معضلة المؤمن - فاجبايي وطريق اليمين الهندوسي إلى السلطة، 1977-2018

معضلة المؤمن - فاجبايي وطريق اليمين الهندوسي إلى السلطة، 1977-2018


Believer's Dilemma
 

نظرة عامة على الكتاب

"Believer's Dilemma" هو المجلد الثاني والأخير من السيرة الذاتية الشاملة لأtal بيهاري فاجبايي (1924-2018) للمؤلف أبهيشيك شودهاري. يُعتبر هذا العمل استكمالًا لدراسة استمرت عقدًا من الزمن، ويحظى بتقدير كبير من قبل مؤرخين مرموقين مثل رامشاندرا غوها الذي وصفه بأنه "أفضل سيرة ذاتية لرئيس وزراء هندي قرأتها على الإطلاق".

يركز هذا المجلد على الفترة من 1977 إلى 2018، أي من بداية مشاركة فاجبايي الفعلية في الحكم في تحالف جانتا وحتى وفاته.

 يهدف الكتاب إلى تقديم تاريخ غير عاطفي للتيار القومي الهندوسي (Hindu Right) وتطوره من هوامش الحياة السياسية ليحل محل حزب المؤتمر كقوة مهيمنة، مع فاجبايي كأحد أبرز مهندسي هذا التحول.

الكتاب ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو تحليل نفسي وسياسي معمق لشخصية فاجبايي المعقدة والمليئة بالتناقضات

 خاصة العلاقة الملتبسة بينه كـ "اعتدالي" وبين عائلته الأيديولوجية، "السانغ باريفار" (Sangh Parivar)، التي نشأ في كنفها والتي ظل مخلصًا لها في لحظات الأزمات الحاسمة.

 الخلفية التاريخية والسياق (1977-1979)

يبدأ الكتاب مع تشكيل أول حكومة غير تابعة للمؤتمر في المركز عام 1977، وهي تحالف "جانتا" (Janata) الذي ضم أيضًا حزب "جان سانغ" (Jan Sangh) الذراع السياسي التاريخي لـ "الآر إس إس" (RSS). شغل فاجبايي منصب وزير الخارجية، مما منحه شرعية وطنية أوسع.

إدارة الخارجية والصراع مع الداخل

كشف الكتاب عن العلاقة المتوترة بين فاجبايي ورئيس الوزراء مورارجي ديساي، الذي كان لديه رؤية غاندية-أخلاقية للسياسة الخارجية، بينما كان فاجبايي أكثر براغماتية.

 على الرغم من صورة فاجبايي السابقة كمتشدد ومعادٍ للاتحاد السوفيتي، أظهر كوزير للخارجية مرونة وبراغماتية، مفاجئًا الدبلوماسيين القلقين. أشرف على استمرارية السياسة الخارجية مع بعض التعديلات، مثل تعزيز استخدام اللغة الهندية في وزارة الخارجية.

الانهيار والمفارقة الأولى

عندما بدأت حكومة جانتا بالانهيار في 1979، وجه فاجبايي انتقادًا علنيًا نادرًا إلى منظمته الأم، "الآر إس إس"، ملقياً باللوم عليها في تفاقم الفوضى بسبب إضراب عمال المياه الذي دعمته في دلهي، ومتسائلاً علنًا: "لماذا لا تفتح [الآر إس إس] أبوابها لغير الهندوس؟"

يشير شودهاري إلى أن هذا النقد كان مناورة تكتيكية أكثر منه قطيعة أيديولوجية، بهدف إظهار استقلالية جان سانغ عن "الآر إس إس" لإنقاذ التحالف. هذه الحادثة تضع أولى معالم "المفارقة" التي سترافقه: الولاء الأيديولوجي العميق في مواجهة الضرورات السياسية وبناء الصورة العامة كمعتدل.

 صعود اليمين الهندوسي (1980-1998)

تأسيس حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) وفشل العلمنة

بعد انهيار جانتا، أسس أعضاء جان سانغ السابقون حزب بهاراتيا جاناتا (BJP) في 1980، بقيادة فاجبايي. حاول فاجبايي في البداية تقديم الحزب الجديد بصورة أكثر اعتدالاً وعلمانية لجذب تحالفات أوسع، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل انتخابيًا

أدى هذا الفشل إلى تحول استراتيجي في الحزب تحت قيادة لال كريشنا أدفاني، الذي أطلق حركة راث ياترا (Rath Yatra) في 1990 لدعم قضية بناء معبد رام في موقع مسجد بابري (Babri Masjid) في أيوديا، مما أعاد إحياء الأجندة الأيديولوجية الصريحة وأدى إلى تصاعد التوترات الطائفية.

مسألة بابري مسجد والولاء في الأزمات

يكشف الكتاب بالتفصيل الخطة الممنهجة التي وضعها "السانغ باريفار" لهدم المسجد، وهو المشروع الذي بلغ ذروته في 6 ديسمبر 1992.

 في أعقاب الهدم، الذي أدى إلى أعمال عنف طائفي مروعة في أنحاء الهند، وجد فاجبايي نفسه في موقف محرج. علنياً، وصف اليوم بأنه "أحلك يوم في حياته"، لكنه في الواقع أظهر مرة أخرى ولاءه المنعكس للمنظمة الأم. 

