الصين معجزة نهاية القرن العشرين (إبراهيم نافع)

 


: الصين معجزة نهاية القرن العشرين (إبراهيم نافع)

المؤلف: إبراهيم نافع (رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأهرام، نقيب الصحفيين المصريين، رئيس اتحاد الصحفيين العرب وقت تأليف الكتاب)
تاريخ النشر: 1999
الناشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر 
عدد الصفحات: 215 صفحة 
المنهجية: يعتمد الكتاب على زيارات ميدانية متعددة للصين، ومتابعة لتطورها عبر سنوات، ومراجعة شاملة للأدبيات الصينية والدولية عنها .


1. المقدمة: الصين كظاهرة تاريخية

  • السياق التاريخي: يقدم الكتاب الصين كحالة فريدة نجحت في التحول من دولة زراعية فقيرة إلى قوة اقتصادية صاعدة في غضون عقود، متحدية التوقعات العالمية.

  • رؤية المؤلف: يؤكد نافع أن "معجزة" الصين ليست حدثاً عابراً بل نتاج سياسات منهجية وإرادة سياسية، مدعوماً بشواهد ميدانية جمعها بنفسه.

  • الهدف المعرفي: يسعى الكتاب لتحليل آليات هذا التحول واستخلاص دروس تطبيقية للعالم العربي، خاصة في مجالات التنمية المستقلة والتكنولوجيا .


2. التحول الاقتصادي: الآليات والتحديات

أ. سياسات الإصلاح الجذري

  • الانتقال الموجه: يشرح الكتاب تحول الصين من الاقتصاد الاشتراكي المركزي إلى "اشتراكية السوق"، مع الحفاظ على دور الدولة التوجيهي.

  • المناطق الاقتصادية الخاصة: يركز على دورها كمعامل تجريبية لجذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا (مثل شنتشن وشانغهاي) .

  • القطاع الخاص: يحلل تنامي دور رأس المال الخاص رغم هيمنة الدولة، مع الإشارة إلى أن 70% من النمو الصناعي في التسعينيات جاء من المشاريع الخاصة والمشتركة .

ب. التحديات الستة للتنمية

يحدد الكتاب ستة "شرور" هددت المعجزة الاقتصادية:

  1. البطالة المتصاعدة: نتيجة إغلاق المصانع الحكومية غير المجدية.

  2. الفساد الإداري: انتشار الرشاوى في أجهزة الدولة.

  3. التفاوت الإقليمي: اتساع الفجوة بين الريف والحضر.

  4. التلوث البيئي: نتيجة التصنيع السريع غير المراقب.

  5. الاضطرابات الاجتماعية: احتجاجات العمال والفلاحين.

  6. الأزمات المالية: مخاطر التضخم وسوء إدارة البنوك .

جدول: مراحل التحول الاقتصادي وفق الكتاب

الفترةالسياسات الرئيسيةالنتائج
1978-1984إصلاحات زراعية (نظام المسؤولية للأسر)زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 35%
1985-1992خصخصة جزئية للصناعات الخفيفةنمو صناعي سنوي بـ 12%
1992-1999جذب الاستثمار الأجنبي المباشرمضاعفة الصادرات 5 مرات

3. التحول الاجتماعي: تناقضات وتحديات

أ. أزمة الهوية الاجتماعية

  • الانتحار كظاهرة: يكشف أن مليون شخص انتحروا خلال السنوات الست السابقة للكتاب (1993-1999) بسبب التفكك الأسري والفقر في المناطق النائية .

  • تحول دور المرأة:

    • الاستقلال الاقتصادي: دخول 350 مليون امرأة لسوق العمل.

    • التحديات: انتشار شعار "رجل واحد لا يكفي" بين نساء المدن، مما يعكس ضغوط التوفيق بين العمل والأسرة .

    • الجانب المظلم: يتناول بيع النساء في المناطق الريفية (بـ 350 دولار كحد أدنى) نتيجة الفقر والأمية .

