"The Dictator's Handbook: Why Bad Behavior Is Almost Always Good Politics"
الكتاب والمؤلفين
يعد كتاب "The Dictator's Handbook: Why Bad Behavior Is Almost Always Good Politics" (دليل الديكتاتور: لماذا يكون السلوك السيء دائمًا سياسة جيدة) من المؤلفات الثورية في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية.
صدر الكتاب عام 2011 عن دار النشر "PublicAffairs"، وهو من تأليف بروس بونو دي ميسكيتا وأليستير سميث، وهما أستاذان بارزان في العلوم السياسية بجامعة نيويورك.
يتمتع المؤلفان بخلفية أكاديمية غنية، حيث كانا قد عملا سابقًا على تطوير نظرية "الانتخابية" (Selectorate Theory) في الكتاب الأكاديمي "The Logic of Political Survival".
الكتاب يقدم رؤية واقعية وقاسية للغاية للسياسة، مبتعدًا عن المثالية والأخلاقيات ومركزًا على القواعد العملية التي تحكم سلوك القادة في جميع الأنظمة، سواء كانت ديمقراطية أو استبدادية.
الفرضية الأساسية للكتاب بسيطة لكنها عميقة: الهدف الرئيسي لأي قائد هو الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها لأطول فترة ممكنة، وكل فعل يقوم به يمكن تفسيره عبر هذه العدسة.
يستند الكتاب إلى أمثلة تاريخية ومعاصرة من جميع أنحاء العالم، من روما القديمة إلى كوريا الشمالية الحديثة، لاستخلاص قواعد عالمية للحكم.
حظي باهتمام إعلامي ونقدي كبير، وتمت مقارنة أسلوبه بأسلوب كتب مثل "Freakonomics" لوضوحه وجرأته.
كما ألهم سلسلة وثائقية على Netflix بعنوان "How to Become a Tyrant". يعتبر الكتاب بمثابة نسخة شعبية مبسطة للنظرية الأكاديمية التي طورها المؤلفان، مما يجعله في متناول القارئ غير المتخصص.
الإطار النظري: القواعد الخمس للسلطة
يقدم المؤلفون خمس قواعد أساسية يزعمون أنها تنطبق على جميع القادة، بغض النظر عن النظام السياسي أو الثقافة أو الأيديولوجيا. هذه القواعد هي المفتاح لفهم "دليل الديكتاتور":
اجعل تحالفك المنتصر (Winning Coalition) صغيرًا قدر الإمكان: التحالف المنتصر هو مجموعة الأشخاص الأساسيين الذين يعتمد عليهم القائد للبقاء في السلطة. كلما كان هذا التحالف أصغر، قل عدد الأشخاص الذين يحتاج القائد إلى إرضائهم، وزادت سيطرته عليهم، وقلت التكلفة المطلوبة لشراء ولائهم. هذا يعطي الديكتاتوريات ميزة في استقرار السلطة مقارنة بالديمقراطيات.
اجمعية الناخبين الاسميين (Nominal Selectorate) كبيرة قدر الإمكان: هذه هي مجموعة الأشخاص الذين يحق لهم نظريًا اختيار القائد (مثل الناخبين المسجلين). وجود مجموعة كبيرة يسمح للقائد باستبدال أي من مؤيديه الأساسيين إذا أصبحوا مشاغبين أو طالبوا بالمزيد، مما يرسل رسالة مفادها أنهم قابلون للاستبدال بسهولة.
تحكم في تدفق الإيرادات (Control the flow of revenue): من الأفضل للقائد أن يتحكم في الثروة ويحدد من يأكل منها، بدلاً من وجود كعكة اقتصادية كبيرة يمكن للشعب أن يطعم نفسه منها. السيطرة على الخزينة والموارد تمكن القائد من شراء الولاءات.
ادفع لمؤيديك الأساسيين ما يكفي فقط للحفاظ على ولائهم (Pay your key supporters just enough): المؤيدون سيبقون أوفياء طالما أن المكافآت التي يتلقونها تفوق ما يمكن أن يحصلوا عليه تحت قائد آخر. يجب الحذر من دفع أكثر من اللازم أو أقل من اللازم.
