عرين الدودة البيضاء

عرين الدوده البيضاء

 

 عرين الدودة البيضاء لبرام ستوكر

السياق التاريخي والأدبي

نُشرت رواية "عرين الدودة البيضاء" (The Lair of the White Worm) عام 1911، وهي العمل الأخير للأيرلندي برام ستوكر (مؤلف "دراكولا") قبل وفاته عام 1912.

 كُتبت الرواية أثناء معاناته من تدهور صحته (يشتبه بإصابته بمرض الزهري أو أمراض الكلى)، مما أثر على تماسكها السردي .

 تجمع بين عناصر الرعب القوطي والأساطير الإنجليزية، خاصة أسطورة "دودة لامبتون" (Lambton Worm) عن ثعبان عملاق يهدد الريف .

 صدرت الرواية بنسختين:

  • النسخة الأصلية (1911): 324 صفحة، 40 فصلًا، برسوم ملونة للفنانة باميلا كولمان سميث.

  • نسخة مختصرة (1925): حُذف فيها 100 صفحة، وأُعيد كتابة النهاية لتصبح فجائية، مما أثار انتقادات القراء.


الشخصيات  

  1. آدم سالتون (Adam Salton):

    • بطل الرواية، قادم من أستراليا بعد أن جمع ثروته هناك.

    • يُستدعى إلى إنجلترا بواسطة عمه المسن، ريتشارد سالتون، ليكون وريثًا لعقارات العائلة في منطقة ميرسيا.

    • يرمز لـالحداثة والعقلانية، ويواجه الشر عبر أدوات علمية (كالغرير الذي يستورده لمكافحة الثعابين).

  2. ليدي أرابيلا مارش (Lady Arabella March):

    • أرملة غامضة تسكن عقار ديانا غروف (المعروف سابقًا باسم "عرين الدودة البيضاء").

    • ترتدي دائمًا ثيابًا بيضاء ضيقة، وتتحلى بجمال بارد وقسوة غير طبيعية تجاه الحيوانات والبشر.

    • يُكشف لاحقًا أنها تجسيد بشري للدودة البيضاء الأسطورية، كائن قديم تطور ليصبح ذكيًّا وشريرًا.

  3. إدغار كاسوول (Edgar Caswall):

    • وريث عقار كاسترا ريجيس، يعود من إفريقيا بصحبة خادمه الأفريقي أولانجا.

    • يتمتع بقدرات تنويم مغناطيسي موروثة عن أسلافه، ويستخدمها لمطاردة ليلا واتفورد حتى الموت.

    • يجسد الاستبداد والجنون، خاصة في هوسه بطائرة ورقية عملاقة على شكل صقر.

  4. السير ناثانيال دي ساليس (Sir Nathaniel de Salis):

    • مؤرخ وعالم آثار، صديق مقرب لريتشارد سالتون.

    • يقوم بدور "المُرشد" لآدم، ويكشف له أسطورة الدودة البيضاء عبر روايات تاريخية.

    • يُشبه شخصية فان هيلسينغ في "دراكولا"، لكنه أقل تأثيرًا.

  5. أولانجا (Oolanga):

    • خادم إفريقي لإدغار كاسوول، يُوصف بأنه "قذر" و"شيطان" و"همجي".

    • يُقتل على يد ليدي أرابيلا عندما يحاول التودد إليها، حيث تسحبه إلى بئر عميق.

    • تجسيد لـالصور النمطية العنصرية في الأدب الفيكتوري، خاصة في استخدام كلمة "زنجي" (nigger).


الأحداث الرئيسية

الجزء الأول: وصول الشر إلى ميرسيا

يصل آدم سالتون إلى منطقة ميرسيا الريفية، حيث يستقبله عمه ريتشارد وصديقه السير ناثانيال. خلال جولة للتعريف بالمنطقة، يقابلا ليدي أرابيلا التي تتعطل عربتها. أثناء إصلاحها، يلاحظ آدم ثعابين سوداء تختفي بإشارة منها. هنا تبدأ الشكوك حول طبيعتها الخارقة.

في الوقت نفسه، يصل إدغار كاسوول إلى عقار كاسترا ريجيس، ويبدأ في ملاحقة ليلا واتفورد، الفتاة الهادئة التي تسكن مزرعة ميرسي. باستخدام قدرات التنويم المغناطيسي، يحاول السيطرة على عقلها، لكن مقاومة ابنت عمها ميمي (التي تُعجب بها آدم) تعوقه.

الجزء الثاني: صعود التهديد الخارق

  • أولانجا يجمع الثعابين السامة وينشر الرعب في المنطقة، بينما تشن ليدي أرابيلا هجمات غامضة على الحيوانات والبشر.

  • يُقتل طفل بعضة ثعبان، ويشك آدم بأن ليدي أرابيلا متورطة. يستورد الغرير (حيوان مفترس للثعابين) لمكافحتها، لكنها تقتل الغرير بيديها.

  • السير ناثانيال يكشف لآدم أن ليدي أرابيلا هي تجسيد للدودة البيضاء، كائن سحيق تطور من زواحف ما قبل الطوفان، ويسكن في بئر عميق تحت ديانا غروف.

الجزء الثالث: المواجهة والنهاية الكارثية

  • تشن ليدي أرابيلا وإدغار كاسوول هجومًا مشتركًا:

    • إدغار يُلقي بليلا من برج كاسترا ريجيس بعد تدمير إرادتها بالتنويم.

