أسياد المال السهل - كيف دمر بنك الاحتياطي الفيدرالي الاقتصاد الأمريكي

 
أسياد المال السهل - كيف دمر بنك الاحتياطي الفيدرالي الاقتصاد الأمريكي

 "The Lords of Easy Money: How the Federal Reserve Broke the American Economy"

مقدمة شاملة عن الكتاب

" The Lords of Easy Money: How the Federal Reserve Broke the American Economy " للصحفي الاستقصائي كريستوفر ليونارد، هو كتاب يغوص في أحد أكثر المؤسسات الأمريكية غموضاً ألا وهو الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (The Federal Reserve).

 يُقدّم الكتاب قصة شيقة من خلال سردية تشبه أعمال مايكل لويس، حيث يحول موضوعاً معقداً وقاحتمالية أن يكون مملاً إلى قصة آسرة تكون فيها الرهانات واضحة جداً للمتلقي 

يتمحور الكتاب حول فرضية رئيسية مفادها أن السياسات النقدية التي انتهجها الاحتياطي الفيدرالي على مدى العقد الماضي أو أكثر، وتحديداً سياسة التيسير الكمي (Quantitative Easing) والحفاظ على أسعار فائدة منخفضة بشكل استثنائي، لم تنقذ الاقتصاد الأمريكي فحسب، بل ساهمت في كسره أيضاً من خلال تفاقم عدم المساواة في الثروة، خلق فقاعات مالية، وجعل النظام المالي بأكمله أكثر هشاشة .

يستخدم ليونارد قصة توماس هونيج (Thomas Hoenig)، رئيس بنك كانزاس سيتي الاحتياطي الفيدرالي سابقاً، كخيط روائي رئيسي لسرد حكاية تحول السياسة النقدية الأمريكية.

 كان هونيج صوتاً منشقاًوحيداًداخل لجنة السوق المالية المفتوحة (FOMC) يحذر من العواقب طويلة الأمد لسياسة "المال السهل" 

يصرح في الكتاب بأن هذه السياسات، على الرغم من النوايا الحسنة، عرّضت الاستقرار الاقتصادي للخطر على المدى الطويل لتحفيز النمو على المدى القصير، مما أدى إلى اقتصاد تسوده الديون والتفاوت، حيث يستفيد الأثرياء وأكبر البنوك بينما تتعثر الطبقة المتوسطة 

يروي الكتاب الصوتي، كما يؤدي كراوي جاك روي (Jacques Roy)، هذه القصة المعقدة بطريقة يصفها المستمعون بأنها "رائعة وغنية بالمعلومات" .

 ولادة عصر المال السهل والسياسة التي غيرت كل شيء

الأزمة المالية عام 2008 وبداية التحول الجذري

كانت الأزمة المالية لعام 2008 هي المحفز الذي دفع الاحتياطي الفيدرالي، تحت قيادة بين برنانكي، إلى تبني أدوات غير تقليدية.

 بينما دعم توماس هونيج تدخل البنك المركزي كـ"مُقرِض الملاذ الأخير" أثناء الذروة الحادة للأزمة، إلا أنه عارض تحول هذه الأدوات الاستثنائية إلى سياسة اعتيادية .

 في 3 نوفمبر 2010، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي خطوة مصيرية نحو التيسير الكمي (QE) كاستجابة للأزمة. لم يكن الهدف من هذه السياسة هو إنقاذ النظام المالي من الانهيار فحسب، بل أيضاً تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل .

آلية عمل التيسير الكمي وتضخم السيولة

يقوم التيسير الكمي على فكرة ضخ سيولة رخيصةووفيرة في النظام المالي.

 قام الاحتياطي الفيدرالي بشراء أصول مثل السندات الحكومية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من السوق المفتوحة. 

لقد كانت هذه العملية، في جوهرها، عملية طباعة نقود جديدة، حيث قام البنك المركزي بخلق دولارات إلكترونية جديدة لشراء هذه الأصول 

أدى هذا إلى تضخم قاعدة النقد بسرعة هائلة. تضاعف المعروض النقدي الأساسي في غضون أشهر فقط، وهو ما كان سيتطلب ستين عاماً ليحدث في الظروف العادية.

 قفزت الاحتياطيات الفائضة في النظام المصرفي من 2 مليار دولار في عام 2008 إلى 1.2 تريليون دولار بنهاية عام 2010، لتصل إلى ذروة بلغت 1.6 تريليون دولار بحلول منتصف عام 2011 . نما الميزان العمومي للاحتياطي الفيدرالي من 2.3 تريليون دولار مع بداية جولة التيسير الكمي الثانية في عام 2010 إلى 8.2 تريليون دولار بحلول منتصف عام 2021 .

