"Animal Spirits: How Human Psychology Drives the Economy"
مقدمة
يعد كتاب "Animal Spirits: How Human Psychology Drives the Economy, and Why It Matters for Global Capitalism" (2009) من تأليف اثنين من أبرز الاقتصاديين في العالم، هما جورج أكيرلوف (الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001) وروبرت شيلر (مؤلف كتاب "الابتهاج غير العقلاني" ومؤشر ستاندرد آند بورز/كيس-شيلر لأسعار المنازل).
جاء هذا الكتاب في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث سعى المؤلفان إلى تقديم إطار تحليلي جديد لفهم كيفية عمل الاقتصاد، من خلال إعادة إحياء مفهوم "الروح الحيوانية" الذي قدمه الاقتصادي الشهير جون مينارد كينز في الثلاثينيات.
الفكرة العامة للكتاب هي أن الاقتصاد لا يُدار من خلال عوامل عقلانية بحتة كما تفترض النماذج الاقتصادية التقليدية، بل هناك قوى نفسية واجتماعية عميقة تؤثر في القرارات الاقتصادية للأفراد والمؤسسات على حد سواء.
يقولا كلا من أكيرلوف وشيلر بأن الاقتصاديين قد أهملوا لفترة طويلة دراسة هذه العوامل النفسية لأن تأثيراتها يصعب قياسها ونمذجتها رياضياً، لكن فهم هذه "الروح الحيوانية" أصبح ضرورياً لتفسير الكثير من الظواهر الاقتصادية المحيرة، مثل سبب حدوث الكساد الاقتصادي، وسبب وجود البطالة، ولماذا تشهد أسواق الأسهم والعقارات تقلبات شديدة.
يقدم الكتاب نقداً لاذعاً للنماذج الاقتصادية السائدة التي تفترض أن الأفراد يتصرفون بشكل عقلاني بحت، ويوضح كيف أن النظريات الاقتصادية التي تهمل الجانب النفسي والإنساني تقود إلى سياسات غير فعالة، خاصة أثناء الأزمات الاقتصادية.
ويدعو المؤلفان إلى تبني رؤية أكثر شمولية للاقتصاد تدمج فيه رؤي من علم النفس وعلم الاجتماع لتقديم فهم أكثر دقة للواقع الاقتصادي.
الخلفية الفكرية
مفهوم "الروح الحيوانية" عند كينز
يستمد الكتاب عنوانه ومفهومه المركزي من عمل الاقتصادي الشهير جون مينارد كينز، الذي استخدم مصطلح "الروح الحيوانية" في كتابه "النظرية العامة للتوظيف والفائدة والنقود" (1936) لوصف الدوافع النفسية العقلانية التي تدفع الأفراد إلى الاستثمار والإنفاق، خاصة في ظل ظروف عدم اليقين.
لاحظ كينز أن العديد من القرارات الاقتصادية المهمة، مثل قرارات فتح مناجم جديدة أو بناء مصانع أو تشييد مبانٍ مكتبية، لا يمكن اتخاذها بناءً على حسابات عقلانية بحتة، لأن البيانات حول العوائد طويلة الأجل لهذه الاستثمارات غير كافية لدعم حساب عقلاني حقيقي.
بدلاً من ذلك، تُتخذ هذه القرارات "كنتيجة للروح الحيوانية"، أي كرغبة تلقائية للعمل بدلاً من عدم العمل، وليس كنتيجة لمتوسط مرجح للفوائد الكمية مضروبة في الاحتمالات الكمية.
تطور الفكر الاقتصادي وإهمال الجانب النفسي
يرى أكيرلوف وشيلر أن ثورة كينز الاقتصادية في منتصف القرن العشرين كانت ناقصة، حيث تخلى الاقتصاديون المتأثرون بكينز تدريجياً عن أهمية الروح الحيوانية لاستيعاب وجهات نظر الاقتصاديين الذين فضلوا النظام الكلاسيكي أو النظام الكلاسيكي الجديد الأبسط.
لقد تطورت الاقتصاديات الكلاسيكية منذ القرن الثامن عشر لاقتراح أن الفاعلين الاقتصاديين يتصرفون ككائنات عقلانية غير عاطفية.
