مدرسة المسرح

 

مدرسة المسرح - يحي حقي

 "مدرسة المسرح" ليحيى حقي


حقي وإرثه المسرحي المتجدد

  • السياق التاريخي: صدر الكتاب عام 2008 عن دار نهضة مصر، ويضم مقالات نقدية كتبها يحيى حقي بين 1943 و1972، تجمع بين السيرة الذاتية لفنانين ونقداً لمسرحيات عربية وأجنبية، ودراسة لظاهرة "الهواية" في المسرح المصري.

  • الأهمية الأدبية: يُعد الكتاب مرجعاً تأسيسياً لفهم تطور المسرح المصري الحديث، حيث يقدم رؤية نقدية تجمع بين التحليل الجمالي والاجتماعي، كما وصفه الناقد فؤاد دوارة: "هو بحق مدرسة للمسرح".


البنية الفكرية للكتاب وأبعادها النقدية

  1. المنهج النقدي عند حقي:

    • التذوق التأثري: يعتمد حقي على الانطباع الذاتي المثقف بالمعرفة، مع رفضه للنقد الأكاديمي الجاف. يكتب في مقدمة مقالاته: "لم أخرج عن دائرة النقد التأثري... فليس في كلامي ذكر للمذهب".

    • الربط الاجتماعي: ينظر للمسرح كمرآة لقضايا المجتمع. في نقده لمسرحية "أهل الكهف" لتوفيق الحكيم، يحلل كيفية تعبير الصراع الفلسفي عن أزمات المصريين خلال الحرب العالمية الثانية.

  2. مكونات الكتاب الأساسية:

    • سير الفنانين: يرسم بورتريهات لرواد مثل نجيب الريحاني (فكاهة تراجيدية)، ويوسف وهبي (التأثر بالمسرح الإيطالي)، وفاطمة رشدي (التمرد الأنثوي ضد التابوهات).

    • نقد العروض: يحلل أعمالاً عربية مثل "مصرع كليوباترا" لشوقي (إشكالية التاريخية vs الدراما)، وأجنبية مثل "هاملت" (إعادة قراءة الصراع الوجودي في السياق العربي).

    • الهواية كظاهرة: يوثق دور المسرح الهاوي في ريف مصر وصعيده، معتبراً إياه "مختبراً للأصالة" بعيداً عن الاستهلاك التجاري.


 أبرز المحاور التحليلية في الكتاب

أولاً: الهوية المسرحية بين الأصالة والاستعارة

  • صراع التأثيرات: يحذر حقي من تقليد المسرح الأوروبي دون تمصير، مشيداً بتجارب مثل فرقة رمسيس ليوسف وهبي التي مزجت بين البنية الدرامية الغربية والحكايات الشعبية المصرية.

  • اللغة كمعضلة: يناقش إشكالية استخدام الفصحى مقابل العامية، مقترحاً "لغة ثالثة" قريبة من اليومي لكن منضبطة، كما في حوارات مسرحية "الصفقة" لفاطمة رشدي.

ثانياً: المسرح كأداة للتغيير الاجتماعي

  • كشف التناقضات الطبقية: في تحليله لمسرحية "البوسطجي"، يسلط الضوء على كيفية تحويل البطل البسيط إلى رمز لمقاومة الاستغلال.

  • دور المرأة المسرحي: يثمن تجارب رائدة مثل فاطمة رشدي وعزيزة أمير، معتبراً أن مسرحهن "كسر قيود التقاليد أكثر من خطب السياسيين".

ثالثاً: فن الهواية... روح المسرح الخام

  • توثيق الظاهرة: يوثق حقي فرقاً شعبية مثل "مسرح بلانتو" في الإسكندرية، التي قدمت عروضاً في المقاهي والأفراح، مع تحويل النصوص الكلاسيكية إلى لهجات محلية.

  • التأثير الثقافي: يرى أن الهواة حافظوا على التراث الشفوي (مثل السير الهلالية) وحولوه إلى مادة مسرحية حية، وهو ما أهمله المسرح الرسمي.


