"مع المتنبي" لطه حسين
تاريخ النشر والإصدارات: صدر الكتاب لأول مرة عام 1937، وأعادت "مؤسسة هنداوي" نشره عام 2013 .
السياق التأليفي: كُتب خلال إجازة طه حسين في قرى الألب الفرنسية عام 1936، حيث أملى فصوله في ستة أسابيع فقط .
المنهجية: اعتمد طه حسين على التحليل التاريخي والنفسي، متجنبًا الروايات التقليدية، مركزًا على ديوان المتنبي كمصدر رئيسي .
الهدف: كشف سرّ الإعجاب بالمتنبي رغم انتقاداته له، واستكشاف دور المثقف في مواجهة الفساد السياسي .
المراحل الأساسية في حياة المتنبي (كما حللها طه حسين)
النشأة والطفولة غير الاعتيادية:
وُلد المتنبي في الكوفة (العراق) سنة 915م، في بيئة فقيرة وغامضة النسب. يشير طه حسين إلى أن شذوذ نسبه (أبوه سقّاء) أثَّر في شخصيته، حيث ورث "عقدة الدونية" وحاول تجاوزها بالشعر .
هروبه إلى البادية: اتصل بالقرامطة (حركات ثورية شيعية)، مما شكَّل وعيه السياسي المبكر .
في ظل الأمراء:
تقرّب من الأمراء في سوريا والعراق، لكن شعره كان ضعيفًا في هذه المرحلة بسبب افتقاده للهوية الفنية .
عصر سيف الدولة الحمداني (قمة العطاء):
العلاقة بينهما علاقة تكامل: سيف الدولة يحتاج شاعرًا يخلّد انتصاراته، والمتنبي يحتاج مَن يمنحه المكانة. حلّل طه قصائد مثل "الخيل والليل والبيداء تعرفني" كأفضل ما قيل في الفروسية .
نقد طه حسين: اتهم المتنبي بـ"تجارة الشعر" لاستغلاله المواهب في كسب الهدايا، متناقضًا مع رسالة الأدب في الإصلاح الاجتماعي .
مرحلة كافور الإخشيدي (المأزق الأخلاقي):
مدح كافور (حاكم مصر) طمعًا في ولاية، لكن كافور خذله. هجاؤه اللاذع لكافور (مثل: "لا تشترِ العبد إلا والعصا معه") كشف عن انهيار أخلاقي لديه .
النهاية المأساوية:
قُتل عام 965م بسبب أبيات هجاء قالها في فاتك الأسدي، حيث استدرجه خصمه باستشهاد ببيت من شعره فعاد لمواجهته .
تحليل طه حسين لشخصية المتنبي
التناقض الإنساني:
العبقرية الشعرية: تمتع بموهبة فريدة في الصورة الشعرية واللغة، خاصة في الوصف والحكمة .
الضعف البشري: سعيٌ محموم للمال والسلطة، وتقربٌ من الطغاة، وفقدان للاستقلالية الفكرية .
الأثر النفسي للنسب: هاجر من الكوفة إلى بغداد هربًا من نظرة الاحتقار، مما غذى نزعته العدوانية وفخره المبالغ فيه .
الخصائص الفنية لشعر المتنبي (وفق التحليل النقدي)
المبالغة:
إسراف في تصوير البطولات (مثل: "لو كان ذو القرنين أعمل رأيه / لما أتى الظلمات صرن شموسا")، مما أفقد شعره المصداقية أحيانًا .
المطابقة اللفظية:
براعة في توازن الجمل (مثل: "السيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ")، لكنها قد تطغى على المعنى .
التقليد الفني:
قلّد أبا تمام في بناء القصيدة، ولم يبتكر أسلوبًا جديدًا، خلافًا للاعتقاد الشائع .
أجود الأشعار:
رثاء أخت سيف الدولة "خولة" (مثل: "طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ / فزعت فيه بآمالي إلى الكذب") .
الرسائل النقدية التي طرحها طه حسين
نقد الانحراف الأخلاقي:
اتهم المتنبي بتحويل الشعر إلى "تجارة" لخدمة السلطة، متنكرًا لمسؤولية المثقف في مقاومة الظلم .
المثقف المستقل vs المثقف الانتهازي:
قارن بين المتنبي (المنتفع بالسلطة) وأبي العلاء المعري (المتمسك بالقيم)، مؤكدًا أن الأخير هو النموذج الأخلاقي .
السياق التاريخي كمرآة للواقع:
حلّل القرن الرابع الهجري (عصر فساد سياسي وثورات كالقرامطة) كتشابه مع مصر في ثلاثينيات القرن العشرين (الصراع مع الاستعمار والفساد) .
أشهر الاقتباسات من الكتاب
عن نسب المتنبي:
"أما أبوه فقد زعموا أنه سقّاء في الكوفة... بين مَن يريد رفع شأنه ومَن يريد الحطَّ منه" .
عن تناقضاته:
"لماذا كاد الكائدون للمتنبي في نسبه؟ ولماذا تجنب الحياة في العراق؟" .
عن دوره التاريخي:
"شخصية شاذة في بيئة مأزومة... ملأت الدنيا وشغلت الناس" .
تأثير الكتاب وموقعُه في مسيرة طه حسين
جدل التناقض: وُصف الكتاب بأنه حوار بين ضديْن: طه حسين (رمز الاستقلال الفكري) والمتنبي (رمز الانتهازية)، حيث يعكس رفض طه حسين للتكيّف مع السلطة .
إرث نقدي: يُعد أول دراسة تُطبِّق المنهج التاريخي-النفسي على التراث العربي، مؤثِّرًا في الدراسات اللاحقة .
تحول ذاتي: بدأ طه حسين الكتاب وهو "لا يحب المتنبي" ، لكنه انتهى إلى تقدير عبقريته رغم نقده .
"بدأت الرحلة بعناد النفس، وانتهت إلى كشف سرّ خلود شاعرٍ جسّد تناقضات الإنسان بين العظمة والزيف
أقرأ أيضاَ
ملخصات كل أعمال الاديب والمفكر طة حسين
0 تعليقات