"منتصف الليل على البوتوماك: العام الأخير من الحرب الأهلية، اغتيال لينكولن، وإعادة ميلاد أمريكا" لسكوت إلسورث
Midnight on the Potomac: The Last Year of the Civil War, the Lincoln Assassination, and the Rebirth of America
الكتاب والمؤلف
"منتصف الليل على البوتوماك: العام الأخير من الحرب الأهلية، اغتيال لينكولن، وإعادة ميلاد أمريكا" هو العمل الجديد للمؤرخ وكاتب النيويورك تايمز الأكثر مبيعاً، سكوت إلسورث.
صدر الكتاب في 15 يوليو 2025 عن دار نشر Dutton ويقع في 336 صفحة . يحظى إلسورث بسمعة طيبة في مجال الكتابة التاريخية التي تجمع بين العمق الأكاديمي وسلاسة السرد القصصي، حيث وصفه أحد النقاد بأنه "مؤرخ بروح شاعر" .
وهو مؤلف كتاب "The Ground Breaking" الذي كان ضمن القائمة الطويلة للجائزة الوطنية للكتاب، وكتاب "The Secret Game" الفائز بجائزة PEN/ESPN للكتابة الرياضية الأدبية .
يركز هذا الكتاب على العام الأخير من الحرب الأهلية الأمريكية (1864-1865)، متحدياً الروايات التقليدية من خلال تقديم قصة متشابكة تعيد تصور الأحداث التي شكلت مصير الأمة.
لا يقدم الكتاب مجرد سرد للحروب والمعارك، بل يحفر أعمق ليكشف عن حرب التمرد التي شنها الكونفدراليون ضد مواطني الشمال، وشبكات التجسس المعقدة، والجهود الجماعية للأمريكيين من خلفيات متنوعة ساهموا في الحفاظ على الاتحاد .
السياق والفكرة الأساسية
ينطلق إلسورث من فكرة أن نتائج الحرب كانت غير مؤكدة حتى الأشهر الأخيرة لها. على عكس الاعتقاد الشائع بأن انتصار الاتحاد كان حتمياً، يصور الكتاب كيف أن الكونفدرالية كانت على وشك تحقيق انتصارات قد تغير المسار، وكيف أن رئاسة لينكولن نفسها كانت على حافة الهاوية .
الدافع وراء الكتابة، كما يوضح إلسورث في إحدى المقابلات، هو العلاقة بين تلك الفترة والتقسيم السياسي العميق في أمريكا المعاصرة. لقد شعر أن الأمة لم تكن منقسمة إلى هذا الحد منذ خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر، مما جعل استكشاف تلك الفترة أمراً بالغ الأهمية لفهم الحاضر .
الأطروحة الرئيسية للكتاب تدور حول تحطيم الأساطير طويلة الأمد، لا سيما تلك المتعلقة باغتيال أبراهام لينكولن.
يدعي إلسورث أنه على مدى أكثر من قرن ونصف، تم تصوير الاغتيال على أنه من بنات أفكار ممثل منعزل ومحبط، ولكن بناءً على حسابات معاصرة غامضة ومنح علمي تم تجاهله لعقود، يكشف إلسورث أن جون ويلكس بوث كان يعمل عن كثب مع عملاء الخدمة السرية الكونفدرالية لمدة عام تقريباً قبل الأحداث المأساوية في مسرح فورد .
الشخصيات الرئيسية والسرد القصصي
يتميز الكتاب بتقديم مجموعة غنية ومتنوعة من الشخصيات، مما يضيف أبعاداً إنسانية عميقة للأحداث الجسام. يقدم الجدول التالي أهم هذه الشخصيات:
شخصية جون ويلكس بوث المعدلة
يخصص إلسورث جزءاً كبيراً من الكتاب لإعادة تعريف شخصية جون ويلكس بوث.
بدلاً من الصورة النمطية للمنعزل المحبط الذي عاش في ظل والده وشقيقه الأكثر شهرة، يقدم الكتاب بوث على أنه "نجم سوبر" في المسرح الأمريكي .
كان ممثلاً محبوباً يحظى بإشادة الصحف في نيويورك وبوسطن وشيكاغو، وتفوق في الأدوار الشكسبورية وكانت النساء تحاولن اقتحام غرفة ملابسه .
هذه الصورة الجديدة مهمة لأنها تغير الدوافع المفترضة وراء الاغتيال؛ فلم يكن عملاً من اليأس ، بل جزءاً من التزام أيديولوجي أوسع بالقضية الكونفدرالية.
الفرضيات التاريخية
المؤامرة الكونفدرالية وحرب التخويف
أحد أهم الإضافات التي يقدمها الكتاب إلى السجل التاريخي هو تفصيل "حرب التمرد" التي شنتها الكونفدرالية ضد الشمال.
