تاريخ الشعب الأمريكي لهوارد زين

"تاريخ الشعب الأمريكي: 1492 - الحاضر" لهوارد زين

رؤية ثورية لتاريخ الولايات المتحدة

صدر كتاب "تاريخ الشعب الأمريكي" للمؤرخ هوارد زين عام 1980 ليقدم رواية بديلة للتاريخ الأمريكي التقليدي، مركزًا على ضحايا التقدم بدلًا من المنتصرين.

بيع أكثر من مليوني نسخة ، وأصبح مرجعًا أساسيًا في التعليم والحركات الاجتماعية. يهدف زين إلى كشف:

الاستغلال المنظم من قبل النخب الحاكمة.
مقاومة المهمشين (السكان الأصليون، العبيد، العمال، النساء).
التزييف المتعمد في الروايات التاريخية السائدة .

"التاريخ يُكتب من سجلات يتركها المُمَيزون، بينما يُهمَل الجانب المظلم لكل عصر" .

الغزو والاستعباد (1492–1776)

الفصل 1: كولومبوس والسكان الأصليون والتقدم البشري

الكارثة الديموغرافية: وصل كولومبوس إلى جزر البهاما عام 1492، وقابل شعب الأراواك الذي وصفهم في مذكراته: "بـ50 رجلًا يمكن إخضاعهم جميعًا". خلال 20 عامًا، انخفض عددهم من 250,000 إلى 50,000 بسبب:
- العمل القسري في مناجم الذهب.
- الإبادة الجماعية (قطع الأيدي لعدم إنتاج الذهب).
- الأمراض الأوروبية .
النقد التاريخي: يهاجم زين المؤرخين مثل صموئيل موريسون الذي قدّم كولومبوس كـ"بطل" بينما خفّف من ذكر الإبادة .

الفصل 2: نشأة العنصرية والعبودية

التحول من الخدمة إلى العبودية: حاول المستعمرون استعباد السكان الأصليين ففشلوا لمقاومتهم، ثم لجأوا إلى العبيد الأفارقة بعد عام 1619 لأن:
- النظام العرقي جعل السود "ممتلكات دائمة".
- العبودية الأمريكية كانت أكثر قسوة من نظيرتها الأفريقية أو الأوروبية .
تفكيك الأساطير: يكشف زين عن تضامن مبكر بين الخدم البيض والعبيد السود، مما دفع السلطات لإصدار قوانين تمنع الاختلاط بينهم .

الفصل 3: ثورات المستضعفين

تمرد بيكون (1676): قاد ناثانيال بيكون مزيجًا من الخدم البيض والعبيد السود ضد حاكم فرجينيا ويليام بيركلي، مطالبين بطرد السكان الأصليين وتوزيع عادل للأرض. رغم فشل التمرد، كشف عن:
- الانقسام الطبقي الحاد في المستعمرات.
- بداية استخدام العرق كأداة لتفتيت التضامن الشعبي .

الفصل 4: حرب الاستقلال كأداة نخبوية

الدوافع الخفية: يرى زين أن الثورة الأمريكية لم تكن "نضالًا من أجل الحرية"، بل:
- تحويل الانتباه عن المشاكل الاقتصادية للفقراء.
- استبدال النخب الاستعمارية بالنخب المحلية .
الآباء المؤسسون: كانوا من أثرياء الملاك (1% يسيطرون على 44% من الثروة)، وصمموا الدستور لحماية مصالحهم. يقول زين:

"لم تُولد البلاد حرة، بل وُلدت سيدًا وعبدًا، فقيرًا وغنيًا" .

جدول: تحول الرواية التاريخية وفق زين

الحدث التقليدي	رواية زين
"اكتشاف" أمريكا	غزو وإبادة جماعية للسكان الأصليين
الثورة الأمريكية	تمرد نخبوي لتحقيق مصالح اقتصادية
الدستور الأمريكي	وثيقة لحماية مصالح الأثرياء

الجزء الثاني: التوسع والقمع (1776–1900)

الفصل 7: إبادة السكان الأصليين

سياسة الترحيل: تحت قيادة أندرو جاكسون، نفذت الحكومة:
- قانون الإبعاد الهندي (1830): ترحيل قبائل الشيروكي والشوكتو من أراضيهم.
- درب الدموع (1838): موت ربع الشيروكي أثناء الترحيل القسري .
التناقض التاريخي: يمتدح التاريخ الرسمي جاكسون كـ"بطل ديمقراطي"، بينما يصفه زين كـمجرم حرب .

الفصل 8: الحرب المكسيكية الأمريكية (1846–1848)

العدوان بغطاء دفاعي: بدأها الرئيس جيمس بولك بحجة "الدفاع عن تكساس"، لكن زين يكشف:
- بولك استفز المكسيكيين لإطلاق النار أولًا.
- الجيش الأمريكي ارتكب فظائع في القرى المكسيكية .
الغنائم: ضمت الولايات المتحدة كاليفورنيا، نيو مكسيكو، يوتا، مقابل 15 مليون دولار فقط .

