"Aftershock: The Next Economy and America's Future" لروبرت ب. رايش
الكتاب وفكرته
يقدم كتاب "Aftershock: The Next Economy and America's Future" للخبير الاقتصادي الأمريكي روبرت ب. رايش، الذي شغل منصب وزير العمل في عهد الرئيس بيل كلينتون
تشخيصاً دقيقاً ومقنعاً للأسباب الهيكلية الكامنة وراء الأزمة المالية الأمريكية لعام 2008، وكذلك خريطة طريق للتعافي الاقتصادي في المستقبل.
تدور فكرة الكتاب حول فكرة أن السبب الجذري للأزمة المالية لا يعود فقط إلى الممارسات غير المسؤولة في وول ستريت، كما كان التفسير السائد آنذاك، بل إلى التركيز المتزايد للثروة والدخل في قمة الهرم الاقتصادي، مما أدى إلى تفكيك الأسس الهيكلية للاقتصاد الأمريكي.
يرى رايش أن التركيز الشديد للثروة لم يهدد فقط الاستقرار الاقتصادي، بل هدد أيضاً النسيج الاجتماعي الأمريكي والمستقبل السياسي للبلاد، حيث أدى إلى تقويض ما يسميه "الصفقة الأساسية" (The Basic Bargain) التي تقوم عليها الاقتصادات الرأسمالية الصحية .
يكتب رايش من موقع الخبرة الأكاديمية والعملية، مستنداً إلى تاريخه كأستاذ للسياسات العامة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، ووزير سابق للعمل، ومستشار لعدة رؤساء أمريكيين.
يقدم الكتاب تحليلاً تاريخياً مقارناً بين الأزمة المالية لعام 2008 والكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، مشيراً إلى أوجه التشابه الهيكلية بين الفترتين، لا سيما من حيث تركيز الثروة وعدم قدرة الطبقة المتوسطة على الحفاظ على قوتها الشرائية.
يهدف هذا الملخص إلى تقديم عرض شامل لأفكار الكتاب الرئيسية، مع التركيز على تشخيص المشكلة، والتحليل التاريخي، وآليات التكيف، والحلول المقترحة، والتقييم النقدي لأطروحة رايش.
الخلفية التاريخية والسياق الاقتصادي
التركيز التاريخي للثروة والدورات الاقتصادية
يبدأ رايش تحليله بتتبع الاتجاهات التاريخية في توزيع الدخل والثروة في الولايات المتحدة، مبرزاً وجود ما يشبه "البندول" الذي يتأرجح بين فترات ينتشر فيها الرخاء بشكل واسع، وفترات أخرى يتركز فيها الثروة في أيدي قليلة.
يشير إلى أن الفترة بين عامي 1947 و1977، التي يسميها "الازدهار العظيم"، تميزت بنمو اقتصادي شامل استفادت منه الغالبية العظمى من الأمريكيين، حيث زادت دخول جميع الشرائح الاقتصادية تقريباً بنفس المعدل تقريباً.
لكن هذا الوضع بدأ بالتغير جذرياً منذ أواخر السبعينيات، عندما بدأت دخول الطبقة المتوسطة والعاملة في الركود، بينما استمرت دخول أفقر الأمريكيين في الانخفاض، وبدأت دخول الأكثر ثراءً في الارتفاع بشكل حاد .
أوجه التشابه بين عامي 1928 و2008 تُعد جوهرية في تحليل رايش، حيث يشير إلى أنه في كلتا السنتين، حصل أعلى 1% من الأمريكيين على 23% من إجمالي الدخل القومي.
هذا التركيز الشديد للدخل في قمة الهرم الاقتصادي أدى، في كلا الحالتين، إلى عدم استقرار النظام الاقتصادي بأكمله، لأنه قوض القدرة الاستهلاكية للطبقة المتوسطة، التي تشكل المحرك الرئيسي للاقتصاد الأمريكي القائم على الاستهلاك.
في الثلاثينيات، كان الرد على هذا الاختلال هو "الصفقة الجديدة" (New Deal) للرئيس فرانكلين روزفلت، التي أعادت توازن النظام الاقتصادي من خلال تدخل الحكومة لصالح العمال والطبقة المتوسطة. لكن رايش يرى أن الأمريكيين في أعقاب أزمة 2008 لم يشهدوا بعد استجابة مماثلة في الحجم أو الرؤية .
