إمبراطورية الذكاء الاصطناعي

إمبراطورية الذكاء الاصطناعي

 

 "إمبراطورية الذكاء الاصطناعي

 أحلام وكوابيس في عالم سام ألتمان وشركة OpenAI" لكارين هاو (2025)

الكتاب وأهميته

صدر كتاب "إمبراطورية الذكاء الاصطناعي" في مايو 2025 ليصبح فوراً من الكتب الأكثر مبيعاً وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز . تأتي أهمية العمل من كونه:

  • نتاج 7 سنوات من البحث الميداني والتحقيقات الصحفية الدقيقة.

  • مستنداً إلى 260 مقابلة مع مهندسين وعمال وعلماء ومتضررين من آثار الذكاء الاصطناعي حول العالم.

  • أول تحقيق شامل يكشف التحول الجذري لـ OpenAI من منظمة غير ربحية إلى إمبراطورية تكنولوجية تسيطر على مستقبل التقنية.

كارين هاو، الصحفية السابقة في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT Technology Review)، كانت من أوائل الصحفيين الذين زاروا مقر الشركة عام 2019، ولاحظت مبكراً ثقافة السرية والغموض التي تحيط بمشروعها.


 البذور - النشأة والتحول (2015-2018)

1. الحلم الأصلي والانحراف

  • تأسست OpenAI عام 2015 بمبادرة من سام ألتمان وإيلون ماسك، بدافع الخوف من تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر.

  • في لقاء سري عام 2015، ناقش ماسك و"لاري بيج" (مؤسس جوجل) حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، حيث رأى بيج أنه "المرحلة التالية من التطور" بينما حذر ماسك من أنه "تهديد وجودي".

  • تحولت الشركة من منظمة غير ربحية تهدف لـ"الذكاء العام الآمن" (AGI) إلى كيان هجين يجمع التمويل التجاري (مليارات من مايكروسوفت) مع الحفاظ على خطاب المهمة الإنسانية.

2. الهندسة العكسية للقيم

  • مبدأ "الحجم هو كل شيء" (Scale): أصبح شعاراً داخلياً في الشركة، حيث آمن إيليا سوتسكيفر (كبير العلماء) بأن "الشبكات العصبية الكبيرة بما يكفي ستطور ذكاءً شبيهًا بالبشر".

  • التضحية بالشفافية: توقفت الشركة عن نشر أبحاثها وبيانات التدريب بعد 2019، مما أفقد المجتمع العلمي قدرته على اختبار النتائج أو إعادة إنتاجها.


 الآلية - كيف تبني إمبراطورية؟

1. استعمار البيانات والعمالة

  • استغلال العمالة الرخيصة: اعتمدت الشركة على آلاف العمال في كينيا والفلبين وفنزويلا لتدقيق المحتوى العنيف أو المسيء في مجموعات البيانات، بأجور زهيدة وتحت ظروف نفسية قاسية.

  • نهب الإبداع البشري: استخدمت بيانات فنانين وكتّاب دون إذن أو تعويض، مما أفقد كثيرين (مثل الفنانة "كارلا أورتيز") فرص عملهم.

  • مقارنة استعمارية: يشير العنوان "إمبراطورية" إلى تشابه شركات الذكاء الاصطناعي مع الشركات الاستعمارية مثل "شركة الهند الشرقية" في:

    • نهب موارد الآخرين (البيانات).

    • استغلال العمالة الرخيصة.

    • تبرير الأفعال بـ"البعثة الحضارية" (مثل إدعاء نشر الـ AGI لصالح البشرية).

2. الطموح التكنولوجي وأوهام الضرورة

  • وهم الوعي: ينتقد الكتاب تصريحات قادة OpenAI (مثل تغريدة سوتسكيفر عام 2022: "قد تكون الشبكات العصبية واعية جزئياً")، ويشير إلى أن هذه الادعاءات تعيد إنتاج أوهام تاريخية مثل "وهم إليزا" (الانخداع بوعي الآلة).

  • تجاهل البدائل: توجد مسارات أخرى لتطوير الذكاء الاصطناعي (مثل نماذج صغيرة الحجم ببيانات مُختارة بعناية)، لكن هيمنة شركات مثل OpenAI "خنقت هذه الخيارات".

3. الكارثة البيئية الخفية

  • استنزاف الموارد: يتطلب تشغيل نماذج مثل GPT-4 كميات هائلة من الطاقة والمياه، مما يؤثر على المجتمعات المحلية (مثل نشطاء المياه في تشيلي).

  • مشكلة المحتوى المُصنَّع: 40% من بيانات الإنترنت أصبحت من إنتاج الذكاء الاصطناعي، مما يلوّث مجموعات البيانات المستقبلية ويدفع الشركات لابتكار طرق أكثر تدخلاً لجمع البيانات البشرية "الأصيلة".


