فرج فودة
شهيد الكلمة الذي رفض أن تصمت الحقيقة
التكوين الشخصي والفكري: من الاقتصاد الزراعي إلى ساحة الفكر المضطرب
وُلد فرج فودة في قرية الزرقا بمحافظة دمياط عام 1945، وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس عام 1981. لم يكن مخططًا له أن يصبح مفكرًا سياسيًا، بل كان يطمح ليكون أكاديميًا في مجال تخصصه، لكن تحولات مصر في السبعينيات والثمانينيات دفعت به إلى ساحة الفكر والسياسة. تأثر بشكل عميق بـهزيمة 1967 التي فقد فيها شقيقه الأصغر، وهي الهزيمة التي رأى أنها نتاج "الجهل بلغة الحضارة الحديثة"، وليست مجرد فشل عسكري
الانخراط السياسي: بين الوفد ورؤية الدولة المدنية
انضم فودة إلى حزب الوفد الجديد ذي التوجه الليبرالي، لكنه استقال عام 1984 احتجاجًا على تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين، معتبرًا ذلك "خيانة لمبادئ الحزب". حاول لاحقًا تأسيس "حزب المستقبل" لكن السلطات رفضت الترخيص له تحت ضغط من علماء الأزهر . كانت رؤيته واضحة: معارضة الدولة الدينية، ودفاعٌ صريح عن العلمانية المُقننة التي تفصل الدين عن الدولة دون فصله عن المجتمع، مؤكدًا:
"هم يؤمنون بالإسلام دينًا ودولة، وهذا حقهم، ونحن نراه دينًا فحسب، وهذا حقنا" .
الأسلوب الفكري: خطاب واضح يخترق التعقيد
تميز فودة بـالوضوح والجرأة في طرح الأفكار، مستخدمًا لغة سهلة غير معقدة، وهو ما جعله قريبًا من الجمهور العادي. اعتمد في نقده على توثيق تاريخي دقيق، خاصة في كتب مثل "الحقيقة الغائبة" حيث حلل تجارب الخلافة الإسلامية مبينًا تناقضاتها مع مبادئ الإسلام ذاته، مثل حادثة مقتل الخليفة عثمان بن عفان وتمثيل العباسيين بجثث الأمويين . كما هاجم في كتاب "الإرهاب" الجماعات المتطرفة، معتبرًا أن عنفها ليس رد فعل على القمع، بل نابعًا من أيديولوجيتها الأصلية .
المناظرة الفاصلة: الشرارة التي سبقت الاغتيال
في يناير 1992، شارك فودة في مناظرة تاريخية بمعرض القاهرة للكتاب تحت عنوان "مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية"، واجه فيها ثلاثة من أبرز الإسلاميين: محمد الغزالي، ومحمد عمارة، ومأمون الهضيبي. استخدم فودة في المناظرة أرشيفًا من تصريحات خصومه السابقة التي تناقض مواقفهم الحالية، مما أثار حفيظة الجمهور الذي هتف ضد أفكاره. هذه المناظرة – التي وُصفت بـ"الحشد القتال" – كانت الشرارة التي أدت إلى اغتياله بعد خمسة أشهر .
الاستشهاد: دمٌ يُروي سؤال الحرية
في 8 يونيو 1992، أطلق شابان من "الجماعة الإسلامية" الرصاص على فودة أمام مكتبه بمصر الجديدة، بينما كان برفقة ابنه وصديقه. قالت التحقيقات إن القاتلَين تصرفا بناءً على فتاوى من قيادات الجماعة. أثناء احتضاره، قال لصديقه: "اشهد يا وحيد، دمي هذا من أجل مصر". في المحاكمة، شهد الشيخ الغزالي بأن "قتل المرتد واجب إذا أصر على رأيه"، لكنه قيد ذلك بسلطة الحاكم لا الأفراد .
الإرث: صرخة لا تختفي رغم صمت ثلاثين عامًا
فيما يلي ملخصات لكل أعمال شهيد الكلمة
0 تعليقات