نظرية "الصفقة الأساسية" (The Basic Bargain)
في قلب تحليل رايش تقف فكرة "الصفقة الأساسية" التي تعتبر حجر الزاوية في الاقتصاد الرأسمالي الصحي. تُعرِّف هذه الصفقة العلاقة بين الأجور والإنتاجية، حيث تقتضي أن تزداد أجور العاملين بنفس معدل زيادة إنتاجيتهم، مما يمكنهم من شراء السلع والخدمات التي ينتجونها، وبالتالي الحفاظ على دائرة اقتصاديةvirtuous circle من الإنتاج والاستهلاك. يشرح رايش أنه "إذا لم يكن لديك المال لشراء الأشياء، فستقترضها وستشتريها مع ذلك. لكن الاقتصاد سينهار في النهاية بسبب الديون المفرطة" .
كسر الصفقة الأساسية في العقود الأخيرة أدى إلى اختلال خطير في الاقتصاد. بينما استمرت الإنتاجية في الارتفاع، ركدت الأجور الحقيقية للطبقة المتوسطة والطبقة العاملة. وفقاً لرايش، "المشكلة لم تكن أن الأمريكيين أنفقوا beyond إمكانياتهم، بل أن إمكانياتهم لم تواكب ما كان يمكن ويجب أن يوفره الاقتصاد الأكبر لهم" . هذا الانفصال بين الإنتاجية والأجور قوض تدريجياً الأساس الذي يقوم عليه الاقتصاد الاستهلاكي الأمريكي، مما أدى إلى خلل هيكلي تطلب آليات تكيف معقدة، وأدى في النهاية إلى الأزمة.
تحليل الأزمة المالية لعام 2008
الأسباب الهيكلية مقابل التفسيرات السطحية
يرفض رايش التفسيرات السائدة للأزمة المالية التي تركز على الجشع في وول ستريت والممارسات الإقراضية غير المسؤولة كأسباب جذرية للأزمة. بدلاً من ذلك، يرى أن هذه العوامل كانت مجرد أعراض لمشكلة أعمق تتمثل في التركيز المفرط للثروة والدخل. في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك المحلي لقيادة النمو، فإن تركيز معظم المكاسب الاقتصادية في قمة الهرم يعني حرمان الاقتصاد من الطلب الكافي، لأن الأثرياء ينفقون نسبة أقل من دخولهم على الاستهلاك compared إلى الطبقة المتوسطة والفقيرة. يلاحظ رايش أن "التحدي المطلق المتمثل في إنفاق مبالخفة من المال يمكن أن يكون مفاجئاً" ، مما يعني أن الثري حتى لو أراد إنفاق أمواله، لا يمكنه استهلاك نفس النسبة من دخول التي يستهلكها الشخص من الطبقة المتوسطة.
هذا الاختلال في القوة الشرائية أدى إلى فجوة بين ما كان الاقتصاد قادراً على إنتاجه وما كان الناس قادرين على شرائه بشكل مستدام. في ظل النظام السليم، يجب أن تؤدي زيادة الإنتاجية إلى زيادة الأجور، مما يمكن العمال من شراء السلع والخدمات التي ينتجونها. لكن مع كسر "الصفقة الأساسية"، أصبحت الزيادة في الإنتاجية تترجم إلى أرباح للمساهمين ومكافآت للمديرين التنفيذيين، دون أن تصل إلى غالبية القوى العاملة. النتيجة كانت اقتصاداً يعاني من نقص في الطلب الكلي، مما يجعله عرضة للأزمات الدورية المتزايدة الحدة .
آليات التكيف الثلاث وكيف أجلت الأزمة
يوضح رايش أن الأمريكيين من الطبقة المتوسطة لم يستسلموا ببساطة لركود دخولهم، بل طوروا ثلاث آليات تكيف رئيسية سمحت لهم بالحفاظ على مستوى معيشتهم، وأجلت في الوقت نفسه مواجهة الأزمة الحتمية لعدة عقود:
دخول النساء إلى القوى العاملة: بين السبعينيات والتسعينيات، دخلت أعداد كبيرة من النساء سوق العمل، مما وفر مصدر دخل إضافي للعديد من الأسر الأمريكية. هذا التوسع في القوى العاملة عوّض جزئياً عن ركود الأجور الفردية، وحافظ على إجمالي دخل الأسرة. لكن هذه الآية وصلت إلى حدها الأقصى عندما أصبحت مشاركة النساء في سوق العمل هي القاعدة وليس الاستثناء .
