"سارقة الكتب" لماركوس زوساك
عن الرواية
رواية للكاتب الأسترالي ماركوس زوساك، الصادرة عام ٢٠٠٥، تُعد تحفة أدبية تجمع بين الخيال التاريخي ورواية البلوغ (Bildungsroman). بيعت أكثر من ١٧ مليون نسخة وترجمت إلى ٦٣ لغة، بما فيها العربية تحت عنوان "سارقة الكتب" .
تدور أحداثها في ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، وتميزت بسردها الفريد من وجهة نظر "الموت" كراوٍ عليم، يقدم رؤية فلسفية للبشرية وسط فظائع الحرب.
ملاحظة: الرواية حازت جوائز مرموقة مثل "جائزة مايكل إل برينتز" للأدب الشباني، وصُنِّفت كواحدة من أكثر الكتب تأثيرًا في القرن الحادي والعشرين.
سرد للأحداث
الفقدان وسرقة الكلمات
- تبدأ الرواية عام ١٩٣٨ بوفاة "فيرنر" شقيق البطلة ليزل ميمينغر (التاسعة) في القطار أثناء توجههما إلى بلدة مولتشينغ للتبني.عند دفنه، تسرق ليزل كتابًا مهترئًا عنوانه "دليل حفّار القبور"، رغم عدم معرفتها بالقراءة .
- تُسلَّم ليزل إلى عائلة هوبرمان: هانز (الوالد بالتبني) الهادئ، عازف الأكورديون، وروزا (الوالدة) الصارمة التي تعمل غسّالة ملابس .بينما ترفض ليزل العائلة الجديدة في البداية، يبدأ هانز بتعليمها القراءة ليلًا لتهدئة كوابيسها عن أخيها .
الصداقة
- تصادق ليزل جارها رودي شتاينر الذي يعشق العدّاء الأميركي جيسي أوينز (رمز تحدّي النازية)، ويطلب منها القبلات باستمرار .مع تصاعد الحرب، يُحرق النازيون الكتب في ساحة البلدة بمناسبة عيد ميلاد هتلر، وتسرق ليزل كتابًا من النيران، وهو ما تراه زوجة العمدة إلسا هيرمان .
تُدعى ليزل إلى مكتبة إلسا الغنية بالكتب، مما يعمّق شغفها بالقراءة. لكن عندما تفصل إلسا روزا عن العمل، تبدأ ليزل بسرقة الكتب من المكتبة بمساعدة رودي، وتكتشف لاحقًا أن إلسا تسمح بالسرقة متعمدةً .
كسر حاجز الصمت
- يصل ماكس فاندينبرغ (شاب يهودي) إلى منزل هوبرمان حاملًا نسخة من "كفاحي" لهتلر تحتوي على وثائق مزوّرة. السبب: والد ماكس أنقذ حياة هانز في الحرب العالمية الأولى، وهانز يُوفي بوعده لوالدته .يختبئ ماكس في القبو، ويكوّن صداقة عميقة مع ليزل عبر القصص والرسومات، مثل كتابه "الرجل الواقف" الذي يحكي معاناته، و"هزّاز الكلمات" عن قوة اللغة.
الخبز والجَلْد والخسارة
خلال مسيرة ليهود نحو معسكر اعتقال داكاو، يُعطي هانز رغيف خبز ليهودي عجوز. يُجلد هانز واليهودي علنًا، مما يضطر ماكس لمغادرة القبو حفاظًا على سلامة العائلة.
- يُجنّد هانز وأب رودي في الجيش الألماني. لاحقًا، تشارك ليزل ورودي في مقاومة رمزية: يلقون قطع خبز لليهود خلال مسيرتهم .في إحدى المسيرات، تتعرف ليزل على ماكس بين المعتقلين، وتُجلد عندما تركض نحوه.
