تاجر البندقية لشكسبير

شكسبير

 

 "تاجر البندقية" لوليم شكسبير 

 "تاجر البندقية هي واحدة من أشهر وأكثر مسرحيات وليم شكسبير إثارة للجدل. كتبت في الفترة ما بين 1596 و1599، وتصنف غالبًا على أنها "كوميديا" ضمن تصنيفات مسرحيات شكسبير، لكن جوهرها المظلم وموضوعاتها المتعلقة بالكراهية والانتقام والعدالة والرحمة تجعلها تنتمي أيضًا إلى عالم التراجي(ك)وميديا.
تدور أحداث المسرحية في مدينتي البندقية وبلمونت الإيطاليتين، وتستكشف بتعقيد شديد ثيمات الصداقة والحب والطمع والتحيز الديني والصراع بين العدالة الصارمة والرحمة.

الشخصيات :

  1. أنطونيو (Antonio): تاجر ثري من البندقية، صديق باسانيو المخلص، وهو الشخصية التي يحمل اسمها عنوان المسرحية. مشهور بكرمه وحزنه الغامض.

  2. باسانيو (Bassanio): نبيل شاب من البندقية، صديق أنطونيو المقرب. يبحث عن الثروة من خلال الزواج من بورشيا لسداد ديونه.

  3. بورشيا (Portia): وريثة ثرية وجميلة تعيش في بلمونت. مشهورة بحكمتها وذكائها الحاد. والدها الراحل وضع شرطًا غريبًا لاختيار زوجها.

  4. شايلوك (Shylock): مرابي يهودي ثري في البندقية. يعاني من التحيز والاضطهاد المجتمعي. شخصية معقدة تثير التعاطف والاشمئزاز في آن واحد.

  5. جيسيكا (Jessica): ابنة شايلوك. تهرب من منزل والدها مع حبيبها المسيحي لورنزو، آخذة معها جزءًا كبيرًا من ثروته.

  6. لورنزو (Lorenzo): صديق لأنطونيو وباسانيو، مسيحي، يقع في حب جيسيكا ويساعدها على الهروب.

  7. نيريسّا (Nerissa): وصيفة بورشيا المخلصة ورفيقتها الدائمة. تشاركها في مؤامراتها وتتزوج من جراتيانو.

  8. جراتيانو (Gratiano): صديق صاخب ومتهور لأنطونيو وباسانيو. يتزوج من نيريسّا.

  9. سالارينو وسالانيو (Salanio and Salarino): أصدقاء لأنطونيو وباسانيو. يظهران غالبًا في مشاهد البندقية.

  10. الدوق (The Duke of Venice): الحاكم الذي يرأس محاكمة أنطونيو.

الحبكة :

 الديون 

  • تفتتح المسرحية بأنطونيو في حالة حزن عميق، لا يستطيع أصدقاؤه تفسير سببه.

  • يصل باسانيو ويشرح لأنطونيو سبب مجيئه: فهو يريد الزواج من بورشيا، وريثة بلمونت الجميلة والثرية، ليعيد بناء ثروته المهدورة.
    لكنه يحتاج إلى أموال (ثلاثة آلاف دوقية) ليركب نفسه ويظهر بمظهر اللائق لمغازلتها ومواجهة المنافسة من أمراء آخرين.

  • يقدم أنطونيو مساعدة غير محدودة، لكن أمواله كلها موظفة في سفنه التجارية المنتشرة في البحار. يقترح على باسانيو أن يقترض المبلغ باسمه من أحد مرابي البندقية.

  • يذهب باسانيو إلى شايلوك، المرابي اليهودي الثري. لدى شايلوك ضغينة قديمة تجاه أنطونيو، الذي سبق أن شتمه واتهمه بالربا علانية، وحطم تجارته بإقراض المال بلا فوائد.
    يرى شايلوك الفرصة سانحة للانتقام.

  • يوافق شايلوك على إقراض الثلاثة آلاف دوقية لأنطونيو (كضامن) لمدة ثلاثة أشهر، بدون فوائد. لكنه يضع شرطًا فظيعًا في السند: إذا تخلف أنطونيو عن السداد في الموعد المحدد، فله الحق أن يأخذ رطلاً من لحم أنطونيو من أي جزء من جسده يشاء. يرى أنطونيو هذا الشرط مجرد مزحة، حيث أنه يتوقع وصول سفنه ببضائع تفوق قيمة القرض بكثير قبل الموعد.
    وهكذا يوقع أنطونيو على السند.