العمل لساعات أطول: حاول العديد من العمال تعويض ركود الأجور من خلال العمل لساعات إضافية أو شغل أكثر من وظيفة. لكن هذه الإستراتيجية واجهت حدوداً طبيعية في عدد الساعات التي يمكن للفرد العملها دون أن تتراجع إنتاجيته أو تتعرض صحته للخطر .
اللجوء إلى الاقتراض: عندما لم تعد الآليتان السابقتان كافيتين، اتجهت الأسر الأمريكية بشكل متزايد إلى الاقتراض للحفاظ على مستوى معيشتها. تم تسهيل هذا من خلال الائتمان المدعوم بأسعار الفائدة المنخفضة، وارتفاع قيمة المنازل الذي سمح بالاقتراض بضمان حقوق الملكية، والانتشار الواسع لبطاقات الائتمان. أصبح الدين بديلاً عن الأجور كوسيلة لتمويل الاستهلاك، مما خلق فقاعة debt كان لا بد أن تنفجر في النهاية .
آليات التكيف الثلاث وكيف أدت إلى الأزمة:
| آلية التكيف | كيف عملت | سبب فشلها |
|---|---|---|
| دخول النساء إلى سوق العمل | وفر مصدر دخل ثانٍ للأسر | وصل إلى نقطة التشبع عندما أصبحت معظم النساء تعملن بالفعل |
| العمل لساعات أطول | زيادة الدخل من خلال العمل الإضافي | حدود بشرية طبيعية لعدد الساعات التي يمكن العملها |
| الاقتراض | سد الفجوة بين الدخل والاستهلاك عبر الديون | أدى إلى تراكم ديون غير قابلة للاستدامة وانفجار الفقاعة |
الحلول والسياسات المقترحة
الإصلاحات الاقتصادية لإعادة التوازن
يقترح رايش مجموعة من الإصلاحات والسياسات الاقتصادية الطموحة التي تهدف إلى إعادة بناء الطبقة المتوسطة واستعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي. تتميز هذه الحلول بأنها تتعامل مع المشكلة كخلل هيكلي يتطلب تدخلاً حكومياً قوياً، وليس مجرد إصلاحات سطحية. من أبرز هذه المقترحات:
الضريبة العكسية على الدخل (Reverse Income Tax): يقترح رايش نظاماً لتحويل الدخل للأفراد والأسر التي يقل دخلها عن 50,000 دولار في السنة، بحيث تحصل على دفعات تكميلية من الحكومة بدلاً من أن تدفع ضرائب. هذا المقصد هو بشكل أساسي توسيع كبير لفكرة "ائتمان ضريبة الدخل المكتسب" (Earned Income Tax Credit) ليشمل شريحة أوسع من الطبقة المتوسطة، مما يضمن حصولهم على حد أدنى من الدخل يمكنهم من المشاركة بشكل كامل في الاقتصاد الاستهلاكي .
ضرائب هامشية أعلى على الدخل المرتفع: يدعو إلى زيادة الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع بشكل تدريجي، حيث يقترح مثلاً معدل ضريبي يصل إلى 55% للدخل الذي يتجاوز 410,000 دولار سنوياً، مقارنة بـ 40% للدخل around 160,000 دولار. يرى رايش أن هذا ليس مجرد وسيلة لتمويل البرامج الاجتماعية، بل أيضاً طريقة لتقليل الحوافز على accumulation الثروة المفرط الذي لا يساهم في الاقتصاد الحقيقي .
إصلاح النظام الضريبي لرأس المال: يلفت الانتباه إلى المفارقة التي يتمتع فيها أصحاب الدخل من الاستثمارات (كالأرباح الرأسمالية) بمعاملة ضريبية تفضيلية compared إلى أصحاب الدخل من العمل، حيث يشير إلى أن بعض كبار الأثرياء دفعوا ضرائب بمعدلات effective تصل إلى 17% فقط في عام 2009. يقترح معادلة المعدلات الضريبية بين الدخل من العمل والدخل من رأس المال لتحقيق عدالة ضريبية .