الرجل الذي وقف وحده: تحذيرات توماس هونيج

الخبرة التكوينية: دروس من الماضي

لفهم معارضة هونيج، يجب العودة إلى تجربته التأسيسية في بنك كانزاس سيتي الاحتياطي في السبعينيات والثمانينيات.

 بدأ هونيج مسيرته في البنك المركزي في عام 1973 في دور رقابي، حيث صعد في الرتب ليصبح رئيساً لفرع كانزاس سيتي 

في ذلك الوقت، شهد عن كثب فترة المال السهل في أواخر السبعينيات، حيث ارتفعت قيمة الأصول مثل الأراضي الزراعية، واعتاد المزارعون ورجال الأعمال على تحمل الديون بشكل عدواني في ظل بيئة اقتصادية مريحة .

 كان هونيج وزملاؤه يحذرون البنوك الصغيرة من محافظ القروض الممتدة المستندة إلى تقييمات أصلية تاريخية مرتفعة، لكنهم كانوا يُنظر إليهم على أنهم منظمون ممتعضون يعيقون التجارة المربحة .

ثم جاءت الصدمة في عام 1979 عندما بدأ رئيس الاحتياطي الفيدرالي بول فولكر سياسة نقدية مشددة لسحق التضخم. تغير المشهد المالي بين عشية وضحاها. في منطقة هونيج، انخفضت أسعار الأراضي الزراعية بنسبة 27٪، وارتفعت أسعار الفائدة على القروض بسرعة

 وعانت البنوك المحلية من معدلات تخلف عالية عن السداد دمرت سيولتها وميزانياتها العمومية . وجد هونيج نفسه في موقع اتخاذ قرارات مصيرية بشأyن أي بنك يجب إنقاذه وأي منها يجب أن يتوقف عن التداول. فشل 1600 بنك أمريكي بين عامي 1980 و1994 

شكلت هذه التجربة الصعبة، حيث شاهد الغضب الشخصي الموجه ضده وعواقب السياسة النقدية المتراخية، فلسفته النقدية إلى الأبد: إن السماح بظروف مالية سهلة لفترة ممتدة يؤدي إلى سلوك مالي يعتبر هذا البيئة أمراً مسلماً به، مما يخزن المتاعب لليوم الذي تنتهي فيه هذه الظروف .

التمرد داخل اللجنة: صوت منشق وحيد

عندما أصبح هونيج عضواً في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في عام 1991، كان في البداية منضمّاً إلى الإجماع، وصوّت بنعم لما أراده ألان غرينسبان ثم بين برنانكي . لكن في عام 2010، تحول إلى المعارض الوحيد، حيث ألقى سلسلة من الأصوات المعارضة المنفردة . كان اعتراضه الأساسي على قرار الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة عند الصفر وبدء جولة جديدة من شراء الديون الحكومية طويلة الأجل (التيسير الكمي) في وقت لم يعتبره حالة طارئة بمستوى أزمة 2008، حيث كان معدل البطالة عند 9.6٪ .

كانت تحذيرات هونيج أكثر دقة من مجرد الخوف من التضخم التقليدي. لقد حذر من "الآثار التوزيعية الخطيرة" لأسعار الفائدة 0٪ .

 ودفع بأنه في ظل وجود أسعار خالية من المخاطر عند الصفر، ومع المخاطر الأخلاقية الناتجة عن سياسات "أكبر من أن تفشل" وضمان الاحتياطي الفيدرالي الضمني ("غرينسبان بوت") بأنه سيمنع انخفاض أسعار الأصول، فإن صناديق التقاعد والوسطاء الماليين الآخرين يشرعون في "البحث عن العائد" من خلال تحمل المزيد من مخاطر التخلف عن السداد .

 وفقاً لليونارد، شجع هذا البيئة إنشاء ديون خطرة وغير مستدامة، مما أدى إلى تفاقم عدم المساواة حيث أن أولئك الذين يملكون أصولاً مالية يستفيدون من ارتفاع أسعارها، بينما لا تحصل الطبقة العاملة على نفس الفوائد 

وصفه زملاؤه بأنه "ميلوني" – إشارة إلى أندرو ميلون، وزير الخزانة الذي يُزعم أنه دعا إلى التصفية خلال الكساد الكبير – وهي تسمية يجادل المراجع الأكاديمي بأنها غير دقيقة تاريخياً .