لم ينتقد بشكل قاطع الأطراف الفاعلة الرئيسية داخل الحركة، مما يعكس "المفارقة" الأساسية في شخصيته وسياساته.

 رئاسة الوزراء والإرث (1998-2004)

أصبح فاجبايي رئيسًا للوزراء في 1998 على رأس تحالف معقد (التحالف الديمقراطي الوطني - NDA)، مما أجبره على تطوير نقاط قوة عاطفية وسياسية فريدة لإدارة هذا التحالف المتنافر وتحويل الهند إلى ديمقراطية متعددة الأحزاب بشكل حقيقي.

الاختبارات النووية والسياسة الخارجية

يسلط شودهاري الضوء على ما يسميه "يأس" فاجبايي لإجراء التجارب النووية بعد وصوله إلى السلطة مباشرة، ليثبت الوجود الاستراتيجي للهند ويحقق وعيدًا حملته الحركة القومية لعقود. 

نفذت الهند هذه الاختبارات في مايو 1998. في السياسة الخارجية، يصوره الكتاب على أنه براغماتي بارد، وإن كان محبطًا أحيانًا، في مفاوضاته مع باكستان والصين. لقد ساعد في دفع الهند لتظهر كقوة عظمى محتملة وربط طموحاتها الرأسمالية بالخيال الاجتماعي السياسي.

أحداث غوجارات 2002 والمفارقة الأكثر مأساوية

ربما تكون أحداث الشغب الطائفية في غوجارات عام 2002 هي الاختبار الأكثر قسوة لـ "معضلة المؤمن" لدى فاجبايي. 

يذكر الكتاب أنه على الرغم من الضغط العام الهائل للتدخل وإقالة حكومة الولاية بقيادة ناريندرا مودي، فإن ولاء فاجبايي الأيديولوجي مرة أخرى حد من فعاليته، حيث لم يتخذ إجراءات حاسمة.

 يكشف شودهاري عن نمط أعمق: "الولاء المنعكس لعائلته الأيديولوجية في لحظات الأزمات".

المشهد الأخير: التصويت ضد صفقة الهند والولايات المتحدة النووية

يختتم الكتاب بمشهد مأساوي آخر من حياة فاجبايي العامة في 2008. 

بعد سنوات من تراجع صحته بسبب جلطات دماغية، ظهر الرمز العجوز في البرلمان للتصويت ضد صفقة الهند والولايات المتحدة النووية المدنية، وهي الصفقة التي كان هو نفسه قد ساعد في وضع بذورها خلال ولايته.

 هذا الفعل، كما يقول شودهاري، كان بمثابة تذكرة نهائية بإرث فاجبايي المعقد: حتى وهو منهك جسديًا، ظلت ولاءاته الأيديولوجية الأساسية هي الموجه الأخير له، مما يلخص المعضلة التي عاشها طوال حياته السياسية.

 منهجية شودهاري وأسلوبه

اعتمد شودهاري في بحثه الذي استمر عشر سنوات على مجموعة واسعة من الوثائق الأرشيفية الجديدة والمقابلات الشخصية مع شخصيات رئيسية من تلك الفترة

هذا يمنح العمل مصداقية استثنائية وعمقًا تحليليًا. 

النتيجة هي سيرة غير تقديسية، ترفض تقديم صورة بطولية أو تقديسية لفاجبايي، بل تحلله بموضوعية مع التركيز على نقاط القوة والضعف في شخصيته.

يقدم شودهاري فاجبايي كشخصية معقدة: خطيب مفوه، وشاعر عاطفي، وبراغماتي بارد، وقومي مخلص، وسياسي معتدل عندما تتطلب المصالح. لكن الخيط الذي يربط كل هذه التناقضات الظاهرية هو "الولاء المنعكس" المستمر للسانغ باريفار، مما يخلق الإطار النفسي المركزي للكتاب: "معضلة المؤمن".

 ملخصا

"Believer's Dilemma" ليس مجرد سيرة ذاتية لأتال بيهاري فاجبايي؛ إنه تاريخ لليسار الهندوسي في الهند وتحوله من الهامش إلى مركز السلطة. من خلال عدسة حياة فاجبايي المعقدة، يقدم لنا أبهيشيك شودهاري أدوات لفهم اللحظة السياسية الحالية في الهند.

يبقى فاجبايي، في نهاية هذا العمل، لغزًا سياسيًا: كان "مؤمنًا" حقيقيًا بأيديولوجية الـ "هندوتفا"، لكنه أدرك أن وصولها إلى السلطة يتطلب قناعًا من الاعتدال وبناء التوافق. 

ومع ذلك، عندما كانت الأزمات الحقيقية تهدد "العائلة"، كان إيمانه وولاؤه دائمًا ما ينتصران على براغماتيته السياسية المعتدلة. هذه "المفارقة" هي التي تحدد إرثه وتجعل سيرته الذاتية، كما قدمها شودهاري، ضرورية لفهم السياسة الهندية في القرن الحادي والعشرين.


إرسال تعليق

0 تعليقات