الضريبة الكربونية (Carbon Tax): يقترح فرض ضرائب على انبعاثات الكربون لتحفيز الانتقال إلى الطاقة النظيفة، مع تخصيص عائدات هذه الضريبة لتمويل البرامج الاجتماعية ودعم تحول القوى العاملة إلى قطاعات أكثر استدامة .
إصلاح النظام التعليمي والصحي: يدعو إلى نظام تعليمي أكثر إنصافاً من خلال منح قسائم مدرسية تتناسب مع دخل الأسرة، وكذلك إنشاء نظام تأمين صحي شامل يخفف الأعباء المالية على الأسر المتوسطة والفقيرة .
الإصلاحات السياسية لمحاربة عدم المساواة
إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية، يدرك رايش أن الاختلال في القوة السياسية يساهم في استمرار عدم المساواة الاقتصادية. فالسياسيون، تحت تأثير المانحين الأثرياء ومجموعات الضغط، غالباً ما يسنون سياسات تفيد الأثرياء على حساب الطبقة المتوسطة. لذلك يقترح مجموعة من الإصلاحات السياسية منها:
تمويل الحملات الانتخابية: إصلاح نظام تمويل الحملات للحد من تأثير الثروة على العملية السياسية، وضمان تمثيل مصالح المواطنين العاديين.
تعزيز النقابات العمالية: إحياء الحركة النقابية لتعطي العمال قوة تفاوضية أكبر في المطالبة بحصتهم العادلة من النمو الاقتصادي.
الشفافية والمحاسبة: زيادة الشفافية في عملية صنع السياسات ومحاسبة السياسيين على القرارات التي تزيد من تركيز الثروة .
الحلول المقترحة في الكتاب:
| مجال الحل | السياسة المقترحة | الهدف المتوقع |
|---|---|---|
| السياسة الضريبية | ضريبة عكسية على الدخل لدخل أقل من 50,000 دولار | دعم القوة الشرائية للطبقة المتوسطة والفقيرة |
| السياسة الضريبية | ضرائب هامشية أعلى تصل إلى 55% لأعلى الشرائح دخلاً | تقليل تركيز الثروة وتمويل البرامج الاجتماعية |
| السياسة البيئية | ضريبة الكربون | تمويل التحول الأخضر ودعم الدخل |
| السياسة التعليمية | قسائم مدرسية مرتبطة بدخل الأسرة | ضمان تكافؤ الفرص التعليمية |
| السياسة الصحية | تأمين صحي شامل | تخفيف الأعباء المالية على الأسر |
| الإصلاح السياسي | إصلاح تمويل الحملات وتعزيز النقابات | إعادة التوازن إلى القوة السياسية |
التقييم النقدي والاستقبال
ردود النقاد على أطروحة الكتاب
تلقى كتاب "Aftershock" ردود فعل متباينة من النقاد والقراء. من ناحية، أشاد الكثيرون بقدرة رايش على شرح قضايا اقتصادية معقدة بلغة واضحة ومقنعة، وبتحليله التاريخي المقنع للعلاقة بين تركيز الثروة والأزمات الاقتصادية.
فمثلاً، وصف موقع "كيركوس ريفيوز" الكتاب بأنه "واضح ومقنع" . كما أشير إلى البعد النبوي للكتاب الذي تنبأ بظهور ردود فعل سياسية غاضبة وشعبوية في ظل استمرار عدم المساواة، وهو ما تجلى في صعود حركات مثل "احتلوا وول ستريت" ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيز، حيث يذكر أحد القراء أن "روبرت رايش تنبأ به في 2010" .
من ناحية أخرى، وجهت للكتاب عدة انتقادات، لعل أبرزها:
عدم كفاية الحلول المقترحة: يرى بعض النقاد أن حلول رايش، رغم كونها معقولة، لا ترقى إلى مستوى التحدي الهيكلي الذي يشخصه. فجوشوا كوبر رامو، في مراجعة لمجلة "كايرو ريفيو"، وصف اقتراحات رايش بأنها "بعد الارتعاش" (afterwobble) وليست "بعد الصدمة" (aftershock)، معتبراً أنها لا تقدم الأفكار الطموحة والجذرية الكافية للتعامل مع حجم المشكلة .
