The Ideological Brain: A Radical Science of Susceptible Minds
(ليور زميغورد - 2025)
الأيديولوجيا - ظاهرة عصبية
يقدم هذا الكتاب رؤية ثورية لفهم الأيديولوجيات ليس كمجرد أفكار مجردة، بل كقوى تغير البنية البيولوجية للدماغ. من خلال دمج علوم الأعصاب، علم النفس، الفلسفة، والسياسة، تشرح ليور زميغورد – الباحثة الرائدة في "علم الأعصاب السياسي" – كيف تُشكّل المعتقداتُ المساراتِ العصبيةَ، وتُحدِث تحولات جسدية ملموسة في الخلايا الدماغية. الفرضية المركزية هي:
"التصلب المعرفي" (Cognitive Rigidity) – أي صعوبة التكيف مع المعلومات الجديدة – هو السمة النفسية-العصبية التي تتنبأ بالتطرف الأيديولوجي بغض النظر عن محتواه الفكري.
الأفكار
1. الأيديولوجيا: من السحابة التاريخية إلى العقل الفردي
نقد التعريف التقليدي: ترفض زميغورد اعتبار الأيديولوجيا مجرد تيارات تاريخية أو اجتماعية (الاشتراكية، الرأسمالية، الدينية). بدلاً من ذلك، تُعرّفها كـ:
نظام عقائدي ثابت: يقدم إجابات مطلقة (أسود/أبيض) عن كيفية عمل العالم.
هوية حصرية: تُقسّم العالم إلى "نحن" (المؤمنون) و"هم" (المناهضون)، مع عداء تجاه المختلف.
طقوس متكررة: تثبيت الأفكار عبر ممارسات تقمع الشك والإبداع.
المقارنة مع الثقافة:
الثقافة: مرنة، تشجع التعددية وإعادة التفسير.
الأيديولوجيا: جامدة، تعاقب الانحراف حتى لو كان منطقياً.
2. تجربة الكروت الخضراء: التشخيص المبكر للتطرف
يُعد "اختبار فرز بطاقات ويسكونسن" (Wisconsin Card Sorting Test) حجر الزاوية في أبحاث زميغورد:
كيف يعمل؟:
يُطلب من المشاركين فرز بطاقات وفقاً لقاعدة خفية (مثل اللون، الشكل، العدد).
عند إتقان القاعدة، تتغير فجأة دون إنذار.
النتيجة:
الأشخاص المرنون: يكتشفون التغيير بسرعة، ويبحثون عن قاعدة جديدة.
الأشخاص المتصلبون: يستمرون في تطبيق القاعدة القديمة رغم العقاب (أصوات تنبيه).
الدلالة السياسية:
"من يُصرّ على تطبيق قاعدة خاطئة في لعبة كروت، هو نفسه من يتمسك بالعقائد السياسية رغم تناقضها مع الواقع".
ارتباط الصلابة المعرفية بالتطرف الأيديولوجي
الصلابة في الاختبار | المواقف السياسية | الاستجابة للأدلة المضادة |
---|---|---|
عالية | تأييد العنف لأجل الأيديولوجيا، تبني نظريات المؤامرة | رفض تام، عدوانية تجاه النقاد |
متوسطة | تفضيل الاستقرار، تشكيك في التغيير | قبول محدود بشروط |
منخفضة | انفتاح على التعددية، رفض الثنائيات الصارمة | فضول علمي، تقييم نقدي |
3. الأيديولوجيا تُغيّر الدماغ فعلياً!
التحول البيولوجي:
المعتقدات المتطرفة تُحدث تغييرات في "البنية العصبية" (Neural Architecture) عبر تكوين مسارات عصبية جديدة تعزز الأفكار الثابتة.
التكرار الطقوسي (مثل الشعارات، التكرار الإعلامي) يُضعف الروابط المرتبطة بالتفكير النقدي.
دور النواقل العصبية:
الجينات المتحكمة في الدوبامين (مثل COMT و DRD2) تؤثر على المرونة العقلية، لكنها ليست حتمية.