ومع مرور الوقت، أصبح هذا الافطار مهيمناً على المهن الاقتصادية، مما أدى إلى إهمال متزايد للعوامل النفسية والاجتماعية في التحليل الاقتصادي.
يشير المؤلفان إلى أن الأبحاث الحديثة في الاقتصاد السلوكي وعلم النفس الاقتصادي تقدم الآن أدلة تجريبية قوية تدعم مفهوم الروح الحيوانية بشكل أكثر متانة مما كان متاحاً في عصر كينز.
ويأملان في أن يقنع هذا الأدلة زملائهما الاقتصاديين، مما يقلل النزاعات الداخلية التي تمنع تخصصهم من تقديم الدعم الواضح الذي يحتاجه السياسيون للإجراءات العدوانية المطلوبة لإصلاح الأزمات الاقتصادية.
الجوانب الخمسة للروح الحيوانية
يحدد أكيرلوف وشيلر خمسة جوانب رئيسية للروح الحيوانية، ويخصصون فصلاً مستقلاً لكل منها في الجزء الأول من الكتاب.
هذه الجوانب تشكل المكونات الأساسية للإطار النظري الذي يقترحانه لفهم السلوك الاقتصادي غير العقلاني.
١. الثقة (Confidence) ودورها كمضاعف اقتصادي
تُعد الثقة أهم جوانب الروح الحيوانية وفقاً للمؤلفين. فالثقة تمثل التوقع بحدوث تطور إيجابي في المستقبل، وهي الأساس الذي يُبنى عليه السلوك الاقتصادي.
تعمل الثقة كمضاعف في الاقتصاد: عندما تكون الثقة مرتفعة، يزيد الإنفاق والاستثمار، مما يعزز الثقة بشكل أكبر في حلقة ردود فعل إيجابية. والعكس يحدث أثناء فترات الركود، حيث يؤدي انخفاض الثقة إلى تقليل الإنفاق والاستثمار، مما يزيد من انخفاض الثمة.
يكمن الابتكار النظري لأكيرلوف وشيلر في إظهارهما أن التغيرات في الثقة غالباً ما تفوق التغيرات في الأساسيات الاقتصادية في قيادة فترات الازدهار والكساد.
هذا يفسر سبب تعرض الاقتصاديات لتحولات مفاجئة في الزخم تبدو منفصلة عن الظروف الأساسية.
فعندما تصل الثقة إلى مستويات عالية بشكل مفرط، تدخل الاقتصاد في فترات من "الابتهاج غير العقلاني" كما وصفها شيلر في كتاب سابق، حيث يتجاوز التفاؤل المبالغ فيه الأساسيات الاقتصادية الواقعية. وعندما تنهار هذه الثقة، يندفع الاقتصاد نحو الهوة.
٢. العدالة (Fairness) وتأثيرها على أسواق العمل
الجانب الثاني من الروح الحيوانية هو العدالة، وهو دافع عاطفي يمكن أن يدفع الناس إلى اتخاذ قرارات لا تتماشى مع مصالحهم الاقتصادية الفضلى.
يظهر هذا بشكل خاص في أسواق العمل، حيث يقاوم الع بشدة خفض الأجور الاسمية، حتى عندما تبرر الظروف الاقتصادية ذلك، بسبب تصورات عدم العدالة.
يؤكد أكيرلوف وشيلر أن تحديد الأجور والرواتب في العالم الحقيقي يختلف بشكل كبير عما تحدده النظرية النيوكلاسيكية. فالعامل الحاسم الذي يبدو أنه ذو أهمية ساحقة في جميع هذه المواقف هو العدالة.
غالباً ما يدفع أصحاب العمل أجوراً أعلى من أجور السوق لتعزيز الروح المعنوية والإنتاجية والولاء - وهي ممارسة تعرف باسم "كفاءة الأجور".
كما يتأثر تحديد الأجور بشكل كبير بالمقارنات الاجتماعية داخل وعبر الشركات والصناعات. إن إحساس العاملين بالتعويض العادل يعتمد على ما يكسبه الآخرون في مواقع مماثلة، وليس مجرد العرض والطلب.
٣. الفساد وسوء النية (Corruption and Bad Faith)
الجانب الثالث هو الفساد وسوء النية، وكيف يمكن أن يساهم الوعي المتزايد بهذه الممارسات في حدوث ركود، بالإضافة إلى الضرر المباشر الذي تسببه هذه الممارسات نفسها.
خلال فترات الازدهار الاقتصادي، غالباً لماذا تنخفض معايير السلوك الأخلاقي مع تحول التركيز نحو الأرباح السريعة.
وهذا يهيئ المسرح للكساد اللاحق عندما يتم الكشف عن الممارسات الفاسدة.
يحلل المؤلفان حالات آخر ثلاث فترات ركود كبرى في الولايات المتحدة، حيث لعب الفساد دوراً رئيسياً في إنهاء النمو الاقتصادي في كل مرة. يشرح هذا كيف يتم تحريف التطورات الإيجابية وإيقافها.
فخلال فترات الانتشاء، يكون الناس غير مدركين إلى حد كبير لما هو جيد أو سيء بالنسبة لهم، وهناك حالات يتم إعلامهم عمداً بمعلومات خاطئة عما يشترونه (هذا هو "زيت الثعبان" الذي من المفترض أن يعالج كل شيء، لكنه في الواقع غير فعال).
وهذا بالضبط ما حدث مع الرهون العقارية عالية المخاطر المعاد تغليفها.
٤. الوهم النقدي (Money Illusion)
الجانب الرابع هو الوهم النقدي، وهو الميل لأن يهمل الناس أو يتجاهلوا تأثيرات التضخم أو الانكماش في الأسعار أو الأجور.
فعلى سبيل المثال، سيتخلى العامل عن زيادة الأجر حتى عندما ترتفع الأسعار، إذا علم أن شركته تواجه ظروفاً صعبة - لكنهم أقل استعداداً بقبول خفض الأجر حتى عندما تنخفض الأسعار.
يؤكد أكيرلوف وشيلر أن الوهم النقدي ظاهرة مستمرة وواسعة الانتشار، حيث يميل الناس إلى التفكير في المصطلحات الاسمية بدلاً من المصطلحات الحقيقية (المعدلة حسب التضخم)، مما يؤدي إلى أخطاء منهجية في اتخاذ القرار الاقتصادي.
يساهم الوهم النقدي في مقاومة تخفيضات الأجور الاسمية والتكيف البطيء للأسعار، مما قد يطيل فترات الركود الاقتصادي.
٥. القصص (Stories) وتأثير السرديات
الجانب الخامس من الروح الحيوانية هو القصص والسرديات التي تحدد السلوك. العقل البشري مبرمج للتفكير في شكل سرديات، وتسلسلات من الأحداث ذات منطق داخلي وديناميكية تظهر ككل موحد.
تصبح القصص عن الاقتصاد، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، نبوءات تتحقق ذاتياً من خلال تشكيل السلوك على نطاق واسع.
لكل فقاعة اقتصادية مثل هذه القصص عن النجاح، أو النمو شبه لا نهائي لبعض القطاعات الاقتصادية.
فعلى سبيل المثال، القصة التي تُروى مرارا أن أسعار المنازل سترتفع دائماً، تسببت في استثمار العديد من الأشخاص الإضافيين في الإسكان بعد انهيار الدوت كوم عام 2000.
يتم تحديد عملية التضخيم الاجتماعي هذه باعتبارها جوهر الابتهاج غير العقلاني للهيجات الاقتصادية.
الجوانب الخمسة للروح الحيوانية:
الجانب | التعريف | الأهمية الاقتصادية |
---|---|---|
الثقة | التوقع بحدوث تطور إيجابي في المستقبل | تعمل كمضاعف اقتصادي، تدفع دورات الاقتصاد through حلقات ردود فعل إيجابية وسلبية |
العدالة | التصورات حول الإنصاف في المعاملات الاقتصادية | تؤثر على تحديد الأجور، تسبب جمود الأجور، تؤثر على الإنتاجية والروح المعنوية |
الفساد وسوء النية | الممارسات غير الأخلاقية التي تستغل الثقة | يؤدي إلى عدم الاستقرار المالي، يساهم في حدوث الأزمات والركود |
الوهم النقدي | الميل للتفكير في القيم النقدية الاسمية بدلاً من القيم الحقيقية | يؤدي إلى أخطاء في اتخاذ القرار، يساهم في جمود الأسعار والأجور |
القصص | السرديات التي تنتشر في المجتمع وتشكل التصورات | تصبح نبوءات محققة ذاتياً، تدفع فقاعات الأصول ودورات الاقتصاد |
تطبيقات على قضايا اقتصادية كبرى
في الجزء الثاني من الكتاب، يطبق أكيرلوف وشيلر مفهوم الروح الحيوانية على ثمانية أسئلة مهمة حول الاقتصاد، والتي يؤكدان أنه لا يمكن الإجابة عليها بشكل مرضٍ إلا من خلال نظرية تأخذ في الاعتبار الروح الحيوانية.
١. أسباب الكساد الاقتصادي والدورات الاقتصادية
يفسر المؤلفان دورة الأعمال من خلال التفاعل بين الجوانب المختلفة للروح الحيوانية. ففي فترة الصعود، تؤدي الثقة المتزايدة إلى اتخاذ المستثمرين قرارات متهورة وتشجع في النهاية على الفساد
حتى يظهر الذعر في النهاية وتتبخر الثقة، مما يؤدي إلى حدوث ركود.
هناك مناقشة حول حلقات تعليق بين الحيوية والنفسية والعوائد الحقيقية المتاحة، مما يشرح شدة كل من تأرجح الصعود والهبوط في الدورة.
٢. أسباب البطالة ودور الحكومة
يناقش أكيرلوف وشيلر أسباب البطالة، والتي يعزونها جزئياً إلى الحيوية والنفسية مثل الاهتمام بالعدالة والوهم النقدي.
فمقاومة العمال لخفض الأجور الاسمية بسبب الاعتبارات المرتبطة بالعدالة والوهم النقدي تؤدي إلى جمود الأجور، مما يمنع ضبط سوق العمل ويؤدي إلى بطالة لا إرادية خلال فترات الركود.
٣. تقلبات الأسواق المالية وأسواق العقارات
يقدم الكتاب تفسيراً لسبب كون أسعار الأصول والتدفقات الاستثمارية شديدة التقلب. فالتغيرات في الأسعار تخلق قصصاً تدفع إلى مزيد من التغيرات في الأسعار، مما يؤدي إلى فقاعات وانهيارات منفصلة عن الحقائق الاقتصادية.
كما ينطبق نفس المنطق على أسواق العقارات، حيث تنتشر فترات إنفجار الانتشار من خلال الكلمة الشفهية والقصص المشتركة حول فرص الاستثمار التي لا يمكن إضاعتها.
٤. استمرار الفقر بين الأقليات
تقترح الحيوية والنفسية تفسيراً لاستمرار فقر الأقليات العرقية، حيث تصف كيف أن الأقليات من الطبقة العاملة لديها قصص مختلفة حول كيفية عمل العالم ومكانهم فيه، مقارنة بالبيض من الطبقة العاملة.
إن التأثيرات المتراكمة للقصص السلبية والتمييز التاريخي تخلق إعاقات اقتصادية مستمرة لمجموعات الأقليات. ويجادل المؤلفون بأن تأثيرات الحيوية والنفسية تدعو إلى اتخاذ إجراءات إيجابية.
الآثار السياسية والتوصيات
ضرورة تدخل الحكومة وتنظيم الأسواق
يخلص أكيرلوف وشيلر إلى أن دور الحكومة هو وضع القواعد التي يمكن من خلالها تسخير روحنا الحيوانية بشكل خلاق لخدمة الصالح العام. يجب على الحكومة تحديد قواعد اللعبة.
ففي عالم الروح الحيوانية، تميل الأسواق إلى تجاوز الحدود، والأزمات المالية هي نتيجة حتمية لعدم كفاية التنظيم.
يكتب المؤلفان: "يجب أن ندرك أن الرأسمالية يجب أن تعمل ضمن قواعد معينة. بكل تأكيد رؤيتنا للاقتصاد، مع كل تلك الروح الحيوانية
توضح لماذا يجب على الحكومة وضع هذه القواعد". ويدعون إلى شكل من أشكال الرأسمالية يكون فيه دور الحكومة بمثابة حكم وموجه، وليس متسلطاً يتحكم في كل تفاصيل النشاط الاقتصادي.
