"الحضارة السومرية" للدكتور خزعل الماجدي
رؤية المؤلف وأهمية الحضارة السومرية
وصف الماجدي الحضارة السومرية بأنها "حضارة الأصول"، فهي أول حضارة بشرية في العصور التاريخية (نشأت حوالي 4000 ق.م)، وليست وافدة من الخارج بل نتاج تطور محلي لوادي الرافدين عبر آلاف السنين.
يرفض المؤلف نظريات الهجرة الخارجية (من إيران أو الجزيرة العربية) ويرى أن السومريين هم أحفاد الثقافات النيوليتية المحلية، خاصةً "حضارة سامراء" (6500 ق.م) التي هاجرت جنوباً بسبب الجفاف .
يوضح الكتاب أن أهمية سومر تكمن في كونها "بذرة الروح الإنساني الأول"، حيث وضعت الأسس للحضارات اللاحقة عبر اختراعاتها المؤسِّسة للأنساق الحضارية .
الفصل الأول: الجغرافيا والتكوين الإثني
البيئة الطبيعية:
نشأت سومر في جنوب العراق الحالي بين دجلة والفرات، في منطقة أطلق عليها السومريون "كي إين جي" (أرض أحراش القصب). اعتمدت على أنظمة ري متطورة لتعويض شح الأمطار، لكنها عانت لاحقاً من تملُّح التربة الذي أضعف إنتاجها الزراعي وساهم في انهيارها .التكوين الإثني:
يُعرِّف الماجدي السومريين بأنهم "ذوو الرؤوس السوداء" (صاغة)، ويربط هذه التسمية بطقوس حداد مرتبطة بالإله "ديموزي" (تموز)، حيث كانوا يتركون خصلة شعر سوداء مميزة تُعرف بـ "زيان الحواف" .
الفصل الثاني: التطور التاريخي والسياسي
مراحل التطور:
يقسم الماجدي التاريخ السومري إلى خمس مراحل:مرحلة الأصول (ثقافات العبيد والسامرائيين).
عصر دول المدن (كيش، أوروك، أور).
توحيد أول دولة تحت حكم لوكال زاكيزي (2350 ق.م).
الإمبراطورية الأكدية بقيادة سرجون الأكدي (2270 ق.م).
إحياء سومري تحت سلالة أور الثالثة (2112–2004 ق.م) .
الإنجازات السياسية:
ابتكار نظام دولة المدينة (City-State) مع هياكل إدارية معقدة.
وضع أول القوانين المكتوبة مثل قانون أور نمو (2113–2096 ق.م)، الذي استبدل العقوبات الجسدية بالغرامات المالية .
جدول: أهم سلالات المدن السومرية حسب الكتاب :
المدينة | عدد الملوك | أبرز الحكام |
---|---|---|
كيش | 23 | أكا (خصم كلكامش) |
أوروك | 13 | كلكامش، لوكال زاكيزي |
أور | 5 | أور نمو، شولكي |
لكش | 6 | أوروكاجينا |
الفصل الثالث: البنية الاجتماعية والاقتصادية
الطبقات الاجتماعية:
ضمت المجتمع السومري ثلاث طبقات:النخبة (الكهنة، الأمراء).
المواطنون الأحرار (التجار، الحرفيون).
العبيد (أسرى الحروب) .
الاقتصاد والزراعة:
اعتمد على الزراعة المروية، وابتكر السومريون أول تقويم زراعي في نيبور.
طوَّروا صناعة الفخار والعجلة، ونشطوا في التجارة الخارجية مع دول مثل مجان (عُمان) ودلمون (البحرين) .
استخدموا الشيقل والمنّ كأقدم عملات معروفة .
الفصل الرابع: الدين والأساطير
المعتقدات الدينية:
آمن السومريون بـ "البانثيون" (مجمع آلهة) يرأسه "أنو" (إله السماء)، وضم آلهة مثل "إنليل" (إله الهواء) و"إنكي" (إله المياه). وكانت مدينة نيبور مركزاً دينياً مهماً .الأساطير المؤثرة:
أسطورة "إنانا ودموزي" (تموز) التي رمزت لدورة الحياة والموت.
أسطورة "الطوفان" التي ظهرت لاحقاً في الأديان الإبراهيمية.
ملحمة "كلكامش" التي تناولت البحث عن الخلود .
يرى الماجدي أن أساطير سومر "أصيلة وعفوية"، unlike الأساطير الإغريقية "المُصَنَّعة" .
الفصل الخامس: الإنجازات الثقافية والعلمية
اللغة والكتابة:
ابتكر السومريون الكتابة المسمارية (3200 ق.م)، وهي أقدم نظام كتابة في العالم، ودوَّنوا بها السجلات التجارية والنصوص الأدبية .الآداب والعلوم:
أنتجوا أدباً غنائياً مثل مراثي مدينة أور.
طوروا أنظمة رياضية (الستينية لقياس الزوايا والزمن).
أسسوا رصداً فلكياً مرتبطاً بالطقوس الدينية .
الفنون:
تميزت المنحوتات السومرية (مثل تماثيل جوديا) بالواقعية والتعبير الروحي .
الفصل السادس: العسكرية والعلاقات الدولية
الجيش:
اعتمد على المشاة والعربات الحربية، واستخدم أسلحة مثل الحراب والخوذات النحاسية. بدأ السومريون بحروب دفاعية ثم تحولوا للهجوم خلال عصر الإمبراطورية .الصراعات:
واجهوا تهديدات من العيلاميين (شرقاً) والأموريين (غرباً)، الذين أسقطوا سلالة أور الثالثة حوالي 2000 ق.م .
الفصل السابع: أسباب الانحدار والإرث
عوامل الانهيار:
الملوحة المتزايدة للأراضي الزراعية.
الغزوات الخارجية (الأموريون والعيلاميون).
ضعف القيادة في نهاية عصر أور الثالثة .
الإرث الحضاري:
نقل السومريون نموذج دولة المدينة والقوانين إلى بابل وآشور.
بقيت أساطيرهم حية في الأديان اللاحقة، مثل قصة الطوفان وآدم .
لا تزال بعض تقاليدهم موجودة في جنوب العراق، مثل تعليق "الخُضْرُمَة" (خرزة خضراء) كرمز للخير .
الخاتمة: تقييم الكتاب وأهميته
يُعد كتاب الماجدي المرجع العربي الأشمَل عن الحضارة السومرية، حيث يجمع بين:
العمق الأكاديمي: كونه نتاج 6 مؤلفات سابقة للمؤلف عن سومر .
الرؤية التحليلية: تفنيده لنظريات الهجرة وتأكيده على الأصل المحلي.
الشمولية: تغطيته لكل جوانب الحضارة في 700 صفحة .
يختتم الماجدي بالإشارة إلى أن السومريين "لم يهبطوا من السماء"، بل هم ثمرة جهد إنساني متواصل يجب أن تفتخر به البشرية جمعاء .
"سومر حضارة البدايات والأصول والاستكشافات الأولى... وهي بذرة الروح الإنساني الأول" – خزعل الماجدي
____________________________________
المصادر
١. ETCSL - Electronic Text Corpus of Sumerian Literature
٢. History Begins at Sumer (PDF)
٣. The Sumerians: Their History, Culture, and Character
٤. Treasures of Darkness: A History of Mesopotamian Religion
٥. Mesopotamia: Writing, Reasoning, and the Gods
٦. Cuneiform Tablets Collection (British Museum)
٧. The Code of Ur-Nammu (ETCSL)
0 تعليقات