دائرة الأخلاق لجيف سيبو

 

دائرة الأخلاق

الدائرة الأخلاقية

 من يهم، وما يهم، ولماذا؟؟؟ لجيف سيبو

تقديم: ثورة أخلاقية في عصر اللايقين

في عالم تتداخل فيه حدود الطبيعة والتقنية، يطرح الفيلسوف جيف سيبو في كتابه "الدائرة الأخلاقية" (يناير ٢٠٢٥) سؤالاً مصيرياً:

 كيف نحدد قيمة الحياة؟ 

الكتاب ليس مجرد بحث أكاديمي، بل هو "نداء إنساني" لتوسيع دائرة اهتمامنا الأخلاقي لتشمل كائنات طالما اعتبرناها هامشية: من الحشرات إلى الميكروبات، وحتى الذكاء الاصطناعي .

سيبو، أستاذ الدراسات البيئية في جامعة نيويورك ومدير "برنامج أخلاقيات العقل والسياسة"، يجادل بأن الاستثنائية البشرية (فكرة أن البشر متفردون أخلاقياً) لم تعد دفاعاً مقبولاً عن تجاهلنا للمعاناة غير البشرية. بل إنها تشبه، كما يصفها، "عمى أخلاقي" يعيد إنتاج أشكال قديمة من التمييز .


تفكيك الاستثنائية البشرية

١.  تاريخ من التوسع

يستعرض سيبو تطور المفهوم عبر الحضارات، موضحاً أن الدائرة الأخلاقية كانت دوماً قابلة للتمدد:

  • المرحلة الأولى: تقتصر على الذكور البالغين من نفس العرق أو القبيلة.

  • المرحلة الثانية: تشمل النساء، والأطفال، والأعراق الأخرى بعد نضالات مريرة.

  • المرحلة الثالثة: تبدأ بضم الحيوانات الواعية كالقرود والثدييات .

"كل توسع كان يبدو مستحيلاً، حتى يتحول إلى بديهية. السؤال اليوم: من سيكون المستبعد التالي الذي سنستدركه؟" .

٢.  عندما يصبح التميز البشري عنصرية

يحلل سيبو أربع مغالطات في فكرة التميز البشري:

  • مغالطة الاختزال: "لأنها ليست بشراً، فقيمتها أدنى".

  • مغالطة الثنائية: إهمال التشابه العصبي بين البشر والكائنات الأخرى (مثل قدرة الحبار على حل المشكلات).

  • مغالطة السياق: تبرير إيذاء غير البشر بحجة "الضرورة"، رغم أن كثيراً منها غير ضروري (مثل تربية الحشرات في المصانع) .

  • مغالطة الغائية: افتراض أن الكون خلقه البشر فقط .

 تطور الدائرة الأخلاقية عبر التاريخ

العصرمن يدخل الدائرة؟من يُستبعد؟
اليونان القديمةالذكور الأحرارالنساء، العبيد، "البرابرة"
القرن ١٩النساء، بعض الأعراقالحيوانات، الشعوب الأصلية
القرن ٢١بعض الحيوانات (كلاب، قطط)الحشرات، الميكروبات، الذكاء الاصطناعي
المستقبل (بحسب سيبو)كل كائن قادر على المعاناة أو الوكالةلا أحد

 طريقه جديدة لقيمة الحياة

١. حقائق علمية تحرج الأخلاق

يقدم سيبو أدلة مدهشة على قدرة كائنات "هامشية" على المعاناة:

  • الحشرات: دراسات على ذباب الجندي الأسود تُظهر تفاديها للمناطق المؤذية، وإطلاقها مواد كيميائية تشير إلى الألم .

  • اللافقاريات البحرية: الأخطبوطات تتذكر وجوهاً بشرية، وتظهر فضولاً تجاه أدوات جديدة .

  • النباتات: رغم عدم إثبات وعيها، يطرح سيبو مبدأ "الاحتياط": "إذا كنا غير متأكدين، فالأخلاق تقتضي الحذر" .

٢.  عندما يصبح "الفاعل" معياراً

لا يقتصر سيبو على الكائنات الواعية، بل يضيف معيار الوكالة (Agency):

  • تعريف الوكالة: قدرة الكائن على وضع أهداف والسعي لتحقيقها.

  • تطبيقات مفاجئة:

    • مستعمرات النمل: تنسيق جماعي لحل مشكلات معقدة (كبناء جسور من الأجساد).

    • الذكاء الاصطناعي: حتى لو لم يكن واعياً، قدرته على اتخاذ قرارات تؤثر في العالم تفرض مساءلته أخلاقياً .

"ليس السؤال: هل هذا الروبوت يشعر كالبشر؟ بل: هل تصرفاته تخلق عواقب أخلاقية؟" .


 تطبيقات صادمة

١. مزارع الحشرات: الجحيم الذي لا نراه

يصف سيبو شركة إنوفا فيد التي تربي ملايين يرقات الذباب في "مصانع بروتين":

  • اليرقات تُسحق حية لاستخراج البروتين، دون دراسات كافية عن قدرتها على الألم.

