الاتجاه العقلي في التفسير

الاتجاه العقلي في التفسير

 

  "الاتجاه العقلي في التفسير: دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة" لنصر حامد أبو زيد

 مقدمة عامة عن الكتاب

هذا الكتاب هو في الأصل رسالة الماجستير التي قدمها نصر حامد أبو زيد (1943-2010م)، المفكر المصري المتخصص في الدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية.

 صدر الكتاب أول مرة عام 1996م، ثم أعيد نشره عام 2023م من قبل مؤسسة هنداوي. يعتبر الكتاب دراسة تأصيلية عميقة لدور الفكر الاعتزالي في تطوير مفهوم المجاز في القرآن الكريم، وكيف استخدم المعتزلة هذا المفهوم لنفي التصورات الشعبية عن الذات الإلهية وأفعالها.

 اعتمد أبو زيد بشكل رئيسي على مصادر أصلية للمعتزلة، خاصة مؤلفات القاضي عبد الجبار الأسد آبادي (ت. 415هـ) مثل موسوعة "المغني في أبواب التوحيد والعدل".

 إشكالية الكتاب

نصر حامد أبو زيد هو مفكر مصري  (مثير للجدل) بسبب بعض آرائه الدينية التي وصلت إلى اتهامه بالردة في منتصف تسعينيات القرن الماضي.

 كتابه هذا يحاول فيه الكشف عن العلاقة الوثيقة بين الفكر الاعتزالي وبحث المجاز في القرآن، معتبرًا أن المعتزلة كان لهم دور محوري في إنضاج هذا المفهوم البلاغي من خلال سعيهم الدؤوب لنفي التجسيم والتشبيه عن الله تعالى.

 وقد اعتمد أبو زيد على المصادر الأصلية للفكر الاعتزالي، مع مقارنة منهجهم بمناهج الفرق الأخرى مثل الأشاعرة.

هيكل الكتاب ومحتوياته الرئيسية

قسم أبو زيد كتابه إلى تمهيد وثلاثة فصول، كالتالي:

1. التمهيد: نشأة الفكر الاعتزالي

  • يحلل أبو زيد الظروف الاجتماعية والسياسية للمجتمع الإسلامي في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الهجري، والتي أدت إلى نشأة الفكر الاعتزالي.

  • يربط بين الواقع التاريخي وبين تبلور الفكر الاعتزالي بأبعاده المتعددة، مشيرًا إلى أن الخلافات السياسية (مثل خلافة عثمان وعلي ومعاوية) كانت الأرضية التي ولدت فيها فرق كلامية ذات خلفيات سياسية وعقائدية.

2.  العلاقة بين المعرفة والدلالة اللغوية عند المعتزلة

  • يناقش هذا الفصل الأسس المعرفية واللغوية التي اعتمد عليها المعتزلة في صياغة مفهوم الدلالة اللغوية.

  • يشير إلى أن المعتزلة رفعوا من شأن العقل وجعلوه مصدرًا رئيسيًا للمعرفة، مما انعكس على فهمهم للغة ودلالاتها.

  • يوضح أن الشروط التي وضعها المعتزلة لصحة الدلالة اللغوية كانت بمثابة مدخل طبيعي لمناقشة مفهوم المجاز.

3. الفصل الثاني: تطور مفهوم المجاز والانتقال في الدلالة

  • يتتبع أبو زيد التطور التاريخي لمفهوم الانتقال في الدلالة منذ المراحل الأولى لنشأة علم التفسير.

  • يبين كيف ساهم نضج المفاهيم البلاغية (مثل التشبيه والاستعارة والمجاز) في تأويل النص القرآني لخدمة الخلافات العقائدية بين الفرق الإسلامية.

  • يشير إلى أن المعتزلة استخدموا المجاز كأداة لتأويل الآيات التي يوحي ظاهرها بالتجسيم أو الجبر، لتتوافق مع أصولهم العقلية مثل التوحيد والعدل.

4.  المجاز والتأويل على المستويين المعرفي والديني

  • يكشف هذا الفصل بشكل أعمق عن العلاقة بين المجاز والتأويل، وكيف استخدم المعتزلة المجاز لتأويل النص القرآني لتجنب التشبيه والجبر.

  • يقارن بين منهج المعتزلة ومنهج الأشاعرة في التعامل مع النص القرآني، موضحًا أن المعتزلة اعتمدوا على العقل بشكل أكبر بينما مال الأشاعرة إلى النقل.

  • يذكر أن كلا الفريقين استخدما مفهومي "المحكم والمتشابه" لتأييد آرائهم العقائدية.

أفكار واستنتاجات

  • المجاز كأداة عقلانية: يؤكد أبو زيد أن المعتزلة طوروا مفهوم المجاز كأداة عقلانية لتأويل النص القرآني، بهدف نفي التصورات الشعبية عن الله تعالى التي تتضمن التجسيم أو التشبيه.

  • العلاقة بين اللغة والعقل: يبرز الكتاب الترابط الوثيق بين اللغة والعقل عند المعتزلة، حيث أن إعلاء شأن العقل قادهم إلى الاهتمام بالدلالات اللغوية والبلاغية.

  • المقارنة مع الأشاعرة: يعتمد أبو زيد على المقارنة بين المعتزلة والأشاعرة لإبراز خصوصية الفكر الاعتزالي، دون الخوض بشكل مفصل في أصول الأشاعرة.

  • أثر القرآن في البلاغة: يذكر الكتاب أن القرآن كان له أثر كبير في نشأة علم البلاغة وتحديد ماهية المجاز ووظيفته في التعبير البليغ .

جدل حول الكتاب وأفكار المؤلف

أثار نصر حامد أبو زيد جدلاً كبيرًا بسبب بعض آرائه، حيث اتهمه البعض بالردة والإلحاد. بعض النقاد يعتبرون أن أفكاره (مثل القول بأن النص الديني منتج ثقافي) تمثل تحدياً للمفاهيم الدينية التقليدية. هناك من يعتبر أن كتاباته تهدف إلى "تأويل علماني" للقرآن ينفي القداسة عن النص . 

ومع ذلك، يصر أبو زيد على أنه مسلم ويؤكد أن دراساته هي محاولة لفهم التراث الديني بشكل عقلاني.

خاتمة

يخلص الكتاب إلى أن المعتزلة قدموا منهجًا عقلانيًا في التفسير اعتمد على المجاز كأداة بلاغية لتأويل النص القرآني، مما ساهم في تطوير البلاغة العربية وفي تقديم فهم أكثر تجريدًا وتنزيهًا للذات الإلهية. يعتبر هذا الكتاب مرجعًا مهمًا لفهم تأثير الفكر الاعتزالي في الدراسات البلاغية والتفسيرية.


 مقارنات بين المعتزلة والأشاعرة في الكتاب

الجانبالمعتزلةالأشاعرة
مصدر المعرفةيعتمدون على العقل بشكل كبيريميلون إلى النقل والحديث
التوحيدينزهون الله عن أي تشبيه بالمخلوقاتيقبلون بعض الصفات بدون تكييف
المجازيستخدمونه بشكل واسع في التأويليقللون من استخدام المجاز
التأويليؤولون الآيات المتشابهة عقليًايفسرونها وفق الظاهر أحيانًا

مصادر:

للحصول على نسخة كاملة من الكتاب، يمكن تحميلها مجانًا من موقع هنداوي من هنا

إرسال تعليق

0 تعليقات