكان، وأكافح لأهتم أكثر بـ بلد أجنبي على آخر"، واصفاً إياه بـ"ثرثرة كل الأرواح تهم" .
نهج براغمتي ضيق
ينتقد البعض تركيز باركان الضيق على جدوى الانتخابات على حساب المثالية حول كيفية مساعدة السياسيين الحقيقية لناخبيهم.
يكتب باركان من منظور براغمتي يهتم أولا باستراتيجية الديمقراطيين الانتخابية، متجاهلاً الأسئلة الأخلاقية الأوسع حول كيفية تغيير الإبادة الجماعية المستمرة في غزة والتهديد بالفاشية على الجبهة الداخلية للمشهد الأخلاقي لكونك سياسياً ديمقراطياً في أمريكا .
نقاط القوة في الكتاب
سرد أدبي شائق
على الرغم من الانتقادات، يحظى الكتاب بإشادة لـ أسلوبه السردي الشائق والطموح. يصف ناشرو ويكلي الكتاب بأنه "سرد حيوي، ذكي، وشجاع، وهو نظرية أساسية للحظة الراهنة".
يتميز الكتاب بقدرة ملحوظة على نسخ الروايات واسعة النطاق من آليات الديمقراطية الأمريكية والشخصية الوطنية، مع معالجة الأحداث بطريقة روائية تجعل السياسة حية ومثيرة للاهتمام .
تحليل ثاقب للعلاقات بين الأحداث
يميز الكتاب قدرته على ربط الأحداث والظواهر السياسية علي ما يبدو المنفصلة في نسيج متماسك.
على سبيل المثال، يربط بين مصير جامع بولمان ورد الفعل اليميني الأوسع، كما يقدم تحليلاً لعلاقة وسائل الميديا بالسياسة ويدرس عقلية توماس كروكس، الذي حاول اغتيال ترامب، بطريقة تستحيل رواية دون ديلو عن لي هارفي أوزوالد .
ملخصا
يقدم كتاب "الفاشية أو الإبادة الجماعية" لروس باركان تحليلاً صحفياً عميقاً للأعوام المضطربة التي سبقت انتخابات 2024 الأمريكية، مع تركيز خاص على الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي والعوامل التي أدت إلى إعادة انتخاب ترامب.
يتميز الكتاب بأسلوب سردي أدبي مميز، وقدرة على ربط الأحداث السياسية المتنوعة في قصة متماسكة، ونقد لاذع لوسائل الإعلام والنخب الثقافية.
لكن الكتاب يعاني من قصور تحليلي حين يتعلق الأمر بمعالجة القضية الفلسطينية بشكل تاريخي شامل، ويفتقر إلى العمق في مناقشة المفهومين المركزيين في عنوانه: الفاشية والإبادة الجماعية. يظل باركان سجين البراغماتية الانتخابية، مع التركيز على "ما الذي يجعل الديمقراطيين يربحون" بدلاً من استكشاف الأسئلة الأخلاقية والسياسية العميقة التي تثيرها اللحظة التاريخية.
على الرغم من هذه العيوب، يظل الكتاب مساهمة قيمة في فهم السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة للقارئ المهتم بالتحولات الداخلية في الحزب الديمقراطي وتأثير القضية الفلسطينية على المشهد السياسي الأمريكي. يقدم باركان من خلاله رؤية ثاقبة لانقسامات أمريكا وأزماتها في عصر الاضطراب السياسي، وإن كان يترك للقارئ مساحة كبيرة لاستكمال الصورة والغوص في الأسئلة التي لم يجب عنها بشكل كافٍ.
يعكس الكتاب بشكل كبير المأزق الأخلاقي الذي وجد فيه كثير من الأمريكيين، خاصة الشباب والتقدميين، أنفسهم خلال انتخابات 2024، عندما شعروا بأنهم أمام خيارين مريرين: التصويت ضد ترامب خوفاً من الفاشية، أو معاقبة بايدن تسبب دعمه لما وصفه كثيرون بإبادة جماعية في غزة.
هذه المعضلة، كما يوثقها باركان، ستستمر في تشكيل السياسة الأمريكية لسنوات قادمة، وستحدد إلى حد كبير مستقبل التحالفات داخل الحزب الديمقراطي واليسار الأمريكي
0 تعليقات