"حافظ وشوقي" لطه حسين
عن الكتاب والسياق التاريخي
يقدم طه حسين في هذا الكتاب دراسة نقدية لشخصيتين رئيستين في نهضة الشعر العربي الحديث: أحمد شوقي (أمير الشعراء) وحافظ إبراهيم (شاعر النيل). يرصد الكتاب دورَهما في إحياء الشعر العربي خلال القرن العشرين، حيث أعادا له "نضرته ونشاطه" بعد فترة من الجمود، مع التأكيد على أن جهدهما تركز على التقليد أكثر من الابتكار .
المنهج النقدي للكتاب
اتسم تحليل طه حسين بالحياد والموضوعية رغم علاقته المتوترة مع شوقي، حيث حاول:
توخي الإنصاف: تقديم نقده كـ"مرآة صادقة" تُبرز الإيجابيات والسلبيات دون تحيز .
رصد الأخطاء الفنية: كضعف الصور الشعرية وتكرار الموضوعات أو الألفاظ .
الاعتراف بالمكانة: الإشادة بدورهما في تشكيل مدرسة الإحياء بقيادة البارودي، مع الإقرار بأنهما "استعارا مجدهما الفني من القدماء" .
أبرز محاور النقد
1. نقد شعر حافظ إبراهيم
إيجابياته:
تميزه بـ"الذكاء اللفظي" وسرعة البديهة في الارتجال.
قدرته على التعبير عن هموم العامة (كقصيدة "اللغة العربية تنعي حظها").
تفوقه في الإلقاء وجذب الجمهور .
سلبياته:
افتقاره للأصالة بسبب تقليد القدماء، خاصة في الموضوعات التقليدية كالمدح والرثاء.
ضعف البناء العضوي لقصائده، حيث وصفه طه حسين بأنه "بدأ متبعًا أسلوب التقليد" .
2. نقد شعر أحمد شوقي
إيجابياته:
غنى لغته وجمال صوره، خاصة في الشعر الوطني والمسرحيات الشعرية.
تنوع موضوعاته بين التاريخي والاجتماعي .
سلبياته:
ميله للمحافظة على الأطر الكلاسيكية رغم دراسته في فرنسا.
تكرار الأخطاء في بعض التشبيهات، كمقارنته بين مصطفى كمال والخلفاء دون مراعاة الفوارق التاريخية .
3. العلاقة بين الشاعرين: التنافس والمحبة
يسلط الكتاب الضوء على طبيعة العلاقة بينهما، والتي جمعت بين:
المنافسة الفنية: مثل هجاء حافظ لشوقي: "يقولون إن الشوق نار ولوعة/ فما بال شوقي أصبح اليوم باردًا".
التقدير المتبادل: رغم سخرية شوقي من حافظ ("أودعت كلبًا وإنسانًا وديعة...")، إلا أنه مدحه قائلًا: "يا حافظ الفصحى وحارس مجدها" .
أهمية الكتاب في النقد الأدبي
نموذج للحيادية: يُعد الكتاب مثالًا على نقدٍ يتحرر من العداء الشخصي، حيث أنزل طه حسين كل شاعر "المنزلة التي يستحقها" .
تحليل بنيوي متقدم: ركز على مفاهيم مثل "الذوق العام" و"الذوق الشخصي"، وكيفية تأثرهما بالبيئة والثقافة .
توثيق لمرحلة أدبية: يقدم رؤية لتطور الشعر العربي من خلال أهم ممثليه، مع الإشارة إلى إسهامات مدرسة الإحياء .
تفاصيل النشر
صدر الكتاب لأول مرة عام ١٩٣٣، ثم أعادت "مؤسسة هنداوي" نشره عام ٢٠١٤ .
يقع في 138–224 صفحة، وفقًا لاختلاف الطبعات .
"على الرغم من أن علاقة طه حسين مع أحمد شوقي لم تكن جيدة، إلا أنه حاول التزام الحَيْدة والإنصاف؛ فجاء كتابه نقدًا أمينًا لهذين العَلمين" .
يظل هذا العمل مرجعًا أساسيًا لفهم تحولات الشعر العربي الحديث والتفاعل بين التقليد والابتكار في بدايات القرن العشرين، كما يبرز دور طه حسين في تأسيس النقد الموضوعي القائم على التحليل العلمي بعيدًا عن الانطباعية
أقرأ أيضاَ
0 تعليقات