لا تأخذ المال من جيوب مؤيديك الأساسيين لتحسين حياة العامة (Don’t take from your supporters' pockets to help the public): القادة يعتمدون على المؤيدين الأساسيين وليس العامة للبقاء في السلطة، فإن تحسين حياة العامة على حساب النخبة هو خطأ قاتل. القاعدة الذهبية هي: "يمكنك إثراء حياة الناس، ولكن يجب أن يكون ذلك من جيبك الخاص، وليس من جيب تحالفك".
القواعد الخمس وكيفية تطبيقها في الأنظمة المختلفة:
القاعدة | التطبيق في الديكتاتورية | التطبيق في الديمقراطية |
---|---|---|
تحالف منتصر صغير | الاعتماد على بضع عشرات من الجنرالات أو أفراد العائلة | محاولة تقليص قاعدة التأييد عبر التلاعب بالدوائر الانتخابية |
مجمع ناخبين اسمي كبير | إجراء انتخابات صورية بها ملايين الناخبين لخلق بدائل قابلة للاستبدال | توسيع حقوق التصويت لزيادة مجموعة الناخبين المحتملين |
السيطرة على الإيرادات | السيطرة على موارد الدولة مثل النفط أو المعادن أو نظام الضرائب | معارك سياسية حول قانون الضرائب ومصادر تمويل الحكومة |
دفع ما يكفي للمؤيدين الأساسيين | منح امتيازات اقتصادية ومناصب حكومية رفيعة للنخبة الحاكمة | توجيه الإنفاق العام نحو المشاريع التي تفيد القاعدة الانتخابية |
عدم نزع المال من المؤيدين لصالح الشعب | إهمال الصحة والتعليم العام لصالح تعويض النخبة | مقاومة السياسات التي تزيد الضرائب على الأغنياء لتمويل خدمات اجتماعية |
هذه القواعد لا تعني أن جميع القادة أشرار بطبيعتهم، ولكن النظام السياسي يخلق حافزًا يجعل "السلوك السيئ" (من منظور الأخلاق العامة) سياسة جيدة لبقاء القادة.
الأبعاد الثلاثة للسلطة: الجماهير، المؤثرون، الأساسيون
لفهم كيفية عمل هذه القواعد، يقدم المؤلفون إطارًا تحليليًا يحدد ثلاث فئات من الأشخاص في أي نظام سياسي:
الاختياريون الاسميون (Interchangeables) أو الجماهير: هم كل من لديه حق رسمي في اختيار القائد، مثل الناخبين المسجلين. في الديمقراطيات، هذه المجموعة كبيرة جدًا. في الأنظمة الاستبدادية، قد تكون كبيرة أيضًا (كما في الانتخابات الصورية)، لكن الفرد فيها لا يملك أي تأثير حقيقي. هم "قابلون للاستبدال" لأن فقدان دعم أي فرد منهم لا يهدد القائد.
الاختياريون الحقيقيون (Influentials) أو المؤثرون: هم المجموعة التي تختار القائد فعليًا. في المملكة العربية السعودية، هم كبار أفراد العائلة المالكة. في الصين، هم أعضاء الحزب الشيوعي. في الولايات المتحدة، هم أعضاء الهيئة الانتخابية (Electoral College). هذه المجموعة أصغر من الجماهير.
التائبون الفائزون (Essentials) أو الأساسيون: هم مجموعة ضمن المؤثرين، ودعمهم أساسي وحيوي для بقاء القائد في السلطة. هم يملكون القدرة على الإطاحة به. تضم هذه المجموعة عادة كبار الجنرالات، وكبار المسؤولين الحكوميين، وأعضاء النخبة الاقتصادية. في الديمقراطيات، هذه المجموعة كبيرة (ملايين الناخبين الذين يحسمون الانتخابات). في الديكتاتوريات، هذه المجموعة صغيرة جدًا (قد لا تتعدى بضع عشرات).
بناءً على حجم هذه المجموعات، يعرف المؤلفون:
الديكتاتورية: هي نظام يعتمد على مجموعة صغيرة جدًا من الأساسيين، مستقاة من مجموعة كبيرة من الجماهير، ومجموعة صغيرة من المؤثرين.
الديمقراطية: هي نظام يعتمد على مجموعة كبيرة جدًا من الأساسيين ومجموعة كبيرة من الجماهير، تكون مجموعة المؤثرين فيها قريبة الحجم من الجماهير.