 العواقب غير المقصودة: كيف شكّل المال السهل الاقتصاد الأمريكي

تضخم الأصول وتفشي الديون: وهم الثروة

أحد الآثار المركزية التي يرصدها الكتاب هو تضخم الأصول. مع ضخ تريليونات الدولارات الجديدة في النظام المالي، لم تذهب معظم هذه الأموال إلى الاقتصاد الحقيقي بمعنى زيادة الأجور أو الاستثمار الإنتاجي الواسع، بل تدفقت إلى الأسواق المالية مثل الأسهم والسندات 

يقول ليونارد بأن "تضخم الأصول كان القوة وراء انهيار الدوت كوم في عام 2000، وانهيار سوق الإسكان في عام 2008، والانهيار السوقي غير المسبوق في عام 2020... يمكن للاحتياطي الفيدرالي أن يغذي تضخم الأصول عندما يحافظ على انخفاض تكلفة المال لفترة طويلة جداً" 

خلقت هذه السياسة وهم الثروة لأولئك الذين يملكون هذه الأصول، في حين أن الطبقة المتوسطة، التي كانت غارقة في ديون بطاقات الائتمان، وقروض السيارات، والقروض الطلابية، لم تشارك بشكل متناسب في هذا الازدهار .

اتساع فجوة عدم المساواة: اقتصاد بمسارين

يقودنا تضخم الأصول مباشرة إلى النتيجة الثانية: تسريع عدم المساواة في الدخل والثروة. أصبح الاحتياطي الفيدرالي، من خلال سياسته، المهندس الرئيسي لإعادة توزيع الثروة، وإن كان بطرق غير مقصودة. 

بينما استفاد الأثرياء من ارتفاع قيمة محافظهم الاستثمارية، ظلت مكاسب الأجر للطبقة المتوسطة راكدة أو تم محوها بسبب ارتفاع الأسعار 

يصور الكتاب مشهداً اقتصادياً أمريكياً منقسماً، حيث يبقى النظام المصرفي "أكبر من أن يفشل" أكبر وأقوى من أي وقت مضى، بينما يبدو الأمريكيون من الطبقة المتوسطة عالقين في مرحلة من الركود الدائم 

يكتب ليونارد أن الاحتياطي الفيدرالي قد كافح لسحب هذه الأموال من التداول مرة أخرى، حيث أن كل محاولة لذلك تسببت في بدء السوق في الانهيار، مما دفع البنك المركزي إلى إعادة فتح صنبور الأموال .

البحث عن المخاطرة والتشوهات في سوق الائتمان

مع بقاء أسعار الفائدة الأساسية عند مستويات قياسية منخفضة، شجع الاحتياطي الفيدرالي، عن قصد أو غير قصد، المستثمرين على الاستدانة والبحث عن المخاطرة.

 لم يعد العائد الآمن المتوفر من سندات الخزانة الأمريكية كافياً للمستثمرين مثل صناديق المعاشات، مما دفعهم إلى المغامرة في أصول أكثر خطورة مثل سندات القروض المضمونة (CLOs) للعثور على عائد .

 يقدم الكتاب قصة مثيرة للاهتمام عن جيروم باول نفسه، حيث يسلط الضوء على فترة عمله في مجموعة كارلايل، وهي شركة أسهم خاصة يُقال أنها تستمد أرباحها من "الاستفادة من صلات ونفوذ المطلعين في واشنطن"، وعمله على زيادة الرفع المالي لشركة صناعية عميلة، ريكسنورد .

 ثم يتحول السرد إلى استنكار عام للرفع المالي ولسندات القروض المضمونة كأداة للرفع . خلقت هذه الديناميكية مخاطر نظامية داخل القطاع المالي، حيث أصبحت المؤسسات مترابطة بشكل خطير من خلال الديون.

 الفخ: كيف أصبح الاحتياطي الفيدرالي سجين سياسته

أزمة الريبو (سوق اتفاقيات إعادة الشراء) 2019: إنذار مبكر

في سبتمبر 2019، ظهرت إحدى نقاط الضعف في النظام بشكل مثير عندما شهدت أسعار الفائدة بين عشية وضحاها في سوق الريبو ارتفاعاً مفاجئاً ومفاجئاً .

 لأن التوجيه التطلعي للاحتياطي الفيدرالي وعد بعدم ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، اعتادت العديد من صناديق التحوط على تمويل عملياتها ليس من خلال القروض طويلة الأجل ولكن من خلال اقتراض مبالغ ضخمة بين عشية وضحاها، كل ليلة. 

