"تجديد ذكرى أبي العلاء" لطه حسين
الأهمية التاريخية: يُعد الكتاب أول أطروحة دكتوراة تُقدَّم للجامعة المصرية (1914)، وأول دراسة نقدية منهجية تُجرى على نطاق أكاديمي في العالم العربي .
الهدف الرئيسي: إحياء ذكرى الشاعر والفيلسوف العباسي أبي العلاء المعري (973–1057م) عبر تحليل حياته وأدبه في سياق عصره السياسي والاجتماعي .
المنهجية المبتكرة: طبق طه حسين منهجًا نقديًّا يجمع بين التحليل التاريخي والنفسي، معتبرًا أن فهم الأديب يتطلب دراسة بيئته وتأثيرها فيه .
المنهج النقدي في الكتاب
المنهج التاريخي:
تحليل الظروف السياسية (ضعف الدولة العباسية، التناحر بين المذاهب)، والاقتصادية (الفقر والاضطرابات)، والاجتماعية (التعصب الديني، انحطاط الأخلاق) التي عاصرها المعري .
ربط هذه العوامل بتشكيل رؤية المعري التشاؤمية وعزلته .
المنهج الفني:
دراسة أدب المعري (شعرًا ونثرًا) عبر تحليل سماته:
الغموض بسبب استخدام ألفاظ غريبة ومصطلحات فلسفية .
التأثر بالفلسفة: كـالزهد والرفض المادي للحياة .
تطور أسلوبه من التكلف في شبابه إلى الجزالة في شيخوخته .
محتويات الكتاب (المقالات الخمس)
يُقسّم الكتاب إلى خمس مقالات رئيسية:
المقالة | المحاور الأساسية |
---|---|
المقالة الأولى | تحليل العصر العباسي: الفتن الطائفية، سيطرة الفرس، تدهور الأوضاع الاجتماعية . |
المقالة الثانية | سيرة المعري الشخصية: طفولته المليئة بالمآسي (فقد البصر، موت الوالدين)، رحلته إلى بغداد، عزله الاختياري . |
المقالة الثالثة | دراسة إنتاجه الأدبي: دواوين "سقط الزند" (شعر الصبا)، "لزوم ما لا يلزم" (فلسفة الزهد)، ورسالة "الغفران" (نقد ديني) . |
المقالة الرابعة | تحليل لغته: براعته في النحو والعروض، وتأثره بالمتنبي في خرق قواعد اللغة . |
المقالة الخامسة | فلسفته: رفضه للزواج (نصح الرجال بتجنبه وحث النساء عليه!)، إنكاره النبوّات مع إيمانه بالله (ربوبي)، ونقده لانحراف رجال الدين . |
أبرز الأفكار المثيرة للجدل
موقف المعري من الدين:
أنكر النبوّات والشرائع (كما في بيتيه: "إن الشرائع ألقت بيننا إحنًا")، لكنه آمن بـخالق حكيم (ربوبية)، ما عرضه لاتهامات بالكفر .
يرى طه حسين أن هذا الموقف نتج عن تشويه الممارسات الدينية في عصره، لا عن رفض الدين ذاته .
نظرته للمرأة:
تناقض واضح: حث النساء على الزواج للحماية، بينما نصح الرجال بتجنبه! .
رأيه أن تعليم المرأة يجب أن يقتصر على "النسج والغزل" لا القراءة .
العزلة كفلسفة وجودية:
عزلة المعري (التي سماها "سجنًا") كانت احتجاجًا على فساد المجتمع، لا هروبًا .
السياق الثقافي للكتاب وتأثيره
الجدل الذي أثارته الأطروحة: اتُّهم طه حسين بـ"الزندقة" بسبب دفاعه عن فلسفة المعري، ما كاد يفقده منحته الدراسية لولا تدخل السلطان حسين كامل .
تأثر طه حسين بالمعري: جمعتهما تجربة العمى في الصبا، والنفور من التقليد .
الأثر النقدي: أسس الكتاب لمدرسة نقدية عربية حديثة، ترفض السرد السطحي وتربط الأدب بسياقه الحضاري .
رؤية طه حسين التوثيقية
اختتم طه حسين الكتاب بتأكيد حياديته العلمية:
"لم نضع هذا الكتاب لنحكم على الرجل بكفرٍ أو إيمان... أما دينه ومصيره فأمرهما إلى الله وحده" .
وهو ما يجسد التزامه بمنهجية البحث الموضوعي، مع إبراز عبقرية المعري كـ"فيلسوف شاعر" رغم غموض مذهبه الفلسفي .
يظل الكتاب علامة فارقة في الدراسات النقدية العربية، حيث حوَّل طه حسين سيرة مثقفٍ منعزل إلى نموذج لفهم تشابك الأدب بالتاريخ والمجتمع
أقرأ أيضاَ
0 تعليقات