دياسبورا لـجريج إيغان

ديسابورا


 دياسبورا (Diaspora) لـ جريج إيغان

عالم ما بعد الإنسانية

تدور أحداث رواية دياسبورا (نشرت عام ١٩٩٧)  في القرن الثلاثين (حوالي عام ٢٩٧٥ حسب التوقيت العالمي)، حيث تطورت البشرية إلى ثلاثة فروع متباينة:

  1. اللحميون (Fleshers): بشر بيولوجيون يعيشون على الأرض، منهم:

    • الجامدون (Statics): يحافظون على الشكل البشري التقليدي.

    • المتحمسون (Exuberants): يعدلون أجسادهم جينياً للعيش في البحر أو الهواء.

    • قردة الأحلام (Dream Apes): تخلوا عن الكلام وقدرات التفكير العليا ليعيشوا حياة بدائية.

  2. الغليسنر (Gleisners): عقول بشرية داخل أجساد روبوتية قابلة للتجديد، يعيشون في الفضاء ويستكشفون الكواكب.

  3. مواطنو المدن الإلكترونية (Polis Citizens): كيانات برمجية تعيش في مدن افتراضية تسمى المدن (Polises)، تمثل الأغلبية العظمى من "البشرية".


 ولادة اليَتيم واستكشاف العالم

تبدأ الرواية بـ "ولادة الأيتام" (Orphanogenesis)، وهي عملية خلق كيان رقمي دون أسلاف. الشخصية المحورية ياتيما (Yatima) تُولد من بذرة عقل (Mind Seed) طافرة في مدينة كونيشي (Konishi) الإلكترونية. خلال أيام فقط (بسبب تسارع الزمن الذاتي للكيانات الرقمية)، تنضج ياتيما وتستكشف عالمها:

  • مناجم الحقيقة (Truth Mines): تمثيل مجازي للرياضيات المجردة، تُعلّمها مُرشدتها راديا (Radiya).

  • زيارة الأرض: تقترح صديقتها إينوشيرو (Inoshiro) زيارة مستعمرة بشرية في أطلنطا باستخدام أجساد غليسنر مهجورة. هناك، يلتقيان بـ أورلاندو وليانا، قائدَي مجتمع "الجسور" (Bridgers)، الذين يحاولون التوفيق بين أشكال البشرية.

 الشخصيات الرئيسية

الشخصيةالهويةالسمات الرئيسية
ياتيماكيان يتيم في كونيشيشغوف بالرياضيات، يتخذ شكل راعٍ إفريقي
إينوشيروصديق ياتيمافنان متمرد، يتخذ جسدًا معدنيًا
بلانكافيزيائية في كونيشيخبيرة في نظرية كوزوك، تتخذ شكل ظل أسود
كربالفلكي غليسنريكتشف كارثة لاكرتا، يتحول لاحقًا إلى كيان رقمي

كارثة لاكرتا (Lacerta Event)

بعد ٢١ عامًا، يكتشف الفلكي كربال (Karpal) - وهو غليسنر يعيش على القمر - أن نظام نجمين نيوترونيين في كوكبة العظاءة (Lacerta) سيتصادم قبل موعده المتوقع بسبعة ملايين سنة، مُطلقًا انفجارًا لأشعة غاما سيدمر الغلاف الجوي للأرض خلال ٤ أيام.

  • تنزل ياتيما وإينوشيرو إلى الأرض لتحذير اللحميين، لكنهم يواجهون الرفض والشك.

  • يتهمهم دبلوماسي جامد بالتخطيط لـ "الدخول الجماعي" (Introdus) - وهي هجرة قسرية إلى المدن الإلكترونية.

  • رغم إنقاذ بعض اللحميين (بما فيهم أورلاندو)، تُدمر الأرض وتُباد معظم أشكال الحياة.

عواقب الكارثة:

  1. الصدمة النفسية: تتبنى إينوشيرو نظرة فلسفية تجعلها غير مكترثة بالعالم المادي.

  2. الاستعداد للمستقبل: تدرك المدن الإلكترونية أنها قد تكون معرضة لخطر مماثل بسبب "انحرافات" في قوانين الفيزياء.


 التشتت (The Diaspora) والبحث عن الحقيقة

تُطلق مدينة كارتر-زيمرمان (Carter-Zimmerman) - المتخصصة في الفيزياء - مشروع دياسبورا: استنساخ ألف نسخة من المدينة وإرسالها إلى الفضاء البينجمي لاكتشاف سبب التصادم المبكر.

  • تنضم ياتيما وأورلاندو وكربال (الذي تحول إلى كيان رقمي) إلى الرحلة.