  • في بلمونت، تعبر بورشيا لوصيفتها نيريسّا عن مللها من خطابها الكثر، الذين يأتون من كل حدب وصوب لخوض "مسابقة الصندوق" التي وضعها والدها الراحل.
    يجب على الخاطب أن يختار بين ثلاثة صناديق (ذهبي، فضي، ورصاصي). الصندوق الذي يحتوي على صورة بورشيا هو الفائز. تخشى بورشيا أن يختار الخطأ من لا تحب، وتتمنى أن يختار الصندوق الصحيح من ترغب به (وهو باسانيو الذي التقته من قبل وأعجبها).

الهروب 

  • يهرب لورنزو وجيسيكا من البندقية، بعد أن سرقت جيسيكا صندوقًا من المال والمجوهرات من أبيها . يغضب شايلوك غضبًا شديدًا لخسارة ابنته وثروته، ويصبح أكثر تصلبًا في كراهيته للمسيحيين، وخاصة أنطونيو الذي ساعد في الهروب (حسب اعتقاده). صرخته الشهيرة "ابنتي! جواهري!" تعكس هذا الألم المختلط بالخسارة المادية.

  • يأمر شايلوك خادمه، لانسلوت جوبو، بالانضمام إلى باسانيو .

  • في بلمونت، يفشل أمير المغرب في مسابقة الصندوق باختياره الصندوق الذهبي الذي يحمل رسالة "ليس كل ما يلمس ذهبًا". ثم يفشل أمير أراغون باختيار الصندوق الفضي الذي يحمل رسالة "ليس كل ما يلمع فضة".

  • يصل باسانيو إلى بلمونت، يرافقه صديقه جراتيانو. يقع بورشيا وباسانيو في حب بعضهما فورًا.

  • يواجه باسانيو مسابقة الصناديق. بعد تفكير عميق، يختار الصندوق الرصاصي، الذي يحمل الرسالة: "من يختارني يجب أن يعطي ويخاطر بكل ما يملك". بداخله صورة بورشيا! يفوز باسانيو بيد بورشيا. تفرح بورشيا وتقدم له خاتمًا كرمز للحب والولاء، وتؤكد عليه ألا يفارقه أبدًا.

  • في نفس الوقت، تتودد نيريسّا إلى جراتيانو، ويوافقان على الزواج. يطلب جراتيانو أيضًا خاتمًا من نيريسّا ويعطي نفس الوعد.

  • تصل أنباء مروعة: فقدت سفن أنطونيو في البحر، وأصبح غير قادر على سداد دينه . قبض عليه، وشايلوك يطالب بتنفيذ الشرط: رطل من لحم أنطونيو. ترسل بورشيا باسانيو وجراتيانو فورًا إلى البندقية مع أموال طائلة لمحاولة سداد القرض عشرات المرات لإنقاذ أنطونيو.

الفعل الثالث: العدالة والرحمة

  • في البندقية، يصر شايلوك على تنفيذ الشرط. يرفض قبض أي مبلغ من المال بدلاً من "لحمه". يريد أن يقتص لأنطونيو أذله، ولأن المسيحيين أذلوا شعبه وسرقوا ابنته. خطابه الشهير "أليس لليهودي عينان؟..." يشرح فيه إنسانيته المشتركة مع المسيحيين ويتساءل عن سبب اضطهادهم له: "إذا تلدغنا أفعى، ألا ننتقم؟".

  • يطالبه الدوق  بالتراجع عن موقفه وإظهار الرحمة، لكنه يرفض. يستدعي الدوق مستشارًا قانونيًا مشهورًا من بادوا هو الدكتور بلياريو (في الواقع بورشيا متنكرة في زي محامٍ شاب، ترسل نيريسّا ككاتب للمحكمة متنكرة أيضًا).

  • تصل بورشيا (كمحامٍ) ونيريسّا (ككاتب) إلى المحكمة. تبدأ بورشيا بحجة قوية عن "جودة الرحمة" (The Quality of Mercy): "الرحمة لا تُكره... إنها تسقط مثل المطر اللطيف من السماء... إنها صفة إلهية... وتقوّي من يعطيها أكثر من من يأخذها... إنها فوق الصولجان الأرضي... إنها في قلب الملك مثل الله في السماء". 

  • يرفض شايلوك بإصرار، مصرًا على حقه في الشرط المنصوص في السند: رطل من لحم أنطونيو.