ب. الأقليات الدينية: نموذج المسلمين

  • الإحصاءات: يؤكد وجود 20 مليون مسلم و23 ألف مسجد، معترف بهم رسمياً .

  • الحريات المقيدة: يوضح أن الممارسات الدينية مسموحة تحت رقابة الدولة، مع حظر أي نشاط سياسي إسلامي.

  • التجنيس الإستراتيجي: يشير إلى سياسة دمج المسلمين في النسيج الاقتصادي عبر دعم مشاريعهم الصغيرة .


4. السياسة الخارجية: من العزولة إلى القطب العالمي

أ. المبادئ الجديدة

  • البراغماتية: تحول الصين من الخطاب الأيديولوجي إلى حساب المصالح (مثال: عدم اعتبار إسرائيل "امتداداً للإمبريالية") .

  • استراتيجية الاختراق: استخدام القوة الاقتصادية الناعمة في أفريقيا وآسيا عبر الاستثمارات والقروض الميسرة.

ب. تحذير من "أخطاء صدام"

يحذر نافع من أن الصين قد "تُسيء الحسابات" كما فعل صدام حسين إن استعجلت الصدام مع الغرب قبل اكتمال قوتها، مشيداً بحكمة قيادتها في تجنب الصراعات العسكرية المباشرة .


5. الدروس المستفادة للعالم العربي

أ. مرتكزات النموذج الصيني

  1. التعليم التكنولوجي: تخصيص 25% من ميزانية الدولة للبحث العلمي.

  2. الاستقلالية الاقتصادية: رفض شروط صندوق النقد الدولي.

  3. المرونة السياسية: تطوير النظام دون تفريغه من مضمونه.

ب. مقارنات مع الواقع العربي

  • غياب الرؤية طويلة المدى: مقابل التخطيط الصيني لـ "مئة عام قادمة".

  • هدر الطاقات البشرية: مقارنة باستثمار الصين في عمالتها الرخيصة كأداة تنافسية.

  • التبعية الخارجية: عجز العرب عن إنتاج استراتيجيات تنموية مستقلة .


6.  الصين في ميزان التاريخ

  • التقييم الموضوعي: يعترف الكتاب بأن "المعجزة" لم تخلُ من كلفة اجتماعية (قمع الحريات، التلوث، التفاوت)، لكنه يرى أنها كانت ضرورة مرحلية.

  • تحذير من الانبهار: ينبه إلى أن النموذج الصيني غير قابِل للاستنساخ حرفياً في العالم العربي لاختلاف السياقات الثقافية والجيوسياسية.

  • الرسالة الجوهرية: يؤكد أن سر نجاح الصين هو "الإرادة السياسية الموحدة" و"التعليم المنتج" و"الانضباط الاجتماعي" كثلاثية لا تنفصم .


7. تقييم نقدي للكتاب من منظور معاصر (2025)

الجوانب الإيجابيةالسلبيات أو المبالغات
الرؤية الاستشرافية: تنبأ بصعود الصين كقطب عالمي.تهوين انتهاكات حقوق الإنسان: خاصة في التبت وشينجيانغ.
المنهج التحليلي الشامل: جمع بين الاقتصاد والاجتماع والسياسة.تفاؤل مبالغ بمستقبل المسلمين في الصين.
ربط التنمية بالثقافة: إبراز دور الفلسفة الكونفوشيوسية في الانضباط.عدم توقع الأزمات اللاحقة (مثل شيخوخة السكان)

 الكتاب كوثيقة تاريخية

يظل كتاب نافع مرجعاً مهماً لفهم تحول الصين في العقد الأخير من القرن العشرين، حيث يجمع بين:

  • التحليل الصحفي الحي (المشاهدات الميدانية).

  • الرؤية الإستراتيجية (ربط السياسات بالنتائج).

  • البعد الإنساني (تأثير التنمية على الإنسان العادي).
    رغم مرور 26 عاماً على صدوره، تبقى أسئلته المركزية حول التنمية المستقلة والتوازن بين النمو والعدالة ملحة للعالم العربي اليوم أكثر من أي وقت مضى

إرسال تعليق

0 تعليقات