الكارثة: القصف وخلود الكلمات
- تُهدئ ليزل جيرانها أثناء الغارات الجوية بقراءة الكتب في الملجأ .تمنحها إلسا دفترًا فارغًا تكتب فيه سيرتها الذاتية بعنوان "سارقة الكتب" .
- أثناء كتابتها في القبو، يُقصف شارع هيمل (شارعهم) ليلًا. تنجو ليزل لأنها في القبو، لكن الجميع يموتون، بما فيهم هانز وروزا ورودي. تُخرج ليزل من الأنقاض وتُقبّل رودي الميت أخيرًا .يلتقط "الموت" كتابها من الحطام ويحفظه.
النهاية: النجاة والذاكرة
- تعيش ليزل مع إلسا بعد الحرب، وتلتقي بماكس الناجي من المعسكرات .تهاجر لاحقًا إلى أستراليا، وتكوّن أسرة، وتعيش حتى الشيخوخة. عندما يزورها "الموت" لأخذ روحها، يُريها الكتاب الذي حفظه، قائلًا: "البشر يطاردونني" بسبب ما شهدته من معاناة.
تحليل نفسي ورمزي
ليزل ميمينغر (سارقة الكتب)
- فتاة شقراء بعيون بنية، تكافح الهجر والموت منذ البداية. تتحول من أمّية إلى كاتبة، مستخدمة الكتب كوسيلة للتمرد والخلاص .سرقتها للكتب ليست جريمة بل احتجاجًا على نظام يحرق المعرفة.
الموت (الراوي)
- ليس كائنًا شريرًا بل راوٍ متعاطف، يصف نفسه: "حتى الموت لديه قلب" .يربط الأحداث عبر ألوان رمزية (الأبيض عند وفاة أخيها، الأحمر عند تحطم الطائرة، الأسود عند قصف شارع هيمل).
هانز هوبرمان (الأب)
- نموذج اللطف في زمن القسوة، يعلم ليزل القراءة ويعزف الأكورديون لتهدئة مخاوفها. تصفه ليزل: "كانت رائحته مثل الدخان والعطر" .مواقفه (كإخفاء ماكس وإعطاء الخبز) تجسيد للمقاومة الأخلاقية.
روزا هوبرمان (الأم)
تناقض حي: تظهر كامرأة قاسية ("سليطة اللسان" كما وُصفت في النسخة العربية) ، لكنها تخاطر بإيواء ماكس وتحمل همّ العائلة. وفاتها تكشف عن حب دفين لم تعبّر عنه بالكلمات.
ماكس فاندينبرغ
اليهودي الذي يحوّل الكراهية إلى فن، يرسم على صفحات "كفاحي" قصصًا عن صداقته مع ليزل. يمثل قوة الصمود تحت القمع.
رودي شتاينر
الصبي ذي الشعر الليموني الذي يرفض النازية رغم مظهره "الآري المثالي". حبه غير المعلن لليزل يضفي دفئًا على القصة .
تطور علاقة ليزل بالكتب
الكتاب المسروق | الظرف | الدلالة الرمزية |
---|---|---|
دليل حفّار القبور | عند دفن أخيها | ارتباط الموت بالكلمات |
كتاب من نيران النازيين | أثناء حرق الكتب | المقاومة الثقافية |
كتب من مكتبة إلسا | بعد فصل روزا عن العمل | التواصل عبر الحدود الطبقية |
دفتر إلسا الفارغ | قبل القصف | تحولها من قارئة إلى كاتبة |
قراءة في طبقات النص
أ. السلاح ذو الحدين
الوجه القمعي: يستخدم هتلر الخطاب لإثارة الكراهية، كما في كتابه "كفاحي".
- الوجه الإنساني: يحوّل ماكس صفحات "كفاحي" إلى قصة صداقته مع ليزل ("الرجل الواقف")، وتمثل قراءة ليزل في الملجأ خلقًا للجمال وسط الدمار .يقول : "الكلمات يمكنها أن تبني أممًا أو أن تحطم قلوبًا" .
