دراكولا

 

دراكولا

 "دراكولا" لبرام ستوكر

 المؤلف والخلفية التاريخية

وُلد برام ستوكر في دبلن عام 1847، وعمل في البداية موظفًا حكوميًا قبل أن يصبح مديرًا لأعمال المسرح في لندن. بدأ كتابة "دراكولا" عام 1890، وانتهى منها بعد 7 سنوات عام 1897. استقى إلهامه من:

  • فلاد الثالث المخوزِق (1431-1476): الأمير الروماني الذي حارب العثمانيين واشتهر بوحشيته في تعذيب الأعداء بالخوازيق، مما أكسبه لقب "ابن التنين" (دراكولا).

  • الكونتيسة إليزابيث باثوري: المجرية التي عُرفت بـ"كونتيسة الدم" لتعذيبها وقتل 600 فتاة تقريبًا.

  • أساطير مصاصي الدماء الأوروبية: خاصة من ترانسيلفانيا، التي زارها ستوكر عبر المراجع في مكتبة ويتبي بإنجلترا.

الحبكة للرواية بألاحداث 

الجزء الأول: قلعة دراكولا (الفصول 1-4)

  • جوناثان هاركر، محام إنجليزي شاب، يسافر إلى ترانسيلفانيا لإتمام صفقة عقارية مع الكونت دراكولا. في الطريق، يحذره الفلاحون من الشرور المسيطرة على المنطقة.

  • عند وصوله إلى القلعة، يلتقي بـالكونت دراكولا، الذي يظهر كرجل عجيب: طويل القامة، شاحب البشرة، ذو أنف حاد وأظافر طويلة، مع توفر قوة خارقة تمكنه من تسلق الجدران كالسحالي.

  • تتصاعد الأحداث ببطء: يكتشف هاركر أن دراكولا لا يأكل طعامًا بشريًا، ولا يُرى في المرايا، وينام في صناديق مليئة بتراب موطنه. يُحتجز هاركر في القلعة، ويواجه ثلاث نساء مصابات بلعنة مصاصي الدماء يحاولن إغراءه وشرب دمه، لكن دراكولا ينقذه ويقدم لهن طفلًا بديلًا.

  • يكتشف هاركر أن دراكولا يخطط للانتقال إلى إنجلترا، فيحاول الهروب وينتهي به الأمر في مستشفى بودابست مصابًا بانهيار عصبي.

الجزء الثاني: الغزو الإنجليزي (الفصول 5-16)

  • دراكولا يصل إلى إنجلترا عبر سفينة الشبح "ديميتير"، التي تتحول إلى كابوس: طاقمها يموت تباعًا أثناء الرحلة، وينجرف حطامها إلى شاطئ ويتبي، حيث يظهر كلب أسود ضخم يهرب منها.

  • في ويتبي، تتعرض لوسي ويستنرا، صديقة خطيبة هاركر (مينا موراي)، لهجمات غامضة أثناء نومها. تبدأ صحتها بالتدهور رغم رعاية خطيبها الدكتور جون سيوارد، وصديقها كوينسي موريس، وخطيبها الآخر آرثر هولم وود.

  • يدخل البروفيسور أبراهام فان هلسنغ، العالم الهولندي المتخصص في الطب الغامض، القصة ليكتشف أن لوسي ضحية لمصاص دماء. يحاول حمايتها بالثوم والصلبان، لكن تدخل أمها (التي تزيل الثوم خوفًا على رائحته) وذئب هارب (يرسله دراكولا) يؤدي إلى وفاة الأم بنوبة قلبية وتحول لوسي لمصاصة دماء بعد موتها.

  • بعد دفن لوسي، تظهر تقارير عن "سيدة جميلة" تهاجم الأطفال ليلًا. يكتشف فان هلسنغ وفريقه أنها لوسي المتحولة، فيقتحمون قبرها، يخوزقون قلبها، ويقطعون رأسها لتحريرها من اللعنة.

الجزء الثالث: المعركة النهائية (الفصول 17-27)

  • تتعرض مينا موراي (التي تزوجت جوناثان بعد شفائه) لهجمات دراكولا، الذي يجبرها على شرب دمه، مما يربطها به روحيًا. يستخدم فان هلسنغ التنويم المغناطيسي لتتبع تحركات دراكولا عبر هذه الصلة.

  • يكشف الفريق أن دراكولا خبأ 50 صندوقًا من تربة ترانسيلفانيا في لندن لتوفير ملاذات له. ينجحون في تطهير معظمها، لكن دراكولا يهرب بالصندوق الأخير عائدًا إلى قلعته.

  • تنطلق مطاردة عبر أوروبا الشرقية: ينقسم الفريق إلى مجموعتين: فان هلسنغ ومينا لتدمير مصاصات الدماء في القلعة، والباقون لمطاردة دراكولا مع الغجر الرومان الذين يحمون نعشه.

  • في المواجهة الأخيرة على حدود ترانسيلفانيا، يطعن كوينسي دراكولا في القلب بينما يقطع جوناثان رأسه بسكين. يتحول جسد دراكولا إلى تراب، وتُحرر مينا من اللعنة، لكن كوينسي يموت متأثرًا بجراحه.


الرموز والموضوعات

1. البنية السردية الفريدة

تُروى القصة عبر وثائق متعددة: مذكرات شخصية، خطابات، برقيات، قصاصات صحف، وسجلات بحرية. هذا الأسلوب يخلق:

  • مصداقية واقعية: حيث تُقدم الأحداث من وجهات نظر متعددة.

