"War and Power" لفيليبس بايسون أوبراين
تنويه
إن "War and Power: Who Wins Wars — and Why" للبروفيسور فيليبس بايسون أوبراين (الصادر في 28 أكتوبر 2025) أحد الأعمال المهمة في مجال الدراسات الاستراتيجية والتاريخ العسكري.
يُقدم أوبراين، وهو أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز باسكتلندا، تحليلاً ثورياً يتحدى المفاهيم التقليدية حول القوة والنصر في الحروب.
يستند الكتاب إلى أمثلة تاريخية من أواخر القرن التاسع عشر حتى الصراعات المعاصرة مثل الحرب في أوكرانيا، مقدماً رؤية جديدة لفهم طبيعة الصراعات الدولية والقوى التي تشكلها.
يستهدف الكتاب القارئ العام والمتخصص على حد سواء، وسنستعرض في هذا الملخص الأفكار الرئيسية للكتاب، والحجج التي يقدمها، والانتقادات الموجهة إليه، بالإضافة إلى أهميته في فهم السياقات الدولية الحالية والمستقبلية.
الخلفية الفكرية
فيليبس بايسون أوبراين معروف بأعماله السابقة مثل "How the War Was Won: Air-Sea Power and Allied Victory in World War II" و "The Strategists: Churchill, Stalin, Roosevelt, Mussolini, and Hitler — How War Made Them and How They Made War".
في كتبه السابقة، ركز أوبراين على دور القوة الجوية والبحرية في تحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية، متحدياً التركيز التقليدي على المعارك البرية. هذا المنهج التحليلي يستمر في كتابه الجديد "War and Power"، حيث يوسع نطاق تحليله ليشمل مفهوم "قوى الطيف الكامل" (Full Spectrum Powers) وكيفية تفاعل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية لتحديد نتائج الصراعات .
الأفكار الرئيسية في الكتاب
1. نقد نموذج "القوى العظمى" (Great Powers Paradigm)
يبدأ أوبراين كتابه بنقد ما يسميه "نموذج القوى العظمى" الذي هيمن على التفكير الاستراتيجي منذ القرن التاسع عشر. هذا النموذج يفترض أن الدول الكبرى ذات القوة العسكرية الهائلة هي التي تحدد نتائج الحروب من خلال تفوقها في ساحات القتال.
لكن أوبراين يقول بأن هذا النموذج "كان دائماً خاطئاً" ويقدم أمثلة تاريخية عديدة لدعم هذا الادعاء. على سبيل المثال، يشير إلى أن بريطانيا العظمى في ذروة قوتها هزمتها المستعمرات الأمريكية وفشلت في غزو أيرلندا وكادت أن تخسر أمام المزارعين البوير في جنوب أفريقيا.
وبالمثل، فشلت الولايات المتحدة كقوة عظمى في تحقيق النصر في حروب كوريا وفيتنام والعراق وأفغانستان .
2. مفهوم "قوى الطيف الكامل" (Full Spectrum Powers)
كبديل لنموذج القوى العظمى، يقترح أوبراين مفهوم "قوى الطيف الكامل" التي لا تعتمد فقط على القوة العسكرية ولكن على قدرات متكاملة تشمل:
القوة الاقتصادية: قدرة الدولة على إنتاج وتوفير الموارد اللازمة لاستمرار الصراع.
القوة التكنولوجية: الابتكار والتكيف التكنولوجي في المجالات العسكرية والمدنية.
الاستقرار السياسي والاجتماعي: تماسك المجتمع وقدرته على تحمل أعباء الحرب.
القدرات اللوجستية: إدارة سلاسل الإمداد والتمويل لدعم العمليات العسكرية.
يؤكد أوبراين أن هذه العوامل مجتمعة هي التي تحدد النصر في الحروب الطويلة، وليس مجرد تحقيق انتصارات عسكرية تكتيكية.
3. العوامل الحاسمة في تحديد نتائج الحروب
يناقش أوبراين العوامل التي يرى أنها حاسمة في تحديد نتائج الصراعات:
الاقتصاد والقدرة الإنتاجية: يُشدد على أن الاقتصادات القادرة على إنتاج وتجديد الموارد العسكرية هي الأكثر قدرة على الاستمرار في الحرب. على سبيل المثال، في الحرب العالمية الثانية، كان انتصار الحلفاء نتيجة تفوقهم الاقتصادي والتكنولوجي، وليس فقط براعتهم التكتيكية .
القيادة والقرارات السياسية: القرارات التي تتخذها القيادات السياسية قد تكون غير عقلانية وتؤدي إلى كوارث. على سبيل المثال، قرار هتلر بغزو بولندا عام 1939 كان بدافع أيديولوجي أكثر من كه حاجة استراتيجية .
التحالفات والدعم الدولي: الحروب الكبرى غالباً ما يفوز بها تحالفات من الدول وليس دول منفردة. يقدم أوبراين الحربين العالميتين كمثال، حيث كان تحالف الحلفاء عاملاً حاسماً في هزيمة دول المحور .
4. التطبيقات على صراعات معاصرة
يطبق أوبراين إطاره النظري على صراعات معاصرة مثل الحرب في أوكرانيا والتنافس بين الولايات المتحدة والصين. في حالة أوكرانيا، ينتقد التقديرات الأمريكية الأولية التي افترضت أن روسيا ستهيمن بسرعة، مشيراً إلى أن هذه التوقعات كانت مبنية على نموذج خاطئ للقوة.
بدلاً من ذلك، فإن قدرة أوكرانيا على المقاومة تعكس قوة مجتمعها واقتصادها ودعم التحالفات الدولية، مما يجعلها مثالاً على "قوة الطيف الكامل" في العمل .