ب. الراوي والظاهرة
الموت ليس نهاية بل راويًا يشهد تناقض البشر: قدرتهم على القسوة (معسكرات الاعتقال) وعلى التضحية (إخفاء ماكس) . يصف الموت مشاعره: "أنا منشغلٌ دائمًا، لكن هذه السنوات... كانت استثنائية" .
ج. المقاومة الخفية
تتجلى في أفعال صغيرة:
سرقة الكتب (احتفاظ بالمعرفة).
إخفاء يهودي (تحدّي الأيديولوجيا).
إلقاء الخبز لليهود (تمرد على التجويع).
د. التناقض الإنساني
تظهر الشخصيات في أبعاد معقدة:
روزا: غاضبة لكنها تضحي.
إلسا: زوجة عمدة لكنها متعاطفة.
هانز: ألماني لكنه مناهض للنازية . تذكرنا: "ليس كل الألمان كانوا وحوشًا" .
لماذا تعتبر تحفة فنية؟
أ. السرد من منظور الموت
يقدم تعليقات فلسفية مثل: "أنا أُطارَد بالبشر"، ويربط الأحداث بالألوان والاستعارات (السماء الحمراء كـ"دم مفتوح") .
ب. اللغة الشعرية
يستخدم زوساك وصفًا حسيًا:
السمع: "أزيز القنابل كان كترنيمة شيطانية".
اللمس: "برد القبو التصق بجلد ماكس كغشاء من الخوف".
ج. كسر التوقعات السردية
يعلن الموت النهايات مبكرًا (مثل موت رودي)، مما يركز على "كيف" وليس "ماذا"، ويعمق الإحساس بالمأساة.
د. توظيف الرسوم
تضمنت الرواية رسومًا لـماكس (مثل كتابه "الرجل الواقف")، تعكس تحويل الكراهية (صفحات "كفاحي") إلى فن.
السياق التاريخي
خلفية الحرب: تصور الرواية حياة المدنيين الألمان تحت القصف والحصار الاقتصادي، وتُظهر تأثير الدعاية النازية على الشباب عبر "شباب هتلر".
التأثير العالمي:
تصنيفها كـكلاسيكية معاصرة في الأدب الشباني والتاريخي.
تحويلها لفيلم سينمائي عام ٢٠١٣.
بيع ١٧ مليون نسخة وترجمة لـ٦٣ لغة.
جدل النقد: أشاد النقاد بأصالتها، لكن بعض القراء وجدوا بدايتها بطيئة، وهو ما يعترف به حتى المعجبون.
لماذا يجب قراءة هذه الرواية؟
"سارقة الكتب" ليست مجرد قصة عن الحرب، بل درس في إنسانية لا تنكسر. تذكّرنا بأن الكلمات قد تكون أخطر من القنابل، لكنها أيضًا أقوى ملجأ للروح. كما يقول زوساك على لسان الراوي:
"لقد كرهتُ الكلمات وكُنتُ أُحبّها، وآمل أن تكونُ قد علَّمتكم شيئًا" .في عالم يموج بالصراع، تظل هذه الرواية شهادة على أن القصص يمكنها أن تنقذنا، حتى لو لم تنقذ أبطالها.
رموز الألوان في رواية الموت
اللون | الحدث المرتبط | الدلالة الفلسفية |
---|---|---|
الأبيض | موت أخيها في الثلج | البراءة والفراغ |
الأحمر | تحطم طائرة الحلفاء | العنف والخطر |
الأسود | قصف شارع هيمل | الحداد والفناء |
هذا الملخص لا يغني عن قراءة الرواية التي تحتوي تفاصيل أدبية وفلسفية أعمق، خاصة في تصويرها للعلاقة بين الموت والحياة عبر عيني طفلة نشأت في الجحيم
0 تعليقات