تصميم السياسات الاقتصادية في ظل وجود الروح الحيوانية
يشدد أكيرلوف وشيلر على أن السياسات الاقتصادية الفعالة يجب أن تأخذ في الاعتبار النطاق الكامل للدوافع والسلوكيات البشرية، وليس مجرد العقلانية الاقتصادية الضيقة.
فهم يجادلون بأن إدارة الأزمات تكون أكثر فعالية عندما تأخذ في الاعتبار عوامل مثل استعادة الثقة، وتصحيح القصص السلبية، ومعالجة المظالم المتعلقة بعدالة.
على سبيل المثال، خلال فترات الركود، يمكن للسياسات التي تستعيد الثقة أن يكون لها تأثيرات إيجابية مضاعفة، بينما يمكن لتلك التي تقوض الثقة أن تفاقم الدورات السلبية.
وبالمثل، يمكن لتصميم السياسات أن يستفيد من فهم الوهم النقدي، حيث يمكن للتضخم المعتدل أن "يزيت عجلات" أسواق العمل من خلال السماح بتعديلات الأجور الحقيقية دون خفض الأجور الاسمية.
تقييم نقدي للكتاب
ردود الفعل والتقييمات
تلقى الكتاب العديد من التقييمات الإيجابية من وسائل الإعلام الاقتصادية البارزة. فعلى سبيل المثال، كتب كلايف كروك في Financial Times: "إنه كتاب جيد في الوقت المناسب تماماً... يحمل طموحه بخفة - لكنه طموح مع ذلك.
سيراه الاقتصاديون كنوع من البيان". بينما قال أندرو روزنبلوم من The New York Observer: "يكون Animal Spirits أكثر إقناعاً عندما يستدعي المؤلفون جميع أنماط السلوك الرئيسية لشرح ظواهر واسع ومعقدة مثل الكساد الكبير".
كان استثناءً للعديد من التقييمات المتألقة التي تلقاها الكتاب هو نقد مطول نشره القاضي ريتشارد بوسنر في The New Republic.
ورد المؤلفون على انتقادات بوسنر في مقال نُشر بعد بضعة أسابيع في الدورية نفسها. وفي اليوم نفسه وفي same الدورية، رد بوسنر على رد المؤلفين.
الإسهامات والقيود
يتمثل الإسهام الرئيسي للكتاب في تقديم إطار مفاهيمي متماسك يدمج الرؤى من الاقتصاد السلوكي وعلم النفس في التحليل الاقتصادي الكلي.
وقد ساعد في تعزيز شرعية دراسة العوامل غير العقلانية في الاقتصاد، خاصة في أعقاب الأزمة المالية عام 2008 التي كشفت عن قيود النماذج الاقتصادية السائدة.
ومع ذلك، ينتقد بعض الاقتصاديين الكتاب لأنه يقدم "الروح الحيوانية" كتفسير شامل لكل ما لا يمكن تفسيره بالنظرية الاقتصادية الحالية، دون تقديم فرضيات قابلة للاختبار بشكل كاف.
كما يتهمهم النقاد بالتحيز ضد السوق الحرة والتقليل من شأن قدرة الأسواق على تصحيح نفسها ذاتياً.
ملخصا
يظل كتاب "Animal Spirits" مساهمة مهمة في الفكر الاقتصادي المعاصر، حيث يقدم تصوراً أكثر واقعية للسلوك البشري في المجال الاقتصادي.
من خلال الجمع بين التقاليد الكينزية والرؤى الحديثة من الاقتصاد السلوكي، يقدم أكيرلوف وشيلر إطاراً مقنعاً لفهم التعقيدات الحقيقية للاقتصاد العالمي.
الرسالة الأساسية للكتاب هي أن الاقتصاد ليس نظاماً ميكانيكياً يحكمه قوانين رياضية بحتة، بل هو نظام اجتماعي معقد تنعكس فيه المشاعر والتوقعات والقيم الثقافية.
إن تجاهل هذه "الروح الحيوانية" يؤدي حتماً إلى سياسات اقتصادية غير فعالة وأزمات متكررة. بينما يظل دمج هذه الرؤى في النماذج الاقتصادية الكمية تحديًا كبيرًا، فإن الإطار المفاهيمي الذي يقدمه هذا الكتاب يعد خطوة مهمة نحو فهم أكثر دقة للواقع الاقتصادي المعقد
0 تعليقات