  • بعد أن تبدي بورشيا إعجابها ببراعة شايلوك القانونية وتسلم بحقه في الشرط، تصدر حكمها:

    1. يحق لشايلوك أخذ رطل من لحم أنطونيو.

    2. لكن: يجب أن يأخذ رطلاً بالضبط، لا أكثر ولا أقل. إذا أخذ أقل أو أكثر، فسيكون عقابه الموت ومصادرة أملاكه.

    3. وأيضًا: يجب أن يأخذ اللحم فقط دون أن تسيل أي قطرة دم، لأن السند لم يذكر الدم. إذا سال دم أنطونيو، فسيكون عقابه الموت ومصادرة أملاكه.

  • يقع شايلوك في الفخ الذي نصبته له حجته القانونية الحرفية. يدرك أنه هزم.
    يحاول التراجع وقبول المال (ثلاثة أضعاف القرض، ثم القرض الأصلي)، لكن بورشيا ترفض: لقد أصر على حقه في السند أمام المحكمة، والآن يجب أن ينفذه كما هو أو يتخلى عنه.

  • بالإضافة إلى ذلك، تذكر بورشيا قانونًا في البندقية ينص على أن أي أجنبي (غير مواطن) يحاول قتل مواطن عمدًا، تكون عقوبته الموت ومصادرة نصف أملاكه للدولة، والنصف الآخر للضحية (أنطونيو). ويمكن للدوق أن يخفف العقوبة.

  • يعفو الدوق عن حياة شايلوك قبل أن يطلب أنطونيو الرحمة. يطلب أنطونيو ثلاثة شروط لإسقاط العقوبة:

    1. يتنازل شايلوك فورًا عن نصف ثروته لأنطونيو (الذي سيكتب وصية بتركها لورنزو وجيسيكا عند وفاته).

    2. يترك النصف الآخر من ثروته لورنزو وجيسيكا عند وفاته.

    3. يجب أن يعتنق شايلوك المسيحية.

  • يُجبر شايلوك المهزوم والمحطم على قبول هذه الشروط. يخرج من المحكمة وهو يقول عبارته الشهيرة: "أنا مريض... أرسلوا السند بعدي... سأوقعه. أرسلوه إلى بيتي، سأوقعه". تصفير النصر للمسيحيين يتبع خروجه.

الخواتم 

  • بعد المحاكمة، يحاول أنطونيو وباسانيو مكافأة المحامي الشاب (بورشيا) والكاتب (نيريسّا). تطلب بورشيا (كمحامٍ) الخاتم الذي أعطته بورشيا لباسانيو كهدية. يتردد باسانيو بشدة، تذكّرًا بوعده لزوجته بعدم فراقه أبدًا، لكنه تحت إلحاح أنطونيو (الذي يدين بحياته لهذا المحامي) يدفع بالخاتم.

  • تطلب نيريسّا (ككاتب) الخاتم الذي أعطته لجراتيانو، ويضطر جراتيانو أيضًا لتسليمه.

  • يعود الجميع إلى بلمونت. تسبق بورشيا ونيريسّا الرجال وتخلعن تنكرهما.

 المصالحة 

  • في بلمونت، تحت ضوء القمر، يلتقي لورنزو وجيسيكا ويتمتعان بالحب والموسيقى.

  • يصل باسانيو وجراتيانو وأنطونيو. تبدأ بورشيا ونيريسّا تمثيلية بتوبيخ أزواجهما لتخليهما عن الخواتم، متهمين إياهما بإعطائها لنساء أخريات.

  • يحاول الرجال التبرير بذكر المحامي والكاتب، وتتظاهر بورشيا ونيريسّا بعدم تصديقهما.

  • يصل أنطونيو، الذي أصبح وسيطًا بين الأزواج، ويضمن حسن تصرف باسانيو في المستقبل.

  • عندها تكشف بورشيا الحقيقة: أنها كانت المحامي، ونيريسّا كانت الكاتب. تعيد الخاتم لباسانيو، وتخبره أنها نامت مع المحامي (أي هي نفسها) لاسترداده! تعيد نيريسّا الخاتم لجراتيانو بنفس الطريقة المثيرة.

  • يفرح الجميع بالمفاجأة والمصالحة.