هذا الفرق الجوهري هو ما يفسر كل الاختلافات في السلوك والسياسات بين الأنظمة. في الديكتاتورية، المعركة هي على مكافآت خاصة (مناصب، أموال، امتيازات) لأن إرضاء مجموعة صغيرة يتطلب ذلك. في الديمقراطية، المعركة هي على السياسات والفكر لأن إرضاء الملايين يتطلب وعودًا بتحسين الخدمات والمرافق العامة.
كيف يصل القادة إلى السلطة؟
الوصول إلى السلطة يتبع عملية من ثلاث خطوات رئيسية، سواء للديمقراطيين أو الطغاة:
إزاحة القائد الحالي: يجب أولاً التخلص من الحاكم القائم. يمكن تحقيق ذلك عبر:
الانتظار حتى وفاته (أفضل توقيت، حيث تضعف ولاءات المؤيدين مع قرب نهاية عهد القائد).
الاستفادة من أزمة (اقتصادية، صحية، سياسية).
إقناع مؤيدي القائد الحالي بالانقلاب عليه (عرض مكافآت أفضل تحت قيادتك).
الثورة أو الغزو العسكري (وهو الخيار الأكثر خطورة والأقل احتمالية للنجاح).
السيطرة على جهاز الدولة، وخاصة الخزينة: أهم خطوة هي السيطرة على وزارة المالية والخزينة والموارد الوطنية (النفط، المعادن). من يتحكم في المال يتحكم في القدرة على مكافأة المؤيدين وقمع المعارضين.
تشكيل تحالف من المؤيدين لدعمك في السلطة: يجب بناء تحالف مخلص من الأساسيين. غالبًا ما يتخلص القادة الجدد من التحالف الذي أوصلهم إلى السلطة لأنه يشعر بالقوة وقد يطالب بنصيب أكبر من الغنائم. الاستبدال بأشخاص مخلصين شخصيا للقائد الجديد (كأفراد العائلة) هو استراتيجية شائعة.
العامل الحاسم في كل هذه الخطوات هو الجيش. القائد الذي يسيطر على القوات المسلحة يمكنه قمع أي معارضة. كما note المؤلفان: "يمكن لأي شخص أن يسيطر على غرفة بها 100 شخص إذا كان لديه 5 مؤيدين مسلحين بأسلحة آلية. وسيظل في السلطة طالما أن المسلحين يدعمونه".
الثورات تنجح فقط عندما ترفض النخبة الحاكمة (الجيش بشكل أساسي) قمع المتظاهرين أو عندما تنشق لصالح المعارضة.
كيف يحتفظ القادة بالسلطة؟
الاحتفاظ بالسلطة أصعب من الوصول إليها. يتطلب إدارة مستمرة للتحالف الحاكم عبر مزيج من العصا والجزرة:
مكافأة الدعم (الجزرة): يجب على القادة تدفق التدفق المستمر للمكافآت إلى أساسيهم. في الديكتاتوريات، تكون هذه المكافآت خاصة (رشاوى، احتكارات تجارية، مناصب، أموال من الخزينة العامة). في الديمقراطيات، تكون المكافآت عامة (سياسات تعود بالنفع على قاعدة الناخبين، مثل تخفيض الضرائب أو تحسين البنية التحتية).
مثال: روبرت موغابي في زيمبابئ دمر الاقتصاد، لكن الجيش دائمًا ما كان يتقاضى رواتبه .
معاقبة المعارضة (العصا): الخوف من العقاب يردع الانشقاق. في الديكتاتوريات، تكون العقوبات قاسية وشخصية (السجن، التعذيب، الاغتيال). في الديمقراطيات، تكون العقوبات سياسية ومؤسسية (هزيمة الخصوم في الانتخابات، فضح الفضائح، عرقلة الترشيحات).
تهدئة الثورات: عندما تندلع الاحتجاجات، يكون رد فعل الديكتاتوريات هو القمع العنيف والسريع لإرسال رسالة مفادها أن التمرد لا طائل منه. أما في الديمقراطيات، فعادة ما يكون الرد وعودًا بإصلاحات أو تنازلات سياسية.
أخطر التهديدات التي توها القادة هي:
القادة الجدد: الذين لم يؤسسوا بعد شبكة ولاء قوية ولم يتعرفوا على مصادر التمويد.