الفصل الثالث: السياق التاريخي والاجتماعي للمسرح المصري

  • التحولات السياسية: يرصد الكتاب تأثير ثورة 1919 على المسرح، حيث تحولت العروض من الترفيه إلى "خطاب مقاومة"، كما في مسرحيات الريحاني الساخرة من الاحتلال.

  • الصعود والانهيار: يحلل أسباب تراجع المسرح التجاري في الأربعينيات، مقترناً بصعود السينما وانهيار الاقتصاد، مما فتح الباب لمسرح "الهادف" ذي الميزانيات الصغيرة.

 أهم الفرق المسرحية التي وثّقها حقي

اسم الفرقةالمؤسسالسمات الرئيسيةتأثيرها
فرقة رمسيسيوسف وهبيالملهاة الباذخةنقل المسرح من البلاط إلى الشارع
فرقة فاطمة رشديفاطمة رشديالدراما الواقعيةتمكين المرأة فنياً
فرقة بلانتوهواة إسكندريةالمسرح الشارعدمج التراث بالمعاصرة

جماليات الكتاب وأسلوب يحيى حقي

  1. اللغة: بين الفصاحة والعامية:

    • يستخدم حقي لغة سردية شعرية، مثل وصفه لعرض مسرحي: "كانت الحركة على الخشبة كالنيل في فيضانه، تارة تروي وتارة تطغى".

    • يبرر استخدام العامية في النقد: "أنا المهووس بالفصحى، لكن الحوار المسرحي ينبض بالحياة فقط إذا نطق بلغة الناس".

  2. التقنيات الأسلوبية:

    • المفارقة الساخرة: يسخر من مسرحيات التقطيع الأجنبي قائلاً: "كأننا نقدم للجمهور طبقاً من البطاطس المهروسة بدلاً من طبق الكشري الأصيل!".

    • الحوار التخييلي: في مقال عن الريحاني، يصوّر حواراً وهمياً معه: "قلت: لماذا تخلط الضحك بالبكاء؟ قال: لأن الشعب هكذا!".


الفصل الخامس: إرث الكتاب وتأثيره في الحركة المسرحية

  • التأسيس لنظرية مسرحية عربية: ألهم الكتاب جيل الستينيات (مثل سعد الدين وهبة ونعمان عاشور) لتبني "الواقعية النقدية" في مسرحياتهم.

  • التكريم المتأخر: رغم إسهاماته، لم يحصل حقي على جائزة الدولة التقديرية إلا عام 1969، ووسام الفارس من فرنسا عام 1983، وجائزة الملك فيصل للأدب العربي عام 1990.

  • النقد المعاصر للكتاب: يتهمه بعض النقاد بـ "الانحياز للكلاسيكيات"، لكن آخرين يرون أنه "حافظ على الذاكرة المسرحية من الاندثار".


لماذا يظل الكتاب مدرسة؟

"مدرسة المسرح" ليس مجرد كتاب نقدي، بل هو بيان جمالي وأخلاقي لمسرح حيوي ينبثق من المجتمع.

 يقدّم حقي رؤية مفادها أن المسرح الجيد هو الذي "يهزّ المشاهد هزاً" ليوقظه من سباته، كما يقول في تحليله لـ "قنديل أم هاشم". 

الكتاب يمثل وصية فنية لحماية المسرح من ثلاث آفات: التجارية المفرطة، والتقليد الأعمى، والانفصال عن الجمهور. اليوم، وبعد نصف قرن على مقالاته، تظل أسئلته الملحة حول الهوية والتجديد تشغل المسرح العربي.

"المسرح ليس مرآة تعكس الواقع، بل مطرقة نحتته!" — يحيى حقي (مدرسة المسرح)


مصادر

  1. حول المؤلف:

    • ولد يحيى حقي (1905-1992) في حي السيدة زينب بالقاهرة، وتخرج في مدرسة الحقوق السلطانية (1925).

    • عمل في السلك الدبلوماسي ثم مديراً لمصلحة الفنون (1955-1958)، ورئيساً لمجلة "المجلة" (1962-1970).

  2. أعماله المتصلة بالمسرح:



إرسال تعليق

0 تعليقات