Political Order in Changing Societies
النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة لصامويل هنتنغتون
الإطار التاريخي والفكري للكتاب
صدر كتاب "النظام السياسي في المجتمعات المتغيرة" (Political Order in Changing Societies) لعالم السياسة الأمريكي صامويل هنتنغتون عام 1968، في ذروة الحرب الباردة وموجة من عدم الاستقرار والانقلابات في دول العالم الثالث.
جاء الكتاب كرد فعل على النظريات السائدة آنذاك، التي ربطت بشكل سطحي بين التحديث الاقتصادي والاجتماعي وقيام الديمقراطيات المستقرة.
قدم هنتنغتون أطروحة ثورية لا تزال مؤثرة حتى اليوم، مفادها أن غياب المؤسسات السياسية القوية هو الجذر الحقيقي للفوضى، وليس غياب الديمقراطية أو الفقر بحد ذاته.
الفصل الأول: التشخيص - لماذا تسقط المجتمعات في الفوضى؟
1.1. خرافة التحديث الخطي
1.2. التحديث كقوة مدمرة
بدلاً من كونه قوة بناءة، يرى هنتنغتون أن التحديث، في مراحله الأولى، هو عملية هدم وتفكيك للمجتمعات التقليدية، مما يولد حالة من الفوضى والاضطراب، وذلك من خلال آليات رئيسية:
التعبئة الاجتماعية (Social Mobilization): انتقال الأفراد من هوياتهم التقليدية (القبيلة، العشيرة، الطائفة) إلى هويات حديثة (الطبقة، الحزب، القومية)، مما يخلق توقعات جديدة وغير مسبوقة.
توسيع نطاق المشاركة السياسية: ارتفاع مستوى التعليم والوعي يدفع فئات جديدة للمطالبة بدور في الحياة السياسية.
تفكك المؤسسات التقليدية: المؤسسات القديمة التي كانت تنظم المجتمع (كالمشيخة والزعامات الدينية) تفقد سلطتها، دون أن تحل محلها بدائل حديثة فورًا.
1.3. نظرية الفجوة (The Gap Theory)
هذا هو قلب تشخيص هنتنغتون. تنشأ الفوضى من الفجوة المتسعة بين التوقعات الاجتماعية المتصاعدة وبطء استجابة المؤسسات السياسية. بمعنى آخر:
يخلق التحديث رغبات وطموحات (لوظائف، تعليم، رعاية صحية، ثروة) بمعدل سريع جدًا.
بينما تكون قدرة النظام الاقتصادي والسياسي على تلبية هذه المطالب بطيئة وضعيفة.
يؤدي هذا التناقض إلى إحباط جماعي وخيبة أمل، تبحث عن منفذ، وغالبًا ما يكون هذا المنفذ عنيفًا وغير منظم (احتجاجات، أعمال شغب، انقلابات).
: الحل - نظرية المؤسسية
2.1. من الشكل إلى الجوهر
يقدم هنتنغتون حله المركزي: الاستقرار لا يعتمد على الشكل الظاهري للنظام (ديمقراطي أم ديكتاتوري)، بل على جودة ومتانة مؤسساته. ما يهم هو درجة التمأسس أو المؤسسية (Institutionalization).
2.2. معايير قوة المؤسسة السياسية
يحدد هنتنغتون أربع صفات للمؤسسة القوية:
القدرة على التكيف (Adaptability): قدرة المؤسسة على الصمود عبر الزمن، واجتياز الأزمات، والتكيف مع المتغيرات الجديدة دون الانهيار.
التعقيد (Complexity): وجود هيكل تنظيمي متشعب به أقسام وأجهزة فرعية متخصصة. النظام البسيط (كالديكتاتورية الفردية) أضعف من النظام المعقد (كالحزب القوي بفروعه المتعددة).
الاستقلالية (Autonomy): قدرة المؤسسة على العمل بمعزل عن الهيمنة المباشرة لمصالح فئة أو طبقة أو عائلة واحدة، وأن تخدم المصلحة العامة.
التماسك (Coherence): وجود درجة عالية من الإجماع الداخلي على القواعد والإجراءات، والقدرة على حل النزاعات داخليًا بطرق سلمية ومؤسسية.
2.3. المعادلة المركزية: المشاركة ÷ المؤسسية = الاستقرار
يخلص هنتنغتون إلى أن مستوى الاستقرار السياسي لأي مجتمع هو حصيلة النسبة بين مستوى المشاركة السياسية ومستوى المؤسسية.
فوضى وعنف: عندما تكون المشاركة السياسية عالية والمؤسسية منخفضة.
استقرار ونظام: عندما تكون المؤسسية عالية بما يكفي لتنظيم واستيعاب المشاركة الواسعة.
المسارات التاريخية - لماذا نجح الغرب وفشل الآخرون؟
3.1. النموذج الغربي: المؤسسات أولاً
3.2. نموذج العالم الثالث: المشاركة أولاً
القوى الاجتماعية الفاعلة ومصيرها
4.1. دور الجيش: المنقذ والطاغية
4.2. المثقفون والفلاحون والبرجوازية
المثقفون: غالبًا ما يكونون مصدرًا للمعارضة وعدم الاستقرار بسبب توقعاتهم العالية ومكانتهم الهشة.
الفلاحون: قوة محافظة في الغالب، إلا إذا تم استغلالهم بشكل فادح أو تعبئتهم من قبل نخبة منظمة.
البرجوازية (الطبقة الوسطى): دورها غامض؛ فقد تدعم الاستقرار إذا شعرت بالأمان، أو تدعم الثورة إذا حُوصرت طموحاتها.
الاستقرار والانحطاط - تحذير أخير
5.1. المؤسسات القوية يمكن أن تضعف
الإرث النقدي وأهمية الكتاب
6.1. النقد الموجه للكتاب
تعرضت أطروحة هنتنغتون لانتقادات مهمة، أبرزها:
تغليب الاستقرار على الحرية: اتهامه بتقديم "مبرر نظري" للديكتاتوريات والأنظمة السلطوية لقمع الحريات تحت ذريعة الحفاظ على النظام.
إهمال العامل الثقافي: تجاهله لدور الثقافة والأفكار والقيم كعوامل مستقلة في التغيير السياسي.
التعميم المفرط: محاولة تطبيق نموذج واحد على مجتمعات شديدة التنوع.
0 تعليقات