  • تشويقًا دراميًا: عبر الكشف المتدرج عن المعلومات.

2. الصراع بين الحداثة والخرافة

تمثل الشخصيات رموزًا للعصر الفيكتوري:

  • فان هلسنغ: يجمع بين العلم (الطب، علم الأمراض) والمعرفة الشعبية (الخرافات، التعاويذ).

  • التقنيات الحديثة: مثل التلغراف وآلة الطباعة (التي تستخدمها مينا لتسجيل الأحداث)، تواجه القوى الظلامية التي لا تفسير علمي لها.

3. الرموز الدينية والجنسانية

  • الثوم والصلبان والماء المقدس: تمثل قوة الإيمان المسيحي ضد الشر.

  • الدم: يرمز للحياة والخطيئة معًا. عملية نقل الدم لإنقاذ لوسي تُصوَّر كطقس ديني فاشل.

  • الجنسانية المكبوتة: مشاهد امتصاص الدم من العنق تُصوَّر كاستعارات جنسية، خاصة في مشاهد إغواء لوسي ومينا. تحول لوسي لـ"امرأة فاسدة" بعد تحولها لمصاصة دماء يعكس المخاوف الفيكتورية من تحرر المرأة.

4. شخصية دراكولا: الشر المركب

  • الغريب المهاجر: يرمز لمخاوف البريطانيين من الغزو الثقافي الأجنبي.

  • النبلاء المفترس: يستغل ثروته وقوته لاستعباد الضعفاء.

  • التناقض الإنساني: في مشهد نادر، يُظهر حزنًا على فقدان حب حياته، مما يضفي عمقًا تراجيديًا على شخصيته.


الشخصيات الرئيسية

الشخصيةالدور الرمزيالتطور الدراميالمصير
الكونت دراكولاالشر المطلق، الغريب الغازيمن سيد متحكم إلى مطاردالموت بتحوله لتراب
فان هلسنغالحكمة، الجمع بين العلم والإيمانمن باحث غامض إلى قائد المقاومةالنجاة
جوناثان هاركرالحداثة البريطانية، الشجاعةمن ضحية مرعوبة إلى بطل منتقمالزواج بمينا، إنجاب طفل
مينا مورايالفضيلة الأنثوية، الذكاءمن ضحية إلى سلاح ضد دراكولاالتحرر من اللعنة
لوسي ويستنراالجمال الفاسد، الإغراءمن فتاة بريئة إلى وحش مفترسالقتل بعد تحولها لمصاصة دماء
كوينسي موريسالبطولة التضحيةمن منافس عاطفي إلى محاربالموت في المعركة النهائية

التأثير الثقافي والأدبي

1. إرث أدب الرعب

  • أسس أدب مصاصي الدماء الحديث: حددت الرواية سمات مصاص الدماء الكلاسيكي: الخلود، التحول لحيوانات، الضعف أمام الثوم والصلبان، الحاجة للنوم في تربة وطنه.

  • التجسيدات السينمائية: من فيلم "نوسفيراتو" (1922) إلى "دراكولا" (1931) ببطولة بيلا لوغوسي، وفيلم فرانسيس فورد كوبولا (1992) الذي ركز على الجانب العاطفي للكونت.

2. تحولات دراكولا في الثقافة الشعبية

  • الأدب: ألهمت شخصيته أعمالًا مثل "مصاص الدماء ليستات" لآن رايس، و"السائرون" لستيفن كينغ.

  • الدراما التلفزيونية: ظهر في مسلسلات مثل "دراكولا" (2020)، و"بافي قاتلة مصاصي الدماء".

  • ثقافة الأطفال: تحول لشخصية كوميدية في "كونت فون كونت" ببرنامج "شارع السمسم"، ومثلجات "وولز" التي تحمل اسم.

3. الجدل التاريخي

  • الخلط بين الواقع والأسطورة: رغم أن ستوكر استوحى الاسم من فلاد المخوزق، لا يوجد دليل على أن دراكولا الروائي مقتبس مباشرة من سيرته. فلاد كان بطلًا قوميًا في رومانيا لمقاومته العثمانيين، بينما حوّله ستوكر لرمز للشر.

  • الاحتفالات العالمية: يقام سنويًا في رومانيا والمجر مهرجانات "دراكولا" السياحية، حيث يتنكر المشاركون بمصاصي الدماء، بل يصل الأمر إلى خلع أنياب حقيقية وتركيب أخرى صناعية.


لماذا تبقى "دراكولا" خالدة؟

هذه الرواية ليست قصة رعب فقط ، بل نقد اجتماعي عميق للعصر الفيكتوري:

  • صراع الهوية: بين التمسك بالتقاليد الدينية ومواجهة التحديات العلمية.

  • الخوف من الآخر: ممثلًا في الغزو الشرقي لأوروبا "المتحضرة".

  • التحرر الجنسي: عبر استعارة مصاص الدماء كمخترق للمحظورات.

يقول دراكولا في الرواية:

«أهلًا بكَ في منزلي. ادخله طواعية، وغادره آمنًا، واترك فيه أثرًا من السعادة التي جلبتها معك!».

هذه العبارة تختزل ثنائية الشخصية: الترحيب المفخخ الذي يعكس قدرته على الاختباء وراء قناع النبلاء، بينما ينفذ أجندته الظلامية. بعد 125 عامًا من نشرها، تظل الرواية مرآة للمخاوف الإنسانية الأزلية: الموت، المجهول، والشر الكامن في البشرية

إرسال تعليق

0 تعليقات