عندما أدرك القادة الكونفدراليون أنهم لا يستطيعون الفوز باستقلالهم في ساحة المعركة التقليدية، تحولوا إلى تكتيكات غير تقليدية . ومن بين هذه التكتيكات:
محاولة إحراق مدينة نيويورك: في نوفمبر 1864، دبر عملاء كونفدراليون محاولة جريئة لحرق أجزاء كبيرة من مدينة نيويورك، وهي حادثة يعيد إلسورث سردها بشكل حي .
المؤامرات من كندا: كان للكونفدرالية شبكة نشطة من العملاء يعملون من مونتريال وكندا الأخرى، حيث خططوا لعمليات تخريبية واختطاف لينكولن قبل أن يتطور الأمر إلى اغتيال .
يذكر إلسورث حادثة مثيرة للاهتمام وقعت في ليلة شديدة البرودة في يناير 1865، عندما اختبأ لويس باول، أحد المتآمرين مع بوث، في الظلال خارج مبنى وزارة الحرب منتظراً لينكولن.
إلا أن وجود رجل ثانٍ (على الأرجح حارس شخصي) وظروف الأرض الجليدية جعلته يتردد ويفقد الفرصة . هذه التفاصيل، المستمدة من مذكرات كتبها أحد العاملين في وزارة الحرب عام 1907 ودراسة عن طقس الحرب الأهلية في فرجينيا، تظهر كيف أن الأحداث التاريخية الكبرى كانت تتوقف أحياناً على تفاصيل صغيرة .
دور الأمريكيين الأفارقة والنساء
يؤكد إلسورث على أن انتصار الاتحاد لم يكن ليتحقق بدون المساهمات الحاسمة للأمريكيين الأفارقة.
يصف انهيار نظام العبودية بأنه "لا يقل عن زلزال" هز أسس الأمة . لم يحرر الآلاف من العبيد أنفسهم فحسب بل انضموا إلى جيش الاتحاد وساعدوا في تأمين بقاء دولتهم .
كما يسلط الضوء على قادة مثل هنري هايلاند جارنيت الذي سعى للاستفادة من فرصة الحرية .
أما بالنسبة للنساء، فيقدم الكتاب قصصاً لنساء مثل لويز ماي ألكوت، التي عملت كممرضة خلال الحرب .
ولكن الأهم من ذلك هو إعادة إحياء شخصية لويز آدامز، المراسلة التي قدمت من خلال رسائلها صورة غنية وثاقبة للحياة في واشنطن أثناء الحرب. اكتشف إلسورث رسائلها بمساعدة أمينة مكتبة في جامعة وسط ميشيغان، ورأى فيها مراقباً بارعاً يستطيع رؤية حقيقة الأمور على الفور .
الأسلوب والأدب
السرد القصصي المشوق
يوصف الكتاب بأنه "ينطلق كفيلم سينمائي" أمام القارئ . لتحقيق هذا الإحساس بالتشويق، يستخدم إلسورث عدة تقنيات سردية:
فصول قصيرة: الكتاب مقسم إلى عشرات الفصول القصيرة، مع أقسام قصيرة داخل كل فصل، مما يخلق إيقاعاً سريعاً يجعل القارئ يواصل القراءة .
بدايات جذابة: يبدأ إلسورث العديد من فصوله بجمل افتتاحية قصيرة وجذابة خارج السياق بهدف إثارة فضول القارئ، مثل: "كانت يداه وقدماه دائماً باردتين" أو "لم يستطع أحد تقريباً فهم الصبي" .
ومع أن أحد المراجعين وجد هذا الأسلوب مبالغاً فيه بعض الشيء، إلا أنه يساهم في تحقيق تأثير التشويق المطلوب .تغيير متكرر للسياق: ينتقل السرد بسرعة بين المشاهد السياسية في واشنطن، وأنشطة ساحة المعركة، ومؤامرات الجواسيس، وتجارب الأمريكيين الأفارقة. هذا التنقل يحافظ على اهتمام القارئ ويقدم صورة شاملة للأحداث .
المنهجية التاريخية والبحث
الكتاب هو نوع جديد من الكتب عن الحرب الأهلية؛ فهو لا يقع ضمن تصنيف الكاتب الأكاديمي الجاف ولا يتبع نهج الكتاب الأكثر شعبية .
بدلاً من ذلك، يبني إلسورث كتابه على بحث علمي عميق—يذكر أحد المراجعين أن فصول الملاحظات والمراجع في الكتاب تحتوي على مئات المقالات والكتب والأرشيفات الصحفية والمصادر الأرشيفية عبر الإنترنت —ولكنه يقدمه بطريقة "غير خيالية سردية" تصل إلى جمهور عريض .
إحدى السمات البارزة هي كيفية تعامل إلسورث مع الحقائق المتنازع عليها. كما يشير أحد المراجعين، "عندما تكون هناك حقائق متنازع عليها أو روايات مختلفة لقصة ما، يختار إلسورث واحدة ويمضي معها" من أجل دعم تدفق السرد .