  • تصل أخبار إضافية: بعض سفن أنطونيو التي اعتقد أنها فقدت قد وصلت بأمان! يختتم شكسبير المسرحية بنهاية سعيدة للأزواج الثلاثة (بورشيا وباسانيو، نيريسّا وجراتيانو، لورنزو وجيسيكا) ولأنطونيو الذي أنقذت حياته. الشخصية الوحيدة التي تُترك خارج هذا الإطار السعيد هي شايلوك، المحطم ماديًا ومعنويًا ودينيًا.

الثيمات الرئيسية والتحليل:

  1. العدالة مقابل الرحمة (Justice vs. Mercy):
     هذا هو الثيم المركزي للمسرحية، خاصة في مشهد المحكمة الشهير. يمثل شايلوك العدالة الحرفية والصارمة والقانونية ("دع القانون يحكم!").
    يمثل أنطونيو وبورشيا (في خطابها) فكرة الرحمة والتسامح التي تتجاوز القانون الصارم. تظهر بورشيا أن تطبيق القانون بحذافيره دون مراعاة للرحمة يمكن أن يكون قاسيًا وغير عادل، وهي نفس الحجة التي تستخدمها ضد شايلوك لاحقًا.
     النصر النهائي هو للرحمة، لكن الثمن الذي يدفعه شايلوك باهظ جدًا.

  2. التحيز الديني والكراهية (Religious Prejudice and Hatred):
     تصور المسرحية بوضوح المجتمع المنقسم دينيًا في البندقية. يعاني شايلوك من الاضطهاد المستمر والشتائم ("الكلب اليهودي القذر").
     كراهيته لأنطونيو والمسيحيين تنبع جزئيًا من هذا الاضطهاد. ومع ذلك، فإن كراهيته وانتقامه يجعلانه يرتكب فعلًا وحشيًا.
     في النهاية، يُجبر على تغيير دينه، وهو حل قاسٍ يعكس فشل المجتمع في التصالح الحقيقي. المسرحية تطرح أسئلة صعبة: هل كراهية شايلوك مبررة؟ هل العقاب الذي ناله مناسب؟.
     أم مفرط في قسوته؟ هل المجتمع المسيحي في المسرحية بريء؟

  3. المظهر مقابل الجوهر (Appearance vs. Reality):
     هذا الثيم يتكرر في عدة مواضع:

    • مسابقة الصناديق: الذهب (المظهر البراق) والفضة (المظهر الجذاب) يخفيان رسائل خادعة، بينما الرصاص (المظهر البسيط) هو الذي يحوي الجوهر الحقيقي (حب بورشيا). الحكمة تكمن في الاختيار بناءً على الجوهر وليس المظهر.

    • مشهد المحكمة: بورشيا، امرأة، تتنكر كمحامٍ رجل (بلاثيو) وتفوز بالدعوى. المظهر الخارجي للمحامي الشاب يخفي جوهر ذكاء بورشيا.

    • الخواتم: الرجال يعطون خواتم زواجهم (رمز الولاء) لـ"رجال" (بورشيا ونيريسّا متنكرتين)، مما يخلق مظهر الخيانة، لكن الجوهر هو الولاء الحقيقي. المفارقة تكمن في أنهم خرقوا الوعد من أجل إنقاذ حياة صديق، وكشف الحقيقة يظهر جوهر ولائهم لزوجاتهم في النهاية.

    • شايلوك: هل هو مجرد شرير طماع؟ أم هو إنسان مضطهد يتحول كراهية المجتمع له إلى كراهية منه ويريد الانتقام؟ المسرحية تقدم كلا الجانبين.

  4. الحب والصداقة (Love and Friendship):
     صداقة أنطونيو وباسانيو عميقة جدًا لدرجة أن أنطونيو يخاطر بحياته من أجل سعادة صديقه. حب بورشيا وباسانيو، رغم بدايته المادية من طرف باسانيو، يتطور إلى حب حقيقي. حب لورنزو وجيسيكا يتحدى الحواجز الدينية والاجتماعية. لكن هذه العلاقات الإيجابية تقابلها علاقة شايلوك المتوترة والممزقة مع ابنته جيسيكا، والتي تنتهي بالهروب والخيانة.

  5. الطمع والمادية (Greed and Materialism):
     شايلوك مرتبط بالمال (رباه، خسارة جواهره). باسانيو يبدأ سعيه لبورشيا لأسباب مالية. المجتمع ككل يبدو مهووسًا بالثروة والتجارة. حتى في مشهد المحكمة، تظهر المادية في رغبة شايلوك في "اللحم" كتعويض رمزي ومادي عن كرامته المهدورة، وفي مصادرة أمواله كعقاب. خطاب بورشيا عن الرحمة يحاول تجاوز هذه المادية نحو قيم إنسانية أعلى.

