ملخص "الوفد والمستقبل" لفرج فودة

 


"الوفد والمستقبل" لفرج فودة 

 الكتاب والسياق التاريخي

طبع "الوفد والمستقبل" عام 1983 في مرحلة حرجة من تاريخ مصر، حيث كانت الأحزاب السياسية تعيد تشكيل نفسها بعد حكم السادات، وكان حزب الوفد التاريخي يحاول استعادة مكانته.

 فرج فودة، المهندس الزراعي المتحول إلى المفكر السياسي، قدّم في هذا العمل رؤيةً تَجمَع بين الحس الوطني العروبي والدعوة للتحديث السياسي

يقع الكتاب في 118 صفحة، لكنه يحمل أفكارًا ثورية حول مستقبل مصر السياسي، مع تركيز على دور الوفد كحامل لراية الليبرالية والمدنية .


الفصل الأول: الوفد كرمز للهوية المصرية

  • الوفد في عين فودة: يرى فودة أن الوفد ليس مجرد حزب سياسي، بل تجسيد لروح مصر التحررية منذ ثورة 1919. فهو الحزب الذي قاوم الاستعمار، ودافع عن الهوية المصرية الجامعة بين المسلمين والأقباط، ورفع شعار "الدين لله والوطن للجميع".

  • نقد التحالفات: يهاجم فودة بقوة تحالف الوفد لاحقًا مع جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات 1984، معتبرًا أن هذا الانحراف يهدد أسس الدولة المدنية التي قام عليها الحزب تاريخيًا. هذه النقطة ستكون سببًا لاستقالته لاحقًا من الوفد .

  • الوفد كـ "حزب الباشوات": يعترف فودة بأن النخبة الوفدية (مثل فؤاد سراج الدين) كانت بعيدة عن الشعب، لكنه يرى أن المبادئ التي حملتها – كالفصل بين السلطات وضمان الحريات – تظل صالحة للتجديد.


الفصل الثاني: رؤية فودة لمستقبل مصر (أسس الدولة المدنية)

هذا القسم يُعدّ جوهر الكتاب، حيث يطرح فودة مشروعًا متكاملًا لإصلاح الدولة المصرية:

  1. فصل الدين عن السياسة:

    • يرفض فودة أي نموذج ثيوقراطي، مؤكدًا أن الدولة المدنية وحدها تضمس حقوق المواطنة الكاملة لجميع الأطياف.

    • يشير إلى أن توظيف الدين في الصراع السياسي (كما فعلت الأحزاب الدينية) يُفجّر الانقسامات ويُضعف الوحدة الوطنية .

  2. العدالة الاجتماعية:

    • يحذّر من اتساع الفجوة الطبقية: "يزداد الأغنياء غنىً والفقراء فقرًا... مما يولد سخطًا يهدد الانتماء للوطن" .

    • ينتقد الفساد الضريبي: "أتحدى أن يقدم أي ثري إقرارًا ضريبيًا صحيحًا!".

  3. الإصلاح الاقتصادي:

    • يدعو لاقتصاد مختلط يجمع بين كفاءة السوق ودور الدولة الرقابي والتنموي، مع رفضه للرأسمالية المتوحشة والاشتراكية الشمولية معًا.

  4. الحريات العامة:

    • يؤكد أن حرية التعبير والإعلام والتعددية الحزبية هي الضمان الوحيد لتجنب الاستبداد.


الفصل الثالث: نقد الثورة وتجديد الخطاب السياسي

  • ثورة يوليو 1952: يعترف فودة بأنها جزء من تاريخ مصر، لكنه ينتقد تحولها إلى نظام شمولي ألغى التعددية: "سوف يضعها التاريخ في موضعها الصحيح بما لها وما عليها" .

  • جيل الصامتين: يصف فودة نفسه وأبناء جيله بأنهم "صامتون صادقون"، لكن الكتاب محاولة لكسر هذا الصمت وتقديم رؤية جيل يؤمن بالتغيير السلمي.

  • دور المثقفين: يطالب النخبة بمسؤولية تاريخية في مواجهة التطرف ونشر الوعي، وهو ما دفعه لاحقًا لتأسيس "الجمعية المصرية للتنوير" كمحاولة لتجسيد هذه الفكرة عمليًا .


