كتاب الرهبة (Awe): القوة التحويلية للدهشة اليومية
Awe: The Transformative Power of Everyday Wonder
لداتشر كيلتنر
اكتشاف قوة الرهبة في الحياة المعاصرة
في عالم يتسم بالاستقطاب والتسارع الرقمي، يقدم داتشر كيلتنر - أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا بيركلي ومدير مركز "الخير الأكبر" للعلوم
كتابًا ثوريًا بعنوان "الرهبة: القوة التحويلية للدهشة اليومية" (2023). يعيد كيلتنر تعريف مفهوم "الرهبة" (Awe) ليس كمجرد انبهار عابر، بل كعاطفة أساسية قادرة على إصلاح الذات والمجتمع.
استند في أطروحته إلى 20 عامًا من البحث العلمي، تجارب شخصية مأساوية (خاصة وفاة أخيه رولف بسرطان القولون)، ومقابلات مع سجناء وفنانين وقادة روحيين حول العالم .
تعريف كيلتنر للرهبة:"الشعور بوجود شيء شاسع يتجاوز فهمك الحالي للعالم، مما يجعلك تشعر بصغر الذات واتصال حميم بالكون".
العلم، المصادر، التحول
1. العلم العصبي للرهبة: كيف يعيد الدماغ تشكيل نفسه؟
كشفت أبحاث كيلتنر أن تجارب الرهبة تُحدث تغييرات فسيولوجية وعصبية ملموسة:
تثبيط شبكة الوضع الافتراضي (DMN): وهي المنطقة الدماغية المسؤولة عن التفكير الذاتي والقلق. عند تثبيطها، يتراجع الإحساس بالذات الفردية، مما يخفف الاكتئاب ويعزز التواضع.
تفعيل العصب المبهم: الذي يحفز إفراز الأوكسيتوسين (هرمون الثقة)، ويقلل الالتهابات الجسدية، مما يدعم الصحة البدنية.
التزامن العصبي الجماعي: في التجارب الجماعية (مثل الحفلات الموسيقية)، تظهر أدمغة الحضور أنماطًا متطابقة، مما يعزز الإحساس بالوحدة.
2. المصادر الثمانية للرهبة (عجائب الحياة)
حدد كيلتنر 8 فئات رئيسية لمحفزات الرهبة، جمعها من آلاف القصص العالمية:
المصدر | الأمثلة | التأثير الرئيسي |
---|---|---|
الجمال الأخلاقي | شجاعة الأمهات، تضحيات الجنود، نزاهة المناضلين (مثل نيلسون مانديلا) | يثير الفضيلة ويحفز السلوك الاجتماعي |
الابتهاج الجماعي | الحفلات الموسيقية، المظاهرات السلمية، الصلوات الجماعية | يعزز التماسك الاجتماعي ويقلل العزلة |
الطبيعة | الغابات، المحيطات، الكسوف، التنوع البيولوجي | يذكر البشرية بصغرها ويحفز الحفاظ على البيئة |
الموسيقى | الألحان التي تسبب القشعريرة (مثل موتسارت)، الترانيم الروحية | يوحد المشاعر عبر الثقافات |
الفن والعمارة | كاتدرائيات العصور الوسطى، أعمال غوغان، التصاميم المعاصرة (مثل مسجد الحسن الثاني) | يجسد الجمال المتجاوز للثقافة |
الروحانيات | التأمل، الصلوات، التجارب الصوفية | يوسع الإدراك نحو الماورائيات |
الحياة والموت | الولادات، لحظات الوفاة، الصمود أمام المرض | يعيد تعريف المعنى الوجودي |
الاستبصار | الاكتشافات العلمية، البصائر الفلسفية، لحظات "يوريكا" | يحرر العقل من الأفكار النمطية |
مفارقة مدهشة:وجد كيلتنر أن السجناء في سان كوينتن (أحد أخطر السجون الأمريكية) يختبرون الرهبة أكثر من الأثرياء! عبر تلاوة القرآن أو الغناء في الكورال، مما يثبت أن الرهبة "مجانية ومتاحة للجميع".
3. الرهبة كأداة للتحول الشخصي والاجتماعي
التواضع: تقليص الأنا يسهل التعلم من الآخرين.
الإبداع: تحفيز الدماغ على رؤية الأنماط الخفية (مثال: تأثير الرهبة على ابتكارات بيكسار في فيلم "Inside Out" الذي شارك كيلتنر في استشارته).
الشفاء من الصدمات: في حالة كيلتنر، ساعدته لحظة وفاة أخيه على "اختراق الحدود بين الذات والكون" والشعور بـ "الدفء الكوني" الذي خفف أحزانه.
الجانب المظلم للرهبة
رغم تفاؤل الكتاب، يناقش كيلتنر بصدق مخاطر الرهبة عندما تُختطف:
التوظيف السياسي: استخدم الفاشيون العمارة الضخمة (مثل تصميمات مارتشيلو بياشينتي) والتجمعات الجماعية لترهيب الشعوب.
التسلط العسكري: استراتيجية "الصدمة والرهبة" الأمريكية في العراق حوّلت العاطفة إلى أداة قمع.
الطائفية: بعض الخطابات الدينية تحصر الرهبة في "الخوف من الله" فقط.
تحذير كيلتنر:"الرهبة ليست بطبيعتها أخلاقية... قيمتها تُحدد بكيفية توظيفنا لها".
تطبيقات عملية: كيف تصنع الرهبة يوميًا؟
يقترح كيلتنر تمارين قائمة على الأدلة العلمية:
مشروع الجمال الأخلاقي: تتبع قصص العطاء (مثل منصات Good News Network).
نزهات الدهشة (Awe Walks): السير في الطبيعة بتركيز كامل على التفاصيل الصغيرة (ورقة شجر، صوت عصفور).
طقوس السمو الجماعي: تنظيم حلقات غناء أو رقص جماعي، حتى عبر الإنترنت.
متحف الرهبة الشخصي: جمع صور/قطع تذكرك بلحظات الدهشة (صورة جَدّ، صخرة من رحلة).
الرهبة كفلسفة حياة
يختتم كيلتنر بحجة وجودية: في عصر اللامعنى والانقسام، تصبح الرهبة "ضرورة بيولوجية". ليست رفاهية، بل أداة بقاء تعيد توصيلنا بـ:
أنفسنا ( عبر كسر حجاب الروتين)،
الآخرين (بتحفيز التعاطف)،
الكوكب (بتعزيز الإيكولوجيا العميقة).
وصية كيلتنر الأخيرة:"ابحث عن الرهبة... فهي حولك في همسات الأشجار، ضحكات الأطفال، وحتى في صمت الفقدان. في عين الرهبة، نرى أفضل ما في إنسانيتنا
0 تعليقات