"غاندي والحركة الهندية" لسلامة موسى
السياق التاريخي
الخلفية الاستعمارية: كُتب الكتاب عام 1934 في ذروة الاستعمار البريطاني، حيث كانت الهند ومصر تعانيان من القمع نفسه. رأى سلامة موسى في التجربة الهندية نموذجًا يُحتذى لمصر والعالم العربي.
الهدف من التأليف: سعى موسى لتحليل نجاح حركة اللاعنف بقيادة غاندي كاستراتيجية تحرر، مع التركيز على التشابه بين الظروف الاجتماعية والسياسية في البلدين.
المهاتما غاندي
النشأة والتكوين الفكري
الطفولة والتأثيرات المبكرة: وُلد غاندي في عهد تقليدي هندوسي، وتأثر بمبدأ "اللاعنف" (أهيمسا) في الديانات الهندية. درس القانون في لندن، حيث اطلع على أفكار التنوير الغربي.
نقلة نوعية في جنوب أفريقيا:
عمل محاميًا للعمال الهنود هناك (1893–1914)، وشهد التمييز العنصري حين طُرِد من قطار الدرجة الأولى رغم تذكرته.
أسس "مزرعة تولستوي" (سُميت تيمنًا بالأديب الروسي) كمركز لنشر فكر المقاومة السلمية، ونظم حملات عصيان مدني ضد قوانين التمييز، مثل حرق "بطاقات إقامة الأجانب" العلني.
الأسس الفلسفية لحركته
الساتياغراها (قوة الحقيقة):
مزيج من الروحانية والعمل السياسي، تقوم على فكرة أن الظلم يُهزم بالصبر والمعاناة الأخلاقية، لا بالعنف.
تأثر بفلسفة هنري ديفيد ثورو (العصيان المدني) وليو تولستوي (رفض العنف الدولة).
الزهد كأداة نضالية: تبنى حياة التقشف (لبس الخيش، الطعام النباتي)، ليكون قدوة في تجسيد القيم التي يدعو إليها.
استراتيجيات النضال اللاعنفي
أشكال المقاومة العملية
المقاطعة الاقتصادية:
دعا لمقاطعة البضائع البريطانية، خاصة الأنسجة (مثل قماش لانكشير)، وتشجيع المنتج المحلي (غزل الخيوط يدويًا).
نظم "مسيرة الملح" (1930) ضد احتكار البريطانيين لتصنيعه، مشيًا على الأقدام 390 كم، مما حرّك الجماهير عالميًا.
العصيان المدني:
رفض دفع الضرائب الجائرة، وتحدي القوانين العنصرية عبر التظاهر السلمي.
استخدم الإضراب عن الطعام كضغط أخلاقي، مثل إضرابه 21 يومًا لدعم حقوق "المنبوذين" وحل النزاعات بين الهندوس والمسلمين.
التعليم والمقاومة الثقافية: أنشأ المدارس لتعزيز الهوية الوطنية، مع التركيز على اللغات المحلية بديلًا عن الإنجليزية.
أحداث محورية في الحركة
مذبحة أمريتسار (1919):
قتل الجنرال داير مئات المتظاهرين العُزّل، ثم كُرّم من قبل بريطانيا!
حوّلها غاندي إلى رمز لوحدة الهند ضد الاستعمار.
المحاكمات كمنصة دعاية: تعامل القضاة البريطانيون مع غاندي باحترام لاذع، بل شاوروه في عقوبته! مما كشف تناقض النظام الاستعماري.
التحديات الداخلية وإنجازات الحركة
معوّقات الوحدة الوطنية
الانقسام الديني: صراع بين الهندوس (الأغلبية) والمسلمين (الأقلية)، وحاول غاندي رأب الصدع عبر الصوم والخطابات المشتركة.
نظام المنبوذين: واجه التمييز ضد 50 مليون هندي "داليت"، وسماهم "هاريجان" (أبناء الإله)، داعيًا لدمجهم.
إنجازات تاريخية
استقلال الهند (1947): حققته دون حرب شاملة، رغم العنف الطائفي اللاحق.
تأثير عالمي: ألهمت حركته مارتن لوثر كينغ ونيلسون مانديلا.
سلامة موسى كجسر بين الحضارات
قراءة موسى التحليلية
المقارنة مع مصر: شبه القمع البريطاني في البلدين، داعيًا المصريين لاستلهام التجربة.
نقد التوظيف الديني: رأى أن غاندي وظف الروحانية كأداة سياسية ذكية، لكنه حذر من تحويله إلى "أسطورة" تعيق النقد.
خلفية موسى الفكرية
تأثراته الأوروبية: تأثر بداروين وماركس خلال إقامته في فرنسا وإنجلترا، وانتمى للجمعية الفابية الاشتراكية.
دوره التنويري: كأحد رواد الاشتراكية العربية، سعى لتطبيق علمنة نقدية على سير الشخصيات التاريخية.
تقييم الحركة وحدود اللاعنف
إنجازات غير مكتملة
فشل الوحدة الوطنية: انفصلت باكستان عن الهند رغم جهود غاندي.
استمرار الفقر: لم تحل حركة الاستقلال مشكلات الفقر الهيكلية.
نقد فلسفة اللاعنف
إشكالية التعميم: هل تصلح لجميع الثقافات؟ يشير موسى إلى أن بريطانيا في الهند كانت "أكثر حساسية للرأي العام" من أنظمة استبدادية أخرى.
مخاطر التقديس: تحول غاندي إلى أيقونة قد يُساء استخدامها لتجميد الفكر النقدي.
الدروس المستفادة
اللاعنف كاستراتيجية مرنة: أثبتت فعاليتها في ظل شروط محددة (وجود رأي عام حر، أخلاقيات الخصم).
إرث سلامة موسى: كتابه نموذج مبكر للدراسات "المقارنة بين الجنوب العالمي"، قبل ظهور نظرية ما بعد الاستعمار.
الرسالة الخالدة: التغيير الحقيقي يبدأ بإصلاح الذات قبل مواجهة المستعمر، كما جسّد غاندي في حياته.
"يقرأ الإنسان حياة غاندي فيجد في هزائمه وانتصاراته، ذلك الإلهام الذي يجده في الكتب المقدسة" – سلامة موسى.
نصوص من الكتاب ومراجعات القراء
اقتباسات محورية
"ونحن في جهادنا للمبادئ الإمبراطورية... يجب أن نستنير بحركة الهند".
"غاندي... أنضج ثمرات الحركة الوطنية الهندية وأقرب رجالها إلى قلوب الهنود".
تقييم القراء
أشادوا بالكتاب كـ"نافذة مبدئية" لفهم الهند، لكن بعضهم رأى أنه ركز على "بطولة الفرد" دون تحليل البنية الاجتماعية العميقة.
مصادر إضافية:
النص الكامل للكتاب مجانًا: مؤسسة هنداوي.
مراجعات تفاعلية: منصة أبجد
0 تعليقات