قياس لقياس لشكسبير

شكسبير

 

 "قياس لقياس" لوليام شكسبير

 السياق 

 (Measure for Measure) بين عامي 1603-1604، عُرضت لأول مرة في بلاط الملك جيمس الأول في ديسمبر 1604.

 تُصنف كواحدة من "الملهاة المظلمة" أو "مسرحيات المشكلة" (Problem Plays) بسبب مزجها العناصر الكوميدية والتراجيدية وطرحها أسئلة أخلاقية معقدة دون تقديم إجابات قاطعة .

 استقى شكسبير حبكتها من مصدرين رئيسيين:

  • قصة "إبيتيا" من مجموعة جيرالدو سينثيو (Gli Hecatommithi) 1565.

  • الدراما الأخلاقية "بروموس وكاساندرا" لجورج ويتستون (1578) التي أضافت العناصر الكوميدية وحيلتي "الفراش" و"الرأس" .

العلاقات بين الشخصيات 

 الأدوار الرئيسية:

الشخصيةالدورالصفة الأخلاقية
الدوق فينسنتيوحاكم فيينا، يتنكر كراهبحكيم، ماكر، إصلاحي
أنجيلونائب الدوق خلال غيابهمتزمت، فاسد، منافق
إيزابيلاأخت كلاوديو، طالبة راهباتمثالية، ثابتة المبادئ
كلاوديوشقيق إيزابيلا، محكوم بالإعدامضحية القوانين الصارمة
مارياناخطيبة أنجيلو السابقةمخلصة، ضحية الظروف
لوتشيوصديق كلاوديو، ثرثارهزلي، غير مسؤول

فصلًا بفصل

الفصل الأول

يعلن الدوق فينسنتيو عن رحيله المزعوم إلى بولندا، ويعهد بحكم فيينا إلى أنجيلو، رجل يشتهر بالصرامة الأخلاقية، بمساعدة القاضي إسكالوس. السبب الحقيقي لغياب الدوق هو مراقبة كيفية تطبيق القوانين التي أهملها بنفسه، مما أدى إلى تفشي الفساد الأخلاقي في المدينة.

يُقبض على كلاوديو لإقامة علاقة مع خطيبته جولييت قبل اكتمال مراسم الزواج، ويحكم عليه أنجيلو بالإعدام كـ"قدوة رادعة".
 يطلب كلاوديو من صديقه لوتشيو إقناع أخته إيزابيلا (المستعدة لدير الراهبات) بالتوسل لأنجيلو .

الفصل الثاني

تواجه إيزابيلا أنجيلو في مشهد خطابي مكثف، تطرح فيه مفارقة بين العدالة والرحمة:

"لو كان أخي مكانك وحُكم عليه، لكان أنجيلو قد مات!".

يقع أنجيلو في تناقض مأساوي: رغم ادعائه البرودة العاطفية ("دمي لا يتحرك للشهوة أكثر من الحجر")، يُغرم بإيزابيلا ويقدم صفقة فاسدة: عذراويتها مقابل حياة شقيقها .
 ترفض إيزابيلا بدافع الحفاظ على طهارتها الروحية، مما يدفع كلاوديو لاحقًا للتمسك بالحياة بقوله الشهير: "الموت أمر فظيع!" .

الفصل الثالث

يكشف الدوق (المتنكر كالراهب لودوفيك) عن وجوده السري، ويصمم خطة معقدة:

  1. خدعة الفراش: باستبدال إيزابيلا بـماريانا (خطيبة أنجيلو السابقة التي تخلى عنها لفقدان مهرها) في اللقاء السري مع أنجيلو .

  2. خدعة الرأس: بعد أن ينقض أنجيلو وعده ويأمر بإعدام كلاوديو، يرسل الدوق رأس قرصان ميت (راغوزين) بدلًا من رأس كلاوديو .

الفصل الرابع

يعود الدوق علنًا إلى فيينا، وتجري محاكمة علنية على أبواب المدينة:

  • تتهم إيزابيلا وماريانا أنجيلو بالفسق ونقض العهود.

  • يتنكر الدوق كالراهب لودوفيك مرة أخرى، ويكشف حقيقته في ذروة التشويق.

  • يُجبر أنجيلو على الزواج من ماريانا كتكفير عن خطاياه .

الفصل الخامس

يفرض الدوق حلولاً توفيقية:

  • يُطلق سراح كلاوديو ويتزوج جولييت.