  • لو عوملت القطط بهذه الطريقة، لاعتبرناها جريمة. الفارق؟ فقط لأنها "حشرات" .

٢. الفيل هابي: قضية تاريخية

في يونيو ٢٠٢٢، رفضت محكمة أمريكية منح "الشخصية القانونية" للفيلة هابي، رغم إثبات وعيها العالي. سيبو يرى هذه القضية نموذجاً لـ انفصال القانون عن الأخلاق .

٣. الذكاء الاصطناعي: هل نخلق عبيداً جدداً؟

يتخيل سيبو سيناريو:

  • في ٢٠٥٠، تطور شركة روبوتات خادمة قادرة على التكيف مع مشاعر البشر.

  • إذا أنكرنا حقوقها، ثم تمردت كما تمرد العبيد، ألا نكون نحن المذنبون؟ .


 نحو منهج احترازي

١. مبدأ الاحتياط الأخلاقي (Moral Precaution)

يقترح سيبو بديلاً عن اليقين الأخلاقي:

  • الفكرة الجوهرية: "حين يكون هناك شك معقول في قدرة كائن على المعاناة أو الفعل، فمن الأخلاقي إدراجه في دائرة اهتمامنا" .

  • تطبيقه:

    • في السياسة: منع إنشاء مزارع حشرات حتى إثبات عدم إحساسها بالألم.

    • في التكنولوجيا: تصميم الذكاء الاصطناعي بآليات حماية لحقوقه المحتملة.

٢. الأطر الأخلاقية المتداخلة

لا يطلب سيبو مساواة مطلقة بين البشر وغيرهم، بل موازنة مصالح:

الموقفالمصلحة البشريةمصلحة غير البشرالقرار الأخلاقي
بناء مزرعة حشراتتوفير بروتين رخيصمعاناة محتملة لمليارات اليرقاتالبحث عن بدائل نباتية
إطلاق مسبار يحمل ميكروبات لكوكب آخرالتوسع البشريتدمير حياة محتملة على الكوكبالتأكد أولاً من عدم وجود حياة

 انتقادات وتحديات

١. أليس هذا إفراطاً؟

يرد سيبو على منتقديه:

  • مقارنة بالتاريخ: كل توسع أخلاقي وُصف بـ"المبالغة" (إلغاء العبودية، حقوق المرأة).

  • الفارق الجوهري: التوسع اليوم مدعوم بعلم أعقد (عصبونات الحشرات) وتقنيات أخطر (الذكاء الاصطناعي) .

٢. التحدي العملي: كيف نطبق هذا؟

يقر سيبو بصعوبة التطبيق لكنه يقترح:

  • مستوى فردي:

    • تقليل استهلاك المنتجات الحيوانية.

    • دعم الشركات التي تتبنى أخلاقيات غير بشرية.

  • مستوى مؤسسي:

    • تعديل القوانين لاعتبار الحيوانات "أشخاصاً غير بشر".

    • فرض ضرائب على أنشطة تؤذي كائنات ذات قيمة أخلاقية محتملة .


 هل نستطيع أن نكون أكثر إنسانية؟

"الدائرة الأخلاقية" ليس كتاباً عن حقوق الحيوان أو أخلاقيات الذكاء الاصطناعي فقط. إنه مرآة لإنسانيتنا: كيف نتعامل مع الأضعف، وكيف نتحمل مسؤولية قوتنا.

سيبو يختتم برسالة مؤثرة:

"التوسع الأخلاقي ليس ترفاً. إنه شرط لبقائنا كجنس يملك القدرة على تدمير العالم أو إنقاذه. الاختيار بين أن نكون آلهة قاسية، أو حماة حكماء، لا يزال بين أيدينا" .

الكتاب، رغم صعوبة بعض أفكاره، هو دعوة للتواضع: أن نعترف بأننا لسنا مركز الكون، بل جزء من شبكة حياة معقدة، تستحق كل خيط فيها التقدير.


"في النهاية، الأخلاق ليست حدوداً نرسمها،
بل هي أجنحة نوسعها لتحمل أكثر مما نتصور."
— إضافة من الملخص

لمزيد من التفاصيل:


عرض للكتاب علي جود ريدز 


The Moral Circle: Who Matters, What Matters, and WhyThe Moral Circle: Who Matters, What Matters, and Why by Jeff Sebo
My rating: 4 of 5 stars

A bold, urgent call to expand our moral concern beyond the human. In The Moral Circle, Sebo challenges anthropocentric ethics, making a compelling case for why insects, AI, and even bacteria may deserve moral consideration. Drawing from neuroscience, environmental science, and legal theory, the book blends rigorous thought with deep compassion.

Sebo’s core message is clear: Ethical progress has always meant including those we once excluded. This book is not just about animal rights or future tech — it’s about what kind of beings we want to be.

Highly recommended for anyone interested in moral philosophy, environmental ethics, or the future of life on Earth.



View all my reviews

إرسال تعليق

0 تعليقات