الاعتماد المفرط على تدخل الحكومة: ينتقد البعض افتراض رايش أن الحكومة يمكنها وحلها أن تنفذ هذه الإصلاحات بشكل فعال، متجاهلاً مشاكل البيروقراطية والهدر التي قد ترافق مثل هذه البرامج الحكومية الواسعة. كما أن اقتراحاته تتطلب مستوى من التوافق السياسي يصعب تحقيقه في الواقع الأمريكي القطبي .
تجاهل عوامل العولمة: يرى بعض المحللين أن تحليل رايش يركز كثيراً على العوامل المحلية ويتجاهل إلى حد ما دور العولمة والمنافسة الدولية في تحويل الاقتصاد الأمريكي. فتحويل الوظائف إلى دول ذات تكلفة أقل والمنافسة من الاقتصادات الناشئة مثل الصين عوامل ساهمت بشكل كبير في تآكل قاعدة الصناعة الأمريكية وتآكل قوة العمل .
صلة الكتاب بالواقع الحالي
على الرغم من مرور أكثر من عقد على نشر الكتاب، لا تزال أطروحته شديدة الصلة بالواقع الاقتصادي الحالي. فعدم المساواة الاقتصادية في الولايات المتحدة لم فقط استمر، بل ازداد حدة في أعقاب جائحة كوفيد-19، حيث استفاد أصحاب الثروات من انتعاش أسواق المال، بينما عانى الكثير من العاملين في القطاعات المتوسطة والمنخفضة الدخل من خسائر وظيفية ودخلية.
كما أن التنبؤات السياسية التي قدمها الكتاب عن صعود الشعبوية واستغلال الغضب العام قد تجسدت بشكل واضح في المشهد السياسي الأمريكي .
من ناحية أخرى، شهدت السنوات الأخيرة نقاشات سياسات متجددة حول العديد من الأفكار التي قدمها رايش، مثل "الضريبة العكسية على الدخل" التي تظهر في أشكال حديثه مثل عروض "الضمان الأساسي الشامل" و"الدخل الأساسي الشامل"، وكذلك الدعوات المتزايدة لزيادة الضرائب على الأثرياء لتمويل الاستثمارات الاجتماعية.
هذا يثبت أن تشخيص رايش للمشكلة واقتراحاته للحلول لا يزالان حاضرين في النقاش العام حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
ملخصا
يقدم كتاب "Aftershock: The Next Economy and America's Future" تحليلاً مقنعاً ومستفزاً للفكر للأسباب الجذرية الكامنة وراء الأزمة المالية الأمريكية، مشيراً إلى أن التركيز المتزايد للثروة في أيدي قلة هو الذي قوض الأسس الهيكلية للاقتصاد وأدى إلى عدم الاستقرار.
من خلال تحليله التاريخي المقارن، يوضح رايش أن الاقتصادات الرأسمالية تمر بدورات من التركيز والانتشار في توزيع الثروة، وأن فترات التركيز الشديد تؤدي حتماً إلى أزمات اقتصادية واجتماعية.
الاستنتاج الرئيسي للكتاب هو أن الطبقة المتوسطة الأمريكية لم تعد قادرة على لعب دورها التقليدي كمحرك للاقتصاد الاستهلاكي، لأنها تفتقر إلى القوة الشرائية الكافية لشراء ما يمكن للاقتصاد إنتاجه.
الآليات التي اعتمدت عليها الأسر الأمريكية للتكيف مع ركود الدخل - من عمل النساء، وساعات العمل الطويلة، والاقتراض المفرط - قد وصلت إلى حدودها القصوى، ولم تعد قادرة على تأجيل مواجهة الأزمة الهيكلية.
رغم أن الحلول التي يقدمها رايش قد تبدو طموحة ويصعب تحقيقها في المناخ السياسي الحالي، إلا أنها تشكل خريطة طريق مهمة للتعامل مع أحد التحديات المركزية في الاقتصاد الأمريكي.
الكتاب يدعو في النهاية إلى إعادة تخيل العقد الاجتماعي والاقتصادي الأمريكي، حيث تكون النمو الاقتصادي مصحوباً بانتشار الرخاء، وتكون "الصفقة الأساسية" بين العمل ورأس المال متوازنة مرة أخرى.
في عالم ما بعد جائحة كوفيد-19، وفي ظل تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية، تبقى رؤية روبرت رايش في "Aftershock" ذات أهمية استثنائية لفهم ماضي أمريكا الاقتصادي واستشراف مستقبلها

0 تعليقات