'The Beast in the Clouds: The Roosevelt Brothers' Deadly Quest to Find the Mythical Giant Panda' لتأليف ناثاليا هولت
رحلة في قلب المجهول
يأخذنا كتاب "The Beast in the Clouds: The Roosevelt Brothers' Deadly Quest to Find the Mythical Giant Panda" للكاتبة ناثاليا هولت في رحلة استكشافية ملحمية إلى جبال الهيمالايا النائية في أواخر عشرينيات القرن الماضي.
تروي هولت، وهي مؤلفة الأكثر مبيعا لكتب مثل "Rise of the Rocket Girls"، القصة الحقيقية المثيرة لأبناء الرئيس ثيودور روزفلت الأكبر، تيد وكيرميت روزفلت، في سعيهم المحفوف بالمخاطر ليكونوا أول غربيين يوثقون وجود دب الباندا العملاق، ذلك الكائن الذي كان يُعتبر آنذاك أقرب إلى الأسطورة منه إلى الحقيقة .
يمثل هذا الكتاب تحولاً في المواضيع التي تتناولها هولت، المعروفة بقصصها عن النساء المذهلات في مجالات العلوم والتاريخ، لتركز هذه المرة على علاقة نفسية معقدة بين أب مهيمن وأبنائه يحاولان إثبات ذاتهما.
الكتاب، الصادر في يوليو 2025 عن دار Atria/One Signal Publishers، ليس مجرد سرد للمغامرة بل غوص في الأعماق النفسية للشخصيات وفي الآثار المترتبة على الاستكشاف والعنف ضد الطبيعة في عصرنا الحديث .
العالم الذي لم يُرسم بعد
السياق التاريخي والعلمي
في عام 1928، كانت الخرائط لا تزال تحتوي على بقع بيضاء شاسعة تُعرِّف "المجهول". خلال العقد الثاني من القرن العشرين، انطلق العشرات من المستكشفين والعلماء إلى البراري الصينية والتبتية في سباق لملء مجموعات المتاحف وتعزيز السمعة العلمية.
على الرغم من أن الباندا العملاق كان معروفًا نظريًا للعلم الغربي منذ أن أرسل مبشر فرنسي جلدًا إلى باريس عام 1869، إلا أن المعلومات عنه بقيت ضئيلة جدًا .
كان الحيوان لغزًا محيرًا؛ حيث كتبت هولت: "لم يتمكن أحد، ولا حتى علماء الطبيعة الذين عملوا في الصين طوال حياتهم، من تحديد مكان العيش الدقيق لهذا المخلوق، أو ما يأكله، أو كيف يتصرف" .
كانت الشائعات تتحدث عن دب هجين شرس يجمع بين صفات الدب الأسود والدب القطبي، بينما كانت الإشارات في الأدب الصيني القديم أسطورية، تصف مخلوقات تأكل النحاس والحديد .
الأخوان روزفلت: الحمولة النفسية للاسم
كان الدافع وراء الرحلة شخصيًا بقدر ما كان علميًا. عاش تيد وكيرميت تحت ظل أبيهما الأسطوري، الرئيس ثيودور روزفلت، المغامر الشهير الذي قاد رحلات استكشافية إلى إفريقيا وأمازونيا.
تصف هولت علاقتهما بأبيهما بأنها محبة لكنها صعبة، حيث كان الأب لا يتحمل الضعف أو الفشل، ووصف كيرميت ذات مرة بأنه "ضَعيف" .
كبالغين، كانا يحملان أعباء من الإخفاق: حيث انفجرت الطموحات السياسية لتيد بعد تورطه في فضيحة Teapot Dome، بينما فشل كيرميت في الأعمال وأصيب بإدمان الكحول وخيانة زوجته .
كانت الرحلة الاستكشافية للباندا بمثابة فرصة للخروج من هذا الظل وتحقيق إرث خاص بهما، لإثبات قيمتهما ليس فقط للعالم، ولكن لأنفسهما في المقام الأول.