هذا القرار، بينما قد يثير تساؤلات من بعض المؤرخين، يتناسب مع هدف الكتاب المتمثل في أن يكون سرداً مشوقاً وليس دراسة أكاديمية.
التقيم النقدي وأهمية الكتاب
آراء النقاد والمؤرخين
حظي الكتاب بثناء كبير من مؤرخين مرموقين:
جيمس إم. ماكفرسون، مؤلف كتاب "Battle Cry of Freedom"، أشاد بالكتاب قائلاً: "بحس درامي للروائي ولكن بإخلاص للحقائق كمؤرخ ماهر، قام سكوت إلسورث بحبك قصص لجبهة الحرب والجبهة الداخلية في الحرب الأهلية... حتى القراء المطلعين على هذه السردية سيواجهون مواداً جديدة ومهمة هنا" .
بينما قال غاري دبليو. غالاغير، الأستاذ الفخري في جامعة فرجينيا: "ينقل 'منتصف الليل على البوتوماك' القراء إلى العام المحفوف بالمخاطر الأخير من الحرب الذي قرر مصير الأمة والتحرر" .
كما تلقى الكتاب مراجعات إيجابية من منشورات مثل "Library Journal" (مراجعة نجمية) التي وصفته بأنه "تحليل موسع وجذاب لعام محوري في التاريخ الأمريكي"، و "Publishers Weekly" التي أشادت بأنه "سرد مليء بالشغف والأناقة لأكثر السنوات إثارة في التاريخ الأمريكي" .
القيود والانتقادات المحتملة
على الرغم من الإشادة العامة، يشير بعض القراء إلى أن القراء المطلعين بعمق على تاريخ الحرب الأهلية قد لا يجدون الكثير من المعلومات الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالمعارك العسكرية التقليدية .
يركز إلسورث بشكل أكبر على الجوانب غير العسكرية مثل المؤامرات والجواسيس والتجارب الاجتماعية، مما قد يترك بعض القراء المتخصصين يتوقون إلى المزيد من التفاصيل عن الحملات العسكرية .
بالإضافة إلى ذلك، بينما يقدم إلسورث أدلة على الصلات بين بوث والخدمة السرية الكونفدرالية، إلا أن أحد المراجعين لاحظ أنه "يلمح بشدة لكنه لا يتهم صراحة كبار القادة الكونفدراليين بمؤامرة الاغتيال" . هذا النهج الحذر قد يترك بعض القراء في شك حول المدى الكامل للمؤامرة.
أهمية الكتاب في السياق المعاصر
يختتم إلسورث الكتاب بمشهد في مقبرة أرلينغتون الوطنية، في القسم 27، حيث يرقد أشخاص كانوا مستعبدين مع جنود سود وبيوت ماتوا دفاعاً عن قضية الاتحاد . يهدف هذا المشهد إلى تذكير الأمريكيين "بمجد ماضيهم وبالأمريكيين الذين بنوا هذا البلد" .
في عصر التقسيم السياسي العميق، يقدم الكتاب إلهاماً من خلال قصص الرجال والنساء، السود والبيوت، المولودين في البلاد والمهاجرين، الذين وضعوا خلافاتهم جانباً والتقوا معاً للعمل من أجل هدف مشترك .
الكتاب ليس مجرد سرد للماضي؛ إنه انعكاس على الحاضر. كما يكتب إلسورث، "الحرية لم تكن حرة تماماً في النهاية" . يستكشف الكتاب كيف أن نضال تحقيق وعود الحرية لا يزال مستمراً، مما يجعل القصة ذات صلة مستمرة بالصراعات الاجتماعية والسياسية الأمريكية اليوم.
خاتمة
"منتصف الليل على البوتوماك" لسكوت إلسورث هو إضافة قوية ومهمة إلى الأدب المتعلق بالحرب الأهلية الأمريكية.
من خلال بحثه الدقيق وأسلوبه السردي الجذاب، لا يقدم فقط رواية مشوقة عن العام الأخير من الصراع، بل يحطم أيضاً الأساطير القديمة ويقدم منظوراً جديداً للغاية.
من خلال إعادة تصوير جون ويلكس بوث كنجم مسرحي متعاون مع الجهود الكونفدرالية المنظمة، وتسليط الضوء على المساهمات الحاسمة للنساء والأمريكيين الأفارقة والعاديين، يقدم إلسورث صورة أكثر اكتمالاً وتعقيداً للأمة على حافة الهاوية
الكتاب هو شهادة على الشجاعة والعزرة والعظمة لأولئك الذين ساعدوا في الحفاظ على الولايات المتحدة وإعادة ولادتها، وهو تذكير قوي بالمخاطر الهائلة التي كانت على المحك وبالإرث الدائم الذي لا يزال يشكل أمريكا اليوم
0 تعليقات