الفصل الرابع: ردود الفعل وتأثير الكتاب

  • هجوم الأزهر: تعرض فودة لهجوم شرس من علماء الأزهر الذين رأوا في دعوته للدولة المدنية "كفرًا"، وطالبوا بعدم الترخيص لحزبه "المستقبل"، بل وأصدروا فتوى بتكفيره .

  • التأثير في الوسط الثقافي: رغم الخلافات، احتفظ مثقفون كبار مثل نجيب محفوظ بنسخة من الكتاب، كدليل على احترامهم لجُرأة أفكاره حتى مع اختلافهم مع بعضها .

  • الاغتيال كضريبة الفكر: في 1992، اغتيل فودة أمام مقر جمعيته التنويرية بتهمة "الردة" نتيجة أفكار هذا الكتاب وغيره، مما جعله شهيدًا للفكر الحر في مصر الحديثة .


الفصل الخامس: "الوفد والمستقبل" في الميزان النقدي

  • إشكالية التناقض: كيف يدافع فودة عن الوفد رغم انتقاده لتحالفه مع الإخوان؟ يرى بعض النقاد أن هذا يعكس رؤية مثالية للوفد "التاريخي" لا الواقعي.

  • الليبرالية الانتقائية: يتهمه البعض بتجاهل إخفاقات الليبرالية المصرية في تحقيق العدالة، واقتصار نقده على التيارات الدينية.

  • الرؤية النبوية: رغم كتابته قبل 40 عامًا، فإن تحذيراته من تحول الوفد إلى "دولة البدو" (في إشارة لسيطرة التيارات المحافظة) تبدو كتنبؤ بما حدث لاحقًا .


 عن الكتاب

  • الاستبداد والثورات: تنبأ فودة بأن إخفاق الدولة المدنية يؤدي لثورات (كـ 2011)، وأن الاستبداد يُنتج التطرف.

  • الدرس الأكبر: مصر لا تحتاج إلى "شعبوية دينية" أو "عسكرة سياسية"، بل إلى عقد اجتماعي جديد يقوم على المواطنة والدستور.

  • إرث فودة: جسّد بكلماته وحياته وموته مقولة: "الكلمة الحقّة في زمن الباطل هي الثورة الحقيقية".

جدول تلخيصي لأبرز أفكار الكتاب :

المحور الرئيسيالمضمونالنقد/التأثير
الوفدحامل مشروع الدولة المدنية منذ 1919تحالفه مع الإخوان شوّه رسالته
الدين والسياسةفصل تام لمنع استغلال الدين سياسيًااتهم بالإلحاد وتكفيره من الأزهر
العدالة الاجتماعيةإصلاح ضريبي ومواجهة الفساد الطفيليغياب آليات تطبيق واضحة
الحريةالتعددية والحريات العامة ضمان للديمقراطيةتجاهل إشكالية العلاقة مع العسكر
دور المثقفكسر الصمت ونشر التنويردفع حياته ثمنًا لموقفه

 فرج فودة - السيرة التي اختزلت الكتاب

  • المهندس الذي صار مفكرًا: وُلد في الزرقا (دمياط)، وحصل على دكتوراه في الاقتصاد الزراعي، تحول للفكر السياسي بعد رؤية أزمات مصر عن قرب .

  • من الوفد إلى التنوير: استقال من الوفد عام 1984، وأنشأ "الجمعية المصرية للتنوير" كمنصة فكرية بديلة.

  • الاستشهاد: في 8 يونيو 1992، اغتيل أمام مقر الجمعية، وقاتل الأطباء 6 ساعات لإنقاذه دون جدوى، بينما ألقي القبض على القتلة (من الجماعة الإسلامية) فورًا .

  • ما بعد الرحيل: صار رمزًا للمدافعين عن الدولة المدنية، لكن أفكاره ظلت مُهمَّشة في الواقع السياسي المصري.


مراجع إضافية للبحث:

  1. "نجيب محفوظ يتذكر" (جمال الغيطاني): وثّق علاقة محفوظ بفودة وإهداءه كتابه رغم الخلاف.

  2. "الإسلام والدولة المدنية" (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان): يحلل أفكار فودة في ضوء الصراع الحالي.

  3. تقارير "هيومن رايتس ووتش" عن حرية المعتقد في مصر: تُظهر استمرار إشكاليات نقدها فودة

إرسال تعليق

0 تعليقات