تاريخ الإمبراطورية الروسية لفولتير

 


 " تاريخ الإمبراطورية الروسية تحت حكم بيتر الأكبر " لفولتير

1. السياق التاريخي 

  • الخلفية التأليفية: كُتب الكتاب بتكليف من الإمبراطورة يكاترينا الثانية (كاترين العظمى) التي كانت معجبة بفولتير وترغب في توثيق إرث بطرس الأكبر كرمز للإصلاح والتحديث. صدر الجزء الأول عام 1759 والثاني عام 1763 .

  • المنهجية: جمع فولتير بين السرد التاريخي والتحليل الفلسفي، مُبرزاً دور بطرس الأكبر في تحويل روسيا من دولة "متخلفة" إلى قوة أوروبية عظمى، مع تركيز على مفاهيم التنوير مثل العقلانية والعلمنة .


2. محتوى الكتاب: إنجازات بطرس الأكبر

  • الإصلاحات العسكرية:

    • بناء أول أسطول بحري روسي منتظم، وتحويل الجيش إلى قوة نظامية حديثة بعد انتصاره في الحرب الشمالية العظمى (1700–1721) ضد السويد، مما منح روسيا منفذاً إلى بحر البلطيق .

    • تأسيس صناعة عسكرية محلية، حيث أنشأ 200 مصنع لتصنيع الأسلحة والسفن، خاصة حول سانت بطرسبرغ .

  • الإدارة والاقتصاد:

    • إلغاء نظام "البويار" (النبلاء التقليديين) واستبداله بـ الكوليجيات (هيئات إدارية متخصصة) لتحقيق المركزية .

    • فرض ضريبة الرؤوس على الفلاحين لتغطية نفقات الحرب، وبناء سانت بطرسبرغ كعاصمة جديدة لتكون "نافذة على أوروبا" .

  • الثقافة والمجتمع:

    • فرض العادات الغربية مثل حلق اللحى وتبني الملابس الأوروبية، وإرسال النخبة الروسية للدراسة في الخارج .

    • تأسيس أكاديمية العلوم الروسية (1724) وإنشاء مدارس تقنية لتعليم الرياضيات والملاحة .


3. تحليل فولتير لشخصية بطرس الأكبر

  • التناقضات البشرية: يصوره فولتير كقائد جمع بين العبقرية والقسوة—مصلحٌ حداثي لكنه استخدم أساليب وحشية مثل تعذيب معارضيه بنفسه .

  • رؤية فلسفية: يقدمه كنموذج لـ "الحاكم المستنير" الذي ضحى بكل شيء لتحديث روسيا، رغم انتقاده لعدم اهتمامه بتعليم الشعب (فلم تُنشأ الجامعات إلا بعد وفاته) .


4. الانتقادات والتحديات

  • التكاليف البشرية: يشير فولتير إلى أن إصلاحات بطرس بُنيت على معاناة الفلاحين الذين تحملوا عبء الضرائب والسخرة في بناء سانت بطرسبرغ، مما أثار ثورات مثل تمرد بولافين (1707–1708) .

  • الصراع الديني: إخضاع الكنيسة الأرثوذكسية للدولة عبر حل "البطريركية" وإنشاء السينودس المقدس كجهة حكومية .

  • الفجوة الثقافية: مقاومة النخبة المحافظة للإصلاحات، مثل رفضهم حلق اللحى الذي اعتبروه انتهاكاً للتقاليد الدينية .


5. إرث بطرس في منظور فولتير

  • التحول الجيوسياسي: جعل روسيا إمبراطورية تمتد من بحر البلطيق إلى المحيط الهادئ، مع توسعات في سيبيريا وجنوباً نحو بحر قزوين .

  • التأثير طويل المدى: بحسب فولتير، فإن بطرس وضع أساسات روسيا الحديثة رغم بقاء مشاكل مثل القنانة، وهو ما حاولت كاترين العظمى معالجته لاحقاً .


رؤية الكتاب

يرى فولتير في بطرس الأكبر تجسيداً لـ مُثُل التنوير، حيث حوّل روسيا بقوة الإرادة من دولة مغلقة إلى لاعب أوروبي. لكن الكتاب لا يتجاهل الثمن البشري لهذا التحول، مُقدّماً درساً في تناقضات التحديث السريع. هذا العمل يُمثل أيضاً تحولاً في منهج فولتير التاريخي، من سرد الأحداث إلى تحليل دور الشخصيات في صياغة مصائر الأمم

إرسال تعليق

0 تعليقات