  6. الانتقام (Revenge):
     دافع شايلوك الأساسي هو الانتقام من أنطونيو ومن المجتمع الذي أهانه. المسرحية تظهر كيف أن دورة الانتقام تدمر الجميع: شايلوك نفسه هو الضحية الرئيسية لرغبته في الانتقام. انتصار المسيحيين عليه في المحكمة هو أيضًا شكل من أشكال الانتقام القاسي.

  7. دور المرأة والذكاء (Role of Women and Intelligence):
     بورشيا هي شخصية نسائية قوية وذكية للغاية. هي التي تنقذ الموقف في المحكمة بذكائها القانوني وحججها البارعة، متحدية بذلك الأدوار التقليدية للمرأة في ذلك العصر. جيسيكا، رغم هروبها، تظهر إرادة للتحدي. نيريسّا شريكة ذكية لبورشيا. المسرحية تقدم نموذجًا للمرأة الفاعلة والمؤثرة.

 تعقيد 

شخصية شايلوك هي من أكثر الشخصيات تعقيدًا وإثارة للجدل في الأدب العالمي. شكسبير لم يصنعه مجرد شرير كرتوني:

  • الضحية: يعيش في مجتمع معادٍ للسامية، يتعرض للشتائم (أنطونيو يبصق عليه ويسخر منه علنًا)، والاضطهاد، وابنته تهرب مع مسيحي وتسرق أمواله. خطابه "أليس لليهودي..." يثير تعاطفًا حقيقيًا مع معاناته الإنسانية.

  • الجلاد/المنتقم: استغلاله لكراهية أنطونيو لوضعه في شرط وحشي (رطل من اللحم) هو عمل شيطاني. إصراره على تنفيذ الشرط حتى بعد عرض سداد الدين عدة مرات يكشف عن قسوة ووحشية. رغبته في قتل أنطونيو مكشوفة.

  • المادي/الطماع: ارتباطه الشديد بالمال واضح ("جواهري!"). معاناته من خسارة ابنته تبدو مختلطة أحيانًا بمعاناته من خسارة المال.

  • المحطم: نهايته في المحكمة مأساوية. يُجبر على التنازل عن ثروته (التي هي هويته وقوته) وعن دينه (الذي هو هويته الروحية). خروجه من المحكمة صورة للإنسان المنكسر.

هذا التعقيد يجعل من الصعب الحكم على شايلوك ببساطة. المسرحية تترك للجمهور (والقارئ) مهمة تقييمه. هل هو شرير يستحق عقابه؟ أم هو نتاج مجتمع ظالم دفع به إلى التطرف؟ أم الاثنان معًا؟ هذا الجدل هو ما يبقي الشخصية والمسرحية حية ومثيرة للاهتمام عبر القرون.

 كوميديا أم مأساة؟

رغم تصنيفها غالبًا ككوميديا لأنها تنتهي بزواج الأزواج الثلاثة وبأخبار سارة عن سفن أنطونيو، إلا أن الظل الذي يلقيه مصير شايلوك المحطم على النهاية يجعلها تراجيكوميديا بامتياز. الفرح والسعادة للأبطال المسيحيين يقابله الحزن واليأس المطلق لشخصية يهودية دمرت تمامًا. هذه النهاية المزدوجة تعكس تعقيد المسرحية وتناقضاتها التي لا تُحل بشكل كامل.

ملخصا:

"إنها لوحة معقدة ترسم صراعات إنسانية عميقة: بين الحب والمال، بين العدالة والرحمة، بين الانتقام والتسامح، بين المظهر والجوهر، وبين المجتمعات المختلفة.

 شخصية شايلوك تظل نصبًا تذكاريًا أدبيًا للظلم والكراهية والعواقب المدمرة للانتقام، وتستمر في تحدي القراء والمشاهدين للتأمل في طبيعة التحيز والعدالة والإنسانية المشتركة. رغم مرور أكثر من أربعة قرون، تبقى المسرحية ذات صوة وقوة درامية وإثارة فكرية لا تنضب


ملخصات لكل أعمال شكسبير المسرحية والتاريخية والشعرية

إرسال تعليق

0 تعليقات