الكاتب والكتاب
المؤلف تشانغ وي وي: باحث سياسي صيني مرموق، أستاذ بجامعة فودان ومدير معهد دراسات النموذج الصيني. عمل مترجمًا شخصيًا للرئيس دنغ شياو بينغ، مما منحه رؤية داخلية لكواليس صنع القرار خلال التحولات الكبرى في الصين. يُلقب بـ"المتحدث غير الرسمي للصين" نظرًا لتأثيره العالمي في شرح السياسات الصينية .
خلفية الكتاب: كُتب الأصل للقارئ الصيني (2010)، ثم تُرجم للإنجليزية والعربية (2016). حقق مبيعات ضخمة: مليون نسخة بالإنجليزية، ومليوني نسخة بالصينية، مما يعكس تأثيره الواسع .
الأطروحة المركزية: الصين كـ"دولة-حضارة"
يرفض تشانغ فكرة أن الصين دولة عادية، ويطرح مفهومًا جذريًا: "الصين دولة-حضارة" بخصائص فريدة:
التاريخ والجغرافيا: أقدم حضارة مستمرة (5,000 عام) مع تنوع ثقافي وجغرافي هائل.
النموذج التنموي المتفرد: نهضة الصين ليست تقليدًا للنموذج الغربي، بل اتباع مسار خاص يجمع بين التحديث والأصالة الثقافية الكونفوشيوسية .
التحدي للأفكار الغربية: يشكك الكتاب في فرضية أن النموذج الغربي (الديمقراطية الليبرالية، الرأسمالية غير المنظمة) هو "نهاية التاريخ"، مؤكدًا أن الصين قدمت خطابًا سياسيًا جديدًا .
رحلة النهضة: من الفقر إلى العملاق الاقتصادي
يُحلل الكتاب التحول الاقتصادي خلال 30 عامًا (1978-2010):
قفزة الناتج المحلي:
تخطت الصين اليابان عام 2010 لتصبح ثاني أكبر اقتصاد عالمي.
توقع تشانغ أن تصبح الأولى عالميًا بحلول 2018، حيث قدر أن حصة أمريكا من الناتج العالمي ستنخفض إلى 18.3% مقابل 16.9% للصين (2016)، ثم يتغير الترتيب لاحقًا .
أسرار النجاح:
السياسة العملية: تبني إصلاحات تجريبية تركز على النتائج الملموسة، لا الأيديولوجيا.
التخطيط المركزي الذكي: الجمع بين توجيه الدولة وكفاءة السوق (مثال: خطة التنمية الخمسية).
الاستفادة النقدية من الغرب: أخذ التقنيات والإدارة الحديثة مع رفض النموذج السياسي الغربي .
الأحداث الرمزية: أولمبياد بكين 2008 كتجسيد لفعالية الدولة الصينية في التنظيم والتسويق الثقافي .
النموذج الصيني: مقارنة نقدية مع الغرب
جدول مقارنة بين النموذجين الصيني والغربي وفقًا لتحليل تشانغ:
المعيار | النموذج الصيني | النموذج الغربي |
---|---|---|
المركزية | الدولة كضامن للاستقرار والتنمية | الفردية والحد الأدنى من الدولة |
التحول السياسي | التطور التدريجي دون ثورات | التغيير الجذري عبر الانتخابات |
حقوق الإنسان | الحقوق الجماعية (مثل التنمية) أولوية | الحقوق الفردية محورية |
الثقافة | الانصهار بين الأصالة والحداثة | فصل الدين والتراث عن الدولة |
تحذير من التقليد الأعمى: يرى تشانغ أن تبني الصين للنموذج الغربي كان سيقودها إلى مصير الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا (التفكك) .
نقد المقاييس الغربية: إعادة تعريف "القوة"
يهاجم الكتاب التحيز الغربي في تقييم الصين:
الناتج المحلي الإجمالي: يُحسب بطريقة تهمش دور ملكية الأفراد في الصين، مما يقلل من حجم الطبقة المتوسطة الفعلية.
التنمية البشرية: يُغفل مؤشرات مثل القضاء على الفقر (أخرجت الصين 800 مليون من الفقر منذ 1978).
القوة الناعمة: الثقافة الصينية (الطب، الفلسفة، الفن) جزء من "القوة الحضارية" لا تُقاس بمعايير غربية .
مستقبل الصين والعالم: رؤية تفاؤلية بحذر
التعايش السلمي: تؤكد الصين على مبدأ "الوئام بلا توحيد" في علاقاتها الدولية، مستمدة من تراثها الكونفوشي.
تحذير للغرب: يجب "تحرير العقل" (اقتباسًا من دنغ شياو بينغ) وتقبل فكرة تعدد النماذج الناجحة.
تحديات داخلية: يعترف تشانغ بمشكلات مثل الفجوة بين الطبقات، لكنه يرى أن النموذج الصيني قادر على معالجتها دون تغيير جذري .
تأثير الكتاب والانتقادات
شعبية غير مسبوقة: تصدر قائمة "أكثر الكتب تأثيرًا في الصينيين" بسبب:
حاجة الصينيين لفهم تحولهم السريع.
فضولهم للمقارنة بين الصين والعالم بعد 30 عامًا من الإصلاح.
النقاش الوطني حول مستقبل الصين .
الانتقادات: اتهمه بعض القراء بالإطالة والتكرار (خاصة في النسخة العربية)، وبالمبالغة في تفرد النموذج الصيني .
الزلزال الذي غير العالم
الكتاب ليس سردًا اقتصاديًا فحسب، بل بيان فلسفي يعلن نهاية هيمنة النموذج الغربي. رؤية تشانغ تنبأت بصعود الصين الذي تحقق اليوم:
اقتصاديا: تجاوزت الصين الولايات المتحدة في الناتج حسب تعادل القوة الشرائية (IMF 2016).
سياسيًا: مبادرة الحزام والطريق كتجسيد لـ"التعايش السلمي".
ثقافيًا: انتشار معاهد كونفوشيوس عالميًا.
"نهضة الصين هي إحياء لدولة-حضارة، لا صعود دولة عابرة" – تشانغ وي وي .
يظل الكتاب مرجعًا لفهم عقلية النخبة الصينية، ورؤيتها التي تزاوج بين الثقة بالتراث والقدرة على الابتكار، مما قد يقدم دروسًا لدول العالم الجنوبي
0 تعليقات