هدد ارتفاع أسعار الفائدة بين عشية وضحاها بتدمير ربحية هذا النهج وإجبار صناديق التحوط على بيع سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في السوق، مما يعطل خطط الاحتياطي الفيدرالي للحفاظ على أسعارها مرتفعة 

تدخل الاحتياطي الفيدرالي على الفور للحفاظ على انخفاض أسعار الريبو، أولاً بتقديم 75 مليار دولار من القروض بين عشية وضحاها، وسرعان ما تجاوز ذلك 120 مليار دولار .

 كما لاحظ ليونارد، كان "الضمان الاحتياطي (Fed Put) يتوسع" . وبدلاً من حل المشكلة الهيكلية، استجابت صناديق التحوط لبرنامج الأموال الرخيصة هذا من خلال تحمل المزيد من الرفع المالي، مما زاد من هشاشة النظام.

استجابة جائحة كوفيد-19: طباعة 300 عام من المال في بضعة أشهر

عندما ضربت مخاوف كوفيد-19 الأسواق المالية في مارس 2020، كان الاحتياطي الفيدرالي، تحت قيادة جيروم باول، قد علق بالفعل في فخ من إنشائه. 

كان الخيار الوحيد المتاح هو مضاعفة سياسة المال السهل. تصرف البنك المركزي بسرعة أكبر وبقوة أكبر مما كان عليه خلال الأزمة المالية لعام 2008، حيث خفض أسعار الفائدة إلى حوالي الصفر، وأنشأ خطوط مقايضة مع البنوك المركزية الأخرى، وأطلق جولة جديدة من التيسير الكمي بدأت بتعهد بحقن 700 مليار دولار 

تم توسيع الميزان العمومي للاحتياطي الفيدرالي بسرعة لتجاوز 8 تريليونات دولار . كما لخص أحد المراجعين، قام البنك المركزي بطباعة "ما يعادل 300 عام من المال في بضعة أشهر قصيرة" .

 لاحظ المستثمرون تحولاً كبيراً في أسعار الفائدة على الديون الشركاتية، حيث بدأت أنماط شراء السندات من قبل الاحتياطي الفيدرالي تعكس ليس فقط المخاطر الخاصة بالشركة ولكن أيضاً ميل البنك المركزي نفسه لشراء السندات من تلك الشركات. 

عززت هذه الإجراءات التصورات حول سلوك الاحتياطي الفيدرالي أثناء الطوارئ، حيث سلطت الضوء على دوره كمشتري رئيسي للسندات ومنقذ للأسواق .

نهاية استقلالية الاحتياطي الفيدرالي: "إنقاذ غير مرئي"

يكشف الكتاب أن باول كان يتواصل طوال هذه الفترة مع وزير الخزانة ستيفن منوتشين. 

خلال شهر مارس، تحدث الاثنان "حوالي عشرين مرة في اليوم" . ما ظهر كان "حزمة إنقاذ معقدة ستشمل عدة عمليات إنقاذ متشابكة، كل منها يستهدف أجزاء مختلفة من النظام المالي" 

بالنسبة لليونارد، كان هذا بمثابة نهاية لاستقلال الاحتياطي الفيدرالي المقدس. لم يعد دور البنك المركزي كمقرض الملاذ الأخير لحماية نظام المدفوعات، بل تحول إلى إنقاذ الشركات المعسرة وأجزاء من الصناعة المالية. 

يقتبس ليونارد بشكل مناسب من التاجر سكوت ماينرد، الذي لاحظ أن "نا قد جمعنا مخاطر الائتمان... لقد أوضح الاحتياطي الفيدرالي أنه لن يتم التسامح مع الاستثمار الحكيم" . تم إنشاء ديناميكية حيث يشعر المستثمرون الكبار بأنهم محميون من الخسائر – وهو ما يعرف باسم "المخاطر الأخلاقية" – مما شجع على سلوك أكثر خطورة.

 انتقادات وأراء أخرى حول الكتاب

الأخطاء التقنية والتجاوزات في السرد

على الرغم من الثناء على الكتاب، إلا أنه لم يكن بمنأى عن الانتقادات. 

يشير مراجع أكاديمي من جامعة جورج ميسون إلى أن الكتاب "يحتوي على العديد من الأخطاء التقنية التي ستزعج المتخصصين في الاقتصاد النقدي" 

على سبيل المثال، يتم تقديم تعريف ليونارد لل"دولار" على أنه "مجرد مصطلح عام للعملة الأمريكية" بشكل غير دقيق، لأنه ليس مصطلحاً عاماً وهو ليس عملة ورقية فقط .