كما كتب تيد لاحقًا: "لم نسمح حتى لأصدقائنا المقربين بمعرفة" أحلامهما، لأن بعض الأحلام تبدو مجنونة جدًا عندما تُنطق بصوت عالٍ .
الرحلة الاستكشافية: بين الجمال والموت
التخطيط والتجهيز
حصل الأخوان على دعم مالي من متحف فيلد للتاريخ الطبيعي في شيكاغو، بتنظيم من الوصي على المتحف ومانحه، وليام ف. كيلي، مما أدى إلى تسمية الرحلة رسميًا "بعثة ويليام ف. كيلي-روزفلت الآسيوية" .
كان الهدف المعلن هو جلب عينة مثالية (جلد وهيكل عظمي) من الباندا العملاق إلى متحف التاريخ الطبيعي الأمريكي في نيويورك، المتحف الذي كان فخر والدهما وساهم بالعديد من العينات منه .
انضم إلى البعثة فريق مكون من علماء الطبيعة والمترجمين، بما في ذلك عالم الطيور البريطاني هربرت ستيفنز والعالم إتش. جي. كوليدج، والشاب البالغ من العمر 19 عامًا جاك يونغ، وهو مترجم ومواليد هاواي، والذي سيلعب دورًا حاسمًا وأضاف منظورًا فريدًا للأحداث .
المصاعب والمخاطر
واجهت الرحلة سلسلة لا تنتهي من المصاعب، صورتهم هولت بطريقة تشبه "فيلم اثارة غير خيالي" :
الطبيعة القاسية: واجه المستكشفون عبور الأنهار الجليدية الخادعة، وهواء رقيقًا جدًا أدى إلى حرمان من الأكسجين، وعواصف ثلجية اختفوا خلالها. بلغوا ممرات جبلية على ارتفاع يزيد عن 17,000 قدم، حيث استمروا سيرًا على الأقدام بعد أن استنفدت الحيوانات التي كانوا يمتطونها .
الأمراض والنكسات: أصيب الأعضاء بالمرض، وفقدوا إمدادات الطعام في الجبال، مما جعل بقائهم على قيد الحياة محل شك .
الاكتشاف والتناقض الأخلاقي
بعد شهور من الشدائد، حقق الأخوان روزفلت هدفهما. في منطقة معزولة بين التبت والصين، حيث كان الباندا يُبجل ويعتبر شبه مقدس، قاموا بإطلاق النار على أول باندا عملاق يقع في أيدي مستكشفين غربيين . ومع ذلك، كان اللقاء محفوفًا بالتناقض.
اكتشفوا أن الباندا ليس وحشًا شرسًا، بل مخلوقًا لطيفًا وخجولًا، وكتبت هولت أنهم "كانوا مندهشين لمعرفة أن الباندا العملاق ليس دبًا شرسًا، بل مخلوقًا لطيفًا يتحاشى أبناء جنسه، ناهيك عن البشر" .
على الرغم من هذه المفاجأة حول طبيعته الوديعة، قاموا بقتله علي اي حال الوفاء بالتزامهم تجاه الرعاة.
تكرر هذا التناقض عندما أبدى المستكشفون اشمئزازهم من قيام أحد الصيادين المحليين بقتل أنثى قرد ذهبي مع رضيعها، على الرغم من أنهم هم أنفسهم قد أطلقوا النار على 9 قرود ذهبية في اليوم نفسه . بعد القتل، أجرت البعثة طقوس تطهير لأن قتل الباندا، الذي كان يعتبر شبه إله، لم يكن مسموحًا به أو لم يشهده أحد من قبل في تلك المرتفعات .
التحول والتداعيات: عواقب الرحلة
يدعي الكتاب أن هذه الأحداث غيرت الأخوين.
يبدو أن المواجهة مع هذا المخلوق الضعيف، جنبًا إلى جنب مع قسوة الرحلة، قد هزت نظرتهم للعالم.
يخلص أحد المراجعين إلى أن هذه كانت "رحلة تحول" أدت إلى تغيير منظورهم العالمي، وأنهم لم يشاركوا مطلقًا في رحلة لجمع العينات بهذا الحجم مرة أخرى .
