Our Brains, Our Selves
ملخص كتاب "أدمغتنا، أنفسنا" لمسعود حسين
الدماغ كباني الهوية
يطرح البروفيسور مسعود حسين، أستاذ علم الأعصاب الإدراكي بجامعة أكسفورد، سؤالاً محورياً: ما الذي يجعلنا من نحن؟ بينما تشمل الإجابات التقليدية الخلفية الأسرية، التعليم، والمهن، يجادل حسين بأن العامل الأساسي هو الدماغ البشري .
من خلال ثلاثين عاماً من الممارسة السريرية، يوثق كيف أن اضطرابات الدماغ - حتى الطفيفة منها - يمكن أن تقوض الهوية الشخصية والاجتماعية، مقدماً أمثلة مروعة:
امرأة فقدت ذاكرتها فظنت أن زوجها عشيق لها
رجل فقد القدرة على فهم الكلمات أو الفكاهة
مريضة توقفت عن الاهتمام برأي الآخرين فيها .
الهوية كوهم عصبي
يستكشف حسين فكرةً مثيرةً للجدل مستنداً إلى فلسفة دانيال دينيت: "الذات وهم سردي" .
ليست الهوية كياناً ثابتاً، بل هي بناء هش ينبثق من تفاعل معقد بين:
الانتباه (الذي يحدد ما نركز عليه)
الذاكرة (التي تبني سردية حياتنا)
الدافع (الذي يحرك سلوكنا)
التعاطف (الذي يربطنا بالآخرين) .
"بدون وظائف دماغية أساسية، تصبح الهويات الشخصية والاجتماعية التي بنيناها على مدى سنوات... بلا قيمة" .
دراما بشرية تكشف أسرار الهوية
الرجل الذي نفدت كلماته (فقدان اللغة)
رجل أصيب بجلطة في الفص الصدغي الأيسر، المنطقة المسؤولة عن المعالجة الدلالية. لم يفقد فقط القدرة على فهم الكلمات، بل فقد أيضاً إحساسه بالفكاهة والتعقيد العاطفي في العلاقات، مما أدى إلى تفكك هويته كزوج وأب .
المرأة التي نسيت زوجها (الخرف الجبهي الصدغي)
بسبب تنكس عصبي في الفص الجبهي، اعتقدت المريضة أن زوجها كان عشيقاً سرياً. يشرح حسين كيف أن تلف الحُصين (مركز الذاكرة) يمنع تكوين ذكريات جديدة، مما يجعل الدماغ يملأ الفراغ بقصص وهمية .
اختفاء الدافع (إصابة الفص الجبهي البطني)
شاب أصيب بضرر في النواة المتكئة (جزء من العقد القاعدية). لم يعد يهتم بدراسته أو علاقاته. يكشف حسين كيف أن هذه المنطقة مرتبطة بـ نظام المكافأة في الدماغ، وأن تلفها يدمر الرغبة في تحقيق الأهداف، مما يحول الشخص إلى "غريب" حتى عن أقرب الناس إليه .
فقدان التعاطف (سكتة الفص الجبهي)
امرأة توقفت فجأة عن الاهتمام بمشاعر الآخرين بعد سكتة دماغية في القشرة الحزامية الأمامية. يربط حسين هذه المنطقة بـ الذكاء العاطفي، مشيراً إلى أن فقدان التعاطف ليس "خللاً أخلاقياً" بل عجزاً عصبياً .
حالات المرضى ووظائف الدماغ المتأثرة:
الحالة | المنطقة الدماغية | الوظيفة المتأثرة | التغيير في الهوية |
---|---|---|---|
الرجل الذي نفدت كلماته | الفص الصدغي الأيسر | المعالجة الدلالية | فقدان الفكاهة، تبسيط العلاقات |
المرأة التي نسيت زوجها | الحُصين والفص الجبهي | الذاكرة والتقييم الواقعي | تشوه الذكريات والهوية الاجتماعية |
اختفاء الدافع | النواة المتكئة | نظام المكافأة | فقدان الطموح والاهتمام بالآخرين |
فقدان التعاطف | القشرة الحزامية الأمامية | الذكاء العاطفي | انعدام الاهتمام بمشاعر الآخرين |
كيف تبني الدماغ الهوية؟
نظام الذاكرة: حارس السيرة الذاتية
يشرح حسين كيف تعمل الذاكرة العاملة (في الفص الجبهي) والذاكرة طويلة المدى (في الحُصين) معاً لنسج قصة حياتنا. عند تلفها، تنفصل الذكريات عن سياقها الزمني والعاطفي .