 كما أنه من غير الدقيق القول بأن الاحتياطي الفيدرالي عندما يوسع القاعدة النقدية "يقوم بصنع دولارات جديدة ويودعها في خزائن البنوك الكبيرة" 

ينتقد المراجع أيضاً ميل ليونارد إلى المبالغة. على سبيل المثال، ليس صحيحاً أن فشل بنك بن سكوير في عام 1982 "كاد أن يسقط نظام البنوك الأمريكية بأكمله معه"، أو أن تحوط "لونج تيرم كابيتال مانيجمينت" "دمر النظام المالي تقريباً عندما انهار في أواخر التسعينيات" .

منظور متوازن: الدفاع عن السياسة

يحاول بعض المراجعين تقديم منظور أكثر توازناً. 

بينما يسلط كتاب ليونارد الضوء على مخاطر سياسة المال السهل، يشير أحد المراجعين إلى أن التيسير الكمي الإضافي واستمرار انخفاض أسعار الفائدة بعد مرور عقد على الأزمة كانا مدمرين للاقتصاد الأمريكي

 لكنه يعترف أيضاً بأن التيسير الكمي الأولي وسياسة انخفاض أسعار الفائدة بعد عام 2008 كان مبرراً . يذهب مراجع آخر إلى القول بأن الكتاب "غير واقعي" لأن تطبيع أسعار الفائدة في وقت سابق، متجاهلاً أهداف البطالة، كان سيتسبب في بطالة وظروف ركودية "غير مقبولة سياسياً" .

 يقترح هذا المراجع أنه ربما كان الحل هو وجود شكل من أشكال التيسير الكمي يدخل بشكل مباشر إلى الحسابات المصرفية للسكان المنفقين، بدلاً من حسابات أولئك الذين يستثمرون ويضاربون في النظام المالي، مما كان سيسرع تحفيز الاقتصاد وتطبيع أسعار الفائدة في وقت اقرب .

 الدروس المستقبلية ونقاط للتفكير

يختتم كريستوفر ليونارد "The Lords of Easy Money" بقصة تحذيرية قوية. من خلال السرد القائم على شخصية توماس هونيج

 يدعي الكتاب بأن سياسات الاحتياطي الفيدرالي، على الرغم من نواياها الحسنة، كسرت الاقتصاد الأمريكي من خلال جعله يعتمد بشكل خطير على المال السهل، وتضخيم فقاعات الأصول، وتعميق عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

 يقدم الكتاب نظرة ثاقبة داخلية للقوى والمبررات التي شكلت القرارات النقدية التي غيرت المشهد الاقتصادي الأمريكي.

الأسئلة المفتوحة للمستقبل

يتركنا الكتاب بأسئلة حرجة للمستقبل:

  1. كيف يمكن للاحتياطي الفيدرالي أن ينسحب من هذا الفخ؟ لقد وجد البنك المركزي نفسه في حلقة مفرغة: أي محاولة لتطبيع سياسته أو تقليل ميزانيته العمومية تهدد بإحداث تصحيح في السوق، مما يدفعه إلى مزيد من التيسير.

  2. ما هي البدائل؟ إذا كان التيسير الكمي وأسعار الفائدة الصفرية أدوات معيبة، فما هي أدوات السياسة الجديدة المطلوبة لمواجهة الأزمات المستقبلية دون خلق تشوهات هيكلية؟

  3. أين هي حدود استقلال البنك المركزي؟ يوضح الكتاب كيف أن الخط الفاصل بين السياسة النقدية والمالية أصبح ضبابياً بشكل خطير، مما يثير أسئلة حول الحوكمة والمساءلة في واحدة من أقوى المؤسسات الديمقراطية.

في النهاية، "The Lords of Easy Money" هو أكثر من مجرد تاريخ للسياسة الاقتصادية؛ إنه تأمل في كيفية تطور الاقتصاد الأمريكي إلى نظام يعتمد على الديون والمضاربة، وما قد يتطلبه إعادته إلى مسار أكثر استدامة وعدالة. 

إنه دعوة للجمهور لفهم القوى الخفية التي تشكل حياتهم الاقتصادية ومطالبة صناع السياسات بتحمل مسؤولية العواقب طويلة المدى لقراراتهم

إرسال تعليق

0 تعليقات