4. لماذا الأيديولوجيا جذابة رغم ضررها؟
الحاجة إلى اليقين: في عالم معقد، تقدم الأيديولوجيا إجابات بسيطة وتُشعر المؤمن بالتحكم.
الحاجة للانتماء: الطقوس والرموز تخلق هوية جماعية قوية (حتى لو كانت سامة).
المنطق المشوه:
"المتطرف لا يرفض المنطق، بل يتبنى منطقاً معيباً يركز على 'صراع الموارد' (مثل: البشر vs الطبيعة، عرق vs عرق)".
5. التطرف ليس حكراً على اليمين!
نتيجة مفاجئة: الصلابة المعرفية ترتبط بالتطرف السياسي في كلا الطيفين (اليمين واليسار).
اليمين المتطرف: التمسك بالتقاليد والنقاء العرقي.
اليسار المتطرف: رؤية ثنائية للصراع (الظالم vs المظلوم) ورفض الحلول الوسط.
التجارب والأدلة العلمية
دراسة "بريكست":
المشاركون المتصلبون معرفياً كانوا الأكثر تأييداً لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رغم تناقض الأدلة.
تحليل الدماغ أثناء التعرض لتهديد أيديولوجي:
استخدام الـ fMRI أظهر نشاطاً متزايداً في لوزة الدماغ (مركز الخوف) لدى المتطرفين عند مواجهة أفكار مخالفة.
كيف نحمي العقول من التطرف؟
تقدم حلولاً قائمة على العلم:
1. تدريب المرونة العقلية
تمارين يومية:
تغيير روتين بسيط (طريق العمل، ترتيب المكتب).
قراءة نصوص تتعارض مع قناعاتك بهدف الفهم لا الرفض.
تبني "التواضع الفكري":
"الاعتراف بأنك قد تكون مخطئاً هو أقوى سلاح ضد التطرف".
2. مواجهة بيئات التشدد
وسائل التواصل الاجتماعي:
الخوارزميات تُغذي التصلب عبر حبس المستخدم في "غرف الصّدى" (Echo Chambers).
الحل: تطوير خوارزميات تعرض آراء متنوعة (حتى لو أقل جذباً).
التعليم:
تدريس "التفكير النظمي" (Systemic Thinking) بدلاً من التلقين.
تمارين تحويل المنظور (مثال: كتابة مقال بوجهة نظر الخصم).
3. ما الدماغ "الحر"؟
وصفته بأنه دماغ:
مرن إدراكياً: يتكيف مع التغيير دون ذعر.
متسامح مع الغموض: لا يحتاج لإجابات فورية.
يفصل الفكرة عن الهوية: رفض فكرة لا يعني إهانة شخص.
قيل عنه
غموض تعريف "الأيديولوجيا":
بعض المراجعين رأوا أن المفهوم ظل عاماً دون تمييز دقيق بين المعتقدات السلمية والمتطرفة.
مبالغة في تبسيط التعقيد الاجتماعي:
تجاهل عوامل كالفقر، الاضطهاد، والتاريخ الاستعماري كمحركات للتطرف.
إشكالية الربط بين الاختبارات البسيطة والمعتقدات المعقدة:
هل يمكن حقاً قياس التطرف الديني عبر لعبة كروت؟.
التحرر والاستعباد
الرسالة الأكثر إثارة هي التناقض المركزي:
"الأيديولوجيا قد تبدأ كفكرة تحررية (مثل المساواة، الحرية)، لكنها عندما تتحول إلى نظام طقوسي مغلق، تصبح سجناً للعقل... حتى لو كان السجان يحمل مفتاح القفص!".
رغم الانتقادات، يظل الكتاب مرجعاً مهماً لفهم:
جذور الاستقطاب السياسي العالمي.
كيفية بناء مجتمع يقاوم التطرف عبر علم الأعصاب لا القمع.
الكتاب متاح بترجمات عربية تحت عنوان "الدماغ الأيديولوجي" (دار بنجوين، 2025)
0 تعليقات