الفصل 9: العبودية والتحرر الزائف

مقاومة العبيد: يشير زين إلى 250 تمردًا مسجلًا، أبرزها:
- تمرد نات تيرنر (1831): هزّ جنوب الولايات المتحدة.
- التنظيم السري عبر "سكك الحديد تحت الأرض" .
تحرير غير حر: إعلان التحرير (1863) كان خطوة تكتيكية في الحرب، ولم يُحسّن حياة السود:
- الرئيس أندرو جونسون ألغى وعيد "40 فدانًا وبغل" .

الفصل 10: صعود الرأسمالية المتوحشة

أباطرة الصناعة: يصف زين جون روكفلر، جي بي مورجان، أندرو كارنيجي كـ"لصوص بارونات" استغلوا:
- عمالة الأطفال (ساعات عمل 16 ساعة).
- القمع الدموي للإضرابات .
المقاومة العمالية: تشكلت نقابات راديكالية مثل:
- فرسان العمل (1869): طالبوا بأجور عادلة.
- عمال الصناع في العالم (IWW): نظموا 150 إضرابًا .

حركات المقاومة الشعبية في القرن 19

الحركة	المطالب	القمع الرسمي
إضراب عمال السكك (1877)	أجور أفضل	100 قتيل بالرصاص
حركة السحب المناهضة (1839)	إلغاء الإيجارات الإقطاعية	الجيش أطلق النار على المتظاهرين
إضراب "فتيات لويل" (1836)	تحسين ظروف عمل النساء	فصل القائدات واعتقالهن

الإمبريالية والحروب (1900–2000)

الفصل 12: الحروب الإمبريالية

الحرب الأمريكية الإسبانية (1898): تذرعت الولايات المتحدة بـ"تحرير كوبا"، لكنها:
- سيطرت على بورتوريكو، غوام، الفلبين.
- قمعت الفلبينيين في حرب دموية (1899–1902) .
الرفض الشعبي: شكلت رابطة مناهضة الإمبريالية أول حركة معارضة واسعة .

الفصل 14: الحرب العالمية الأولى

دوافع اقتصادية: دخلت الولايات المتحدة الحرب عام 1917 لـ:
- حماية استثمارات جي بي مورجان في أوروبا.
- توسيع النفوذ الاقتصادي .
قمع المعارضة: أصدر ويلسون قانون التجسس (1917) الذي سجن المناهضين للحرب مثل يوجين ديبس .

الفصل 16: الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام

ازدواجية المعايير: ينتقد زين:
- محاربة الفاشية في الخارج مع دعم الفصل العنصري (قوانين جيم كرو) في الداخل.
- قصف هيروشيما رغم استعداد اليابان للاستسلام .
الآلة العسكرية: أنشأت الحرب مجمعًا صناعيًا عسكريًا دائمًا، كما دعا رئيس جنرال موتورز تشارلز ويلسون .

الفصل 17–18: حركات الحقوق المدنية

القوة الشعبية: يؤكد زين أن نجاح الحركة نتج عن:
- التنظيم الجماهيري (مثل مقاطعة باصات مونتغومري).
- المقاومة غير العنيفة التي فضحت القمع .
الحدود: رغم إقرار قانون الحقوق المدنية (1964)، استمر التمييز الاقتصادي، مما دفع لظهور حركة القوة السوداء .

الانتقادات والتأثير

الجدل حول الموضوعية

اتهامات بالتحيز:
- تجاهل إنجازات أمريكا "الإيجابية" .
- اختيار مصادر تدعم روايته فقط .
الدفاع عن المنهجية:
- زين يصر: "الاختيار والتبسيط والتأكيد ضروري للمؤرخ، لكني اخترت منظور الضحايا" .
- الكتاب صحح تحيزًا تاريخيًا مستمرًا .

التأثير التعليمي والثقافي

في الفصول الدراسية: يستخدمه المعلمون لـ:
- تحليل "محاكمة كولومبوس" كمثال على إعادة تقييم التاريخ .
- دراسة وجهات نظر المهمشين في الحروب .
في الثقافة الشعبية:
- ظهر في أفلام مثل Good Will Hunting ومسلسلات مثل The Sopranos .
- ألهم موسيقيين مثل بروس سبرينغستين (ألبوم Nebraska) .

إرث الكتاب وعلاقته بالحاضر

"لا يمكنك أن تكون محايدًا في قطار متحرك" — هوارد زين .

رغم وفاة زين عام 2010، بقي كتابه أداة تحرير فكري:

يذكرنا بأن التغيير الحقيقي يأتي من الأسفل (الحركات الشعبية، الإضرابات، الاحتجاجات).
يحذر من الرواية الرسمية التي تبرر الحروب والاستغلال.
يُستخدم اليوم في حركات مثل حياة السود مهمة لتحليل استمرار العنصرية .

كما كتب المعلم رالف كوفي: