اللون الأسود تناقضات اللون في العمارة والفن

mackbooks.us/products/th...
اللون الأسود تناقضات اللون في العمارة والفن

 The Color Black: Antinomies of a Color in Architecture and Art


 سوداوية اللون وتعددية الدلالات

يُعد هذا الكتاب (الصادر في 1 أغسطس 2024 عن دار MACK البريطانية) دراسةً ثورية لتاريخ ودلالات اللون الأسود في العمارة والفن. يجمع بين مقالين رئيسيين: الأول للمعماري الإيراني-الأمريكي محسن مصطفوي، والثاني للمؤرخ الفني الماركسي ماكس رافائيل (1889–1952).

 مع حوارات مع فنانين ومهندسين معاصرين. 

يهدف الكتاب إلى كسر الهيمنة التاريخية للون الأبيض في الخطاب المعماري، وكشف تعقيدات الأسود بوصفه لونًا جماليًا، سياسيًا، وروحيًا .


 محسن مصطفوي وانزياحات الأسود عبر العصور

1. الأسود في الفن: من التأسيس إلى التفكيك

  • ماليفيتش والنقطة الصفر: يبدأ مصطفوي بتحليل لوحة "بلاك سكوير" (1915) لكازيمير ماليفيتش، التي مثّلت "بداية الصفر" للرسم، حيث يُختزل الفن إلى أبسط عناصره ليبعث من جديد بلغة بصرية تجريدية (السوبرماتيزم) .

  • روثكو والظلام الوجودي: لوحات مارك روثكو السوداء (مثل بلاك أون غراي، 1970) تُقرأ كتعبير عن معاناته النفسية قبيل انتحاره، حيث يصبح الأسود غيابًا للضوء والفرح، وتحولًا نحو العمق الروحي .

2. العمارة واللون المنسي: من الصدفة إلى التصميم

  • أسود المدن الصناعية: يصف كيف غطى السخام والأدخنة مدنًا مثل لندن ونيويورك في القرنين 19 و20، مما خلق "عمارة سوداء غير مقصودة". المصور هنري فوكس تالبوت شبه وستمنستر أبيب بـ"هايدس" (العالم السفلي)، بينما وصفها هيو فيريس في كتابه متروبوليس الغد (1929) بـ"الجحيم" بسبب لونها القاتم .

  • التصوير الضوئي والسينما: يربط مصطفوي بين العمارة السوداء وتقنية الكلاروسكورو (الضوء-الظل) في أفلام مثل سايزن كين (1941)، حيث استُخدم الظل لخلق عمق درامي، قائلًا: "كان ممكنًا تخيل عمارة سوداء، ولو حبيسة الصفحات ثنائية الأبعاد" .

3. عودة الأسود في العمارة المعاصرة

  • نماذج حية:

    • بيكاسوهاوس (2002–2008) في بازل: تصميم بيتر ميركلي يبرز بواجهته من الفولاذ الأسود المنسوج، الذي يخلق توازنًا بين الجرأة والأناقة .

    • بلاك تشابل (2022) لثيستر غيتس: جناح سيربنتين في لندن، مستوحى من الأبنية الأفريقية المقدسة، يحوّل الأسود إلى رمز للهوية والروحانية .


 ماكس رافائيل: علم الجمال الماركسي واللون الأسود

1. حياة رافائيل وإرثه المغمور

كتب رافائيل مقاله "اللون الأسود: في التكوين المادي للشكل" بعد هروبه من معسكر اعتقال نازي إلى نيويورك، حيث درس لوحات المتروبوليتان ميوزيوم. انتحر عام 1952 دون أن يرى مقاله يُنشر بالألمانية عام 1984، وهذه هي ترجمته الأولى للإنجليزية .

2. الأسود كلون داعم ومطلق

  • الحياد الكوني: يرى رافائيل أن الأسود "أرضية محايدة لأنه أرضية المطلق: يحتوي كل شيء ولا يظهر شيئًا". في اللوحات الكلاسيكية، يُستخدم لإبراز الألوان الأخرى وتشكيل الفراغ .

  • السلطة والإلهاء: في لوحة فيليب الرابع لدييغو فيلاثكيث، يخلق الرداء الأسود شعورًا بانعدام الوزن، محولًا الملك من حاكم بشري إلى كائن شبه إلهي .

3. الفن كعملية تحويل مادية

يؤكد رافائيل على أن قيمة الفن تكمن في تحويل المادة الخام إلى فكرة، مع ربط العملية بظروفها الاجتماعية، وفقًا للرؤية الماركسية. تحليله للوحات يوصف بأنه "آثار مادية" تشبه مخططات البناء المعمارية .


 حوارات معاصرَة: من النظرية إلى الممارسة

1. بيتر ميركلي: العمارة كتواضع أمام الإله

يشرح ميركلي كيف أثرت كتابات رافائيل عن الكنائس الرومانسيكية في فرنسا على فلسفته. الحجارة غير المنتظمة في هذه الكنائس تعكس تواضع البنّاءين أمام الله، وهو ما طبقه في تصميماته باستخدام الأسود كلون يرمز للزهد .

2. ثيستر غيتس: الأسود كفعل سياسي

يركز غيتس على البعد الثقافي للون في الهوية الأفريقية والأمريكية الأفريقية. أعماله مثل بلاك تشابل لا تُحيي التراث فحسب، بل تحوّل الأسود إلى أداة لتحدي التهميش .


الجدول الزمني لتطور دلالات الأسود في الفن والعمارة

الفترةالعمل/الحركةالدلالة
1915بلاك سكوير (ماليفيتش)بداية الصفر، التحرر من المادية.
1920–1950مدن نيويورك/لندنالسواد الصناعي، القبح والغموض.
1960–1970لوحات روثكو السوداءالاكتئاب، الروحانية، الموت.
2002–2008بيكاسوهاوس (ميركلي)الجمالية، الثقة التقنية.
2022بلاك تشابل (غيتس)الهوية، المقاومة، التقديس.

 الأسود كلون مركزي في الخطاب المعماري الحديث

يختتم الكتاب بتأكيد مصطفوي أن الأسود، رغم تغييبه تاريخيًا، يملك قوة تحويلية في العمارة المعاصرة. من خلال الجمع بين التحليل النظري (رافائيل)، والممارسة العملية (ميركلي وغيتس)، يقدّم الكتاب "آثارًا مادية" لفهم اللون ليس كمجرد صفة جمالية، بل كحامل للتاريخ والسياسة والروح .

"ما يلهم حقًا هو كيف يُنشئ تحليل رافائيل آثارًا مادية لكل لوحة: بالنسبة للمهندس، أوصافه مثل مخططات بناء" – محسن مصطفوي .


النقد والإسهامات الرئيسية 

  1. جسر بين التخصصات: يدمج الفن، العمارة، الفلسفة، والتحليل الاجتماعي.

  2. إعادة اكتشاف رافائيل: تقديم مفكر مهمش بوصفه رائدًا في نظرية الفن المادية.

  3. تحدي المركزية البيضاء: تفكيك هيمنة اللون الأبيض في السرد المعماري.

  4. الأسود كمساحة حوار: من الصدفة إلى التصميم، ومن الكآبة إلى التمكين.

الكتاب يطرح أسئلة جوهرية: كيف يُعاد تعريف العمارة عندما نتخلى عن هاجس النقاء الأبيض؟ وكيف يحوّل اللون الأسود المباني من هياكل وظيفية إلى نصوص ثقافية؟

مصادر :

1. stirworld

إرسال تعليق

0 تعليقات