القادة الضعفاء أو المسنون: حيث يبدأ المؤيدون في التشكيك في قدرته على الاستمرار في المكافأة والقيادة، فيبحثون عن بديل.
القادة المفلسون: عندما تجف مصادر التمويل، يفقد القائد القدرة على مكافأة مؤيديه، مما يفتح الباب للثورة.
الاقتصاد السياسي للسلطة: الإيرادات والإنفاق
لكي يكافئ القادة مؤيديهم، يحتاجون إلى المال. هناك ثلاث طرق رئيسية لتمويل الخزينة:
الضرائب: الديمقراطيات تميل إلى فرض ضرائب معتدلة نسبيًا لأن القائد يحتاج إلى إبقاء الجماهير منتجة وسعيدة. الديكتاتوريات تميل إلى فرض ضرائب عالية لأن القائد لا يهتم برفاهية العامة طالما ظلوا يعملون ولا يثورون. الهدف هو "فرض أكبر قدر ممكن من الضرائب دون الوصول إلى نقطة يتوقف فيها الناس عن العمل أو يثورون".
الإيرادات من الموارد الطبيعية (مثل النفط والماس): هذه هي أفضل مصدر للدخل للديكتاتور. تسمح له هذه الثروة بتمويل مؤيديه دون الحاجة إلى فرض ضرائب باهظة على العامة، مما يعني أنه لا حاجة لاستثمار في الصحة أو التعليم لتحسين الإنتاجية. هذا يخلق "لعنة الموارد" حيث تكون الدول الغنية بالموارد أقل ديمقراطية وأكثر فسادًا.
الاقتراض (من دول أجنبية أو مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي): القادة يستخدمون القروض لتمويل مكافآت مؤيديهم اليوم، تاركين للشعب أو للحكومات المستقبلية عبء سداد الديون.
بعد جمع الأموال، يتم إنفاقها في ثلاثة مجالات:
المنافع العامة (Public Goods): مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية. تنتفع منها كل المجتمع. الديمقراطيات تستثمر بكثافة فيها لأن القائد يعتمد على شعب كثير. الديكتاتوريات تستثمر الحد الأدنى منها فقط للحفاظ على إنتاجية العمال وكبح جماح السخط، وتفضل توجيه الأموال إلى المؤيدين.
المنافع الخاصة (Private Goods): مكافآت حصرية للمؤيدين الأساسيين (أموال، مناصب، امتيازات). هذا هو نوع الإنفاق المهيمن في الديكتاتوريات.
الإنفاق التقديري (Discretionary Spending): ما تبقى من أموال بعد مكافأة المؤيدين. يمكن للقائد أن يختار أن يكتنزه لنفسه أو ينفقه على تحسين حياة العامة (نادر في الديكتاتوريات).
المساعدات الخارجية والحروب
ينتقد المؤلفان بشدة المساعدات الخارجية المقدمة للدول الديكتاتورية. ويجادلان بأن هذه المساعدات تضر أكثر مما تنفع:
المساعدات تعمل كـ بديل للإيرادات للديكتاتور. هو يأخذ الأموال ويمول بها مؤيديه، بينما يقلل من إنفاقه على العامة. هذا يطيل من عمر الأنظمة القمعية.
حتى عندما تكون المساعدات مخصصة لمشاريع تنموية، فإن الحكومة المستفيدة يمكنها ببساطة تحويل الأموال التي كانت ستنفقها على ذلك المشروع إلى مكافآت للمؤيدين، بينما تستخدم المساعدات لتمويل المشروع. النتيجة الصافية هي زيادة في ثروة النخبة، وليس تحسنًا في حياة العامة.
الحل الذي يقترحه المؤلفان هو ربط المساعدات بالإصلاح الديمقراطي الحقيقي وزيادة حجم التحالف الحاكم، وليس مجرد إجراء انتخابات صورية.
فيما يتعلق بالحرب، فإن كلا من الديمقراطيات والديكتاتوريات تحارب لنفس السبب: البقاء في السلطة.
الديكتاتوريات تحارب غالبًا من أجل الغنائم (الأرض، العبيد، الكنوز) التي يمكن استخدامها لمكافأة المؤيدين.
الديمقراطيات تحارب غالبًا من أجل فرض سياسات تريدها ناخبوها (مثل نشر الديمقراطية، حماية المصالح الاقتصادية).
