"من حديث الشعر والنثر" لطه حسين
طبيعة الكتاب وأصوله
أصل المحاضرات: الكتاب تجميع لمحاضرات ألقاها طه حسين على الجمهور، نُشرت بناءً على إلحاحهم بعد تداولها في الصحف .
السياق التاريخي: صدرت الطبعة الأولى عام 1949، وأُعيد نشرها عام 2013 بمؤسسة هنداوي .
المنهج النقدي: يتبع طه حسين أسلوبًا تحليليًا علميًا، خاليًا من التحيزات المسبقة، مع التركيز على التطور التاريخي للأدب العربي .
المحاور الرئيسية
1. العلاقة بين الشعر والنثر
التطور المشترك: يدرس الكتاب مراحل تطور الشعر والنثر قبل الإسلام وبعده، ويحلل تأثير كل منهما في الآخر .
استقلال النثر: يتتبع مراحل انفصال النثر عن الشعر ليصبح فنًا قائمًا بذاته، خاصة في القرنين الثاني والثالث الهجريين، حيث بلغ النثر ذروته الفنية .
التأثيرات الخارجية: يبحث تأثير الثقافات الفارسية واليونانية على النثر العربي، خاصة في أعمال كتاب مثل عبد الحميد الكاتب وابن المقفع .
2. تحليل الشعر في القرنين الثاني والثالث الهجريين
التحولات الفنية: يناقش تغير وظيفة الشعر من التعبير عن القبيلة إلى مدح الحكام، وارتباطه بالبلاطات السياسية .
أبرز الشعراء:
أبو تمام: تميز بالغموض والصنعة اللفظية.
البحتري: جمع بين جزالة اللغة ورقة المعاني.
ابن الرومي: طوَّر القصيدة العربية بإدخال التفاصيل اليومية.
ابن المعتز: مزج بين التقليدية والابتكار في الصور الشعرية .
3. ازدهار النثر الفني
رواد النثر: يركز على إسهامات الجاحظ (السهولة والفكاهة)، وابن المقفع (الحكمة والأخلاق في "كليلة ودمنة")، وعبد الحميد الكاتب (الخطابة الرسمية) .
السياق التاريخي: يربط ازدهار النثر بالدعم السياسي في العصر العباسي، حيث أصبح أداة للإدارة والدبلوماسية .
4. مقارنة بين الشعر والنثر
الجانب | الشعر | النثر | |
---|---|---|---|
الوظيفة | المدح، الفخر، التعبير العاطفي | الإدارة، التعليم، الخطابة | |
الانتشار | هيمنة على الأدب الجاهلي | سيطر على القرن الثالث الهجري | |
الخصائص | الوزن والقافية | المرونة والوضوح |
منهج طه حسين النقدي
النقد العلمي: يشكك في الثوابت الأدبية، ويطالب بتحرير الدراسات النقدية من الانحياز للتراث .
الجرأة في الطرح: كما في كتابه "في الشعر الجاهلي"، يحلل الأدب بمنهجية ديكارتية قائمة على الشك المنهجي .
الربط بالواقع: يربط تطور الأدب بالسياقات الاجتماعية والسياسية، مثل دور البلاطات في رعاية الأدباء .
أهم الاقتباسات والدلالات
"والخطباء كانوا يُقنعون ويُحاجون معتمدين على خلب السامعين، ولكن هذه الخطابة لم يرد إلينا منها شيء نثق به" .
"فالشعر العربي فقير بالنسبة للشعر الأجنبي؛ فليس فيه شعر قصصي ولا تمثيلي" .
تأثير الكتاب ومكانته
مشروع ثقافي: يُعد الكتاب جزءًا من مشروع طه حسين لتحرير الأدب العربي من السلفية، وربطه بالمناهج النقدية الحديثة .
الجدل التاريخي: مثل أعماله الأخرى، واجه الكتاب انتقادات لجرأته، خاصة في تحليله لتأثير الثقافات غير العربية .
الإرث التنويري: يؤكد الكتاب على دور طه حسين كـ "عميد للأدب العربي" ورائد للنهضة الفكرية في القرن العشرين .
الخاتمة: رؤية تحويلية للأدب
يقدم طه حسين في هذا الكتاب تحولًا جذريًا في قراءة التراث الأدبي:
كسر القدسية: بتحليل الشعر والنثر كمنتجات بشرية قابلة للنقد.
التأكيد على التبادل الثقافي: بإبراز تأثير الآداب الفارسية واليونانية.
الدعوة للتجديد: عبر الربط بين الأصالة والانفتاح على الآداب العالمية .
"أرجو أن يجد الذين يقرءون هذه الفصول لأنفسهم فيها نفعًا... وأن أكون نافعًا مُمِدًّا" – طه حسين .
يظل "من حديث الشعر والنثر" مرجعًا أساسيًا لفهم التحولات الجوهرية في الأدب العربي، وشاهدًا على جرأة مشروع طه حسين التنويري
أقرأ أيضاَ
0 تعليقات