نظام الانتباه: مهندس الواقع
منطقة الجدار الجداري الخلفي ترشح المدخلات الحسية. يروي حالة مريض أصيب بضرر في هذه المنطقة فأصبح عاجزاً عن تمييز المحفزات ذات الصلة، مما شتت إحساسه بالواقع .
الدافع والتعاطف: محركات السلوك الاجتماعي
يربط حسين بين النواة المتكئة والرغبة في تحقيق الأهداف، وبين اللوزة الدماغية والقدرة على قراءة المشاعر. تلف هذه المناطق يحول البشر إلى كائنات "لا اجتماعية" .
الدماغ الاجتماعي
يقدم حسين تحليلاً ثورانياً: الحاجة إلى الانتماء ليست مجرد حاجة نفسية بل بيولوجية عصبية. من خلال مقارنة بين:
المرضى العصبيين الذين يعانون من العزلة بسبب اضطراب وظائف الدماغ
المهمشين اجتماعياً (مثل تجربة حسين الشخصية كبريطاني من أصل بنغالي) .
يظهر أن كلا المجموعتين تظهران نشاطاً متشابهاً في القشرة الجزيرية، المنطقة المرتبطة بالألم الجسدي والاجتماعي. هذا يوضح أن الرفض الاجتماعي "يؤلم" حرفياً .
الإرادة الحرة وهم عصبي؟!
يناقش حسين فكرة مقلقة: قد تكون "الإرادة الحرة" وهمياً دماغياً. في حالة مريض مصاب بورم في الفص الجبهي، اتخذ قرارات متهورة دون إدراك العواقب. يشرح أن مناطق مثل القشرة أمام الجبهية تتنبأ بالعواقب قبل أن نكون "واعين" بقرارنا، مما يشكك في فكرة "الاختيار الواعي" .
استعادة الهوية
رغم التشاؤم الظاهري، يقدم حسين أمثلة على المرونة العصبية:
العلاج بالتحفيز العميق للدماغ لمريض بالباركنسون استعاد قدرته على الحركة والتفاعل الاجتماعي
العلاج السلوكي المعرفي ساعد مريضة بفقدان التعاطف على تعلم "قراءة" المشاعر .
"فهمنا لطريقة عمل الدماغ الطبيعي يمنح الأمل لمن يعانون من اضطرابات دماغية" .
دروس الوجود البشري
يختتم حسين بأربعة استنتاجات فلسفية:
الهوية هشة: اضطراب بسيط في الدماغ يمكن أن يحولنا إلى "غرباء" عن أنفسنا.
الانتماء حاجة بيولوجية: العزلة تضر الدماغ كما تضر الجسم.
الحدود بين "الطبيعي" و"المريض" ضبابية: كلنا على طيف متصل من الوظائف الدماغية.
الأمل في العلم: تقدم علم الأعصاب يقدم وسائل جديدة لاستعادة الذات .
تأثير
حصل الكتاب على تقييم 5/5 من القراء ، وتمت مقارنته بأعمال أوليفر ساكس . النقاط البارزة في المراجعات:
القوة: الدمج بين القصص الإنسانية والتعقيد العلمي .
الجديد: الربط بين العزلة العصبية والاجتماعية .
الضعف: تركيز محدود على دور الثقافة في تشكيل الدماغ .
نبذة عن المؤلف
مسعود حسين:
محرر مجلة "Brain" المرموقة (أقدم مجلة عصبية، تأسست 1878) .
يجمع بين أقسام علم الأعصاب، التصوير الدماغي، وعلم النفس .
يشارك في مهرجانات أدبية مثل مهرجان دبلن (مايو 2025) .
مرآة للإنسانية
"أدمغتنا، أنفسنا" ليس مجرد كتاب عن الأمراض العصبية؛ إنه تتبع للشرط البشري.
من خلال قصص المرضى، يدعونا حسين لتأمل بعض الأسئلة الوجودية.
من نكون حين يتبدل دماغنا؟ كيف يمكن المحافظة على إنسانيتنا مع الشيخوخة الجسدية؟ وما معناها عندما تقطن جسداً ؟ "في مواجهة هشاشة الذات، قد نجد، بمفارقة، فهماً أعمق لما يعنيه أن ننتمي حقاً"
. يبقى مؤلف عقولنا ونحن مرجعاً أساسياً في الثقل ما بين التخيل وفهم مركز الجسد في القرن الواحد وعشرون.
0 تعليقات