المفارقة هي أن الديمقراطيات في الواقع تفضل التعامل مع الديكتاتوريات لأنها أسهل في "الشراء". يمكن لديمقراطية أن تدفع رشوة لديكتاتور لتغيير سياسة ما، بينما سيتطلب إقناع جمهور كبير في دولة ديمقراطية بتغيير سياسة ما تكلفة باهظة.
لماذا الديمقراطية أفضل؟
على الرغم من أن الكتاب يصور جميع القادة على أنهم يتبعون قواعد أنانية، إلا أنه يخلص إلى أن الديمقراطية هي النظام الأفضل لتحسين رفاهية الشعب.
في الديمقراطيات، لأن التحالف الحاكم كبير، فإن القائد مُجبر على توجيه الموارد نحو توفير منافع عامة عالية الجودة (تعليم، صحة، بنية تحتية، اقتصاد قوي) لكسب رضا الناخبين والاحتفاظ بأصواتهم.
في الديكتاتوريات، لأن التحالف الحاكم صغير، فإن القائد مُجبر على نهب الثروة الوطنية وتوجيهها إلى جيوب النخبة، مما يؤدي إلى اقتصاد ضعيف، وفقر واسع النطاق، وفساد مستشري.
therefore، فإن الطريقة الأفضل لتحسين حياة الناس هي توسيع حجم التحالف الحاكم (جعل النظام أكثر ديمقراطية). كلما زاد عدد الأشخاص الذين يحتاج القائد إلى إرضائهم، زادت جودة الحياة للجميع.
تقييم للكتاب
على الرغم من نجاح الكتاب، فإنه واجه بعض الانتقادات:
نظرة سوداوية مفرطة: يتهمه البعض بتقديم نظرة ميكيافيلية بحتة للسياسة، تتجاهل أي دور للأيديولوجيا أو القيم الأخلاقية أو المصلحة الوطنية الحقيقية لدى بعض القادة.
تبسيط: يعتمد على نماذج نظرية قد لا تلتقط التعقيد الكامل للواقع السياسي والثقافي. بعض المصطلحات قد تكون محيرة أحيانًا.
أخطاء واقعية: بسبب النطاق الواسع للأمثلة، وقع الكتاب في بعض الأخطاء التاريخية الطفيفة.
ومع ذلك، يقر معظم النقاد بأن الكتاب "مثير للفكر" و"مضيء"، خاصة في تحليله للأنظمة الاستبدادية في العالم النامي.
قوته تكمن في قدرته على اكتشاف النمط العالمي وراء سلوكيات سياسية تبدو غير عقلانية أو شريرة، وعرضه بطريقة واضحة وواقعية.
الدروس المستفادة وآفاق التغيير
يختم المؤلفان كتابهما بتفاؤل حذر. على الرغم من قسوة القواعد، فإن فهمها هو أول خطوة نحو إصلاح الأنظمة السياسية.
الحل لا يتمثل في البحث عن "أبطال" أخلاقيين ليحكموا، بل في تغيير هيكل الحوافز الذي يواجهه القادة.
على المستوى الدولي: يجب ربط المساعدات والعلاقات الدولية بتحقيق إصلاح ديمقراطي حقيقي يوسع قاعدة السلطة، وليس بدعم ديكتاتوريات سهلة المراس ولكنها قمعية.
على المستوى المحلي: يجب على المواطنين في الديمقراطيات فهم أن قادتهم يستجيبون لرغباتهم. إذا رغب الناخبون في سياسات خارجية أخلاقية أكثر، فعليهم مكافأة القادة الذين يطبقونها.
في المؤسسات غير السياسية (كالمؤسسات corporations): يمكن تطبيق الدروس ذاتها. جعل المديرين التنفيذيين مسؤولين أمام قاعدة أوسع من المساهمين (وليس فقط أمام مجلس إدارة صغير) يقلل من الفساد ويزيد من قيمة المساهمين على المدى الطويل.
الكتاب هو دعوة للواقعية والوضوح. إنه يذكرنا بأن السلطة تفسد، لكن الأهم أن النظام الذي يعتمد على عدد قليل من الأشخاص هو الذي يجذب الفاسدين إلى السلطة في المقام الأول.
لذلك، فإن العلاج هو بناء أنظمة حيث تكون السلطة مبعثرة ويعتمد القادة على دعم الكثيرين، وليس القلة.
0 تعليقات