 الزلزال - السقوط والعودة (2023)

يكشف الكتاب بالتفصيل عن أزمة إقالة سام ألتمان في نوفمبر 2023 ثم عودته بعد أيام:

  • الصراع الأيديولوجي: اندلعت الأزمة بين معسكرين:

    • المتشائمون (بقيادة سوتسكيفر): يخشون من تسريع وتيرة تطوير الـ AGI دون ضمانات أخلاقية.

    • العمليون (بقيادة ألتمان): يرون أن المنافسة مع الصين تتطلب التوسع السريع.

  • الدور الخفي لـ"مايكروسوفت": تدخلت الشركة بقوة لضمان عودة ألتمان، لحماية استثماراتها التي تجاوزت 13 مليار دولار.

  • الرسالة الخفية: "العمالة البشرية هي عمودك الفقري، لكنك تستبدلها بأسرع ما يمكن" – ملاحظة داخلية من قناة "Slack" في الشركة.


 النقد - تفكيك أسطورة التقنية المحايدة

1. شخصية سام ألتمان: بين العبقرية والازدواجية

  • القدرة على الإقناع: يصفه "جيف رالستون" (مستثمر) بقدرته على "سرد حكاية مقنعة تريد أن تكون جزءاً منها".

  • الاتهامات الشخصية: يُذكر الكتاب اتهامات شقيقته "آن ألتمان" بسوء المعاملة وعدم مساعدتها مالياً رغم ثروته الهائلة.

  • النقد العالمي: بعد نشر الكتاب، هاجمه ألتمان علناً على وسائل التواصل.

2. خرائط بديلة: كيف كان يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مختلفاً؟

يقدم الكتاب نماذج بديلة لتطوير الذكاء الاصطناعي:

  • نموذج الماوري في نيوزيلندا: طوّروا أداة للتعرف على الكلام بلغة الماوري باستخدام بيانات مُتبرع بها بموافقة المجتمع، مع ترخيص يلزم المستخدمين بحماية البيانات.

  • مشروع BLOOM: نموذج مفتوح المصدر من تطوير "هوجينج فيس" يعتمد على بيانات متنوعة ومُوثقة.

  • خلاصة: هذه النماذج تثبت أن "الطريق الحالي ليس حتمياً، بل هو اختيار قائم على الجشع".


المستقبل - هل يمكن تفكيك الإمبراطورية؟

1. سيناريوهات الانهيار

  • التناقض الداخلي: كلما اقتربت الشركة من تحقيق الـ AGI، زادت حاجتها لبيانات وموارد لا يمكن تعويضها، مما يسرع الأزمة البيئية والاجتماعية.

  • الصراع مع الحكومات: تواجه الشركة دعاوى قضائية متعددة حول حقوق النشر والعمالة، وقد تفرض الحكومات (مثل الاتحاد الأوروبي) قيوداً صارمة .

2. مبادئ للمستقبل

تقترح هاو:

  • "معسكر المساءلة": بدلاً من الانقسام بين "المتفائلين" (الذين يرون أن الذكاء الاصطناعي سيُخلّص البشرية) و"المتشائمين" (الذين يخشون انقراض الجنس البشري)، تدعو لمركزية الشفافية والمساءلة.

  • إصلاح جذري: يجب أن تشمل الرقابة:

    • الإفصاح عن بيانات التدريب.

    • تعويض عادل للعمال والمبدعين.

    • معايير صارمة للاستدامة البيئية.


ملخصا

يختتم الكتاب برؤية نقدية قوية:

  • تحذير من "الاستثناء التكنولوجي": فكرة أن التقنية تتجاوز القوانين الأخلاقية هي تبرير خطير للاستغلال.

  • دعوة للوعي: "هذه ليست قصة شركة واحدة، بل هي قوة جاذبية تشوّت أحكام الجميع".

  • تقييم نقدي: وفقاً لمجلة "جاكوبين"، هذا الكتاب "يرفض اللعب بلعبة تجار الضجّة، ويركز على مشاكل الحاضر بدلاً من تخويف المستقبل".


ملحق: مقارنة مع الكتب المنافسة

صدر كتابان عن OpenAI في 2025، لكن كتاب هاو يتميز:

الجانبكتاب هاو "إمبراطورية الذكاء الاصطناعي"كتاب كيتش هاجي "المتفائل"
المنهجنقدي، يركز على التكاليف البشرية والبيئيةسردي، يركز على الإنجازات التقنية
مصادر المعلومات260 مقابلة، وثائق داخليةتعاون مع قادة OpenAI
الرؤية"أكثر قتامة وتفكيكاً للأسطورة""يحاول فهم دوافع المؤسسين"

اقتباسات 

  • "عندما صرخ أحد المهندسين: ’OpenAI ليست شيئاً بدون عمالها‘، كان يلمس جوهر التناقض: فالإمبراطورية تبني آلات لتحل محل البشر الذين يعتمد عليهم وجودها".

  • "التاريخ لا يحكم على الإمبراطوريات بحجم ثروتها، بل بالدم الذي تسكبه لتحصل عليها

إرسال تعليق

0 تعليقات