  • خلال القرون التالية، تكتشف إحدى النسخ كوكبًا غريبًا يحمل رسالة من كائنات تُدعى المحوِّلون (Transmuters):

    • الكوكب مُعدل كيميائيًا ليشفر تحذيرًا: خطر أكبر من لاكرتا قادم.

    • المحوِّلون كائنات قديمة تستطيع تعديل الجسيمات دون الذرية والسفر عبر الأبعاد المتعددة.

اكتشاف الأكوان المتعددة:

تتبع المجموعة أثر المحوِّلين إلى كوكب سويفت (Swift)، حيث يجدون:

  • حياة غريبة: كائنات تعتمد على نظائر ثقيلة (مثل الديوتيريوم والكربون-١٣) تختلف كيميائيًا عن الحياة الأرضية.

  • بوابة إلى ماكروكوزموس (Macrocosmos): كون أعلى أبعادًا، حيث يُصبح عالمنا المرئي مجرد "ذرة" فيه.

  • الهروب من الخطر: تكتشف البشرية أن الخطر الكوني يتطلب الهروب إلى هذا الماكروكوزموس عبر هندسة زمكانية معقدة.


المواضيع الفلسفية والعلمية

١. طبيعة الإنسانية في عصر ما بعد البيولوجيا:

  • مغزى الحياة: إذا كان الدافع البيولوجي (نشر الجينات) قد زال، فما الذي يحدد الرغبات والقيم؟.

  • النقد الاستعماري: تسخر المدن الإلكترونية من محاولات الغليسنر استعمار المجرة: "هذا ما تفعله البكتيريا ذات السفن الفضائية... بلا خيار أو فهم أفضل".

٢. الرياضيات والفيزياء كأساس للوجود:

  • نظرية كوزوك (Kozuch Theory): نموذج فيزيائي في الرواية يفترض أن الجسيمات الأولية هي "ثقوب دودية" في ستة أبعاد.

  • الأبعاد الأعلى: تُصوَّر الأكوان المتعددة عبر تمثيلات رياضية مجازية (مثل "قطبي بوينكاره").

٣. الهوية والجندر:

  • تستخدم الرواية ضمائر محايدة جندريًا (ve/vis/ver) مستوحاة من كيري هولم.

  • شخصيات مثل غابرييل (الذي يختار جنسًا ذكوريًا) تُعتبر "شاذة" في مجتمع المدن الإلكترونية.


التقييم النقدي والأسلوب

إسهامات الرواية في الخيال العلمي:

  • الخيال العلمي الصعب (Hard SF): تدمج مفاهيم فيزيائية حقيقية (مثل الموجات الثقالية) مع نظريات تخمينية (مثل الأكوان البرانية).

  • السرد غير التقليدي: تبدأ الرواية بفصل كامل عن "ولادة الأيتام" دون حبكة تقليدية، مما يجعلها تأملية في طبيعة الوعي.

ردود النقاد والقراء:

  • أشاد القراء بـ "توسيع آفاق الخيال العلمي" و"إطلاق العنان للإمكانيات الرياضية".

  • انتقد البعض تعقيد المفاهيم العلمية، مثل وصف أحد القراء: "يبدأ الأمر بفكرة يمكن استيعابها بصعوبة، ثم يتسارع بشكل أسّي!".


مستقبل البشرية

تنتهي بهروب ياتيما وبقية الناجين إلى الكون الأعلى، حيث:

  • يُصبح تهديد "الانقراض الكوني" مستحيلًا بسبب تعدد طبقات الواقع.

  • تُغادر البشرية تعريفها "البشري" لتصير كيانات قادرة على استكشاف لا نهائية الأكوان.

  • الرسالة الجوهرية: البقاء ليس هدفًا في ذاته، بل الاستمرار في البحث عن المعرفة هو ما يُعطي الحياة معنى، حتى لو تطلّب التخلي عن كل ما هو مألوف.

"غزو المجرة هو ما تفعله البكتيريا ذات السفن الفضائية... بلا فهم أفضل أو خيار آخر".


 النشر والترجمات

  • الطبعات البارزة:

    • الطبعة الأولى: أوريون/ميلينيوم (لندن، ١٩٩٧).

    • طبعة أمريكية: نايت شايد بوكس (نيويورك، ٢٠١٥).

  • الترجمات: اليونانية، الألمانية، الإيطالية، اليابانية، الإسبانية، البولندية، الفرنسية.

  • النسخ الرقمية: متاحة على كيندل، آبل بوكس، كوبو، وغيرها (منذ ٢٠١٣).

هي تحفة فكرية تتحدى حدود الخيال العلمي، وتطرح أسئلة وجودية في قالب من الرياضيات والفيزياء، مما يجعلها عملاً يستحق القراءة رغم صعوبته، وكما قال أحد القراء: "هذا كتاب يطيح بالعقل

إرسال تعليق

0 تعليقات