فيما يتعلق بالتنافس الأمريكي الصيني، يحذر أوبراين من أن الصين قد لا تكون قوية عسكرياً فحسب، ولكنها تطور قدراتها في الاقتصاد والتكنولوجيا والتحالفات، مما يجعلها منافساً من نوع جديد .
الهيكل العام للكتاب وأسلوب العرض
يقع الكتاب في 288 صفحة (وفقاً لبعض المصادر) أو 368 صفحة (وفقاً لمصادر أخرى)، مما يشير إلى وجود إصدارات مختلفة. ينقسم الكتاب إلى عدة فصول تتناول:
نقد النماذج التقليدية للقوة.
تطوير مفهوم "قوى الطيف الكامل".
دراسات حالة تاريخية من الحرب العالمية الأولى إلى الحرب في أوكرانيا.
استنتاجات حول تطبيق هذه الرؤية على الصراعات المستقبلية.
أسلوب أوبراين أكاديمي ولكن يمكن الوصول إليه للقارئ غير المتخصص، ويشمل استخدام أمثلة تاريخية غنية لشرح نقاطه .
الإطار النظري والمنهجية
يعتمد أوبراين على منهج تاريخي تحليلي يفحص من خلاله حروباً من فترات مختلفة لتحديد العوامل المشتركة التي تساهم في النصر.
يستخدم مجموعة واسعة من المصادر، بما في ذلك الوثائق التاريخية، وتحليلات اقتصادية، ودراسات استراتيجية. منهجيته تركز على التحليل الشامل بدلاً من السرد التاريخي البسيط، مما يسمح له بتقديم رؤى جديدة حول كيفية عمل القوة في العلاقات الدولية .
مناقشة نقدية لأطروحة أوبراين
1. نقاط القوة في الكتاب
التحليل الشامل: يقدر المراجعون مثل ألكسندر فيندمان وإليوت كوهين على أوبراين قدرته على دمج العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية في تحليل القوة.
التحدي للافتراضات التقليدية: تقديم نموذج بديل للقوة يحفز القارئ على إعادة التفكير في المفاهيم الراسخة.
الملاءمة للعصر الحديث: تطبيقات على أوكرانيا والعلاقات الأمريكية الصينية تجعل الكتاب ذا صلة بالأحداث الجارية .
2. الانتقادات الموجهة للكتاب
التعميم المفرط: بعض النقاد يشككون في قابلية تطبيق نموذج "قوى الطيف الكامل" على جميع الصراعات، يناقش بعض الحروب قد لا تكون طويلة بما يكفي لظهور هذه العوامل.
تقليل أهمية القوة العسكرية: يجادل البعض بأن أوبراين يقلل من أهمية الانتصارات التكتيكية والقوة العسكرية المباشرة، والتي يمكن أن تكون حاسمة في بعض السياقات.
التحيز الغربي: انتقادات من أن تحليله يركز بشكل مفرط على دور الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، متجاهلاً عوامل أخرى في صراعات غير غربية .
3. مقارنة بأعمال أخرى
مقارنة بأعمال مثل "Why the Allies Won" لريتشارد أوفري، الذي يؤكد على دور المعارك الكبرى والإنتاج الحربي، يقدم أوبراين رؤية أكثر شمولاً تعيد تعريف مفهوم القوة ذاتها. مثل, كتب مثل "The Rise and Fall of the Great Powers" لبول كينيدي تركز على التغيرات الاقتصادية الطويلة الأجل، لكن أوبراين يدمج هذا مع عوامل أخرى مثل التكنولوجيا والتحالفات .
خلاصة وتحليل للأفكار
يقدم كتاب "War and Power" مساهمة قيمة في مجال الدراسات الاستراتيجية من خلال:
تحدي الافتراضات التقليدية حول القوة والنصر في الحروب.
تقديم إطار تحليلي جديد يركز على العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية.
توفير رؤى عملية لفهم الصراعات المعاصرة مثل الحرب في أوكرانيا والتنافس بين الولايات المتحدة والصين.
ومع ذلك، فإن نموذج "قوى الطيف الكامل" ليس مثالياً وقد لا ينطبق على جميع الحالات، خاصة الصراعات قصيرة الأمد أو غير التقليدية. على الرغم من هذه الانتقادات، يبقى الكتاب قراءة أساسية لأي شخص مهتم بالاستراتيجية العسكرية والعلاقات الدولية .
أهمية الكتاب في السياق المعاصر
في عالم يتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية، من الحرب في أوكرانيا إلى التنافس بين الولايات المتحدة والصين، يقدم كتاب أوبراين أدوات تحليلية قيمة لفهم من سيفوز في صراعات المستقبل ولماذا.
من خلال تحويل التركيز من القوة العسكرية الخام إلى القدرات المتكاملة، يدعو أوبراين القادة وصناع السياسات إلى إعادة تعريف مفهوم القوة واعتماد استراتيجيات أكثر شمولاً لتحقيق الأمن والاستقرار.
هذا الكتاب ليس فقط تاريخاً أو تحليلاً، ولكن دعوة للتفكير بشكل مختلف عن الحرب والقوة في القرن الحادي والعشرين .
مراجعات وتقييمات إضافية
حصل الكتاب على تقييمات متوسطة إلى إيجابية من مواقع مثل Kirkus Reviews و Goodreads، حيث أشاد القراء بالأفكار الجريئة ولكن بعضهم انتقد التعميم المفرط أو التقليل من أهمية العوامل التقليدية. على Goodreads، حصل الكتاب على متوسط 3.5 من 5 نجوم بناءً على 9 مراجعات في وقت كتابة هذا الملخص .
0 تعليقات