  • يُجبر لوتشيو على الزواج من عاهرة أنجب منها طفلاً.

  • يطلب الدوق الزواج من إيزابيلا، لكن المسرحية تترك ردها صامتًا، مما يفتح الباب لتفسيرات متعددة .

الأفكار الفلسفية

1. العدالة مقابل الرحمة

  • يرمز أنجيلو إلى القانون الحرفي بلا مرونة، بينما تجسد إيزابيلا فكرة الرحمة المسيحية ("رحمة السماء تتجاوز عدالتنا") .

  • عنوان المسرحية نفسه مأخوذ من الإنجيل (متى 7:2): "بالكيل الذي تكيلون يُكال لكم" .

2. الازدواجية 

  • التمويه: الدوق (راهب/حاكم)، أنجيلو (قديس/فاسد)، إيزابيلا (راهبة/متوسلة).

  • الخطاب الملتبس: يستخدم أنجيلو لغة غامضة لتبرير فساده ("قولكِ الكاذب لا يثقل أمام حقي") .

3. الفساد 

يكشف شكسبير كيف تُفسد السلطة المطلقة حتى أكثر الناس "فضيلة"، كما يقول الدوق:

"لو أظهرنا ما بداخلنا، لبدا بعضنا كالنسر وبعضنا كالغربان" .

4. النظام الاجتماعي

  • تنتقد المسرحية النفاق الجنسي: تطهير أنجيلو الظاهري مقابل فساده الخفي.

  • تُجبر الشخصيات على زواج إصلاحي (أنجيلو/ماريانا، كلاوديو/جولييت، لوتشيو/كيت) كحل كوميدي-اجتماعي .

النقد والأدب

المسرحيه المظلمة

  • تناقض النهاية: الزواج (عنصر كوميدي) يُفرض كعقوبة (عنصر تراجيدي).

  • إشكالية الدوق: هل هو حكيم أم متلاعب؟ تدخله ينقذ الأبرياء لكنه يستخدم خدعًا أخلاقية مشكوكًا فيها (خدعة الفراش) .

التأثير المكيافيلي

يشير الباحثون إلى تشابه بين حبكة الدوق وقصة تشيزاري بورجيا في كتاب "الأمير" لمكيافيللي:

  • بورجيا عين ريميرو دي أوركو لفرض النظام في رومانيا، ثم أعدمه لاسترضاء الشعب .

  • الدوق يستخدم أنجيلو كـ"كبش فداء" لإصلاح فيينا دون تحمله تبعة القسوة .

الرمزية القانونية

تظهر لغة المقاييس والموازين كاستعارة للعدالة:

  • أنجيلو: "كذبي يثقل أكثر من حقيقتك".

  • الدوق: "العجلة تدفعها عجلة، والتراخي يجيبه تراخٍ، والجزاء من جنس العمل، والقياس يقابل بالقياس" .

الاستقبال النقدي

  • العصر اليعقوبي: كُتبت في عهد جيمس الأول، الذي اهتم بموضوعي السلطة المطلقة والفساد القضائي .

  • الجدل الديني: تنتقد المسرحية تطرف البيوريتانيين (تمثله شخصية أنجيلو) دون تبني الفوضى الأخلاقية.

  • التلقي الحديث: منذ القرن العشرين، أصبحت تُرى كتحليل نفسي-سياسي عميق، خاصة في إخراجات بيتر بروك (1950) وسيمون ماكبيرني (1994) .

 ألغاز 

تُختتم  بـصمت إيزابيلا أمام زواج الدوق، وهو صمت فُسر كـ:

  1. قبول ضمني (حسب تقاليد الكوميديا).

  2. رفض صامت (لتناقض الدوق الأخلاقي).

  3. رمز للغموض الأخلاقي الذي يميز المسرحية .

تظل المسرحية تحفة شكسبيرية تطرح أسئلة عن الطبيعة البشرية: هل العدل المطلق ممكن؟ أين تلتقي الرحمة بالمسؤولية؟ وكيف يمكن للحكم أن يوازن بين المثالية والواقع؟
كما يلخص الدوق في كلماته الختامية:

"ما أسرع ما تدفعه العجلة، وما أبطأ ما يكافئ التريث! وكما تفعل يُفعل بك، وقياس لقياس


ملخصات لكل أعمال شكسبير المسرحية والتاريخية والشعرية

 

إرسال تعليق

0 تعليقات