ومع ذلك، يشير مراجعون آخرون إلى أن هولت تكرس وقتًا قصيرًا لوصف من كانا عليه الأخوان قبل الرحلة، مما يجعل مدى هذا التحول غير واضح تمامًا، حيث يبدو أن حياتهما استمرت إلى حد كبير كما كانت من قبل بعد عودتهما .
بشكل أوسع، كان للرحلة تأثير مزدوج:
الإنجاز العلمي: نجحوا حيث فشل عشرات المستكشفين على مدى عقد من الزمان، مما جعل الباندا العملاق معروفًا في الغرب وأطلق حقبة جديدة من علم الأحياء .
الإرث الأخلاقي: يثير الكتاب أسئلة مهمة حول ثمن المعرفة. يكتب أحد المراجعين: "في أي نقطة يأتي تجميع المعرفة العلمية على حساب الشيء الذي يتم توثيقه؟" . لقد ساهمت الرحلة، مثل غيرها من رحلات ذلك العصر، في فهمنا للعالم الطبيعي، ولكن بأثر مزدوج يتمثل في استغلال ثقافات أخرى وبيئات هشة.
استقبال الكتاب والمنهجية
الرؤية النقدية
تلقى الكتاب تقييمات متباينة إلى حد ما:
نقاط القوة: أشيد به لكونه "مثيرًا للتفكير" و"مغامرة رائعة" . تم الثناء على البحث كـ"جيد البحث" .
نقاط الضعف: انتقد بعض المراجعين الأسلوب السردي لكونه "جافًا" وغير قادر على التقاط "الثراء والجنون الكاملين لهؤلاء الرجال" . كما أن افتقارها إلى التعليق الحديث المباشر على الأحداث، باستثناء مقدمة, جعل بعض القراء يشعرون بعدم الارتياح تجاه العنف الذي مارسه المستكشفون .
بالإضافة إلى ذلك، كان استخدام هولت للحوار المعاد بناؤه وأفكار الشخصيات موضع تساؤل من قبل أولئك الذين يفضلون سردًا واقعيًا صارمًا .
منهجية البحث
اعتمدت هولت على مجموعة غنية من المصادر الأولية، بما في ذلك الخطابات الأرشيفية للأخوين روزفلت . ومع ذلك، كان إنجازها الرئيسي هو العثور على مقابلات مسجلة مع جاك يونغ، المترجم الشاب، وكذلك الحصول على سيرته الذاتية غير المنشورة من خلال ابنته .
هذا سمح لها بتقديم وجهة نظر مختلفة ومهمة للقصة، بعيدة عن منظور النخبة الغربية. كما ذكرت هولت في مقابلة: "أردت حقًا إدخال أصوات أخرى... لقد كنت مصرًا للغاية على رغبتي في إدخال جاك يونغ" .
أسئلة تبقى دون إجابة
يقدم كتاب "The Beast in the Clouds" أكثر من مجرد قصة مغامرة؛ إنه غوص عميق في دوافع الإنسان للاستكشاف والتعريف الذاتي، والثمن الذي ندفعه مقابل المعرفة. من خلال تتبع رحلة الأخوين روزفلت، تطرح ناثاليا هولت أسئلة لا تزال ذات صالة حتى اليوم:
ما المسؤولية الأخلاقية للمستكشف أو العالم تجاه البيئة والثقافات التي يواجهها؟ كيف يمكننا التوفيق بين الرغبة في الحفاظ على التاريخ مع الأضرار التي قد تسببها طرق التوثيق هذه؟ وكيف يمكن للأبناء الهروب من ظل آباء عظماء ليكتبوا قصصهم الخاصة؟
على الرغم من بعض الانتقادات لأسلوبها السردي، تنجح هولت في إحياء لحظة تاريخية رائعة تثير فضول القارئ وتعقيد تفكيره.
الكتاب هو شهادة على عظمة الاستكشاف البشري وعيوبه، وهو تذكير بأن بعض "الوحوش" الحقيقية قد لا تكون في السحاب، بل في قراراتنا وتناقضاتنا

1 تعليقات
1113
ردحذف