    • ليدي أرابيلا تحاول قتل ميمي، لكن آدم ينقذها.

  • يشتري آدم عقار ديانا غروف ويضع ديناميت في البئر لتفجير الدودة.

  • خلال عاصفة رعدية، تُضرب طائرة إدغار الورقية (على شكل صقر) بالبرق. تنتقل الشحنة عبر سلك توصله ليدي أرابيلا إلى البئر، مما يُفجر الديناميت ويدمر الدودة والعقار معها.

  • يموت إدغار في الحريق، ويتزوج آدم بميمي، رمزًا لانتصار الخير.


الرموز الرئيسية

1. الصراع بين القديم والحديث

  • تمثل الدودة البيضاء الشر القديم المرتبط بالأساطير الوثنية (مثل الإله المصري بس).

  • آدم والسير ناثانيال يجسدان العلم والعقلانية، مستخدمين وسائل مثل الديناميت والغرير لمقاومة الشر.

2. المرأة ككائن مرعب

  • ليدي أرابيلا تُمثل الأنوثة المفترسة التي تهدد النظام الأبوي. توصف بـ"القلب البارد" و"الطبيعة السامة"، وتُقارن بـ"الكوت" (امرأة مستهترة).

  • في المقابل، تمثل ميمي الأنوثة "المقبولة": شجاعة لكنها مطيعة لزوجها بعد الزواج.

3. الجنون والعظمة

  • هوس إدغار بطائرته الورقية يعكس جنون العظمة، حيث يعتقد أنها تمتلك إرادة ذاتية وأنه "إله".

4. العنصرية والطبقية

  • شخصية أولانجا تُصور كـ"همجي" و"شيطان"، وتعكس تحيزات العصر الفيكتوري. النص الأصلي يستخدم كلمة "زنجي" (nigger) 22 مرة.

  • بعض النقاد يبررون هذا بأن جميع الأشرار (بمن فيهم البيض) يُوصفون بلغة عنيفة.


 العنصرية في الرواية

أثار تصوير شخصية أولانجا انتقادات حادة:

  • يُوصف بأنه "أدنى المخلوقات البشرية" و"طفل الشيطان من المستنقعات".

  • عند اعترافه بحبه لأرابيلا، تضحك عليه لأنها "بيضاء" وهو "أسود متخلف".

  • حتى إدغار يقول: "القانون لا يهتم بزنوج ميتين" عند التحدث عن قتله.

الدفاعيات:

  • بعض الطبعات (مثل نسخة 1960) خففت الوصف، مستبدلة "زنجي" بـ"أسود" أو "خادم".

  • النقاش يذكر أن ستوكر قدم أيضًا شخصية ميمي (من أصل بورمي) كبطلة إيجابية، وتزوجها آدم.


الجوانب الفنية 

نقاط القوة

  • مشاهد الرعب البصرية: مثل ظهور عيون الدودة الخضراء المتوهجة ليلاً، أو مطاردة العربة بواسطتها.

  • دمج العلم بالخيال: استخدام نظرية الراديوم لتفسير تطور الدودة.

نقاط الضعف

  1. الضعف السردي:

    • أحداث مبتورة (مثل صندوق مخطوطات فرانز ميسمر الذي يُذكر ثم يُنسى).

    • حبكة غير متماسكة، خاصة في النسخة المختصرة.

  2. ضعف الشخصيات:

    • ردة فعل آدم عند اكتشاف أن أرابيلا وحش: "ماذا يمكننا أن نفعل؟ يبدو هذا معقدًا!".

    • ليدي أرابيلا تتراوح بين كونها امرأة، ثعبانًا، أو شيطانًا دون توضيح.

  3. التقييمات النقدية القاسية:

    • الكاتب ه. ب. لافكرافت وصفها: "تدمير لفكرة عظيمة بسرد طفولي".

    • الناقد ر. إس. هاجي وضعها في قائمة "أسوأ 13 رواية رعب".


الإرث الثقافي

  • فيلم 1988: من إخراج كين راسل، بطولة هيو غرانت. تميز بالخيال الجنسي والإفراط في الإثارة، مع تحويل الدودة إلى كائن شبيه بـ"المصاصة".

  • أعمال أخرى: ظهرت الدودة في ألعاب مثل "Dracula: Curse of the Vampire".

  • التأثير الأدبي: رغم ضعفها، بقيت نموذجًا لأدب الوحوش القديمة الذي ألهم كتابًا مثل إتش. بي. لافكرافت.


 الرواية في سياقها التاريخي

"عرين الدودة البيضاء" عمل متناقض يجسد إبداع ستوكر وإخفاقه:

  • إيجابياتها: جرأة في طرح شر "ما قبل التاريخ"، ومشاهد رعب مبدعة.

  • سلبياتها: عنصرية صارخة، وضعف بنيوي يعكس تدهور صحة الكاتب.

رغم كل عيوبها، تبقى الرواية وثيقة تاريخية تكشف تحيزات العصر الفيكتوري، وتُدرس اليوم كنموذج عن تطور أدب الرعب وعلاقته بالهواجس الاجتماعية . 

كما أنها تشهد على محاولة ستوكر الأخيرة لتجديد الرعب القوطي بعيدًا عن مصاصي الدماء، حتى لو لم ينجح تمامًا.

"القارئ الحديث قد يصاب بالصدمة من عنصريتها، لكن لا يمكن إنكار أنها جزء من تاريخ أدب الرعب الذي يجب مواجهته بوعي

إرسال تعليق

0 تعليقات